جرائم التزوير في السعودية

جرائم التزوير في المملكة العربية السعودية

وفقاً لنظام مكافحة التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم 114 بتاريخ 26/11/1380هـ

والمعدل بالمرسوم الملكي رقم 53 بتاريخ 5/11/1382هـ

تمهيد وتقسيم

“التزوير هو تغيير الحقيقة في بيان جوهري في محرر بإحدى الطرق التي نص عليها النظام تغيراً من شأنه أن يحدث ضرراً بالغير مع نية استعمال المحرر فيما زور من أجله”.

من التعريف السابق يتضح أن التزوير كجريمة تتطلب توافر عدة شروط مفترضة وعدة

أركان:

1- الشروط المفترضة في جريمة التزوير:

أ- أن يقع تغيير الحقيقة في محرر

ب- أن يقع التغيير على بيان جوهري

2- الركن المادي للتزوير يتمثل في:

أ- تغيير الحقيقة:

ب- أن يقع التغيير بإحدى الطرق المنصوص عليها نظاماً

ج- أن يكون من شأن تغيير الحقيقة إحداث ضرر بالغير

3- الركن المعنوي للتزوير يتمثل في:

أ- القصد الجنائي العام (العلم والإرادة)

ب- القصد الجنائي الخاص (نية استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله).

المبحث الأول

الشروط المفترضة في جريمة التزوير

المطلب الأول : شرط المحرر:

يجب أن يقع التزوير في محرر، وهذا مستفاد من نص المادة الخامسة من النظام التي تتكلم عن “المخطوطات والأوراق والشهادات والسجلات والمستندات…الخ”. والمحرر لا يعدو أن يكون إلا “كل مسطور أو مكتوب يتضمن كلمات وأرقام نتقل به الفكر من شخص للأخر ويترتب عليها أثر قانوني”.

فلا يصح أن يكون المحرر مكوناً من أرقام فقط، كما هو الحال بالنسبة لعدادات حساب الاستهلاك مثل عدادات الكهرباء أو المياه أو السيارات، وكذا أرقام شاسيهات السيارات.

ولا يعد من قبيل المحررات النقود أو الأختام أو العلامات التجارية أو الماركات أو شرائط الكاسيت أو شرائط الفيديو…، فهي ليست محررات ولا تسري عليها أحكام التزوير، ولكن تغيير الحقيقية فيما يكتب عليها من بيانات يمكن أن تسري عليها أحكام حق المؤلف. ولا تعتبر الكتب والمؤلفات محررات، وبالتالي فإن من يغير اسم صاحب المؤلف ويكتب اسمه مكانه لا يرتكب جريمة التزوير بل يخالف حق المؤلف الذي تعاقب عليه بعض الأنظمة.

وإذا وقع التزوير على محرر فلا يهم، بقاء المحرر موجوداً، أو لغته أو نوع الكتابة عليه، أو طبيعته، أو الدعامة التي تحمله.

وتجدر الإشارة أنه قد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 3 بتاريخ 3/1/1406هـ كي يعتبر المساس بالصور الشمسية على المحررات الرسمية وغير الرسمية بأي طريقة جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة من نظام مكافحة التزوير.

وتوضح المادة 14 من النظام أنه:

– تعد صور المحررات التي تبدو أنها أصل بذاتها محررات أصلية في تطبيق أحكام هذا النظام.

– كل من زوَّر الصور الضوئية أو المستندات المعالجة آلياً أو البيانات المخزنة في ذاكرة الحاسب الآلي أو على شريط أو أسطوانة ممغنطة أو غيرها من وسائط، أو استعملها وهو عالم بتزويرها يعاقب بالعقوبات الواردة في هذا النظام.

المطلب الثاني: شرط البيان الجوهري

يجب أن يكون تغيير الحقيقة في المحرر قد وقع على بيان جوهري من بياناته، ويعتبر البيان جوهرياً في حالة توافر أي من المعايير الثلاثة التالية:

1- معيار الإثبات: إذا كان المحرر معداً لإثبات بيان معين، فإن هذا البيان يعتبر جوهريا؛ فجواز السفر معد لإثبات الاسم والجنسية والسن، وكذلك بطاقة الأحوال. وشهادة الميلاد معدة لإثبات واقعة الميلاد والتسمي باسم معين من أب وأم معينين في مكان معين وفي تاريخ معين.وشهادة الجنسية كذلك معدة لإثبات اسم معين له جنسية معينة. وشهادة الراتب معدة لإثبات أن شخصاً معينا يتقاضى راتباً معيناً من جهة معينة وليست معدة لإثبات الجنسية.

2- توليد عقيدة مخالفة: إذا كان البيان الوارد في المحرر من شأنه أن يولد عقيدة مخالفة للواقع عند من يطلع عليه، فإنه يعتبر جوهرياً. فمن يطلع على وثيقة زواج يتولد لديه اعتقاد أن اسم رجل معين متزوج من امرأة معينة في تاريخ معين، ويصدق أن المرِأة خالية من الموانع الشرعية. فإذا اتضح أن المرأة لا تزال في عصمة رجل آخر أو أنها كانت مطلقة في عدة زوجها ولم تنقض تلك العدة، فإن العقد يعتبر مزوراً.أما بيان أن الزوجة “بكر” فإن المطلع على عقد الزواج لا يصدق بالضرورة أنها بكر، لأن الشخص العادي لا يصدق بالضرورة مثل هذا البيان في العقد. لذلك فإن هذا البيان ثانوي. كذلك فإن البيان الخاص بمهنة الزوج والمدون في وثيقة الزواج ليس إلا بياناً ثانوياً لا يقع بالكذب فيه جريمة التزوير.

3- معيار الأثر القانوني: إذا كان النظام يرتب أثراً معيناً على بيان معين، فإن هذا البيان يعد جوهرياً.ففي وثيقة الزواج يعتبر البيان الخاص بمؤخر الصداق مولداً للأثر قانوني مؤداه التزام معين على الزوج، وحقوق معينة للزوجة، وبالتالي فهو بيان جوهري يقع بتغيير الحقيقة فيه جريمة التزوير، كما لو اتفق الزوج والولي على أن يكون مؤخر الصداق مبلغاً معيناً، غير أن الولي اتفق مع المأذون على كتابة مبلغ أكبر مما اتفق عليه.

المبحث الثاني

الركن المادي في جريمة التزوير

يتكون الركن المادي لجريمة التزوير من نشاط إجرامي، مؤداه تغيير الحقيقة، على أن يقع هذا النشاط بطرق معينه، مرتباً لنتيجة معينه هي احتمالية الإضرار بالغير.

المطلب الأول : تغيير الحقيقة:

لما كان جوهر التزوير هو الكذب، فإنه لا يتصور وقوع جريمة التزوير بدون تغيير الحقيقة. فإذا لم يقع تغيير في الحقيقة فلا تزوير ولو كان الفاعل يظن أن ما أثبته مغاير للحقيقة. كمن يصحح اسم ورد خطأً في المحرر، أو يساعد مريضاً على إمضاء وصيته ممسكاً بيده. والراجح أنه لا تزوير إذا حصل تغيير الحقيقة من صاحب الحق في التغيير. كالمدين الذي يغير في محتوى سند الدين قبل تسليمه للدائن. وهنا يثور التساؤل عن حكم الصورية في العقود وتغيير الحقيقة في الإقرارات الفردية.

1- حكم الصورية في العقود:

يقصد بالصورية تغيير الحقيقة في محرر باتفاق أطرافه. والأصل أن الصورية لا تعتبر تزويراً سواء كانت صورية مطلقة أو نسبية. ما لم يترتب على تلك الصورية مساس بحق مقرر للغير. من ذلك أن يكتب أب لابنته عقداً ببيع أملاك له مع أنها لم تدفع الثمن، وهو بذلك يقصد حرمان أخيه من الميراث لأنه لم ينجب ابناً. ومن ذلك أيضا أن يكتب الطرفان في عقد بيع ثمن للعقار يزيد عن ثمنه الحقيقي حتى يمنعا الجار من المطالبة بالشفعة. أو أن الطرفان الثمن في العقد بغية التهرب من الرسوم المستحقة للدولة عند توثيق العقد.

