معلومات قانونية هامة حول الإشكال في التنفيذ .

الاشكال في التنفيذ
لم يعرف المشرع منازعات التنفيذ، والراجح في الفقه إنها منازعات تنشأ لمناسبة التنفيذ الجبري بحيث يكون هو سببها وتكون هي عارض من عوارضه.

وتختلف هذه المنازعات عن العقبات المادية التي يلقاها مأمور التنفيذ أثناء التنفيذ ويزيلها سواء بنفسه أو بالاستعانة بالسلطة العامة إعمالاً للصيغة التنفيذية والتي لا تحتاج إلى أن يفصل فيها القضاء، ومن أمثلة هذه العقبات المادية وجود مكان التنفيذ مغلقاً أو تعرض المدين لمأمور التنفيذ عند التنفيذ ومنعه بالقوة من إتمامه وغير ذلك.

ويجوز لكل ذي شأن أن ينازع في التنفيذ، فالمنفذ ضده له أن ينازع في التنفيذ ومن امثلة المنازعات التي قد يرفعها طلب بطلان إجراءات التنفيذ أو طلب وقف التنفيذ مؤقتاً أو طلب الحد من التنفيذ كدعوى الإيداع والتخصيص ودعوى قصر الحجز وطلب تاجيل أو وقف البيع، كما أن لطالب التنفيذ أن ينازع فيه رغم أن ذلك قد يبدو غريباً.

كذلك يجوز للغير أن ينازع في التنفيذ إذا أدى إلى المساس بحق من حقوقه ومثال على ذلك أن يوقع الحجز على مال مملوك له فيطلب تقرير ملكيته للمال المحجوز وتقرير بطلان الحجز عليها تبعاً لذلك بأن يرفع دعوى استرداد المنقولات المحجوزة أو دعوى استحقاق فرعية إذا كان المال المحجوز عقاراً.

ويقسم الفقه منازعات التنفيذ وفقاً لطبيعة الحكم المطلوب صدوره فيها إلى نوعين :

منازعات موضوعية وتسمى الإشكالات الموضوعية وهي التي يطلب فيها حسم موضوع المنازعة كالحكم بصحة التنفيذ أو الحكم ببطلانه، ومنازعات وقتية وتسمى بالإشكالات الوقتية وهي التي يطلب فيها الحكم بإجراء وقتي حتى يفصل في موضوع المنازعة كالحكم بالاستمرار في التنفيذ حتى يحكم بصحته أو يحكم بوقف التنفيذ حتى يحكم ببطلانه.

كما أنه يطلق على هذه المنازعات الوقتية تعبير إشكالات التنفيذ وهي تتميز بأنه يترتب على مجرد رفعها التنفيذ مؤقتاً بينما لا يترتب على رفع المنازعات الموضوعية وقف التنفيذ بل لابد من صدور حكم فيها لصالح رافعها وذلك باستثناء دعوى استرداد المنقولات المحجوزة الأولى فرغم أنها منازعة موضوعية في التنفيذ إلا أنها يترتب على مجرد رفعها وقف التنفيذ.

تنص المادة 210 من قانون المرافعات على أن (( يرفع ما يعرض في التنفيذ من إشكالات إلى قاضي الأمور المستعجلة إذا كان المطلوب إجراء وقتياً.

أما موضوع هذه الإشكالات فيرفع إلى المحكمة المختصة وفقاً للقواعد العامة )).

كما وأنه يشترط لقبول الإشكال أن يرفع قبل تمام التنفيذ كما ورد في نص المادة 211 من قانون المرافعات على أنه: (( يجوز رفع الإشكال قبل البدء في التنفيذ، وتعين لقبول الإشكال أن يرفع قبل تمام التنفيذ، وينسحب الحكم الصادر بوقف التنفيذ على إجراءات التنفيذ الذي اتخذت بعد رفع الإشكال )).

ويعتبر الحكم الصادر فيه قضاءاً وقتياً مستعجلاً، ومن ثم ينبغي أن تتوافر ضوابط وشروط القضاء المستعجل سواء من حيث اختصاص قاضي الأمور المستعجلة وغير ذلك من شروط تفرضها الطبيعة المستعجلة للإشكال.

ومن أهم الشروط لقبول الإشكال في التنفيذ هي:

أولاً: أن يكون المطلوب إجراءاً وقتياً لا يمس أصل الحق:

وذلك بأن يقصد رافعه وقف التنفيذ أو الاستمرار فيه مؤقتاً دون المساس بأصل الحق، ولا يقبل الإشكال الذي يرفع بطلب موضوعي.

ويجوز لقاضي الأمور المستعجلة تحوير الطلبات ليستخلص من الطلب الموضوعي طلباً مستعجلاً يختص به، فيستخلص منه القاضي طلباً مؤقتاً بوقف التنفيذ ويحكم بذلك بوصفه قاضياً مستعجلاً.

