القاضي والقرارات التي يصدرها ومسؤولية تنفيذها / كاظم الجوراني

يجلب انتباهي في كثير من الاحيان عتب المواطنين وعتب بعض خطباء المنابر الدينية وعلى وجة الخصوص بعض خطباء الجمعة (حفظهم الله وابقاهم ) وهم بالتأكيد معذورون انطلاقاً من حرصهم على استقرار امن المواطن وضرورة استتباب الامن العام للبلد وقد علمنا اهلنا بأن العتب لا يأتي الا ممن نحب والا فأن من لا يحب لا يعتب وانما يهاجم والمهاجم يرمي الحجارة واينما وقعت وقفت فالمهم عنده انه عبر عن سخطه بهذا الهجوم وكفى.

ولكي نكون موضوعيين في طرحنا فأن ذلك يتطلب منا قليلاً من الصبر والأناه وعدم التسرع عملاً بالحكمة المعروفة في التأني سلامة وفي العجلة ندامة ولو ان الصبر مطلوب ومندوب في كل الحالات وهذه ما اكد عليه القرأن الكريم في كثير من الأيات والسور ومازال هناك اضعاف ماذكرت في القرآن الكريم كلها تحث على الصبر والأناة وعدم الأستعجال .

وكما هو معروف فالصبر صبران صبر على ماتحب وصبر على ماتكره وفي ذلك تفضيل كبير لا اريد الخوض فيه لاننا لانريد ان يكون موضوعنا هذا مقتصراً على الصبر ونترك مااردنا قوله والدخول فيه وانما ذكرنا الصبر فقط ليكون مدخلاً صحيحاً وسليماً لموضوعنا .

وبدءاً اقول ليس كل مايعلم يقال ولاكل ما يقال حقيقة ولا كل حقيقة مقبولة ويتسائل البعض كيف؟ولنترك الاولى والثانية ونمسك بالثالثة من كل حقيقة مقبولة ذلك ان كثير من الحقائق تتعارض وقناعات البعض من الناس ممن لاتروق لهم تلك الحقيقة وفي هذا تفصيل كثير ليس هذا محله ونكتفي بما قاله امير البيان ويعسوب المؤمنين الأمام علي (ع) في قوله ماترك لي الحق من صديق قط!!

وانطلاقاً من هذه النقطة نقول انه من الصعوبة بمكان وجود قاض مرضي عليه كل الرضا او ارضي كل الناس ذلك انه يصدر قرار حكمه بموجب قناعته القانونية وما يتوفر تحت يده من ادلة اتهام او براءة ومما يسمع من بينات شهود والاثبات والنفي ثم يخلو لنفسه ان كان منفرداً او مع هيئته ان كان ضمن هيئة محكمة مكونة من ثلاثة قضاة او خمسة او سبعة وهكذا ومن ثم يصدر قرار الحكم بالأدانة او البراءة او اطلاق السراح بكفالة او بدونها لعدم توفر ادلة كافية للأدانة ولحين توفرها.

نتوقف عند هذه اللنقطة لندخل في موضوع تسلسل المحاكم وبشكل مبسط للغاية ذلك ان عهد صدام حسين قد اوجد بعد المحاكم الخاصة التي تكون قرارتها قطعية او الاعتراض بأي شكل من الاشكال ومنها محاكم الامن ومحاكم المخابرات والمحكمة الخاصة لوزارة الداخلية وهذه المحاكم عندما تصدر قراراتها فأن تلك القرارات قطعية وغير قابلة للتمييز او الأعتراض وواجبة التنفيذ فوراً وبذلك يذهب الكثير ممن ساقه حظه العاثر من المحكمة الى السجن مباشرة او الى (المقصد) ان كان الحكم قد صدر بالأعدام وفي قضية التجار التي عرضت على شاشة التلفزيون حيث تم القاء القبض على مجموعة من التجار في عهد صدام واحيلوا للتحقيق والمحاكمة وصدور قرار الأدانة والتنفيذ بهم خلال اربع وعشرين ساعة او ربما اقل من ذلك كون البعض منهم مات خلال التحقيق والتعذيب وسوء المعاملة وادخل اسمه ضمن المحكوم عليهم رغم انهم ماتوا ولم يصلوا الى قاعة المحاكمة الذي نفذ فوراً ولذا فأن خذه المحاكم لامحاكم فوقها وقراراتها قطعية فاصلة لا تقبل الطعن والتمييز وهذا خلاف مبادئ حقوق الانسان والقوانين الدولية واحدث شرخاً كبيراً في عدالة المحاكم والقضاء انذاك.

ورغم ان ذلك ادى الى الخوف والرعب وبالتالي الحد من كثير من الجرائم التي يعاني منها المجتمع العراقي بالوقت الحاظر الا ان ذلك خال من العدالة والأنسانية وحق الانسان المتهم بالدفاع عن نفسه

وفي عهدنا هذه فقد ارادت الدولة وقيادتها نلاقي الطعون والأنتقادات في عدالة ما تصدر عن المحاكم من قرارات وايجاد قضاء عادل وفرصة للدفاع حتى لمن لا يستحق الرحمة والعدالة ممن عاث في الارض فساداً وسام الشعب والبلاد شتى صنوف القهر والظلم والأبادة الجماعية فقد أسست لقضاء عادل ذلك انه حتى المحاكم الخاصة اخضعت للطعن والتمييز واعطت الحق للمجرمين توكيل محامين عنهم كما شاهدنا ذلك عند محاكمة رموز العهد البائد ووصل الامر الى تطاول بعض المتهمين على رئاسة المحكمة بالقول النابي وكانت هيئة المحكمة صبورة وهادئة تستمع وبكل صبر و اناة لمن اسس للمقابر الجماعية وغيب خيرة ابناء شعبنا عن ما لم يسمح لهم حتى بأية محاكمة عادلة لسماع وجهة نظرهم

وانما سيقوا زمرا الى حتوفهم رغم انوفهم وقتلوا ودفنوا احياء في تلك المقابر الجماعية التي لم تخل منها محافظة من محافظات العراق اقول بكل من لاينصف القضاة في كل درجات القضاء سواء التابعة الى مجلس القضاء الأعلى ام تلك أسست بموجب قانون خاص ان القاضي سيصدر قراراة بالأدانة ووفق مواد القانون الذي يعمل به سواء بالأعدام او السجن المؤبد او الحبس او البراءة وهو ليس مسؤولاُ عن تنفيذه كون القانون قد حدد جهات التنفيذ لقرارات المحاكم وهي المسؤولة حصراً عن تنفيذ قرارات القضاة ولا علاقة بهذا الأمر مطلقاً فقد خرج من يده وهذه ما اثبته القانون والدستور لذا فأن القاضي بعد صدور القرار منه يصبح خارج حلقة التنفيذ ولا يوجه اللوم له في ابطاء التنفيذ .

فلننصف القضاء ونكرمهم على شجاعتهم ولنعتز بأستقرارهم وعدم رضوخهم لاية صغوط من خارج السلطة القضائية فهم صوت العدالة الناطق ولايستحقون منا كل هذا النقد والترقيع واذا تلكأ احد منهم فهناك الجهات الرقابية في مجلس القضاء او الجهات القضائية العليا في المحاكم الغير التابعة لمجلس القضاء هي التي تحاسبهم والقاضي الذي لا يحاسب نفسه قبل لان يحاسب ولا يزن عمله ولايزن عمله قبل ان يوزن عليه لا يلح ان يكون قاضياً اصلاً واذا لجأ القاضي الى الصبر والأناة وطول النفس كون رسول الله (ص) يقول كل ثلاثة قضاة اثنان في النار وواحد في الجنة وكل قاض يخشى على نفسه ان يكون احد هذين الثنين بسبب تعجله وعدم صبره وطول اناته وسوء احكامه.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت