الذكرى المئوية لتأسيس نقابة المحامين في سورية

حلب
قضاياقانونية
الأحد22-4 – 2012
المحامي أحمد حاج سليمان
قرنٌ من الزمن مرَّ على ولادة نقابةالمحامين في حلب واكتنفت عقود هذا القرن وسنواته وشهوره وأيامه على الكثير منالمتغيرات والتحولات والمستجدات طالت مناحي الحياة بمختلف وجوهها.
وإنَّ قراءةلتاريخ نقابة المحامين بحلب منذ نشأتها وحتى اليوم يستحضر حوادث وتطورات شتى تتصلبحلب والمحاماة تاريخياً، علماً وثقافة وفكراً، وأدباً وسياسة، وتجارة وصناعةواقتصاداً، وحروباً وعيشاً مشتركاً وتسامحاً دينياً، ومواقف وطنية وهوية وانتماء.‏
كما يعكس تاريخنقابة المحامين الدور للمحاماة والمحامين كرسالة وانتماء ومسؤولية.‏

فالمحاماة منأقدم المهن العلمية الفكرية المتسمة بسمو الرسالة وقداسة المبتغى والمقصد وهي مفردةلازمة وحاضرة في رحاب تحقيق العدالة والحقوق والحريات والقانون والشأن العام وصونمصالح الأمة.‏
والمحامون همالطليعة المجتمعية الأكثر فاعلية في صياغة وتثبيت القيم الكبرى والعمل على تطبيقواحترام مبدأ سيادة القانون وصنع العدالة والتأثير في بنية المجتمع بمكوناتهالاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتاريخية والإنسانية.‏
وهم النموذجالأبرز الذي ساهم في صناعة التاريخ والتحولات الكبرى في مجتمعهم والعالم.‏

ولا غرابة فيذلك حيث يخلقون من النصوص أدوات تفكير ويمتلكون حدسية عالية في قراءة حراك المجتمعوحركة التاريخ وعلى هذا يستشرفون الكثير من القادم والمستقبل.‏
ويعبدوّن الطريقلمجتمعهم نحو آفاق الحرية والعدالة والمساهمة في الحضارة الإنسانية.‏
وثمة تلازميةبين دور المحامين والقضاة حيث الحق وتحقيق العدالة يفرض التشاركية والتعاون فلامحاماة بدون قضاء ولا قضاء بدون محاماة.‏

كما أن المحامينهم سفراء لرسالتهم في المجتمع فالمحاماة ليست الوكالة والعقد بل هي الميثاقوالعهد.‏
هذا وإناستخلاصات متعددة سنخلص إليها جميعاً من خلال قراءة الكتاب الموثق لتاريخ نقابةالمحامين خلال قرن من الزمن والذي تم إصداره من قبل نقابتنا بمناسبة مرور مئة عامعلى تأسيس أول نقابة في سورية في حلب .‏
فثمة قاموسللحياة يجب الحفاظ عليه والبناء والإضافة على ما هو فيه فهذه حلب جامعة المجد بكلوجوهه والتاريخ عابق فيها وبها.‏
حلب الحاضرةدوماً بألق وتألق لا نظير لهما.‏

حلب – المحاماة – التي أنتجت رجالات عظام وقامات باسقات في ميادين ورحاب السياسة والقانون، والفكروالأدب والتجارة والصناعة، وكانت نقابة المحامين مرجعاً في التشريع والسياسةوالمواقف الوطنية وهادياً لأصحاب القرار وموجهاً لبوصلة حركة المجتمع.‏
ومن هؤلاءالرواد المحامين من تقلّد أسمى المناصب والمواقع فكان منهم – رئيساً للجمهورية – رؤساء وزارة – نواب – شخصيات عامة كبيرة – وقامات قانونية عملاقة – ينحني لهاالتاريخ إجلالاً لأنها صلبتّه وعضدته وكسته بريقاً وعظمة.‏

لقد أردت بهذهالكلمة أن أرسم صورة ولوحة كلية لحياتنا المهنية والوطنية تاركاً الجزئيات تتحدثوتعطي البهاء والمتعة والعظمة لهذه المهنة من خلال هذا الكتاب التوثيقي لتاريخنقابة المحامين بحلب خلال عشرة عقود من الزمن.‏
إنني مؤمن أنالمحاماة ورغم قداسة رسالتها إلا أنها ككل كائن حي يحيق به المرض والضعف أحيانافيهزل الدور ويتراجع الأداء لكن المميز للمحاماة أن لها سمة وصفة الديمومة لاتصالهابصفة من صفات الخالق وهي الدفاع عن الحق والإيمانيات والقداسات والإنسان ورسالتهحيث استخلفه الله عز وجل في الأرض.‏
وعلى هذا كانالرواد الأوائل من المحامين حيث أسسوا وبنوا ونتابع خلفهم حفظ الأمانة وصونهافالرسالة أمانة متوارثة من سلف إلى خلف إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها.‏

إنها دعوة لناجميعاً معشر المحامين بل دعوة لكل أبناء المجتمع في الحفاظ على المحاماة ففي ذلكدفاع عن الحق والحرية والكرامة والخير والقيم والأعراف والمجتمع والتسامح والإنسانإنها دعوة لتقديس هذا الإرث والبناء عليه.‏
إنها دعوةلإعلاء صوت الحق صوت الانتماء للأمة والوطن وللإنسان الصوت العالي الذي لا يعرفخوفاً أو تحسباً أو تردداً أو هواناً أو تراجعاً أو استسلاماً.‏
فولوج ساحاتالعدل والحق والحرية لا يكون من خائفين أو مهزومين أو غير مؤمنين ـ فالمحاماة الصوتالذي أودعه الله عز وجل فينا وأراده لنا. في الذكرى المئوية لولادة نقابة المحامينفي حلب واحتفالنا بها.‏

يفرض الواجبعلينا تقديم الشكر لكل من ساهم في دعم احتفاليتنا بأي وجه، الشكر لمن قدموا الرأيأو الفكرة أو الوثيقة الشكر لمن شدوا من أزرنا وأكدوا عزيمتنا على الاحتفال بهذهالذكرى المئوية وأخص بالشكر الجزيل استاذنا الغالي الذي بذل جهوداً جبارة في إعدادوتوثيق هذا الكتاب الأستاذ بيير عبد الأحد.‏

وأختتم بتقديممحبتي الخالصة مشفوعة بالتمنيات لجميع الزميلات والزملاء المحامين بالتوفيق والنجاحفي أن يكونوا سفراء حقاً لهذه الرسالة المقدسة (المحاماة) التي نعشق ونفتدي.‏
وأن تكوننقابتنا دائماً شامخة عالية الجبين لا تنحني إلا لله عز وجل، يسكنها حب الوطنوالشعب والفعل في طريق صنع العدالة والدفاع عن الحقوق وصون الحريات والإيمان بأنهذا الطريق هو طريق الحياة السرمدية والخلود.‏