ثانياً: الاستعجال:

لم ينص القانون على ضرورة توافر شرط الاستعجال في إشكالات التنفيذ، ولكن من المتفق عليه أن شرط الاستعجال مفترض في هذه الإشكالات ولا حاجة إلى إثباته، إذ أن إشكالات التنفيذ بطبيعتها مستعجلة فهي ترمي دائماً إلى رفع خطر محدق بالمستشكل.

ولكن هذا الافتراض ليس مطلقاً بل يقبل إثبات العكس، فيجوز للمستشكل ضده إثبات عدم توافر شرط الاستعجال وإن كان ذلك أمر صعب التصور ونادر الوقوع.

ثالثاً: يجب رفع الإشكال قبل أن يتم التنفيذ:

لأن الهدف من الإشكال هو وقف التنفيذ مؤقتاً أو الاستمرار فيه مؤقتاً، فإذا كان التنفيذ قد تم فإنه لا معنى لطلب وقفه ولا معنى أيضاً لطلب استمراره، وإنما يجوز طلب إبطال ما تم من إجراءات وهذا الطلب يعتبر منازعة موضوعية في التنفيذ ولا يعتبر إشكالاً.

رابعاً: رجحان وجود الحق:

يعتبر رجحان وجود الحق شرطاً أساسياً لأسباغ الحماية الوقتية، فإذا تخلف هذا الشرط فإنه لا يجوز الحكم بهذه الحماية، ويتقيد بهذا الشرط قاضي الأمور المستعجلة، وهو يستدل على رجحان وجود من ظاهر المستندات دون التعمق في بحثها بحيث لا يمس أصل الحق، فله أن يوقف التنفيذ متى رجح بطلانه من ظاهر المستندات.

خامساً: يجب أن يكون الاشكال مؤسساً على وقائع لاحقة للحكم المستشكل فيه:

إذ لا يجوز أن يؤسس الاشكال على وقائع سابقة على الحكم المستشكل فيه، لأن هذه الوقائع كان من الواجب إبدائها أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المستشكل فيه.

سادساً: يجب ألا يتضمن الإشكال طعناً على الحكم المستشكل في تنفيذه:

فلا ينبغي أن يؤسس الإشكال على تخطئة الحكم، فمثل هذه الإشكالات لا تقبل لأن ليس طريقاً من طرق الطعن في الأحكام، كما أن قاضي الأمور المستعجلة ليس جهة طعن، وما يعتري الحكم من عيوب لا يكون أمام ذي الشأن حيالها إلا أن يطعن على الحكم بطريق من طرق الطعن المختلفة.

وهناك طريقتين لرفع الإشكال وهما:

الطريقة الأولى: وهي الطريقة العادية المتبعة في رفع الدعاوي المستعجلة، وذلك بتقديم صحيفة تودع قلم كتاب المحكمة المستعجلة، وتتبع في شأنها الاجراءات الخاصة بالقضاء المستعجل، فبعد إيداع الصحيفة يتم إعلانها بعد ذلك المستشكل ضده طبقاً للقواعد العامة في الدعاوى المستعجلة.

الطريقة الثانية: وهذه الطريقة استثنائية وأكثر يسراً من الأولى، وتتمثل في إبداء الإشكال أمام مأمور التنفيذ عند إجراء التنفيذ، وهي الطريقة الأكثر شيوعاً في العمل، وهي جائزة أيا كان نوع التنفيذ سواء أكان مباشراً أو بطريق الحجز، وأيا كان محل التنفيذ منقولاً أو عقاراً، وأياً كان الشخص الذي توجه الإجراءات إليه فقد يكون المدين أو الغير، ومن الجائز أن يبدي الإشكال أمام مأمور التنفيذ أو شفاهة.

كما وأن للاشكال أثر على التنفيذ، فعند رفع أول إشكال يوقف التنفيذ فوراً، إذ توقف إجراءات التنفيذ بناء على هذا الإشكال بقوة القانون وقد نصت المادة 212 مرافعات، ويترتب هذا الأثر الأثر سواء رفع الإشكال بالطريق العادي أمام قاضي الأمور المستعجلة أو رفع أمام مأمور التنفيذ.

اما الإشكال الثاني، فإنه لا يوقف التنفيذ بمجرد رفعه بل يجب أن يصدر حكم من قاضي الأمور المستعجلة بالوقف، ويعتبر الإشكال إشكالاً ثانياً إذ قدم بعد رفع الإشكال الأول أو بعد رفع منازعة موضوعية موقفة للتنفيذ ولا يشترط لذلك أن يكون قد صدر حكم في الإشكال الأول أو في المنازعة الموضوعية، ولكن يشترط لاعتبار الإشكال اشكالاً ثانياً أن ينصب على ذات التنفيذ محل الإشكال الأول، أي أن يتعلق الإشكال الثاني بذات التنفيذ.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت