تجنس الزوج وأثره على جنسية الزوجة

المؤلف : مثنى محمد عبد القيسي
الكتاب أو المصدر : اثر الزوج المختلط على جنسية الزوجة
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

لا يكون هناك اختلاف في جنسية الزوجين في الوقت الذي يكون كلا الزوجين من الوطنيين ولكن يحدث ان يكون الزواج مختلطاً لاحقاً وذلك في الفرض الذي تتزوج فيه الوطنية من الوطني ثم يكتسب الوطني جنسية اجنبية لدولة معينة بينما تبقى الزوجة محتفظة بجنسيتها الوطنية (1). فهنا يثور التساؤل عن أثر تجنس الزوج بجنسية اجنبية على جنسية زوجته؟ من خلال تقصي تشريعات دول العالم المختلفة تبين وجود اتجاهات متعددة تناولت اثر تجنس الزوج على جنسية زوجته، وهي كما يلي:

الاتجاه الاول:

ليس لتجنس الزوج أي اثر على جنسية الزوجة: يضم هذا الاتجاه تلك تشريعات التي لم تجعل لتجنس الزوج أي اثر على جنسية زوجته وعلى ذلك تبقى الزوجة محتفظة بجنسيتها الوطنية ولا تتأثر بتجنس الزوج. ومن التشريعات التي سلكت هذا الاتجاه قانون الجنسية الفرنسي لسنة 1973 المعدل إذ لا يمتد تجنس الفرنسي بجنسية اجنبية على جنسية زوجته حتى لو كانت تقيم مع زوجها في خارج الاقليم الوطني. وبذلك تحتفظ زوجة من فقد الجنسية بجنسيتها الفرنسية وهذا الاتجاه يمثل تطوراً تشريعياً واضحاً في أنكار أي أثر لتجنس الزوج على جنسيته زوجته وذلك بعكس الحال عند كسب الجنسية الفرنسية وهو الامر الذي يؤدي الى الاخلال بانسجام الأحكام (2) . ومن التشريعات الاخرى قانون الجنسية اليونانية رقم 391 لسنة 1856 إذ نصت المادة (24) على ما يلي: “اذا تنازل شخصٌ عن الجنسية اليونانية بقيت لزوجته أولاده بالرغم من ذلك الجنسية اليونانية”. يلاحظ من خلال هذا النص في قانون الجنسية اليوناني، أن المشرع اليوناني لا يأخذ بالأثر الجماعي في مجال فقد الجنسية (3) . ويسلك هذا الاتجاه أيضا قوانين الجنسية في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر والمغرب ولبنان. وبذلك فإن الزوجة الوطنية لا تفقد جنسيتها نتيجة تجنس زوجها بجنسية أجنبية حتى تتوافر فيها شروط الفقد استقلالاً.

الاتجاه الثاني:

تعليق فقد الزوجة لجنسيتها على شرط اكتسابها لجنسية زوجها. يضم هذا الاتجاه تشريعات الجنسية التي جعلت فقد الزوجة لجنسيتها معلقاً على اكتسابها جنسية زوجها. سواء أكان دخولها في جنسية زوجها بقوة القانون او كان بناءاً على رغبتها وأختيارها لجنسية زوجها. وبذلك فإن هذه التشريعات ضمنت عدم خروج الزوجة من جنسيتها الوطنية مالم تكتسب جنسية زوجها توقياً لعدم وقوع الزوجة في حالة انعدام الجنسية (4) . إلا أن هذه التشريعات اختلفت في مسألة دخول الزوجة في جنسية زوجها فقسم من التشريعات التي سلكت هذه الاتجاه اشترطت في اكتساب الزوجة جنسية زوجها أن يكون برغبتها واختيارها وليس بمجرد تجنس الزوج (5) وترتب على ذلك نتيجة هامة وهي أن الزوجة اذا دخلت في جنسية زوجها دون رغبة منها فلا تفقد الزوجة جنسيتها الوطنية حتى لو ادى ذلك الى ازدواج جنسيتها. في حين القسم الآخر الذي سلك هذا الاتجاه لم يشترط ان يكون دخول الوطنية في جنسية زوجها برغبة منها وبناء على ذلك فإن الزوجة تفقد جنسيتها أذا اكتسبت جنسية زوجها حتى لو كانت الزوجة ترغب بالاحتفاظ بجنسيتها الأصلية ومن التشريعات التي سلكت هذا الاتجاه قانون الجنسية العراقي رقم 46 لسنة 1990 في الفقرة (ثانياً) من المادة (12). إذ اشترط المشرع العراقي أن يكون دخول الزوجة في جنسية زوجها بأختيارها، ولذلك ذهب بعض (6). الشراح الى أن الزوجة اذا لم تدخل في جنسية زوجها بأختيارها فلا تفقد جنسيتها. وبالرجوع الى قانون الجنسية العراقي رقم (6) لسنة 1941 نجد أن المشرع العراقي جعل فقد الوطنية لجنسيتها يحصل بمجرد دخولها في جنسية زوجها، أي ان المشرع العراقي لم يشترط أن يكون دخول الوطنية في جنسية زوجها بأختيارها. وعلى ذلك تفقد الجنسية الوطنية حتى ولو رغبت الزوجة بالاحتفاظ بجنسيتها (7) .

ومن التشريعات الاخرى التي سلكت هذا الاتجاه اتفاقية لاهاي سنة 1930 إذ جاء في المادة (9) من الاتفاقية : “اذا كان قانون المرأة الوطني يفقدها جنسيتها بسبب تغيير جنسية زوجها اثناء الزواج فان هذا الاثر يعلق على اكتساب جنسية زوجها” وجاء في المادة (6) من أتفاقية نيويورك لسنة 1961: “لا تفقد المرأة جنسيتها إلا اذا كانت لها جنسية أخرى او اكتسبت جنسية اخرى”. ومن هذه التشريعات أيضاً، قوانين الجنسية في كل من مصر (11 من قانون سنة 1975) وليبيا (م6 من قانون الجنسية سنة 1980). ومن التشريعات الاخرى التي لم تشترط رغبة الزوجة في اكتساب جنسية الزوج. قانون الجنسية التونسي (م31 من قانون سنة 1969) وقانون الجنسية الكويتي (م11 من قانون سنة 1968).

الاتجاه الثالث:

تعليق فقد الزوجة جنسيتها الوطنية على أعلان رغبتها في عدم الاحتفاظ بجنسيتها الوطنية: يضم هذا الاتجاه قوانين الجنسية التي جعلت فقد الوطنية لجنسيتها معلقاً على اعلان رغبتها في عدم الاحتفاظ بجنسيتها فاذا اعلنت ذلك فإن الوطنية تفقد جنسيتها من تاريخ أعلانها وتصبح اجنبية من تأريخ فقدها لجنسيتها (8) . إلا أن ما يؤخذ على التشريعات التي سلكت هذا الاتجاه أنها تجاهلت مشكلة أزدواج الجنسية وذلك في الفرض الذي يدخلها قانون جنسية الزوج في جنسيته رغم انها ما زالت محتفظة بجنسيتها السابقة فمثل هذا الحالة تتنافى مع الاصول المثالية في مادة الجنسية والتي تقضي بأن لا ينبغي أن يكون للفرد أكثر من جنسية واحدة(9) . ومن التشريعات التي سلكت هذا الاتجاه قوانين الجنسية في كل من بلجيكا والاردن والسعودية والكويت ومصر.

من خلال استقراء الاتجاهات التشريعية المتقدمة يمكن استنتاج ما يلي:

1-اختلفت التشريعات في مسألة زوال الجنسية عن الوطنية بسبب زواجها من أجنبي والسبب في ذلك يعود لاختلافها في الاخذ بأحد المبدأين وحدة الجنسية او استقلالها.

2-الاتجاه الذي يمكن التعويل عليه هو الاتجاه الثاني الذي يجعل فقد الزوجة لجنسيتها معلقاً على اكتسابها لجنسية زوجها بناءً على رغبتها، وذلك لما فيه من تحقيق فوائد جمة منها القضاء على ظاهرتي انعدام وأزدواج الجنسية.

___________________

1- فؤاد عبد المنعم، الجنسية والموطن ومركز الاجانب، ص184-185 حسن الهداوي، دخول الاجنبية في جنسية زوجها العربي، ص40.

2- م( 23/9) من القانون المدني الفرنسي: “فقد الزوج جنسيته الفرنسية ليس له أي في جنسية الزوجة” ، عكاشة عبد العال، الجنسية في تشريعات الدول العربية، ص382.

3- عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص، ص208.

4- عز الدين عبد الله، المصدر السابق ، ص208.

5- هشام علي صادق، الجنسية والموطن، ص495، عز الدين عبد الله، المصدر السابق، ص 447. عكاشة عبد العال، الجنسية في التشريعات العربية، ص382.

6- ممدوح عبد الكريم، المصدر السابق، ص130- 131.

7- عبد الحميد وشاحي، المصدر السابق، ص693.

8- هشام علي صادق، الجنسية والموطن ، ص459.

9- عكاشة عبد العال، المصدر السابق ، ص382.