2- حكم الكذب في الإقرارات الفردية:

يقصد بالإقرارات الفردية كل ما يصدر عن الشخص من جانب واحد فيما يتعلق بمركزه الشخصي (مهنته – حالته العائلية – مكاسبه المادية…الخ). كمن يتقدم بطلب إلى الجامعة يثبت فيه – على غير الحقيقة – أن ظروفه المادية صعبة بغية الحصول على معونة. أو التاجر الذي يقدم إقراراً ضريبياً يثبت فيه مبلغاً يقل عما حققه من أرباح، أو من يتقدم ببيان إلى الجمارك ذاكراً فيه قيمة أقل لبضائعه المستوردة.

والأصل أن الكذب في الإقرارات الفردية لا يعتبر تزويراً لأن الإقرار الفردي مازال خاضعاً للتدقيق والفحص والمراجعة.

غير أن الكذب في الإقرارات الفردية يسري عليه وصف التزوير في الحالات التالية:

أ- إذا كان مركز المقرر أقرب لمركز الشاهد (كالإقرار في وثائق الزواج والطلاق ودفاتر المواليد والوفيات).

ب- انتحال شخصية الغير في الإقرار الفردي.

المطلب الثاني: طرق التزوير

يجب أن يتم التزوير بإحدى الطرق التي نص عليها النظام؛ وهذه الطرق إما أن تكون مادية وإما أن تكون معنوية. وهكذا يمكن التحدث عن التزوير المادي والتزوير المعنوي.

1- التزوير المادي:

يقصد بالتزوير المادي ذلك التزوير الذي يقع بوسيلة مادية ويترك أثراً ملموساً على المحرر. وقد يرد عن إنشاء المحرر أو بعد إنشائه. ونصت على طرق التزوير المادي المادة الخامسة والمادة الحادية عشرة من نظام مكافحة التزوير.

أما طرق التزوير المادي فهي:

أ‌- وضع إمضاءات أو أختام أو بصمات مزورة.

ب‌- تغيير أو تحريف المحررات أو الإمضاءات أو الأختام.

ت‌- وضع أسماء غير صحيحة أو غير حقيقية.

ث‌- الاصطناع.

ج‌- التقليد.

ح‌- إتلاف المحرر.

2- التزوير المعنوي:

التزوير المعنوي هو تغيير المحرر بطريقة لا تترك أثراً ملموساً على المحرر، ولا يتم إلا عند إنشاء المحرر.

وطرق التزوير المعنوي هي:

أ‌- تغيير إقرارات أولى الشأن.

ب‌- إثبات أمور كاذبة على أنها صحيحة أو معترف بها.

ت‌- إساءة التوقيع على بياض.

المطلب الثالث : أن يكون من شأن تغيير الحقيقة الإضرار بالغير:

الضرر هو كل مساس بحق أو مصلحة يحميها القانون. ويترتب على انتفاء الضرر من تغيير الحقيقة الذي وقع في المحرر عدم وقوع جريمة التزوير. ولا يشترط أن يقع ضرر فعلي بل يكفي مجرد احتمالية وقوع الضرر. فمن قدم شيك مزور للمحكمة وكشف الخبير أنه مزور ورفضت الدعوى، يرتكب جريمة تزوير لأنه كان من المحتمل أن تقبل المحكمة الشيك وتحكم به على المدعى عليه. وبالتالي إذا لم يكن الضرر محتملاً فإنه لا تقع جريمة التزوير، ويترتب على أنه:

– لا تزوير إذا كان الكذب في المحرر مفضوحاً لا ينخدع به أحد.

– لا تزوير في حالة إذا لم يكن لدى الجاني نية استعمال المحرر المزور.

– لا تزوير إذا كان الحق الذي اصطنع المحرر لإثباته ثابتاً قطعاً.

– لا تزوير إذا نسب سند الدين لشخص وهمي لا وجود له.

ويستوي أن يكون الضرر مادياً أو أدبياً، أو أن يكون عاماً أو خاصاً، أو أن يكون حالاً أو محتملاً.

المبحث الثالث : الركن المعنوي في جريمة التزوير

جريمة التزوير جريمة عمدية يتكون الركن المعنوي فيها من القصد الجنائي. وبالتالي لا يعرف النظام جريمة تزوير غير عمدية تقع بإهمال أو تقصير. وهذا القصد مزدوج في تلك الجريمة، فيلزم توافر القصد العام، إلى جانب توافر القصد الخاص.

ويتشكل القصد الجنائي العام من العلم والإرادة. فيلزم أن يعلم الجاني أنه يقوم بتغيير الحقيقة. وعلى المحكمة أن تتثبت من العلم اليقيني لدى الجاني بذلك. كما يجب أن يعلم الجاني أن من شأن هذا التغيير أن يرتب ضرراً للغير، ولا يشترط هنا العلم اليقيني، بل يكفي أن يكون في وسع الجاني أن يعلم ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أن العلم بأن التغيير في الحقيقة قد وقع في محرر، وأن التغيير قد وقع بإحدى الطرق المنصوص عليها نظاماً ليس إلا علم مفترض، لأنه علم بالقانون، الذي لا يقبل إثبات العكس.

وبالإضافة إلى القصد الجنائي العام يلزم توافر قصد جنائي خاص وهو نية الجاني في استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله. فإذا كانت نية الفاعل من تزوير المحرر هي استعراض مهارته في التزوير فإن جريمة التزوير لا تتوافر . وليس من عناصر القصد الجنائي الخاص أن يتوافر لدى الجاني نية الإضرار بالغير. وإذا تحقق القصد الجنائي بعنصرية السابقين فلا عبرة بالبواعث على التزوير.

المبحث الرابع

صور التزوير المعاقب عليه

عاقب المنظم على خمس صور للتزوير هي على النحو التالي:

المطلب الأول: التزوير في محرر رسمي (المادتان 5، 6 من النظام):

التزوير في محرر رسمي قد يقع من موظف، وقد يقع من غير موظف.

1- التزوير في محرر رسمي من موظف (م. 5):

لقيام تلك الجريمة يلزم فوق الأركان العامة لجريمة التزوير أن تتوافر العناصر التالية:

أ- أن يقع التزوير في محرر رسمي:

يقصد بالمحرر الرسمي المحرر الذي يحرره موظف عام مختص أو يتدخل ليسبغ عليه الصفة الرسمية وفقاً لما تقضي به الأنظمة واللوائح. ومن ذلك (الصكوك الرسمية – الشهادات الدراسية – الأوراق المالية…الخ). والعبرة لا بوقت تحرير المحرر وإنما بما تصير إليه الورقة بعد تحريرها. فالموظف العام إذا اعتمد المحرر العرفي فينقلب المحرر العرفي إلى محرر رسمي، مثال ذلك إشعار الوصول إلى البلاد الذي يحرره الراكب ويتضمن بيانات عن نفسه ويقوم ضابط الجوازات بختمها فيتحول إلى محرر رسمي. مثال ذلك أيضا عقد البيع إذا تم توثيقه في كتابة العدل، فهو يبدأ أولاً كمحرر عرفي ثم عند توثيقه ينقلب إلى محرر رسمي.

ب- أن يقع التزوير من موظف مختص:

يلزم أن تقع تلك الجريمة من موظف مختص وفقاً لما تقرره الأنظمة واللوائح. ويقصد بالموظف هنا فوق الموظف العام بالمعنى الذي يقرره القانون الإداري، كل من بيده نصيب من السلطة العامة.

وإذا توافرت تلك العناصر استحق الجاني عقوبة السجن من سنة إلى خمس سنوات.

2- التزوير في محرر رسمي من غير موظف: (م.6):

إلى جانب توافر العناصر العامة في جريمة التزوير يجب أن تتوافر العناصر الآتية لقيام تلك الجريمة:

أ- أن يقع التزوير في محرر رسمي بالمعنى السابق.

ب- أن يقع التزوير من غير موظف.

ويقصد بذلك الشخص الذي لا يتبع الدولة وليس بيده نصيب من السلطة العامة. وكذلك من توافر في ذلك لكنه غير مختص بتحرير المحرر أو إسباغ الرسمية عليه.

وإذا تحققت تلك العناصر استحق الجاني عقوبة أصلية هي السجن من سنة إلى خمس سنوات، فضلاً عن غرامة وجوبية من ألف ريال وبحد أقصى عشرة ألاف ريال.

