العمل النقابي
كتبه: محمد نجيب
وفق القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي

لقد خطت الكويت ، خطوات كبيرة بالنسبة للعمل النقابي، وكان لها السبق والريادة على كثير من الدول، خاصة في منطقة الخليج العربي، فيما يتعلق بحرية تكوين المنظمات النقابية، منذ بداية الستينات في القرن الماضي. ولقد اثرى ذلك، ظهور العديد من الكوادر النقابية الكويتية التي تمتعت بالكفاءة وتقلدت المناصب القيادية في المنظمات النقابية الدولية والإقليمية وأدت دورها بكفاءة كبيرة.

ولقد ساعد على بروز العمل النقابي الكويتي، التشريعات التي وفرت مناخ الحرية والإستقرار للعمل العمالي والنقابي بصفة عامة وإعطاء الحرية لتشكيل المنظمات النقابية دون قيود أو تعقيدات.

وكان من أول التشريعات التي وفرت الأساس اللازم للعمل النقابي الدستور الكويتي الصادر في 11 نوفمبر عام 1962، حيث نصت المادة 43 على أن حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي بينهما القانون ولا يجوز إجبار أحد على الإنضمام إلى آي جمعية أونقابة.

ويلاحظ على هذا النص الدستوري أنه قد أقر حرية تكوين العمل النقابي على كافة أشكاله وذلك كأصل عام.
وفي ذات الوقت كفل حرية الإنضمام إلى العمل النقابي دون أن يتم إجبار احد على الانضمام للعمل النقابي.

وعليه جاءت المادة «69» من القانون السابق رقم 38 لسنة 1964 في شأن العمل في القطاع الاهلي. وكذلك المادة «98» من القانون الحالي رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الاهلي، ترديدا لما جاء بالمادة 43 من الدستور من حيث حرية تكوين الاتحادات وحق التنظيم النقابي لكل من أصحاب الأعمال والعمال على حد سواء.

ولقد اكدت المادة 99 من قانون العمل الحالي، على أحقية كل من العمال وأصحاب الأعمال في أن يكونوا فيما بينهم نقابات ترعى مصالحهم وتعمل على تحسين حالتهم المادية والاجتماعية وتمثيلهم في جميع الأمور الخاصة بهم ويتبين من هذا النص أنه قد حدد الغرض من حرية تكوين الاتحادات والنقابات وهو رعاية مصالح أعضاء المنظمة والعمل على تحسين أوضاعهم في النواحي المادية والاجتماعية.

كما أن المادة 100 من القانون رقم 6 لسنة 2010 قد جاءت بصورة عامة ومجردة من حيث عدد العاملين بالمؤسسة أو الجهة كشرط لتأسيس المنظمة النقابية حيث انها لم تشترط لها عددا محددا كحد أدنى وهي تختلف في ذلك عن سالفتها المادة المقابلة رقم «71» من القانون السابق رقم 38 لسنة 1964 بل أطلقت ذلك إنسجاما مع النص الدستوري واتفاقيات العمل الدولية الخاصة بالحرية النقابية وحق التنظيم وغيرها من الإتفاقيات الأخرى ذات العلاقة.

ويجب على الاعضاء والمؤسسة والذين يشكلون الجمعية العمومية التأسيسية بوضع وإقرار لائحة النظام الاساسي للنقابة أو الاتحاد وأن هذا النظام يجب أن يوضح الحقوق والواجبات والأهداف الخاصة بالمنظمة النقابية وكيفية ممارسة نشاطها وآلية آداء عملها سواء بالنسبة لمجلس الإدارة أو الجمعية العمومية، وأنه في ذلك يجب أن يتم الإستهداء بالقوانين والأنظمة السارية والنظام العام والأداب العامة والتي يتعين الإلتزام بها باعتبار أنها من مكونات المجتمع.

ولقد حددت المادة 102 من القانون الحالي، بأن المنظمة النقابية تتمتع بالشخصية الاعتبارية وأن تلك الشخصية تثبت للنقابة بإحدى طريقتين هما:
1- اعتبارا من تاريخ صدور قرار وزاري بالموافقة على إنشاء المنظمة بعد إيداع اوراق التأسيس المطلوبة كاملة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
2- كما تثبت الشخصية الإعتبارية للمنظمة بقوة القانون، في حالة عدم رد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على طلب تأسيس المنظمة في خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إيداع الاوراق والمستندات المطلوبة شريطة ان تكون مستوفاة وكاملة.

ولقد جاءت هذه المادة مراعية للمادة والفقرة 2 من مادة 3 من الإتفاقية 87 الخاصة بالحرية النقابية والتي حظرت على السلطات العامة من آي تدخل من شأنه ان يقيد الحق في تشكيل المنظمة ودستورها ولقد اكدت المادة «103» من القانون على ضرورة الإلتزام من جانب العمال وأصحاب العمل بالقوانين السارية في الدول ومؤدى ذلك، أن النظام الأساسي للنقابة يجب ان يكون متناغما مع القوانين السائدة كما أنه وخلال ممارسة العمل النقابي يتعين عدم الخروج عن الأهداف الواردة في النظام الاساسي للمنظمة إلى ما عداه من أنشطة أخرى تتجاوز حدود العمل النقابي وتشكل خروجا على القانون او النظام العام والآداب.

ولقد جاء قانون العمل في ذلك منسقا مع ما قررته إتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم رقم 87 حيث نصت المادة «2» من الجزء الأول الحرية على التالي «للعمال وأصحاب العمل دون اي تمييز الحق دون ترخيص سابق في تكوين منظمات يختارونها وكذلك الحق في الانضمام إليها بشرط التقيد بهذه اللوائح».

كما نصت المادة «8» الفقرة «1» من ذات الاتفاقية على إحترام قانون البلد أثناء ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية المذكورة حيث أكدت على التالي «يحترم العمال واصحاب العمل ومنظمات كل منهم قانون البلد في ممارستهم لحقوقهم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية شأنهم في ذلك شأن غيرهم من الأشخاص أو الجماعة المنظمة».

ومن هنا نرى ان المادة 104 من قانون العمل الحالي كان سندا لها ما نصت عليه الاتفاقية سابقة الاشارة اليها، حيث اكدت على حظر بعض الاعمال والتي تمثلت في التالي:
1- الاشتغال بالمسائل السياسية والدينية او المذهبية.
2- توظيف أموالها في مضاربات مالية او عقارية او غيرها من انواع المضاربات.
3- قبول الهبات او الوصايا إلا بعلم الوزارة.

حيث نطالع البند «1» بأنه قد حظر على المنظمات النقابية، الاشتغال بالمسائل السياسية والدينية والمذهبية، ونجد ان الحظر هنا مطلق لكون ان الهدف من العمل النقابي والغرض من انشائه وهو وكما حددته المادة «99» من قانون العمل، رعاية مصالح العمال وتحسين حالتهم المادية والاجتماعية وتمثيلهم في جميع الامور الخاصة بهم، ومن هنا يتبين لنا ان الاشتغال باي نشاط اخر، من شأنه ان يتناقض مع الغرض من العمل النقابي والذي يتمثل بالدرجة الاولى في السهر على مصالح العمال ورعايتهم، ومن ثم فلا يجوز بأي حال من الاحوال الالتفات عن ذلك والولوج في امور اخرى يترتب علي ممارستها الجنوح عن الهدف الاسمى الذي من اجله تم تأسيس المنظمات النقابية، وانه لا فائدة ولا طائل يعود على الحركة العمالية بالاشتغال في الامور السياسية والدينية لانها ستؤدي الى الفرقة لكون المنظمة النقابية تتبنى القضايا العمالية بشكل مجرد بعيدا عن الانتماءات الحزبية او الدينية من اجل وحدة وصون المنظمة العمالية من الخلافات والبعد عن هدفها وأغراضها التي انشئت من اجلها والانشغال في صراعات جانبية .

ولقد أجازت المادة «107» للمنظمات النقابية الكويتية حرية الانضمام إلى الاتحادات العربية او الدولية، شريطة مراعاة ألا يكون ذلك الانضمام مخالفا للنظام العام او المصلحة العامة للدولة حيث ان مؤدى ذلك مراعاة الوضع الكويتي، فلا يجوز الانضمام إلى منظمة نقابية خارج الكويت تتعارض اهدافها مع النظام العام لدولة الكويت او المصلحة العامة للدولة.

كما ان المادة «108» قد حددت طريقين لحل المنظمة النقابية وهي:

1- الحل الاختياري من خلال قرار يصدر من الجمعية العمومية للمنظمة وفق النظام الاساسي للمنظمة.
2- الحل القضائي بناء على حكم يصدر بناء لطلب الوزارة المختصة بحل مجلس الادارة في حالة قيامه بمخالفة قانون العمل والقوانين المتعلقة بالنظام العام او الاداب.

ويتضح لنا، هنا بأن القانون لم يعطي للوزارة حل المنظمة النقابية، بل ترك ذلك للجمعية العمومية الخاصة بالمنظمة وفق النظام الاساسي الخاص بها، بل أعطى فقط للجهة المختصة اقامة دعوى لحل مجلس الادارة دون المنظمة ذاتها، وقيد ذلك بمخالفة مجلس الادارة للقوانين والنظام العام، ونجد ان ذلك جاء متمشيا مع المادة «4» من الاتفاقية الخاصة بالحرية النقابية وحق التنظيم التي نصت على انه لا يجوز للسلطة الادارية حل منظمات العمال ومنظمات اصحاب العمل او وقف نشاطها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت