الإرهاب الإلكتروني في القانون الدولي

يعتبر الارهاب الالكتروني تهديدا قوياً ومع أنه ليس بجديد، إلا أن إستخدامه في المعارك من وراء البحر أصبح جديداً.
وهذا الإرهاب لم يتبلور بعد لكن يجب ان يؤخذ على محمل الجد وان يتم الاستعداد لمواجهته.
ويمكن أن يعرف الإرهاب الإلكتروني بأنه استخدام التقنيات الرقمية لإخافة وإخضاع الآخرين، أو أنه القيام بمهاجمة نظم المعلومات على خلفية دوافع سياسية أو عرقية أو دينية.
وفي منتصف العقد الماضي، انتبه الغرب إلى قضية الإرهاب الإلكتروني ومخاطره، حيث قام الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في العام 1996 بتشكيل لجنة حماية منشآت البنية التحتية الحساسة.
وكان أول استنتاج لهذه الهيئة هو أن مصادر الطاقة الكهربائية والاتصالات، إضافة إلى شبكات الكمبيوتر ضرورية بشكل قاطع لنجاة الولايات المتحدة، وبما أن هذه المنشآت تعتمد بشكل كبير على المعلومات الرقمية، فإنها ستكون الهدف الأول لأية هجمات إرهابية تستهدف أمن الولايات المتحدة.
وفي أعقاب ذلك، قامت كافة الوكالات الحكومية في الولايات المتحدة بإنشاء هيئاتها ومراكزها الخاصة للتعامل مع احتمالات الإرهاب الإلكتروني، فقامت وكالة الاستخبارات المركزية بإنشاء مركز حروب المعلوماتية، ووظفت ألفاً من خبراء أمن المعلومات، وقوة ضاربة على مدى 24 ساعة لمواجهة الإرهاب الإلكتروني. وقامت القوات الجوية الأمريكية باتخاذ خطوات مماثلة، ومثلها المباحث الفدرالية. كما تقوم قوات الأمن في أوروبا، باتخاذ إجراءات مماثلة.(1)
ويقول التعريف الأميركي المستخدم في الكليات الحربية لوزارة الحرب الأميركية “إن الحرب الرقمية هي الإجراءات التي يتم اتخاذها للتأثير بشكل سلبي على المعلومات ونظم المعلومات، وفي الوقت نفسه الدفاع عن هذه المعلومات والنظم التي تحتويها”.
وتتضمن العمليات الإلكترونية أنشطة مثل أمن العمليات، والعمليات النفسية، والخداع العسكري، الهجمات الفيزيائية، والهجمات على شبكات الكمبيوتر.
ويعتبر الأوروبيون أن استخدام الارهابيين للأنترنت للإتصال في ما بينهم أو تبني أعمالهم أو لغايات الدعاية أو التمويل، إرهاب الكتروني.
وقد عرّفت الأمم المتحدة في تشرين الأول/ أكتوبر 2012 الإرهاب الإلكتروني بأنه “استخدام الانترنت لنشر أعمال إرهابية”.(2) وقد رأينا كيف تم إستخدام الفيروسات ضد المنشآت النووية الإيرانية من قبل الاستخبارات الأميركية وجهاز الموساد الصهيوني.
ويمكن أن يتم استخدام الإرهاب الإلكتروني في الحروب العسكرية، من أجل السيطرة على معلومات أمنية وعسكرية، أو لخرق حسابات تمويلية. وفي الأونة الأخيرة اتهم تقرير أميركي الجيش الصيني بالوقوف وراء شبكات قرصنة تستخدم في حرب المعلومات، حيث يعتبر الجيش الأميركي أن أكثر ما تتعرض له الولايات المتحدة من هجمات هو من قبل الصين وروسيا.
ويمكن شرح مفهوم “الإرهاب الإلكتروني” بأنه العدوان أو التخويف أو التهديد المادي أو المعنوي الصادر من الدول، أو الجماعات أو الأفراد على الإنسان، في دينه، أو نفسه، أو عرضه، أو عقله، أو ماله بغير حق، باستخدام الموارد المعلوماتية والوسائل الإلكترونية، بشتى صنوف العدوان وصور الإفساد.
وبذلك فقد، أصبحت الجرائم الإلكترونية تشكل خطراً كبيراً على استقرار الدول، وذلك بعد أن استطاع “الإنترنت” اختراق جميع الحواجز والقيود التي تُسيطر على المجتمعات.
لقد بات “الإرهاب الإلكتروني “CyberTerrorism” يُمثل تهديداً واضحاً للأمن القومي للدول، حيثُ أصبحت البنية التحتية لأغلب المُجتمعات الحديثة تُدار عن طريق أجهزة الحاسب الآلي والإنترنت، ما يُعرّضها لهجمات مُتعددة من”الهاكرز” و”المُخترقين” بشكل عام.
ومع ذلك، فليس هناك حتى الآن مفهوم دولي مُوحَّد للإرهاب بصفةٍ عامة، والإرهابِ الإلكتروني بصفةٍ خاصة، وليس هناك جهود واضحة حتى الآن لوضع تشريعات داخلية صارمة لِمُكَافحة الجرائم التي تتعلَّق بالإرهاب الإلكتروني.
وعرّف مجلس الأمن الدولي الإرهاب بأنه: “كل عمل جرمي ضد المدنيين بقصد التسبب بالوفاة أو بالجروح البليغة أو أخذ الرهائن من أجل إثارة الرعب بين الناس أو إكراه حكومة أو منظمة دولية للقيام بعمل ما أو الإمتناع عنه، وكل الأعمال الأخرى التي تشكل إساءات ضمن نطاق المعاهدات الدولية المتعلقة بالإرهاب ووفقاً لتعريفها، ولا يمكن تبريرها بأي إعتبار سياسي أو فلسفي أو إيديدولوجي أو عرقي أو ديني”.
ولكن الأمم المتحدة لم تعالج حتى الآن أية حالة يمكن الإستناد إليها في تعريف الإرهاب الالكتروني، وإمكانية التعامل معه من الناحية القانونية والجرمية. فالقانون الدولي لم يعطِ تعريفاً واضحاً، ومنهجاً معيناً للتعامل مع هذا النوع الجديد من الإرهاب، علماً أنه لحظ الإرهاب النووي وأصدر عدة قرارات يمكن الرجوع إليها، في حين أن الإرهاب الالكتروني يمكن اعتباره أداة إرهابية مؤذية جداً. ويمكن أن ينطبق التعريف الأول للإرهاب في بعض الأحيان على العناصر الجديدة والأشكال المتنوعة له.
ولكن بشكل عام فإن الحرب الإلكترونية، من أجل خرق السيادة الوطنية لأية دولة، والحصول على معلومات استخباراتية، وتجنيد العملاء وغيرها من الأنواع المستخدمة، محرّمة، حيث أن الفقرة الرابعة من المادة الثانية لميثاق الأمم المتحدة تنص على أنه “يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد “الأمم المتحدة”. كما أن الفقرة 7 من المادة نفسها تقول “ليس في هذا الميثاق ما يسوغ ”للأمم المتحدة“ أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي ‏لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرّضوا مثل هذه المسائل لأن تحلّ بحكم هذا الميثاق، على أن ‏هذا المبدأ لا يخلّ بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع”.
ومن الضروري لمواجهة الإرهاب الإلكتروني تفعيل التعاون الدولي في العديد من دول العالم من خلال الاتفاقيات الدولية لضبط وتسليم المُجرمين، وإصدار عدد من القوانين التشريعية الجديدة لتجريم أى استخدام غير آمن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى التعاون والتنسيق الدائم مع الإنتربول الدولي في مجال تبادُل المعلومات والخبرات الأمنية والفنية في رصد ومُتابعة كافة الأنشطة الإجرامية والإرهابية، خاصة فيما يتعلق بالنشاط الإرهابي التكنولوجي لتزايده المُستمر من خلال عناصرهِ الإجرامية المُحترفة والمُنتشرة في جميع أنحاء العالم، وارتباط هذا النشاط بشبكة المعلومات الدولية. وذلك لأن الفضاء الإلكترونى بات يشكل بيئة استراتيجية جديدة لنمو وبروز أشكال جديدة من الصراع، ولظهور فاعلين جدد على الساحة الدولية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): http://ar.wikipedia.org/wiki.
(2): http://www.sawtbeirut.com/breaking