المطلب الثاني: التزوير في محرر عرفي (م. 10):

يقصد بالمحرر العرفي ذلك المحرر الذي لا يحرره موظف مختص أو يتدخل في إسباغ الرسمية عليه. وقد أسمى المنظم المحررات العرفية سندات والوثائق الخاصة. مثال ذلك عقود البيع – الشيكات المحررة من الساحب – سندات الدين ….الخ.

وإذا وقع التزوير في محرر عرفي كانت العقوبة هي السجن من سنة إلى ثلاث سنوات.

المطلب الثالث: استعمال المحررات المزورة (م.6):

التزوير جريمة مستقلة عن جريمة استعمال المحرر المزور، ويترتب على ذلك عدة نتائج هي:

أ‌- يعاقب المزور ولو لم يستعمل المحرر في الغرض الذي زور من أجله.

ب‌- يعاقب من استعمل المحرر المزور وهو عالم بالتزوير ولو لم يساهم في التزوير بحسبانه فاعلاً أو شريكاً.

ت‌- يعاقب من يستعمل المحرر في المملكة ولو كان فاعل التزوير مجهولاً أو وقعت خارج المملكة أو كان غير معاقب لسبب الأسباب أو انقضت الدعوى الجزائية قبله.

ث‌- إذا ارتكبت جريمة التزوير ممن استعمل المحرر يكون مرتكباً لجريمتين ويعاقب بأشدهما وفق مبدأ التداخل.

ويتحدد نطاق تلك الجريمة في المحررات أياً كان نوعها، سواء رسمية أو عرفية (قرار مجلس الوزراء رقم 223 وتاريخ 24/8/1399هـ)، كما أنها لا تشترط صفة في فاعلها، فيمكن أن تقع من موظف أو غير موظف.

وتتكون هذه الجريمة من ركن مادي وركن معنوي. أما الركن المادي فيتمثل في عنصر استعمال المحرر المزور، الذي يسبقه عنصر مفترض وهو وجود محرر مزور. ويقصد بالاستعمال الاحتجاج بالمحرر لدى الغير، أي طرحه في التعامل، كتقديم جواز السفر لسلطة المطار، أو تقديم شهادة التخرج للحصول علي قرض أو للتوظف. ويستوي أن يعلم من يحتج قبله بالمحرر بالتزوير أم لا. كما يستوي أن يقبل الغير المحرر أو يرفضه. كما يستوي أن يرد الاستعمال على أصل المحرر أو صورة مطابقة له.

أما الركن المعنوي في تلك الجريمة فيتمثل في القصد الجنائي العام وهو العلم بكون المحرر مزور وتوافر إرادة طرحه في التداول رغم هذا العلم. وهذا العلم يفترض إذا وقع الاستعمال ممن زور المحرر. ولا عبرة بالبواعث على هذا الاستعمال. كما أنه إذا جهل الشخص تزوير المحرر في البداية ثم علم بذلك بعد فترة واستمر في استعمال المحرر فإن الجريمة تقوم لأنها من النوع المستمر.

وتتمثل عقوبة تلك الجريمة في السجن من سنة إلى خمس سنوات إلى جانب الغرامة الوجوبية من ألف ريال إلى عشرة ألاف ريال. وهذه العقوبة تتقرر سواء وقع الاستعمال من موظف أو غير موظف، وسواء ورد الاستعمال على محرر رسمي أو عرفي.

المطلب الرابع: جرائم التزوير ذات العقوبة المخففة:

هذه الجرائم استثناء من المواد الخامسة والسادسة والعاشرة من النظام، وبالتالي لا يتوسع في تفسيرها ولا يقاس عليها. وجاء النص على تلك الجرائم المادتان 8 ، 9 من نظام مكافحة التزوير.

1- التزوير في الوثائق والشهادات الطبية من المختص بتحريرها (م.8):

ولقيام تلك الجريمة يتعين توافر العناصر التالية:

أ‌-أن تكون الشهادة أو البيان أو الوثيقة صادرة من موظف عام أو مكلف بخدمة عامة أو مهنة طبية أو صحية.

ب‌-أن يكون هذا الموظف مختص بتحرير المحرر.

ت‌-أن يكون موضوع الوثيقة أو الشهادة أو البيان مخالفاً للحقيقة.

ث‌-أن يكون تغيير الحقيقة يرتب عليه فعلاً جلب منفعة غير مشروعة أو إلحاق ضرر بأحد الناس (كشهادة بأجازة مرضية – شهادة لخصم في دعوى).

ج‌-أن يتوافر القصد الجنائي الهام بغض النظر عن البواعث وراء إعطاء الشهادة وسواء كانت مجاملة أو بمقابل.

وإذا توافرت هذه العناصر كانت العقوبة هي السجن من 15 يوم إلى سنة.

2- التزوير في الوثائق أو الشهادات الطبية من غير المختص بتحريرها (م. 9):

ولقيام تلك الجريمة يلزم توافر العناصر السالف ذكرها عدا شرط الاختصاص الوظيفي بمنح الشهادة أو البيان المخالف للحقيقة. فإذا توافرت تلك العناصر كانت العقوبة هي السجن من 6 شهور إلى سنتين والغرامة الوجوبية من 100 ريال وبحد أقصى ألف ريال.

3- التزوير في وثائق إثباتات الشخصية وتأشيرات الدخول أو الخروج من المملكة (م. 9)

تقوم هذه الجريمة على العناصر التالية:

أ‌-أن يكون مرتكب تلك الجريمة أحاد الناس ممن لا يتوافر لديهم الاختصاص الوظيفي بتحرير تلك الوثائق. فإذا وقع التزوير من مختص بتحرير تلك الوثائق طبقت عليه أحام المادة الخامسة من النظام.

ب‌-أن يتعلق التزوير بوثائق محددة كحفائظ النفوس – وجوازات السفر – ورخص الإقامة – وتأشيرات الدخول والخروج من المملكة.

ت‌-القصد الجنائي العام.

فإذا توافرت تلك العناصر كانت العقوبة هي السجن من ستة أشهر وبحد أقصى سنتان وغرامة وجوبية من 100 ريال إلى ألف ريال.

ويلزم التنويه أنه يعفى من العقوبات المنصوص عليها في المادتان 8 ، 9 من “أقر بالجريمة قبل استعمال الوثيقة وقبل بد الملاحقة”.

المطلب الخامس: جرائم التزوير ذات العقوبة المشددة:

تنص المادة 13 من نظام مكافحة التزوير أن “كل من زوَّر بطاقة وفاء أو سحب مما تصدره البنوك أو المؤسسات المالية المرخصة، بأن اصطنعها أو قلدها أو غيَّر بياناتها أو غيَّر في الصورة التي عليها أو استبدل فيها صورة شخص بآخر، أو اشترك في ذلك بطريق التحريض أو الاتفاق أو المساعدة ، أو استعمل البطاقة المزورة مع علمه بذلك في الغرض الذي أعدت من أجله ، بالاحتجاج بها لدى الغير ، أو استخدامها آلياً ولو لم يتحقق الغرض من الاستخدام ، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات أو بغرامة لا تزيد على خمسين ألف ريال أو بهما معاً”.

ونشير في الختام إلى أن المادة الثانية عشرة من نظام مكافحة التزوير تنص أنه “على الجهة المختصة بالحكم في جـرائم التـزوير الحكم بغرامة لا تتجاوز عشرة ملايين ريال، أو بالحرمان من الدخول مع الوزارات أو المصالح الحكومية أو الأجهزة ذات الشخصية المعنـوية العامة في عقود لتأمين مشترياتها وتنفيذ مشروعاتها وأعمالها أو بهاتين العقوبتين على أية شركة أو مؤسسة خاصة وطنية أو أجنبية أدين مديرها أو أحد منسوبيها في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام إذا ثبت أن الجريمة ارتكبت لمصلحتها، ولمجلس الوزراء إعادة النظر في عقوبة الحرمان المشار إليها بعد مضي خمس سنوات على الأقل من صدور الحكم”.

والبين من هذا النص أنه يقضي بعقوبة تكميلية وجوبية بشأن الأشخاص الاعتبارية الخاصة تتمثل إما في الغرامة وإما في الحرمان من القيام ببعض الأعمال لصالح الدولة، وذلك متى ارتكبت جريمة التزوير من مدير الشخص الاعتباري أو أحد منسوبيه، وكانت الجريمة تعود بالمنفعة على هذا الشخص الاعتباري، شركة كان أو مؤسسة.

منقول لأمانه النشر

عن د. أحمد لطفي السيد مرعي