الاستثناء من أحكام نظام المنافسة السعودي

د. ملحم بن حمد الملحم
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

استثنت اللائحة التنفيذية لنظام المنافسة السعودي المنشآت المملوكة بالكامل للدولة من أحكام نظام المنافسة ولائحته، ما يعني أن أي منشأة مملوكة للدولة لن تخضع لأحكام نظام المنافسة السعودي ولائحته في سلوكها وتعاملها. هذا النص النظامي تنتج عنه مجموعة من الإشكالات؛ أولها أن اللائحة جاءت بأحكام جديدة إضافية كهذا الحكم وهو استثناء المنشآت المملوكة للدولة بالكامل، بينما وظيفة اللائحة التنفيذية في الأساس هي شرح وتفسير النظام لا زيادة الأحكام فيه، بحيث يكون مساويا للنظام في قوة المرتبة التنظيمية أو التشريعية.

ثاني تلك الإشكالات أن استثناء المنشآت المملوكة للدولة بالكامل وذكر عبارة كاملة ينتج عنه إشكال آخر، وهو أن المنشأة التي تملك فيها الدولة 99 في المائة لا تخضع لهذه المادة، وهذه الحالة قد يترتب عليها إشكالات أقلها أن استثناء ملكية الدولة في المنشأة من أحكام النظام لا يتضح له هدف واحد.

وينتج عن ذلك من باب أولى أن النظام لم يقم في تعريفاته سواء تعريف المنشأة أو غيرها بالتفصيل أو تبيين توجهه في أنواع الخاضعين لهذا النظام، وبالتالي ترد مسألة مهمة وهي خضوع الجمعيات أو الهيئات التي تؤسس وفقا لمرسوم أو أمر ملكي أو وفقا لوزارة العمل، كهيئة المحامين وهيئة المحاسبين، أو كجمعية المنتجين والموزعين.. إلخ، ولعلي أضرب مثالا على إحدى تلك الهيئات، وقبل أن أعرض المثال أنوه إلى أن هناك فرقا بين تحديد الأسعار المجرم وفقا لنظام المنافسة السعودي، وبين التحكم في الأسعار الذي تقوم به الدولة عادة، وتوضيح الفرق بين الاثنين يعد مسألة جوهرية ومهمة، وسيتم التحدث عنها في مقالة مستقلة إن شاء الله تعالى.

فمثلا لو قامت هيئة المحاسبين أو هيئة المحامين بالاجتماع بأعضائها وتم الاتفاق على آلية معينة لحساب المستحقات أو بدأت بوضع أسعار مقترحة، أو حتى أصدرت في قواعدها مجموعة من القواعد التي تنظم أتعاب أي من هذه المهن، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو هل تخضع هذه الهيئات لأحكام نظام المنافسة؟ هذه الهيئات -مع اختلاف صلاحيات كل واحدة منها- في الحقيقة ليست منشآت عاملة كما وصفها النظام، وبالتالي يظهر أن النظام أهملها أو لم تكن مقصودة بالتنظيم.

كذلك اللجان التابعة للغرف التجارية هي في الحقيقة لجان تجمع العاملين أو المهتمين بمجال معين أو مهنة أو صناعة معينة. لكن هذه اللجان عندما ننظر إليها ككيان يصعب تصنيفه كمنشآت عاملة مملوكة لكونها جهات أشبه بالجهات الحكومية. وعلى الرغم من كون هذه اللجان هي جهات تابعة للدولة بشكل أو آخر، إلا أن تعريف الأشخاص الخاضعين لنظام المنافسة السعودي يواجه مشكلة عدم وضوح تعريفه للأشخاص الخاضعين له بدقة. مع ذلك الممارسات التي تنتج عن هذه الهيئات أو هذه اللجان في الغالب أنها ستخضع لنظام المنافسة السعودي ما يسبب اضطرابا يتمثل في عدم وجود الوحدة والتناغم بين الأنظمة.

في الختام، وإن كانت قوانين عدد من الدول الصناعية يوجد فيها نوع أو عدد محدد من الاستثناءات، إلا أني لا أرى أن المنشآت المملوكة للدولة ينبغي أن تكون مستثناة بهذا الإطلاق والعموم ولاسيما مع التوجه نحو الخصخصة، كما أرى ضرورة دقة التعاريف لتشمل الخاضع لنظام معين وغير الخاضع منه بشكل يقلل الحيرة على الأقل.