تحليل قانوني قيم لبعض النصوص الدستورية في الاردن

تحليل نصوص دستورية والمطالبة بتعديلها / أ/ حازم حجازي
سأسلّط الضوء اليوم على بعض المواد من دستورنا الأردني الغالي، ويجب عند الحديث عن شيء مّا أن يكون الإنسان مُنصفاً..
فقد وُلد دستورنا الأردني عام 1952 م أي قبل حوالي الستين عاماً.. ومع ذلك فهو من أفضل الدساتير العربية بل وأفضلها على الإطلاق.. ويحق لنا كأردنيين أن نُباهي بدُستورنا الدنيا؛ ذلك لأنه وُضع في حُقبة زمنية صعبة.. لم يكن فيها استقرار وثقافة وحضارة آنذاك.. فهنيئاً لنا بهذا الدستور المفخرة على الرغم من قِدم إنشائه إلا إنه استطاع الاستمرار والصمود وذلك دليل على حكمة قيادتنا الهاشمية منذ الأزل..

ومن هنا ولرغبتي في أن يكون دستور بلادي الأفضل والأرقى على مستوى العالم بأسره وليس الشرق الأوسط فحسب.. فيجب علي أن أُسلّط الضوء على بعض المواد التي أستغرب حقيقة سهو المشرّع عنها.. فكل دستور وضعيّ يجب أن يُعدّل كلّ فترة ليُواكب الحاضر.. وهنا لن أتحدث عن موضوع الحكومة البرلمانية المنتخبة بغض النظر سواءً كنتُ معها أو ضدّها.. فيكفي ما قاله سيّد البلاد وقائدها.. جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله.. بأن انتخاب مجلس نواب يمثل إرادة الشعب هو تمهيد للحكومات البرلمانية المُنتخبة..

– أبدأ

أولاً الحديث هنا من المادة رقم 21 الدستور الأردني والتي وردت ضمن فصل حقوق الأردنيين وواجباتهم:

‘1- لا يسلم اللاجؤون السياسيون بسبب مبادئهم السياسية أو دفاعهم عن الحرية.
2- تحدد الاتفاقيات الدولية والقوانين أصول تسليم المجرمين العاديين. ‘
وأستغرب حقيقة من ورود هذا النص ضمن فصل حقوق الأردنيين وواجباتهم وأقترح أن يصبح ضمن باب مواد عامة..

– ثانياً المادة 56 الدستور الأردني باب السلطة التنفيذية:
‘ لمجلس النواب حق إحالة الوزراء إلى النيابة العامة مع إبداء الأسباب المبررة لذلك ولا يصدر قرار الإحالة إلا بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب.

وهنا أقترح تعديل هذه المادة؛ فالأولى أن يكون هذا الاختصاص قضائياً، والأصل هو أن يكون للقضاء..

– ثالثاً المادة 60 الدستور الأردني ضمن فصل المحكمة الدستورية:
‘ 1- للجهات التالية على سبيل الحصر حق الطعن مباشرة لدى المحكمة الدستورية في دستورية القوانين والأنظمة النافذة:
أ/ مجلس الأعيان.
ب/ مجلس النواب ج-مجلس الوزراء.

2- في الدعوى المنظورة أمام المحاكم يجوز لأي من أطراف الدعوى إثارة الدفع بعدم الدستورية وعلى المحكمة إن وجدت أن الدفع جدياً تحيله إلى المحكمة التي يحددها القانون لغايات البت في أمر إحالته إلى المحكمة الدستورية. ‘

وهنا أتمنى من المشرع تعديل هذه المادة.. فيجب أن يكون الحق لجميع المواطنين في الطعن بدستورية أي من القوانين.. لا أن يكون لمجلس النواب والأعيان أو مجلس الوزراء!! فالسيناريو المتوقع أنهم لم يتنبّهوا لعدم دستوريته وإلا لما تم إقراره وهو غير دستوريّ!! وبالتالي فإن الضرر سيصيب الجميع من أبناء الشعب وقد يكون الضرر احتمالياً في المستقبل.. فبوجود هذا النص تصبح الرقابة القضائية لدينا غير مباشرة!! والأصل أن تصبح مباشرة بوجود المحكمة الدستورية.. والمعروف في الرقابة غير المباشرة أنها ولا تُقدّم إلا من صاحب مصلحة حقيقية من أحد أطراف الدعوى شريطة أن يكون في أثناء سير القضية ويكتشف أحد الأطراف عدم دستورية القانون فيطلب من قاضي الموضوع الامتناع عن تطبيق هذا القانون في هذه القضية بحجة مخالفته للدستور!!! وهذا أمر غير منطقي.. فإنشاء المحكمة الدستورية يجب أن يكون بهدف التطور.. وليس لإبقاء الأمور كما كانت عليه بل وتعقيدها أكثر مما كانت.. فكانت المحكمة التي تنظر الموضوع هي صاحبة السلطة في الفصل بدستورية القانون أما الآن فتم تعقيد الأمور!! والإضافة الوحيدة أنه أصبح الحق لمجلس النواب أو الأعيان أو مجلس الوزراء إحالة القانون للمحكمة الدستورية لإيقاف تطبيقه!!

– رابعاً المادة 101 الدستور الأردني الفقرة الثانية ضمن فصل السلطة القضائية:
‘ لا يجوز محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية لا يكون جميع قضاتها مدنيين، ويستثنى من ذلك جرائم الخيانة والتجسس والإرهاب وجرائم المخدرات وتزييف العملة. ‘
وهنا أرى ألا يكون هناك أي استثناء من محاكمة المدني أمام المحاكم النظامية التي يكون جميع قضاتها مدنيين.. إلا إذا لم يكن هناك ثقة بنزاهة قضائنا والذي يشهد له القاصي والداني بالنزاهة.. فلماذا يتم سحب الصلاحية الأصيلة منه وإيداعها لمحكمة أمن الدولة وأمام قضاة عسكريين؟ ومن الذي يقوم بتعيينهم؟ وما هي شروط تعيينهم؟ وما هي مرجعيتهم العليا؟
وهناك العديد من الأسئلة التي تثار عند طرح موضوع محكمة أمن الدولة.. وإن كان لا بدّ من وجودها فيجب تعديل اختصاصاتها.. فما ذنب المتعاطي مثلاً وهو شخص مريض قد وقع ضحية لهذه السموم لأن تتم محاكمته كمجرم قد دمّر أمن الدولة؟! فهو لم يكن بوعيه أصلاً.. وجميع الدول في العالم بأسره تعامله كمريض ولا تحسابه أصلاً ولكن تقوم بعلاجه.. وما ذنب الأشخاص الذين يتجمعون في المسيرات أو الاعتصامات ويسميهم المشرع بالتجمهر؟ وما ذنب حتى حائز السلاح الناري الغير مرخص؟ حتى يتم اعتبارهم مجرمين بحق أمن الدولة؟!

– خامساً أود الحديث عن المادة 111 الدستور الأردني ضمن فصل الشؤون المالية في الحديث عن الضرائب:
‘ ألا تتجاوز مقدرة المكلفين على الأداء وحاجة الدولة إلى المال ‘
وأجزم أن قدرة المكلفين من أبناء الشعب لا تكفي وبالتالي أقترح على حكومتنا الرشيدة إمّا احترام النص الدستوري.. أو تعديل الدستور بإلغاء هذا النص كي يتوافق مع فرض الضرائب والرسوم الجديدة كل يوم..

– سادساً المادة 127 الدستور الأردني ضمن فصل مواد عامة:
‘ تنحصر مهمة الجيش في الدفاع عن الوطن وسلامته:-
1- يبين بقانون طريقة التجنيد ونظام الجيش وما لرجاله من الحقوق والواجبات.
2- يبين بقانون نظام هيئات الشرطة والدرك وما لهما من اختصاص. ‘

وفي حال قمنا بالتسليم بما ورد في هذه المادة احتراماً للدستور الذي يعد أسمى التشريعات الموجودة في الدول جميعاً.. فإن هذا يعني أن مهمة الجيش مُنحصرة في الدفاع عن الوطن وسلامته فقط.. وبالتالي فإن كل إجراء آخر يقوم به بواسل جيشنا العربي الأردني سواءً من قوات حفظ السلام أو المستشفيات الميدانية أو إرسال المساعدات وغيرها الكثير يكون إجراءً غير دستوريّ.. وبالتالي أقترح أن يتم تعديل هذه المادة لتتوافق مع الواقع..

وأُعقّب أيضاً على الفقرة الأولى من هذه المادة كذلك.. فإن سلمنا بما ورد بها فإن حقوق الرجال في الأجهزة الأمنية تختلف عن النساء.. وبالتالي يتناقض مع النص الدستوري الآخر في المادة 6 والذي نص على ‘ أن الأردنيين أمام القانون سواء.. لا تمييز بينهم.. ‘ وبالتالي فيجب أن يتم تعديل هذا النص أيضاً لينسجم مع الواقع الحديث..

ويعود سبب القصور في هذين النصّين الدستوريّيْن إلى تاريخ كتابة الدستور عام 1952 م فلم يكن هناك مهمة للجيش سوى الدفاع عن مقدرات وثرى هذا الوطن الغالي.. ولم يكن هناك إناثٌ يعملن في الأجهزة الأمنية.. ولكن يجب تعديله الآن لينسجم مع واقعنا الذي نعيشه..

وفي الختام لا يسعني إلا أن أتمنى كل التوفيق والتقدم والازدهار لوطننا الغالي.. في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة
والله من وراء القصد،،،
عاش الأردن.. عاش الملك..