مقالة قانونية هامة عن الجرائم الماسة بالاقتصاد الوطني

د.سعيد عبد السلام رمضان

تعتبر جريمة تخريب المرافق النفطية من الجنايات حيث شرع لها المشرع الليبي نصوصاً ضمنها قانون العقوبات وقانون الجرائم الاقتصادية على الرغم من أن المشرع الليبي لم يعرف جناية التخريب بل ترك ذلك لاجتهاد القضاء , على الرغم من ذلك فإن الاجتهاد القضائي يعرف جناية التخريب بأنه هدم و جعل المبني خربا لا منفعة ترجى منه ،التخريب له صور عدة ولا عبّرة بالأداة التي تستخدم ولا المدة التي يستغرقها التخريب و يمثل النفط في ليبيا عصب الاقتصاد الوطني والمصدر الوحيد حاليا للشعب الليبي وبذلك وضع له المشرع نصوصاً لحمايته غاية في الصرامة والشدة .

و يعرف المشرع الليبي المنشآت النفطية بأنها آبار استخراج النفط من باطن الأرض ومعامل التكرير ومناطق الكشف والتنقيب عنه وهذه مملوكة بالكامل للشعب الليبي تديره جهة إدارية تابعة للدولة الليبية وقد وضع المشرع نصوصاً قانونية صارمة وعاقب على تخريب المنشآت النفطية بالإعدام أو السجن المؤبد . وأن المشرع الليبي لم يشترط بأن تكون جريمة التخريب تشمل عدة مرافق نفطية حتى تكون الجريمة كاملة وأن الحكمة من هذا التشريع حماية الاقتصاد الوطنى للبلاد والضرب بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه العبث بهذه المرافق الحيوية مصدر قوت الشعب الليبي ومصدره الوحيد للحياة وهو الذي تتوقف عليه الخدمات المصاحبه مثلا: توليد الطاقة الكهربائية وتزويد المدن بالمياه علاوة على ذلك فإن إيرادات النفط تتوقف عليها واردات الدولة من المواد الأساسية كالغذاء والدواء ويشكل العمود الفقري لوضع الدولة المالي ومركزها وتهدد الدينار الليبي ومستوى دخل الفرد وتحمل الدولة اعباء مالية نظير تأخرها في سداد ديون الدولة مع الارتفاع الجنوني للأسعار. وتشمل المرافق النفطية بالإضافة لما ذكر سلفا المستودعات النفطية وهي مكان وديعة وحفظ الذي تخزن فيه البضائع الأولية والمنتجات والسلع الاستهلاكية والعبرة بكونه كبيراً أو صغيراً الشرط الأساس أن يكون محدد المعالم محاطاً بسور حديدي أو حجري أو خشبي أومحاطاً بأسلاك شائكة أو أي شيء يحدّد معالمه ولو كان ساتراً ترابيناً .

وفي القانون الليبي يقصد بالإنتاج أو المنتجات كل منتج زراعي أو حيوإني أو صناعي ويشمل السلع الاستهلاكية اليومية التي لا تعمر أو السلع المعمرة كما أنه لا عبرة بملكية المستودع أو تبعيته فتقع جريمة تخريب المستودع سواء كان يتبع الدولة أو أي جهة إدارية خاصة كما أن المشرع الليبي يطلق لفظ المستودع بشكل مطلق والقاعدة القانونية أن المطلق يجري على إطلاقه ما لم يرد نص يقيده.

وجريمة تخريب المرافق النفطية جريمة عمدية حيث تنص المادة 4 من قانون الجرائم الاقتصادية رقم 2 لسنة 1979 يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد كل من خرب عمدا بأية وسيلة المشآت النفطية أو إحدى ملحقاتها أو أية منشأة عامة أوخرّب مستودعا للمواد الأولية أو المنتجات أو السلع الاستهلاكية – وتحليل نص المادة الرابعة أنه يلزم لقيام الجناية الفعل المادي الذي يؤدي إلى تدمير المرفق وهي جريمة زمنية محددة بزمن معين ويقوم بها الفاعل نفسه بإشعال النار أو إلقاء متفجرات أو توصيل أسلاك كهربائية بهدف الحريق وإن كان من الممكن ألا يساعده أو يتعاون معه غيره مثلا حارس المبنى أو سائق شاحنة أو آلة داخل المرفق النفطي من أجل إحداث عمل من شأنه أن يؤدي إلى انهيار المبنى ولو بعد حين فالقصد الجنائي يتوفر متى اتجهت نية الفاعل لإحداث الأثر وهذا يرجع إلى تقدير القاضي أما الباعث على ارتكاب الفعل فلا عبرة له سواء كان الباعث سياسياً أو الإضرار بمصلحة البلاد الاقتصادي أو كونه للانتقام من شخص معين أو لأجل الشهرة بين أفراد المجتمع أو من أجل استيفاء حقه بالذات وكل هذا يدخل ضمن تقدير القاضي.