قبل ان نبدأ بتعريف مفهوم النقود يجب معرفة تلك الاشياء التي يجب ان تتوافر في النقود وكل الاشياء والتي يجب الا تتوافر. فأي مبتدئ لدراسة النقود يعتقد ان هناك شيئاً معيناً يعتبر بالطبيعة نقوداً وانه قد استخدم نقوداً في كل الأوقات وفي كل الأماكن ، ولكنه سيجد ان تاريخ النقود لا يقر هذا الاعتقاد ، ذلك لان هناك الكثير من الاشياء المتباينة قد استخدمت كوسيط في التبادل ، ومن أمثلة هذه الأشياء الأصواف والقمح والنحاس والفضة والجلود والذهب وغيرها(1).

وقد حاول البعض تعريف النقود – من ناحية قانونية خالصة – بانها ذلك الشيء الذي يحدد القانون بأنه نقود بحيث يتمتع هذا الشيء بالقبول العام في المدفوعات ، وعلى أية حال فان التعريف القانوني للنقود ليس مرضياً لغرض التحليل الاقتصادي والسبب في ذلك ان الأفراد قد يرفضون قبول أشياء حددها القانون كنقود وقد يرفضون بيع السلع والخدمات مقابل الشيء الذي يحدده القانون كنقود(2).

وكذلك فإن التعريفات الشائعة عند الاقتصاديين للنقود تعريفات وظيفية تعتمد على ما تقوم به النقود من وظائف وليست تعريفات وصفية . وفي محاولة وضع تعريف وظيفي شامل للنقود ، يعرف بعضهم النقود بقوله (النقود هي كل شيء يكون مقبولاً قبولاً عاماً كوسيط للتبادل ومقياس للقيمة)(3). ونلحظ على هذا التعريف ما يأتي:-

1.ان هناك استعمال كلمة شاملة في تعريف هي كلمة أي شيء واستعمال هذه الكلمة ضروري لان عدد الاشياء التي استخدمت كنقود عدد غير محدود.

2.هناك كلمة (مقبول قبولاً عاماً) ويتحقق ذلك عن طريق رغبة الأفراد في قبول الاشياء (النقود) بكمية غير محدودة كمقابل بل لما يمتلكون من السلع والخدمات وهذه الأشياء هي التي يطلق عليها نقود.

3.وسيطاً للتبادل ومقياساً للقيمة ، اقتصر التعريف على هاتين الوظيفتين لان وظائف النقود كمستودع للقيمة أو مقياس للدخل المؤجل إنما تستمد أساسا من وظائف النقود كمقياس للقيمة ووسيط للتبادل وترتبط هذه الوظائف ببعضها ارتباطاً كبيراً(4).

4.لم يرد في التعريف قيد الإلزام القانوني الذي يحتم على الناس قبول النقد للوفاء بالالتزامات.

وهنا تختلف النقود عن العملة ، فالعملة هي التي يصرح لها القانون بقوة إبراء محدودة او غير محدودة ضمن حدود الدولة ، فالعملة الورقية لا تستعمل الا في البلد الذي يخضع للقانون الذي أوجدها وحدد قيمتها ، على عكس النقدين الذهب والفضة ، فان قيمتها واحدة في كل مكان وبذلك يقبل تداولها في كل البلاد فالعلاقة بين العملة والنقد هي علاقة العموم والخصوص المطلق فكل عملة هي نقد ولكن ليس كل نقد عملة(5).

__________________________

[1]- د. سامي خليل ، النقود والبنوك ، الناشر شركة كاظمه للنشر والترجمة والتوزيع ، الكويت ، 1982 ، ص42.

2- الأستاذ رشاد العصار ، الأستاذ رياض الحلبي ، النقود والبنوك ، دار صفاء للنشر والتوزيع ، عمان ، الطبعة الأولى ، 2000 ، ص14.

3- د. علي احمد السالوس، النقود واستبدال العملات ، مكتبة الفلاح، الكويت ، 1987، ص21.

4- د. احمد الحوراني ، محاضرات في النظم النقدية والمصرفية ، دار محمد لاوي للنشر والتوزيع ، عمان – الأردن ، 1982 ، ص11.

5- علي باشا ابو الفتوح ، في القضاء والاقتصاد والاجتماع ، مطبعة المعارف، مصر ، بدون تاريخ ، ص171.

المؤلف : نجيب محمد سعيد الصلوي
الكتاب أو المصدر : الحماية الجزائية للعملة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .