الصور القانونية للتنظيم الاداري في الدولة

المركزية واللامركزية الإداريتان صورتان للتنظيم الإداري في الدولة .. بقلم: محمود نصار
* هذه المقالة تتحدث عن القانون البحريني بشكل خاص

تعمل الادارة العامة من خلال اشخاص اعتبارية عامة، مثل الدولة والاشخاص الاقليمية والمرفقية أو المصلحية، وهو ما يمكن تأكيده أن التنظيم الاداري في أي دولة من الدول لا يعرف سوى نظامين للإدارة هما إدارة مركزية وأخرى لا مركزية.

ونقصد بالإدارة المركزية، المركزية الادارية فقط وفيها تحتكر الحكومة المركزية الموجودة في العاصمة الوظيفية الإدارية في سائر انحاء إقليم الدولة، بحيث لا يمكن البت في امر من امور هذه الوظيفة بعيدا عنها أو من غير الرجوع إليها، وفي هذا النظام الاداري يتم تركيز وتجميع سلطات البت في الوظائف الادارية بيد أعضاء الحكومة المركزية، وعلى هذا الاساس يتم ترتيب السلطات الادارية في سلم هرمي واحد، يخضع فيه جميع العاملين للسلطة الرئاسية الموجودة على قمة الهرم الاداري.

وتقوم المركزية الإدارية بهذه الصورة على ثلاثة أركان تتمثل في تركيز سلطة البت والتقرير النهائي في شئون الوظيفة الإدارية في يد الحكومة المركزية سواء في العاصمة أو ممثليها في الاقاليم وثانيا تسلسل العاملين وتنظيم شئونهم في سلم تدريجي هرمي الشكل، بحيث يقوم نوع من التبعية الادارية داخل هذا الهرم وثالثا يتمثل في الرقابة الادارية الرئاسية، وقد يرى البعض ان المركزية الإدارية تقوم على ركنين فقط هما حصر الوظيفة الإدارية في يد السلطة المركزية، وثانيا وجود مبدأ التدرج الذي يحكم العلاقة بين أعضاء السلطة المركزية وما يترتب على ذلك من نتائج، وهو ما يعرف بتدرج الوظائف في شكل هرم، وما يترتب عليه من مظهر الرئاسة، بحيث يكون الموظف مرؤوسا لمن يعلوه، ورئيسا لفئة الموظفين الذين يشغلون الدرجات الأدنى.

وتتخذ المركزية الادارية صورة المركزية المطلقة، وهي تعني جمع أو تركيز الوظيفة الإدارية بجميع خصائصها في يد الحكومة المركزية، وصورة المركزية المخففة أو اللاوزارية وفيها يتم منح بعض الاختصاصات الادارية لهيئات إدارية إقليمية تابعة للوزارات، مع منح العاملين بهذه الهيئات الاقليمية سلطة البت النهائي أو التقرير في بعض المسائل من دون الرجوع الى الوزراء، مع خضوع هؤلاء الموظفين للسلطة الرئاسية في العاصمة بحيث يمكن لهذه السلطة إلغاء أو تعديل أو سحب القرارات الصادرة عنهم.

ويتم منح الاختصاصات للهيئات الادارية في الاقليم عن طريق التفويض الذي بمقتضاه يعهد الرئيس الاداري بنص قانوني بجزء من اختصاصاته الى احد مرؤوسيه، بحيث يمارسه تحت رقابته لمدة معينة.

وأما عن صورة التنظيم الإداري الثانية فتتمثل في الادارة اللامركزية، وهي طريق من طرق الادارة، ويمكن تعريفها بأنها توزيع لاعباء الوظيفة الادارية بين الحكومة المركزية في العاصمة وبين هيئات محلية مستقلة تباشر اختصاصاتها تحت رقابة الحكومة المركزية وإشرافها.

وتتخذ الإدارة اللامركزية صورتين فقد تتخذ شكل هيئات إقليمية وفيها يتم منح الشخصية الاعتبارية لجزء من إقليم الدولة مع الاعتراف لهذا الجزء بقدر من الاستقلال في ممارسة نشاطه بالإضافة إلى سلطة الاشراف على المرافق العامة المحلية الموجودة في الاقليم.
وقد تتخذ اللامركزية الادارية صورة اللامركزية المصلحية أو المرفقية وفيها يتم منح الشخصية الاعتبارية لأحد المرافق العامة القومية أو المحلية مع منحها قدرا من الاستقلال عند ممارسة نشاطها المرفقي أو المصلحي.

وتتشابه اللامركزية الاقليمية مع اللامركزية المرفقية أو المصلحية في عدة أمور يتمثل أولها في عنصر الاستقلال اللازم لكل منهما، وثانيا في تمتع كل منهما بالشخصية الاعتبارية وما يصاحب ذلك من وجود ذمة مالية مستقلة وقدرة قانونية على اكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات، وثالثا خضوع كل منهما لرقابة واشراف السلطة المركزية.
ومع هذا التشابه بين صورتي الادارة اللامركزية، إلا أن ثمة فارقا بينهما يتمثل في طريقة اختيار اعضاء كل من الهيئتين الاقليمية والمصلحية، فالهيئات الاقليمية يتم اختيار اعضائها غالبا عن طريق الانتخاب، مثل المجالس البلدية، وأما الهيئات المصلحية أو المرفقية فان التعيين هو اداة اختيارها مثل الجامعات.