حق الدفاع عن النفس في الاتفاقية الأمنية العراقية

الكاتب : د. صلاح جبير البصيصي
باحث مشارك في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

أشارت الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من الاتفاقية الأمنية العراقية الأمريكية على إنه لا يوجد في هذه الاتفاقية أي نص يحد من حق الطرفين في الدفاع عن النفس كما تم تعريف هذا الحق في القانون الدولي النافذ.

لقد جاءت الفقرة أعلاه من أصل خمس فقرات أكدت على قيام قوات الولايات المتحدة وبطلب من حكومة العراق بردع كافة التهديدات الداخلية والخارجية ضد جمهورية العراق ولتعزيز التعاون مع القوات العراقية من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار وللقيام بعمليات عسكرية ضد تنظيم القاعدة والمجموعات الإرهابية الخارجة عن القانون وقد أكدت الفقرة الثانية من المادة الرابعة على إن جميع العمليات العسكرية يتم تنفيذها بموجب هذه الاتفاقية بموافقة حكومة العراق وبالتنسيق الكامل مع السلطات العراقية وتشرف على عملية التنسيق هذه لجنة مشتركة يتم تشكيلها بموجب الاتفاقية وأشارت الفقرة الثالثة إن تنفيذ تلك العمليات يتم بمراعاة الاحترام الكامل لدستور العراق والقوانين العراقية وأن يكون تنفيذ هذه العمليات متماشياً مع سيادة العراق والمصالح الوطنية وإن من واجب قوات الولايات المتحدة احترام قوانين العراق وأعرافه وتقاليده والقانون الدولي النافذ كما إن الفقرة الرابعة من المادة الرابعة بينت اتفاق الطرفين على مواصلة التعاون لتعزيز قرارات العراق الأمنية في التدريب والتجهيز والدعم اللوجستي.

وبالعودة إلى نص الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من الاتفاقية الأمنية والتي أكدت على حق الطرفين في الدفاع عن النفس فإنها قد قيدت باقي الفقرات الأربعة من المادة الرابعة إذ أن استخدام حق الدفاع عن النفس في الفقرة الخامسة من المادة الرابعة لا يتطلب من القوات العسكرية الأمريكية أخذ موافقة حكومة العراق في التصدي والرد على الهجمات التي تتعرض لها هذه القوات ومهما كانت الجهة الأخرى سواء كانت جهة داخلية أم خارجية وبالتالي يمكن أن يتم ممارسة حق الدفاع عن النفس دون مراعاة لقوانين وأعراف وتقاليد هذا البلد وحتى دون أي تنسيق يذكر مع القوات العراقية.

إن حق الدفاع عن النفس حق مشروع في القانون الداخلي والقانون الدولي ولا ينشأ هذا الحق إلا إذا كان هناك اعتداء مسلح فعلي ومباشر وواقع على نفس الشخص أو الدولة المعتدى عليها والتي ترتبط معها برباط المصلحة المشتركة.

وعليه يمكن القول بأن شروط استعمال الحق في الدفاع الشرعي في القانون الدولي نوعان:

النوع الأول:- شروط خاصة بالعدوان المسلح.
النوع الثاني:- شروط خاصة تتعلق بالدفاع عن النفس.

فمن أهم شروط العدوان المسلح:-

1. أن يكون هناك عدوان مسلح فعلي وغير مشروع.
2. أن يكون العدوان المسلح حالي ومباشر.
3. أن يقع العدوان على أراضي الدولة المعتدى عليها.
أما شروط الدفاع فهي:-
1. أن يكون الدفاع هو الوسيلة الوحيدة لصد العدوان.
2. أن يكون الدفاع موجهاً ضد مصدر العدوان.
3. أن يكون الدفاع الشرعي مؤقتاً لردع الاعتداء.
4. التناسب أي تناسب الوسيلة المستخدمة في الدفاع مع الوسيلة المستخدمة في الاعتداء.

وعليه ينظر للمعتدى عليه إن كان قد استخدم نفس الوسائل أو أقل منها لرد الاعتداء فيكون بالتالي معيار التناسب متحققاً فإن كان ما قام به زيادة عن فعل الاعتداء فإن هذا العمل يعتبر داخل في دائرة العدوان الذي يعطي لمن يتعرض له ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه.

وعليه فإن استخدام حق الدفاع الشرعي يجب أن يتم بمراعاة الشروط أعلاه ومن أجل ذلك لا يجوز التعسف باستعمال هذا الحق بحجج واهية كأسباب للتدخل العسكري من قبيل توجيه الضربات الاستباقية أو إن يغطى هذا الاعتداء بمصطلحات سياسية كفكرة حماية المصالح الحيوية أو الحروب الوقائية إن هذه المعايير السياسية قد تتناقض مع المعايير القانونية التي تجيز استخدام القوة في الحالات المذكورة أعلاه وعلى نطاق ضيق ولذلك قد انصبت الجهود الدولية للحد من اللجوء إلى القوة وأجازت ذلك في حالة الدفاع الشرعي فقط وبالتالي فإن استخدام القوة مشروع في هذه الحالة فالحقيقة يمكن أن تقال إن الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من الاتفاقية الأمنية تتطلب أن تراعي القوات العسكرية الأمريكية الشروط القانونية لاستخدام حق الدفاع الشرعي طالما أكدت نصوص الاتفاقية إن استخدام هذا الحق يتم وفق القانون الدولي النافذ.