دراسة مشروع تصميم التهيئة

بمجرد تسلم الوكالة الحضرية لمخطط المشروع من مكتب الدراسات تقوم هاته الأخيرة بدراسة هذا المشروع وضابطته بمساهمة المنتخبين والسلطات الإدارية المحلية لمختلف الوزارات وإن اقتضى الحال جميع الهيئات المعنية كالمكتب الوطني للكهرباء المكتب الوطني للسكك الحديدية …
وتنتهي هذه الاستشارة بوضع مخطط إجمالي وبعد ذلك تقوم الوكالة الحضرية بإحالة المشروع وضابطته من جديد لأجل دراسته من الناحيتين القانونية والتقنية على مستوى العمالة أو الإقاليم وتتم الدراسة عبر اللجنة المحلية للتعمير. هكذا فقد نصت المادة 20 من المرسوم التطبيقي لقانون 90-12″ تقوم الوزارة المكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية بعرض مشروع تصميم التهيئة الذي تم إعداده على لجنة محلية يحدد تأليفها وتسييرها وفقا لما ورد في المادة 5 من هذا المرسوم لإبداء رأيها فيه” وتضم هذه اللجنة إلى جانب الوالي أو عامل العمالة أو الإقليم المعني بصفته رئيسا.
-أعضاء اللجنة التقنية المحلية التابعة للعمالة أو الإقليم المعني بالأمر
-رؤساء مجالس الجماعات المعنية وإن اقتضى الحال رئيس أو رؤساء المجموعات الحضرية المعنية .
-رؤساء الغرف المهنية
وتقوم هذه اللجنة بدراسة مشروع تصميم التهيئة وتسهر على تنسيق مواقف ممثلي المصالح الخارجية على مستوى الإدارة الإقليمية أو العمالة والإدارة الجماعية. والعنصر الجديد هو مشاركة الغرف المهنية في اجتماعات اللجنة المحليةمما يعطي بعدا اقتصاديا لتصميم التهيئة.

ويمكن لهذه اللجنة الاستئناس بإرشادات كل من رأت فيه جدوى لذلك، وبعد اختتام أعمالها تتولى هذه اللجنة داخل أجل خمسة عشر يوما من انتهاء أشغالها أمر إعداد بيان بهذه الأشغال ودعمه بمحضر حول ذلك وتبعث به إلى الوزارة الوصية على قطاع التعمير أو إلى مدير الوكالة الحضرية بحسب الحالة حيث يعود لإحدى هاتين السلطتين أمر اتخاذ قرار بشأن ذلك.

وبعد إعداد وصياغة مشروع التصميم على ضوء اقتراحات أو ملاحظات اللجنة المحلية تقوم الإدارة المكلفة بالتعمير أو إدارة الوكالة الحضرية بصياغة المشروع ما قبل النهائي لعرضه على أنظار المجلس أو المجالس الجماعية المعنية للاستشارة كإجراء جوهري تتوقف عليه متابعة مسطرة المصادقة على تصميم التهيئة وهي استشارة محدودة في شهرين إذ داخل هذا الأجل يكون للمجالس أن تدرس المشروع وان تقدم تعديلاتها عليه وملاحظاتها بشأنه وإلا في حالة سكوتها عند انتهاء الشهرين تعتبر أنها موافقة ضمنيا على مشروع تصميم التهيئة المحال عليها.

والحقيقة أن المدة المخصصة للمجلس الجماعي هي شهر واحد فقط ذلك ان الشهر الأول للبحث العلني عن منافع ومضار مشروع التصميم الذي ينظم لفائدة السكان وخاصة منهم الذين يمتلكون عقارات داخل المنقطة التي يغطي ترابها التصميم والذي يقيد من حق استعمال البعض منها عن طريق الارتفاقات التي يفرضها أو يخصص استعمالها للمنفعة العامة ، إن الهدف من البحث العلني هو إطلاع العموم على المشروع ليدلوا بملاحظاتهم حول المشروع إما في سجل يفتح لهذا الغرض بمقر الجماعة أو في رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل تبعث إلى رئيس المجلس الجماعي المختص، وعلى رئيس الجماعة أن يقوم قبل افتتاح هذا البحث بنشر وإعلان في جريدتين يوميتين مسموح لهما بتلقي الإعلانات القانونية وذلك لمرتين تفصل بينهما ثمانية أيام ،وكذلك بإلصاق ملصقات به بمقر الجماعة فضلا عن تضمينه أية وسيلة إعلامية ملائمة يرتئيها الرئيس، ويكون موضوع الإعلان إخبار الجمهور بتاريخ افتتاح البحث العلني ويكون مشروع تصميم التهيئة قد أودع بمقر الجماعة .

إن الهدف من مسطرة البحث العلني كما يلاحظ هو دمقرطة عملية إعداد وثائق التعمير .إلا أن ما يعاب على هذه المسطرة إذا قمنا بمقارنتها بنفس المسطرة الجاري بها العمل في التشريع الفرنسي هو كونها تتم دون تدخل وسيط محايد بين الإدارة والعموم كما هو الحال في فرنسا حيث يجري تعيين مندوب يتولى الإشراف على مسطرة البحث العلني ويتلقى ملاحظات ومقترحات العموم جول وثائق التعمير ويقوم عقب دراستها بعرضها مرفوقة بملاحظاته على السلطة الإدارية المكلفة بالإعداد إلا أن الإشكال الذي يبقى مطروحا هو ما هي القيمة القانونية للبحث العلني؟ هل فعلا يتم الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات ومقترحات المواطنين حول وثائق التعمير أم أن هذا البحث يبقى مجرد إجراء شكلي فقط.
إن مسطرة البحث العمومي يجب أن تتجاوز واقعيا التفسير الضيق الذي يحصرها على ملاك الأراضي لكي تهم جميع فعاليات المجتمع المدني كوسيلة لتوسيع دائرة المشاركة في اتخاذ القرارات التي تهم تنظيم المجال.
ومجمل القول إن تحقيق مدينة فعالة وتنافسية يتطلب حكامة حضرية محكمة قوامها المسؤولية والشفافية والتحفيز واستشراف المستقبل وهذا يستوجب التأسيس لتعمير يساهم فيه الجميع .