التثقيف القانوني
علي الجحلي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

تهتم المجتمعات بالعلاقات ودعم التعاون والتسامح بين مختلف المكونات. وحين يبدأ تداخل المصالح وسيطرة الرغبات الشخصية والطبيعة البشرية والأخطاء السلوكية والنعرات المختلفة، هنا تبدأ حالة السلم المجتمعي في التفكك، وتظهر مختلف أنواع المخالفات التي تبدأ من الأمور البسيطة، حيث يفقد بعض أعضاء المجتمع جزءا من حقوقهم في مقابل تجاوز آخرين على تلك الحقوق. هنا تبدأ الجريمة في التشكل، وهي حالة ولدت مع ظهور الإنسان على وجه الأرض، وستستمر ما دام الإنسان فيها. وتنجح المجتمعات في السيطرة على معدلات الجريمة حين تطبق القوانين بالدرجة والطريقة الملائمة لكل حالة، وتحاول مجتمعات معينة أن تضع عقوبات تتجاوز حجم الجريمة في حال انتشرت تجاوزات في مجالات معينة، بما يضمن ردع مَن يتجاوز، لكن يبقى العدل هو المعيار الأهم في التعامل مع الشذوذ عن قواعد التعامل المجتمعي.

استمرار المجتمع في أفضل صور التعاطف والاحترام المشترك مرهون بكثير من العناصر المهمة التي تبدأ في المنزل، وتنمو في المدارس والجامعات، وترسخ في التعامل اليومي خارج هذه المنشآت والبيئات المحصورة والمحكومة بشكل أكبر. صحيح أنه يمكن أن نتحكم في البيئة العامة ومواقع التعامل الفردي والجماعي بواسطة التقنية والرقابة بمختلف أنواعها، لكن يبقى الحال مفتوحا والتعامل قابلا لظهور الأزمات في كل الأوقات. لعل واحدا من أهم وسائل كبح الجريمة ونشر التعامل الراقي في المجتمعات هو ما ذكرت هنا من دعم للعدل المجتمعي، يضاف إلى ذلك توعية الناس بحقوقهم.

التوعية أمر أساس في الدفع بالوعي لمراتب عليا تمنع فقدان الحقوق، وتؤكد الرقي الذي نبحث عنه في التعامل.

يتخذ المحامون والقانونيون من معرفتهم الراسخة بالقوانين والعقوبات وسيلة للعيش، لكن المعلومات التي تهم الناس يمكن أن تكون في متناول الجميع، من خلال وسائل من أهمها الجمعيات الحقوقية والجهات المنظمة للتعامل النظامي والقانوني. إن معرفة الناس حقوقهم تؤدي إلى تراجع الجريمة بشكل عام، وحماية المستهدفين كهدف أساس للجهات الأمنية والعدلية. وتتضح في هذا الإطار الجهود التي تقدمها النيابة العامة، وهي تصدر كل فترة مجموعة من المعلومات المهمة للمواطن والمقيم. معرفة الحقوق مهمة، ومعرفة المخالفات التي يعاقب عليها القانون مهمة أيضا؛ ذلك أن الجهل بالقانون لا يعفي من العقوبة، وهذا أمر يستدعي أن تعمل النيابة العامة على نشر مزيد من المعلومات التي تحقق الوعي العام وتخفض معدلات الجريمة.