مقال عن سيادة القانون وحقوق الإنسان

في تقريره المعنون “في جو من الحرية أفسح: صوب تحقيق التنمية، والأمن، وحقوق الإنسان للجميع” (A/59/2005)، أشار الأمين العام إلى أنه “في حين أن التحرر من الفاقة والخوف ضروري لكنه غير كاف. فكل إنسان له الحق في أن يُعامل بكرامة واحترام” (الفقرة 27). وتلك الكرامة وهذا الاحترام متاحان للأفراد من خلال التمتع بجميع حقوق الإنسان، ومحميان بسيادة القانون.

والعمود الفقري للحرية في العيش بكرامة هو الإطار الدولي لحقوق الإنسان، إلى جانب القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي الجنائي والقانون الدولي للاجئين. وتمثل تلك الأجزاء الأساسية للإطار التشريعي مجموعات تكميلية للقانون تتقاسم هدفا مشتركا هو: حماية أرواح وصحة وكرامة الأفراد. وسيادة القانون هي الوسيلة لتعزيز وحماية الإطار التشريعي المشترك، وتوفر هيكلا تخضع من خلاله ممارسة السلطة لقواعد متفق عليها، تكفل الحماية لجميع حقوق الإنسان.

ووفقا لتعريف الأمين العام تستلزم سيادة القانون توافق العمليات القانونية والمؤسسات والمعايير الموضوعية مع حقوق الإنسان، بما فيها المبادئ الأساسية للمساواة أمام القانون والمسؤولية أمام القانون والإنصاف في الحماية والدفاع عن الحقوق (S/2004/616، الفقرة 6). ولن تسود سيادة القانون داخل المجتمعات إذا لم تكن حقوق الإنسان مشمولة بالحماية، والعكس صحيح، فلا يمكن حماية حقوق الإنسان في المجتمعات بدون أن تكون سيادة القانون قوية. وسيادة القانون هي آلية إعمال حقوق الإنسان، وتحولها من مجرد مبدأ إلى حقيقة واقعة.
وقد أدت سيادة القانون دورا أساسيا في ترسيخ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الدساتير والقوانين والأنظمة الوطنية. وحيثما كانت هذه الحقوق قابلة للتقاضي أو كانت الحماية القانونية مكفولة على نحو آخر، فإن سيادة القانون تتيح سُبل الانصاف إذا لم يتم التمسك بهذه الحقوق أو إذا أُسئ استخدام الموارد العامة.

وبينما توفر معايير وقواعد حقوق الإنسان المتفق عليها دوليا الأساس المعياري لاتباعها، يجب ترسيخ سيادة القانون في سياق وطني يشمل ثقافته وتاريخه وأوضاعه السياسية. ولذلك فإن للدول تجاربها الوطنية المختلفة في تطوير نظمها لسيادة القانون. ومع ذلك، فوفقا لما أكدته الجمعية العامة في القرار 1/67، هناك سمات مشتركة تنطلق من معايير وقواعد دولية.

وسيادة القانون وحقوق الإنسان جانبان لمبدأ واحد هو حرية العيش بكرامة. ولذلك فإن سيادة القانون وحقوق الإنسان بينهما علاقة أصيلة لا تنفصم. وحظيت تلك العلاقة الأصيلة باعتراف كامل من الدول الأعضاء منذ اعتماد الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على أنه من الضروري “أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكي لا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم”. وفي الاعلان بشأن الألفية، وافقت الدول الأعضاء على ألا تدخر جهدا في توطيد سيادة القانون، واحترام جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها دوليا. وفي الوثيقة الختامية لمؤتمر القمة العالمي لعام 2005، أقرت الدول الأعضاء بأن سيادة القانون وحقوق الإنسان يشكلان جزءا من قيم الأمم المتحدة ومبادئها العالمية الأساسية غير القابلة للتجزئة. وفي اعلان الاجتماع الرفيع المستوى المعني بسيادة القانون، أكدت الدول الأعضاء أن حقوق الإنسان وسيادة القانون مترابطان ويعزز كل منهما الآخر.

وعمل مجلس حقوق الإنسان بنشاط للنهوض بسيادة القانون. واتخذ المجلس مجموعة قرارات تتعلق مباشرة بحقوق الإنسان وسيادة القانون، تشمل قرارات بشأن إقامة العدل؛ وبشأن نزاهة النظام القضائي، وبشأن حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون. وأنشأ مجلس حقوق الإنسان العديد من آليات الإجراءات الخاصة ذات الصلة المباشرة بسيادة القانون، مثل المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، والمقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار، والخبير المستقل المعني بإقامة نظام دولي ديمقراطي ومنصف والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت