قانون العمالة المنزلية في الكويت

لن أتحدث بالتفصيل عن قانون العمالة المنزلية الجديد الذي أقره أخيرا مجلس الأمة الكويتي الموقر ويستطيع من يهمه أمر هذا القانون الاطلاع عليه وإنما حديثي مختصر عن أهمية تطبيق هذا القانون لحماية العمالة المنزلية المتضررة بالمعاملة السيئة من بعض العائلات .

فأولا يشكر مجلس الأمة علي اهتمامه بالعمالة المنزلية بإقراره هذا القانون ولو أنه مثل بعض القوانين التي تصدر وتحفظ بالأدراج ولا تري النور بالتطبيق ومع ذلك مجلس الأمة اجتهد وأصدر هذا القانون الذي وجد الترحيب والتأييد والإشادة من منظمة (هيومن رايتس ووتش) لحقوق الإنسان وعرف العالم من خلال هذه المنظمة الإنسانية أن دولة الكويت لديها قانون يحمي العمالة المنزلية .

والمهم عندي في حديثي عن الخدم في داخل الأسر والعائلات في منازلهم الذين يعيشون معهم ليلا ونهارا يأكلون ويشربون وينامون ويصحون مثلهم ولكن ونضع ألف خط تحت ولكن ولكن ولكن ونتساءل هل يطبق أصحاب المنازل هذا القانون علي العمالة المنزلية عندهم والكثير منهم لا يعرفون عنه شيئا وتبقي المعاملة الإنسانية فالخدم بشر مثلنا ويختلفون عنا بجنسيات بلدانهم ولغاتهم المختلفة والبعض منهم محظوظين يلاقون المعاملة الحسنة والعلاقة الطيبة من بعض العائلات يخصصون لهم غرفا خاصة في منازلهم فيها جميع وسائل الراحة التكيف المركزي أو العادي والتلفزيون الذي يشاهدون فيه قنوات بلدانهم بلغاتهم وتوفير الجرائد التي تصدر في بلدانهم للاطلاع علي أخبار بلدانهم وهواتف نقالة للتحدث مع عائلاتهم ويعطونهم أجازات ليوم واحد أسبوعيا يوصلهم السائق ويعود بهم في المساء والبعض يسافرون مع العائلات بالدرجة الأولي في بلدان عربية وأجنبية للسياحة أو حتى العلاج وجوازات سفرهم معهم لا يأخذونها منهم ورواتبهم الشهرية يستلمونها في بداية كل شهر بدون أي نقصان وكذلك البعض يأخذون قروض من العائلات التي يعملون عندهم لتسديد التزاماتهم العائلية في بلدانهم والبعض اشتروا منازل لهم في بلدانهم ودرسوا أبنائهم وزوجوهم لذلك نري العلاقة الطيبة والمعاملة الحسنة مثل الطباخين والسائقين والخدم في داخل المنازل الذين يربون الأطفال ويعاملونهم مثل أبنائهم وينقلون السمعة الطيبة لهذه العائلة بصورة خاصة ولدولة الكويت بصورة عامة لحسن المعاملة معهم .

أما العمالة المنزلية السيئة الحظ فحدث ولا حرج عنهم وهم كثيرون من مختلف الجنسيات تعاملهم هذه العائلات كأنهم ليسوا بشر مثلهم يشتغلون طوال الليل والنهار ومحرومين من أبسط المعاملة بالمأكل والمشرب وأتذكر أنني التقيت مع أحد الخدم الطباخين يشتري السمك الذي يختلف عن سمكنا الذي نأكله ويدفع قيمة شراء لهذا السمك أمامي في الكاشير ومن باب الفضول سألته هل العائلة التي تعمل عندها تأكل هذا السمك فقال بلغة بلده ترجمها موظف كاشير الحساب يعرف لغته بقوله أن العائلة التي أعمل في منزلها تحرمني من أكل السمك فاشتريته .

وجانب آخر من سوء المعاملة لخدم المنزل بالتفوه بكلمات قاسية وأحيانا ضربهم ورفسهم بالأرجل والبصق عليهم ويشتغلون ليلا ونهارا بالطبخ وغسل الملابس ورش حديقة المنزل وقد شاهدت بعض الخدم في نصف الليل يرشون الحديقة بالمياه مع أنهم يصحون في الصباح الباكر لمزاولة أعمالهم مثل إعداد مائدة الإفطار وإيصال الأولاد والبنات الصغار إلي المدارس مع السائق ويرجعون بعد انتهاء الدوام المدرسي لعودتهم إلي المنزل وكذلك لا توجد غرف مريحة ومكيفة والمحظوظين في غرفهم لديهم مروحة هواء في السقف ورواتبهم الشهرية متدنية ولا يستلمونها إلا بعد عدة أشهر وإذا سافروا في إجازاتهم السنوية كل سنتين لا يدفعون لهم رواتب الإجازة بل يدفعون بأنفسهم الوزن الزائدة في المطار ومساكين هؤلاء والله يكون في عونهم .

وقد يتساءل القارئ وهو محق في تساؤله وما الذي تريد أن تصل إليه بمقالك الذي صدعت رؤوسنا بحشو الكلام الذي نعرفه ولم تأتي بجديد والذي أريد أن أصل إليه :

أولا : المعاملة الحسنة مع العمالة المنزلية لأنهم بشر مثلنا تركوا عائلاتهم وبلدانهم لطلب الرزق الحلال وليس من أجل سواد عيوننا فعاملوهم معاملة حسنة .

ثانيا : فتح حساب لهم في البنوك لإيداع رواتبهم ومساعدتهم بإرسال رواتبهم إلي عائلاتهم في بلدانهم .

ثالثا : توفير الحد الأدنى من المعاملة الحسنة لهم بتحديد ساعات العمل والراحة وبحث مشاكلهم العائلية في بلدانهم بالتخفيف عنها إذا وجدتموهم غير مرتاحين ويبان ذلك من طريقة عملهم وأحيانا بكائهم ودموع عيونهم عندما يسمعون عن مرض أو وفاة أحد أقاربهم .

رابعا : عندما يسافرون معكم أو تذهبون إلي المطاعم شاركوهم معكم سواء علي نفس طاولة الطعام أو طاولة بجانبكم ليختاروا الأكل الذي يطلبونه ويحبونه .

والأهم من كل ذلك ترجمة قانون العمالة المنزلية الجديد الذي أقره مجلس الأمة أخيرا لغير الناطقين للغة العربية إلي جميع لغات العمالة المنزلية الأجنبية وتزويدهم بها ليعرفوا أن هناك قانون يحميهم أو علي الأقل ترجمة بعض مواده التى تهم هذه العمالة المنزلية مثل المعاملة الحسنة والرواتب الشهرية في وقتها وحفظ حقوقهم بالشكوى إذا لزم الأمر الشكوى إلي سفاراتهم وإذا كان الأمر صعب بالترجمة يمكن إرسال القانون إلي سفارات بلدهم وكل سفارة هي حرة بترجمته إلي لغة بلدهم للرجوع إليه في أي شكوى تصلهم من مواطنيهم وكذلك إرسال هذا القانون إلي مكاتب إقدام الخدم لإعطائهم نسخة من هذا القانون مع العقد الموقع معهم أو مع من يستخدمونهم .

وأخيرا وليس آخر نرجو المعذرة من القارئ الكريم فما ذكرته عن الخدم المحظوظين وغير المحظوظين أمورا ملموسة يعرفها الجميع والكل يشعر بها سواء العمالة المنزلية أو العائلات الذين لديها عمالة منزلية مع أن جميع عائلات الكويت لديهم عمالة منزلية أكثر من أفراد الأسرة بما في ذلك مربيات الأطفال .

ولكن اقتراحاتي قد تكون مقبولة أو التحفظ عليها من البعض فهي ليست من بنات أفكاري ولست باحث اجتماعي كما أنني لست عضوا في منظمة (هيومن رايتس ووتش) لحقوق الإنسان العالمية ولا ضمن حقوق الإنسان المحليين وهم أدري مني وأحق بذكر هذه الاقتراحات وأيضا ليس تدخل في أمر لا يعنينى بصورة عامة وإنما من باب التعاطف مع العمالة المنزلية ولكن بصورة خاصة يعنينى مثل ما يقولون طبق الشئ علي نفسك الذي تؤيده وتدافع عنه وأنا والحمد لله العمالة في منزلي ليسوا أكثر من عائلتي وإنما متساوين بالعدل ومع ذلك آخذين حقوقهم كاملة ومرتاحين ومثل كثير من العائلات جزاهم الله خير يعاملون العمالة المنزلية مثل ما يعاملون أفراد عائلاتهم لذلك تري هذه العمالة المنزلية مضت علي العمل معهم عشرات السنين البعض أفراد العائلات يزورون خدمهم في بلدانهم ويطلعون علي منازلهم التي اشتروها من رواتب العمل معهم وتبقي حكاية أو سالفة خفيفة علي القلب عن العمالة المنزلية والعلاقة الحنينة والطيبة بين المخدوم والخادم عندما يسافر الخادم إلي بلده يأخذ معه صورة لعائلاتهم لتذكرهم وأذكر أن أحد الأطفال تعلق بثياب مربيته وبكي عندما سافرت ووالدته تغطيه في فراشه عند نومه بثياب هذه المربية بعد غسلها وتنظيفها ليسكت عن البكاء وسلامتكم .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت