«الابتزاز الإلكتروني».. خطر يهدد مجتمعنا

الرومي: المشكلة في تزايد مقلق.. وهناك أكثر من 20 بلاغا يوميا
المياح: الحبس 5 سنوات وغرامة 5 آلاف دينار عقوبة هذه الجريمة
المجلي: لا وقت محدد للابتزاز الإلكتروني.. فالضحية عرضة له على مدار الساعة

الابتزاز الإلكترونيعملية تهديد وترهيب للضحية بنشر صور أو فيديو أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح «المبتزين» كالإفصاح بمعلومات سرية خاصة بجهة العمل أو غيرها من الأعمال غير القانونية، وعادة ما يتم تصيد الضحايا عن طريق البريد الالكتروني أو «السوشيال ميديا» نظرا لانتشارها الواسع واستخدامها الكبير من قبل جميع فئات المجتمع، وتتزايد عمليات الابتزاز الالكتروني في مجتمعنا في ظل تنامي عدد مستخدمي «السوشيال ميديا» والتسارع المشهود في أعداد برامج المحادثات المختلفة، مما يشكل خطراً. ومن هذا المنطلق قامت «الكويتية» باستعراض وضع الابتزاز الإلكتروني في الكويت مرورا بالتدابير القانونية للتصدي لمرتكبي جريمة الابتزاز ووصولا إلى الإجراءات الواجب اتخاذها للتصدي لعمليات الابتزاز الإلكتروني والتعامل مع ضحاياه، وفيما يلي التفاصيل:
حذر العقيد متقاعد رائد الرومي مستشار أمن المعلومات والجرائم الالكترونية، ومدير إدارة أمن المعلومات في أمن الدولة سابقا، من تزايد حالات الابتزاز الإلكتروني في الكويت، قائلا: انتشرت في الآونة الأخيرة قضايا الابتزاز الإلكتروني التي تهدد أمن وسلامة الأسر، وهي نوع من الجرائم الإلكترونية الحديثة، وتطل برأسها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي يستغلها البعض للإيقاع بالرجال بشكل خاص، موضحا أن السيناريو كالأتي: تصلك رسالة من مجهول أنثى عبر برامج مثل سكايب، او فايبر، او تانجو، او فيسبوك… إلخ وتضع صورة جميلة في البروفايل وتبدأ بالسلام عليكم…. صباح الخير… مرحبا…. ومن ثم ممكن نتعرف…. ماهو اسمك… ثم عندك كاميرا…. ممكن أشوفك…. وانتهاء بتصويرك وأنت عارٍ من الملابس ومن ثم ابتزازك بأموال أو الفضيحة ونشر مقاطعك المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب.

بلاغات يومية
وأكد الرومي وجود أكثر من عشرين بلاغا يوميا على جرائم الابتزاز الجنسي وهي في تزايد، قائلا، «ناهيك عن من يتعرض لها ويخجل من التقدم للإبلاغ عنها بسبب بعدها الاجتماعي الخطر على المجتمع».

وعن الجهات المعنية بتسجيل القضايا قال الرومي، الجهة التي تقوم بتسجيل القضايا هي إدارة الجرائم الالكترونية التابعة للإدارة العامة للمباحث الجنائية في منطقة السالمية وتقبل الشكاوي من يوم الأحد وحتى الخميس وفِي الفترة الصباحية فقط، من الساعة التاسعة صباحا وحتى الواحدة ظهراً.

وعن القضايا المسجلة ضد مجهول أوضح الرومي أن عددها كبير جداً وذلك بسبب أن الجريمة المعلوماتية هي جريمة عابرة للحدود متجاوزة القارات ويصعب تتبع فاعلها وتقديمه للعدالة، ومع وجود الكثير من المعاهدات الدولية والتعاون الأمني الدولي إلا أن مثل تلك القضايا دائما ما تصل الى طريق مسدود وتأخذ وقت طويل للتعامل معها.

ونوه الرومي عن وجود الكثير من قضايا الابتزاز التي تمت في الكويت وتم الاستدلال على فاعلها والإمساك به وتقدمية للعدالة، وهناك قضايا تم الاستدلال على فاعليها من خارج البلاد ويتعامل معها الإنتربول والقنوات الخارجية ولكن غالبا ما تنتهي بعدم الاستدلال عن الفاعل وتحفظ القضية.

طرق
وحول كيفية التصرف عند حدوث الابتزاز قال الرومي:
1. في حال التعرض الى ابتزاز مهما كلف الأمر التوقف الفوري عن ارسال اي مقاطع او صور فاضحة ولو طلب المجرم.
2. لا تحاول إثارة الجاني عبر الاساءة إليه لكي لا يتحول الدافع من طلب المال الى دافع الانتقام وقم بالتحدث معه بشكل هادئ وعقلاني.
3. محاولة مماطلة المجرم دون الاستجابة له الى حين تبليغ الجهات الرسمية، فالانصياع لمطالبه المادية لن تتوقف وسوف ترسل له المال كل ما احتاج لذلك.
4. عدم اتخاذ أي قرارات فردية خطيرة واستشر أقرب الناس لك.
5. لا تنسَ الصلاة والدعاء والاستغفار والتوبة وكل الأمور ستحل بإذن الله.
6. تذكر أن هناك جهات أمنية رسمية في الدولة ذوي خبرة في التعامل مع هذا الأمر وبسرية تامة لذلك لا تدع الفرضيات تؤثر فيك ولا تدع تفكيرك يأخذك الى أمور بعيدة لأن المسألة قد تكون سهلة فكثير من المجرمين تم إلقاء القبض عليهم.
7. التوجه الى استشارة محامٍ لتلقي المزيد من النصائح والارشادات المتعلقة بهذا الخصوص.
8. وختاما الوقاية خير من العلاج وأنا انصح الشباب أن يتقوا الله فيما يفعلون.

الخطوة الأهم
وعن كيفية حماية الشخص نفسه لعدم التعرض لسرقة محتويات حساباته الشخصية، كشف الرومي عن أهم خطوه وهي وضع كلمة سر طويلة ومتنوعة الأحرف والأرقام والرموز وأهم من ذلك هو تفعيل خاصية تحقق الهوية عبر رسائل الهاتف وهي أهم خطوه أمان يمكن أن تستخدمها لحفظ حساباتك من السرقة.

وأضاف عادةً ما تتعرض الحسابات الي السرقة بسبب الدخول على الروابط الوهمية ونطلق عليها روابط الاصطياد الالكتروني، وهذه الروابط تأتيك عن طريق البريد الالكتروني أو برامج التواصل الاجتماعي مع رسالة مخادعه توهمك بأنها تريد تحديثات لحسابك أو تقدم لك عرض مغري أو تدعي بأن حسابك بخطر ويجب الضغط على الرابط والى آخره من حيل الاحتيال وبعد الضغط على الرابط تظهر لك صفحة وهمية شبيه لحد كبير لصفحة حسابك وبالتالي سوف تدخل بيانات الدخول وكلمة السر الخاصة بك، والحقيقة أنها أرسلت لصانع هذا الرابط وليس لموقع الحساب الحقيقي ومن هنا تسرق الحسابات، قائلا، لذلك انتبه من أي رابط لحسابك يأتيك ويحتال عليك للضغط عليه لسبب ما، وحاول الدخول للحساب من الموقع الرسمي للحساب وليس عن طريق الرابط.

حساسة
من جهته قال المحامي طلال المياح، صادفتني العديد من قضايا الابتزاز وأكثرها من برامج التواصل الاجتماعي مع العلم بأن هذه القضايا حساسة جداً كونها تمس حياء وشرف وكرامة الأفراد وسمعتهم حيث تسبب مشاكل كبيرة قد تصل إلى هدم الأسر وخراب المجتمع والطلاق بين الزوجين ودائماً ما تكون من أشخاص محترفين في التواصل مع الضحية للحصول على المعلومات والصور الشخصية ومن ثم الكشف عن الحقيقة المرة وهي القيام بالابتزاز .

وأعلن المياح عن تعرض العديد من المواطنين للابتزاز الإلكتروني وأغلب هذه القضايا تكون نتيجة جهل أو لا مبالاة بالتحدث إلى أشخاص من المفترض ألا يوثق فيهم، وعادة ما تستخدم قضايا الابتزاز بالدرجة الأولى إلى استدراج الشخص ومن ثم الحصول على معلومات وصور عنه بعد محادثات طويلة، ومن ثم يبدأ مسلسل الإبتزاز بطلب مبالغ مالية كبيرة حتى يتم التستر أو التحفظ على هذه الصور أو المعلومات التي تؤذي سمعة المجني عليه بهذه القضايا، وفي بعض الأحيان تكون النتيجة هي مطالبة المجني عليه بالقيام بأعمال منافية للآداب العامة وقد يصل الأمر إلى أمور لا تُحمد عقباها وهذه الجرائم كثُرت بالفترة الأخيرة مع تزايد وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والتي من الممكن الحصول بها على المعلومة الشخصية بالإضافة إلى حفظ الصور الشخصية والمعلومات الهامة بالموبايل والذي من الممكن تسليمه لبعض محلات الهواتف والتي قد يستغل البعض منهم المعلومات التي بيده ويقوم بالابتزاز ناهيكم عن أن البعض يتعرض لسرقة هاتفه أو أن يتم اختراقه من بعض قراصنة الإنترنت والذين يتحصلون على معلومات شخصية من الممكن أن يستخدموها في الابتزاز .

عقوبة
وفيما يخص العقوبة التي نص عليها القانون، أكد أن قانون الجرائم الإلكترونية قد نص صراحة في مادته الثالثة وبالفقرة الرابعة تحديداً بأنه كل من استعمل الشبكة المعلوماتية أو استخدم وسيلة من وسائل تقنية المعلومات في تهديد أو ابتزاز شخص طبيعي أو اعتباري لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، فإذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بما يعد مساساً بكرامة الأشخاص أو خادشاً للشرف والاعتبار أو السمعة كانت العقوبة الحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات والغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تجاوز عشرين ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وكشف المياح عن وجود شبكات تستخدم جريمة الابتزاز تعمل خارج دولة الكويت وبهذه الحالة من الصعب عملياً الكشف عن هويتهم كونهم خارج البلاد فلذلك تسجل ضد مجهول، ونوه عن أن وزارة الداخلية دائماً ما تحذر من هذه العصابات بعد تكاثر الشكاوي الجزائية لأشخاص تعرضوا للابتزاز منهم بعد تعذر التوصل إليهم .

طريقان
وذكر أن هناك طريقين لمن يتعرض للابتزاز يجب اتباع أحدهما، فالأول هو التواصل مع إدارة الجرائم الإلكترونية في وزارة الداخلية والتي من الممكن أن تتواصل مع الشخص الذي يقوم بالابتزاز مع تحفظها على سرية التعامل مع المجني عليهم والطريقة الثانية هي التوجه إلى النيابة العامة لتقديم شكوى جزائية حول الواقعة .

وشدد المياح على أن من لا يقدم بلاغاً سيتعرض للاستمرار بالابتزاز لأن هذا المسلسل لن ينتهي إلا بالقانون الذي يهدف إلى تقويم المجتمع وإصلاحه وما وضعت هذه العقوبات إلا لردع من تسول له نفسه بالقيام بهذه الأفعال المشينة .

تزايد مقلق
وتشاركنا الدكتورة د.منى المجلي أخصائية نفسية، رأيها وتقول: إن ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في تزايد مقلق وهناك من يعانون من آثارها النفسية بصمت خوفا من الإشهار وتبعاته، ولقد أصبح من السهل على مضطربي الشخصية وذوي النزعات الإجرامية تصيد ضحاياهم على الشبكات الإلكترونية واستهدافهم للإيقاع بهم وبالتالي ممارسة ضغوط نفسية عليهم للانصياع لرغباتهم.
وتضيف د.منى، الابتزاز الإلكتروني لا يلتزم بوقت محدد، فالضحية عرضة للابتزاز على مدار الساعة وقد يتم الابتزاز من قبل مجموعة من الأفراد مما يزيد من وطأة الأثر النفسي للأفراد والجهات التي تمارس الابتزاز الإلكتروني والتي عادة ما تعمل وفق نهج محدد يعتمد على الابتزاز العاطفي بتعميق إحساس الضحية بالضعف وقلة الحيلة والذنب والخزي ثم يلجأون للتهديد والتخويف فلا يجد مفرا من الامتثال لمطالبهم.

دوافع
وتحدثت المجلي عن دوافع المبتزين قائلة، بناء على الحالات التي أستقبلها فإن هناك دوافع للمبتزين:
1. الابتزاز المالي أو المادي: للحصول على مبالغ مادية مقابل عدم إفشاء أو نشر المعلومات وهذا النوع يستهدف الذكور بشكل أكبر .
2. الابتزاز المعلوماتي: وهو قيام شخص بسرقة معلومات عبر ما يسمى (التهكير) وهو دخول شخص إلى قاعدة بيانات لشركة أو منظمة أو فرد، ويقوم بسرقة تلك المعلومات أو تغيير في البيانات، أو تعطيل شبكتها حتى يصبح (السوفت وير) غير مؤهل لنقل البيانات التي تطلبها الشركة المبتزة.
3. الابتزاز الجنسي: وهو استدراج شخص ومن ثم الحصول على معلومات وصور عنه بعد محادثات طويلة، ومن ثم يبدأ الابتزاز بطلب مبالغ مالية كبيرة أو مطالبة المجني عليه بالقيام بأعمال منافية للآداب العامة. أساسيات العلاج وتنصح د.منى بعدد من الخطوات لمعالجة الحالات التي تعرضت للابتزاز حيث تقول: إن آثار الابتزاز الإلكتروني تتجاوز كونها حدثا نفسيا صادما وحسب، بل إن ما يعمق أثرها على الفرد هو عدم مقدرته على طلب المساعدة لإحساسه بالإحراج وأحيانا لجهله بوجود من هو قادر على مساندته والتخفيف عنه، ولهذا فإن علاج هذه الحالات تبدأ بالتعامل مع الأعراض النفسية التي يعاني منها ضحايا الابتزاز الإلكتروني بكل جدية وسرعة انتشالهم من عزلتهم.

علاج نفسي
وأضافت أن من أساسيات العلاج النفسي بشكل عام أن تتم معاملة المرضى بسرية تامة وإظهار الاحترام لهم وتفهم أعراضهم وكسب ثقتهم وتقديم الدعم والمساعدة بمهنية وخصوصا من يعانون من صدمات نفسية ناجمة عن الاعتداء الجسدي أو النفسي، ونصيحتي لكل من يعاني بصمت من الابتزاز الإلكتروني ألا يتردد في طلب المساعدة من الجهات المختصة التي تتعامل مع الأمر باحتراف وسرية واللجوء لمختص في العلاج النفسي أو طبيب نفسي للتقييم والتوجيه لطرق التأقلم والعلاج إن لزم الأمر.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت