المحاكم الإدارية و المساعدة القضائية

المحاكم الإدارية و المساعدة القضائية

اعداد: جدوي أشرف منصور
طالب بكلية الحقوق بالدارالبيضاء-
السنة الثالثة قانون خاص

نروم في هذا المقال تسليط الضوء على المحاكم الإدارية، والمساعدة القضائية، نظرا لما تلعبه الأولى من دور قضائي ريادي يكرس عددا من المبادئ القضائية المسلم بها والمتعارف عليها إن على الساحة الوطنية أو الساحة الدولية:كمبدإ استقلال القضاء،ومبدإ المساواة أمام القضاء.ونظرا لما تمثله الثانية-المساعد القضائية- من ترسيخ لقيم المحاكمة العادلة واحترام جليل لحقوق الدفاع.

المــــحاكم الإداريــــــة:

أنشئت المحاكم الإدارية بالمملكة بمقتضى الظهير الملكي الشريف ذي الرقم:225-91-1
المؤرخ في:1993/9/10القاضي بتنفيذ القانون رقم:90/41المحدث للمحاكم الإدارية، فكان هذا تكريسا من المشرع لنظام القضاء المزدوج أي:قضاء عادي، و إلى جانبه آخر إداري لكل منهما حدوده ،و صلاحياته، و اختصاصه، بل وحتى قواعده القانونية الخاصة به،فلئن كانت قواعد القانون المدني تجد تطبيقاتها لدى المحاكم العادية فإن قواعد القانون الإداري تجد تطبيقاتها لدى المحاكم الإدارية(1).و يمكن تعريف المحاكم الإدارية عموما بأنها الجهة القضائية المختصة بالبت في كل الدعاوى التي قد تنجم عن قيام مرفق من المرافق العمومية للدولة بنشاط ما سواء كان هذا النشاط داخل المرفق العام أو خارجــــــــه، ومن خلال القانون السالف ذكره-القانون رقم:90/41- فإن اختصاص المحاكم الإدارية يتمثل في:
البت ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة.

النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية و دعاوي التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام ماعدا الأضرار التي تسببها في الطريق العام مركبات أيا كان نوعها يملكها شخص من أشخاص القانون العام.
النظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمعاشات ومنح الوفاة المستحقة للعاملين في مرافق الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة وموظفي إدارة مجلس النواب وموظفي مجلس المستشارين وعن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات و الضرائب و نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
البت في الدعاوي المتعلقة بتحصيل الديون المستحقة للخزينة العامة و النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين والعاملين في مرافق الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات العامة موظفي إدارة مجلس النواب و موظفي مجلس المستشارين، وذلك كله وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون.
و تختص المحاكم الإدارية أيضا بفحص شرعية القرارات الإدارية(2).
و تختص المحكمة الإدارية بالرباط- إضافة إلى الاختصاص الموكول إلى باقي المحاكم الإدارية-بالنظر في النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للأشخاص المعينين بظهير شريف أو مرسوم وبالنزاعات الراجعة إلى اختصاص المحاكم الإدارية التي تنشأ خارج دوائر اختصاص جميع هذه المحاكم (3).
فيما يبقى المجلس الأعلى هو المختص بالبت ابتدائيا و انتهائيا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة بـ:
المقررات التنظيمية و الفردية الصادرة عن الوزير الأول.
قرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية(4).
و لئن كان مبدأ تعدد درجات التقاضي من المبادئ العظيمة في الحقل القضائي، فإن المشرع لم يخرج عن هذا المبدإ، حيث تستأنف الأحكام الصادرة ابتدائيا عن المحاكم الإدارية أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى،و عليه فإن المحاكم الإدارية إنما هي درجة أولى من درجات التقاضي بينما الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى إنما هي محكمة موضوع من الدرجة الثانية.ولئن كان المجلس الأعلى للقضاء محكمة قانون وهذا هو الأصل و القاعدة، و لكن عندما يتحول هذا المجلس و خصوصا غرفته الإدارية إلى مرجع استئنافي فإن الأمر لا يعدو أن يكون إلا استثناء،في انتظار إنشاء محاكم استئناف إدارية ولما لا إحداث مجلس الدولة.
وبخصوص المسطرة أمام المحاكم الإدارية فإنها مسطرة كتابية أي أن المحامي ضروري في هذا النوع من الدعاوى(3).

المساعدة القضائيـــــــة:

نود أن نشير بادئ ذي بدء في هذا الصدد إلى أن المشرع قد أحجم عن إعطاء تعريف للمساعدة القضائية وقد أفلح، فالتعاريف من اختصاص الفقه، بل ومن ابتكاره في الغالب الأعم، إذ قلما يتدخل المشرع و يورد تعريفا، فلئن كان إيراده للتعاريف في المادة الجنائية أمرا مألوفا فلأن طبيعة المجال الجنائي تقتضي ذلك عكس ما هو عليه الأمر في باقي المجالات القانونية الأخرى.وكل ما فعله المشرع بخصوص المساعدة القضائية هو أنه اكتفى بالإشارة إليها في مواد مختلفة سواء من قانون المسطرة المدنية(6)،أو من القانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة(7)،أو قانون المسطرة الجنائية(8)،أو القانون المحدثة بمقتضاه المحاكم الإدارية(9)…
ويمكن أن نعرف المساعدة القضائية عموما بأنها إجراء قانوني يتوخى إقرار محاكمة العادلة، ويبغي احترام حقوق الدفاع، بتوفير محام لمؤازرة الطرف المستفيد من المساعدة القضائية أيا كان المركز القانوني لهذا المستفيد في الدعوى سواء أكان مدعيا، أو مدعى عليه متى توافرت فيه الشروط المتطلبة قانونا للحصول عليها.وهذا إجراء منوه به إذ ليس كل الناس على دراية بالقانون للدفاع عن حقوقهم بأنفسهم .

وبالرجوع إلى المادة الثالثة من القانون رقم90/41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية نجدها تنص على الآتي ذكره:
«… يجوز لرئيس المحكمة أن يمنح المساعدة القضائية طبقا للمسطرة المعمول بها في هذا المجال.»
و الحاصل في المجال العملي هو أن رئيس المحكمة الإدارية وبعد توصله بطلب الحصول
على المساعدة القضائية مرفقا ببعض الوثائق كشهادة الاحتياج و شهادة عدم الملكية وشهادة الإقامة يعمد إلى توجيه طلب إلى نقيب هيئة المحامين قصد تعيين محام لمؤازرة صاحب الطلب متى توافرت فيه الشروط.
والذي نراه هو أن هذا الإجراء فيه مضيعة للوقت قد يكون صاحب الطلب في غنى عنها فلما لا يتم توجيه الطلب من طرف المستفيد من المساعدة القضائية مباشرة إلى نقيب هيئة المحامين؟بدل طلب أول يقدمه المستفيد وتليه فترة انتظار، وطلب ثان يقدمه رئيس المحكمة الإدارية وتليه فترة انتظار أخرى !!!
وختاما فهذه دعوة صريحة منا للمشرع لإعادة النظر في الفقرة الأخيرة من المادة 3من القانون رقم:90/41 المحدث للمحاكم الإدارية والتي تتحدث عن المساعدة القضائية، قصد إحلال عبارة “نقيب هيئة المحامين” محل عبارة”رئيس المحكمة”.