الترويج بالعملة
المؤلف : نجيب محمد سعيد الصلوي
الكتاب أو المصدر : لحماية الجزائية للعملة

هو دفع العملة غير الصحيحة في التعامل ، والدفع في التعامل يعني جعل الجاني العملة في سيطرة شخص آخر بحيث يستطيع أن يتصرف فيها وقت ما يريد وهو في الغالب يطرحها بدوره في التداول ، وعلى هذا النحو يعني الترويج صيرورة العملة موضوعاً للتداول بين أفراد المجتمع كافة دون أن يكون في وسع أحد التحكم في ذلك(1). وبالترويج يتحقق غرض الجاني من التزييف ، والقانون يعاقب على جريمة الترويج مستقلة عن جريمة التزييف(2).

وقد كان المشرع العراقي ينص في المادة 161 .ع. ب. الملغي على حالة من يشتغل بترويج المسكوكات المزيفة والتعامل بها لحسابه الخاص بغير أن يكون في ذلك على اتفاق أو اشتراك في التزييف ، ولا مقابل لهذا الفعل في القانون الفرنسي وإنما استمد من القانون العثماني م/143 ، والإيطالي القديم م/258 والبلجيكي والمصري (م 202) قبل تعديلها بالقانون المرقم (98) لسنة 1956 الذي ألغى تجريم هذا الفعل ، ولذلك فانه يشترط هنا ان تتوافر سوء النية حين الأخذ وحين التعامل ، إما من كان حسن النية عند الأخذ فلا يعاقب بهذه المادة وان ساءت نيته بعد ذلك وعلم بالحقيقة فيعاقب بموجب نص هو م 163 .ع. ب. الملغي . ولما كان من المتفق عليه فقهاً ، أن فعل الترويج مجرماً مهما كان عدد القطع التي حصل تداولها ، وان المروج يعاقب بغض النظر عن كونه ق اتخذ من التعامل بها حرفة له أم لا سواءً أكان على اتفاق مع المزيف أم لا ، فإن إيراد القانون لعبارة (أو اشترك في الترويج تلك المسكوكات المزيفة) تدخل في معنى الترويج والنص عليها ، كان يعتبر تزييفاً من المشرع . وبالفعل فان القانون العراقي النافذ (الحالي) لم يأخذ بهذا التعبير(3).

والترويج جريمة متتابعة حسب طبيعتها وهي جريمة تقع بأفعال متعددة تجمع بينها وحدة الحق المعتد عليه ، وحدة الغرض الإجرامي والترويج يقوم على عدة أفعال متماثلة بعد كل منها جريمة بذاتها لها أركانها ، فيعاقب كل من تداولت يده النقد المزيف يوصف كونه مروجاً ما دام يعلم بالتزوير ويقصد إلى تصريف تلك العملة الزائفة ، وإيصالها إلى الجمهور عن طريق التعامل حتى وإن لم يكن له صلة بالمزيف، ولذلك يمكن بحسب الأصل أن ينعقد الاختصاص المكاني فيها لعدة محاكم ، لأنه يعتبر مكاناً للجريمة كل مكان يقع فيه أحد الأفعال الداخلة فيها ، ولذلك ونظراً إلى الارتباط بين أفعال الترويج فقد ترفع الدعوى في جرائم الترويج المتتابعة لعملة مزيفة من نوع واحد في صحيفة اتهام واحدة ، فتتجمع وقائع الترويج المختلفة التي حدثت في أماكن مختلفة وتضمها لتنظرها محكمة واحدة أو وهي إحدى المحاكم التي وقع في دائرتها أي فعل من أفعال الترويج(4). ولذلك يجب أن نبين الآتي :
أولاً. الترويج جريمة مستقلة
جريمة الترويج جريمة مستقلة عن جرائم التزييف ، وان كلاً منهما يمثل نشاطاً إجرامياً مغايراً للآخر ، ولو كان المروج نفسه المزيف ، فالمزيف يعاقب على جريمة التزييف ولو لم يروج العملة المزيفة ، أما إذا روجها فيعاقب على الجريمتين(5). ولهذا فانه قد يقضي ببراءة المتهم بالتزييف ، لانتفاء القصد الجنائي ولانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم مثلاً أو لأي سبب آخر دون ان يؤثر ذلك في سير الدعوى الجنائية الخاصة بجريمة الترويج . وتفترض هذه الجريمة أن العملة التي وضعت في التعامل قد زيفت فعلاً إلاّ أنه عند تقدير توافر التزييف يجب الاعتداد فقط بالركن المادي لها دون ركنها المعنوي ، فالذي يصنع أو يطبع أو يستعمل عملة لأحد الأغراض المشروعة وبعد حصوله على أذن من السلطة المختصة ن يقوم شخص آخر باستعمال هذه العملة من خلال وضعها في التعامل ، فإن الأمر يتطلب مساءلة هذا الأخير عن جريمة الترويج على الرغم من عدم توافر جريمة التزييف في حق الأول ، وهذا ما استقر عليه الأمر في جريمة استعمال المحررات المزورة أيضاً والسبب في هذا يعود إلى استقلال الجريمتين فكل من يرتكب هاتين الجريمتين يستمد إجرامه في فعله هو ، وحتى في الجريمة الواحدة فإن حسن نية أحد المساهمين لا يؤثر في مسؤولية المساهمين الآخرين في الجريمة(6).

ولذلك نجد ان بعض التشريعات على الرغم من اعترافها باستقلال فعل الترويج عن فعل التزييف ، وتفرق في العقوبة تبعاً لما إذا كان المروج قد اتفق مع المزيف أو لم يتفق ، فيعاقب على الحالة الأولى بعقوبة المزيف أو بعقوبة اشد ، وفي قانون العقوبات البلجيكي نجد نصاً خاصاً يقرر بأنه إذا كان الترويج قد قام به المزيف نفسه فإن عمله يعتبر متمماً أو مكملاً لفعل التقليد ، ولا يعاقب على ذلك بعقوبة خاصة (م 168 بلجيكي) (7). وفي القانون العراقي تعتبر جرائم الترويج مستقلة عن التقليد وتطبيق بالنسبة إلى كل من الجريمتين القواعد العامة في الاشتراك المنصوص عليها في القانون . ولهذا فان هذه الاستقلالية لا تنفي حقيقة أساسية وهي ان الترويج يعد الغاية التي يرمي إليها المزيف من التزييف ، فهو بالنسبة إلى التزوير استعمال المحرر المزور بالنسبة إلى جريمة التزوير ، إذ تتوافر لديه النية المحددة أو القصد الجنائي الخاص(8).
ثانياً. وسائل الترويج
لم يحدد القانون طريقة معينة للترويج ، فأي عمل توضع به العملة المزيفة في التداول يؤدي إلى انتشار تداولها في المعاملات يعد ترويجاً ، فالترويج كلمة فنية تعني توزيع الشيء المزيف كعملة او بديل للعملة على إنها صحيحة . ويمكن تقسيم أساليب ترويج العملة المزيفة إلى ترويج بالجملة وترويج بالتجزئة، وترويج عن طريق مبادلة العملة المزيفة بمتحصلات جريمة أخرى ، وفضلاً عن ذلك هناك ظروف مختلفة تحكم عمليات الترويج .
آ. الترويج بالجملة
تلجأ بعض العصابات بعد إنجاز عملية التزييف إلى التخلص من العملة المزورة دفعة واحدة أو على دفعات كبيرة ، وذلك ببيعها لأشخاص سيئ النية ، هم المروجون الأصليون ويكون البيع في هذه الحالة بثمن بخس وعلى هيئة مجموعات كل مجموعة مائة ورقة تهدف من ذلك التخلص من جسم الجريمة مرة واحدة (9).
ب. الترويج بالتجزئة
يقوم المزيف أو المروج الأصلي يعرض العملة المزيفة قطعة أو ورقة بنفسه في أماكن مختلفة ومتفرقة ويختار محلات السجائر ودور السينما ومحلات البقالة والباعة المتجولين والأوتوبيسات والسكة الحديد ، ولا يروج في مكان واحد إلاّ نادراً وهنا يتحمل مخاطر الترويج بنفسه ، وهذه الطريقة اكثر انتشاراً بالنسبة إلى العملة المعدنية المزيفة أو العملة الورقية صغيرة القيمة(10).
جـ. الترويج عن طريق مبادلة العملة الزائفة بمتحصلات جريمة أخرى
قد يلجأ المزيفون إلى ترويج العملات الورقية ذات الفئات الكبيرة لدى تجار المخدرات بل أن كثيراً منهم يهدف أساساً من القيام بعملية التزييف أن يشتري بها كميات كبيرة من المخدرات ، ويكون الأمر في نظره سهلاً حيث أن صفقات المخدرات تعقد بصفة سرية وفي الأماكن النائية ليلاً وبسرعة ويمكنه تصريف كمية كبيرة من العملة المزيفة وغالباً ما لا يفحص في المخدرات العملة للتأكد منها في مثل هذه الظروف وحتى أن اكتشفوا أمرها بعد عقد الصفقة يحجمون عن إبلاغ السلطات أو الاتصال بالشرطة خوفاً من ان ينكشف أمرهم .
د. ترويج مزدوج
هنا يقوم المزيف أو المروج الأصلي بترويج كمية كبيرة من العملة المزيفة عن طريق شراء مجوهرات أو حلي كبيرة القيمة أو ما يشبهه أو ما إلى ذلك ويدفع مقابلاً سعراً مغرياً يشجع على قبول البيع . وهناك ظروف تحكم عمليات ترويج العملة المزيفة ظروف وعوامل مختلفة منها نوع العملة المزيفة أي درجة إتقان تزييفها ، فالعملة المزيفة تزييفاً متقناً يسهل الترويج ويكون تداولها بين الناس ميسوراً ولا تكشف إلاّ في مرحلة متأخرة من مراحل ترويجها عن طريقة البنوك صيارف أو المؤسسات العامة وخبراء العملة وبذلك يحقق المزيف هدفه فيحصل على الأرباح التي يبتغيها كما يكون من الصعب اكتشاف أمره أيضاً كمية العملة المزيفة فان كمية العملة المزيفة إن كانت كبيرة فيواجه مخاطر كبيرة في ترويجها ، وكذلك قيمة العملة فإذا كانت العملة المزيفة ذات قيمة ضئيلة فانه يسهل ترويجها ، وكما هو الحال بالنسبة إلى العملة المعدنية أو أوراق النقد المساعدة ، حيث لا يهتم الناس عادة بفحص العملة صغيرة القيمة عند تقديمها إليهم للتعامل بها(11). لذلك فان اغلب التشريعات تعتبر وسائل الترويج هو وضع العملة المزيفة في التعامل أو أي عمل يؤدي إلى انتشار هذه العملة بين الناس(12). ويعتبر ترويجاً أيضاً إلقاء العملة المزيفة للجمهور أو تركها في محل عام دون بيان تزييفها وكذلك دفع العملة على سبيل الضمان والوفاء أو القرض. ولذلك فقد حدد الفقه الإيطالي وسائل الترويج بوسيلتين :
1. الصرف .
2. الدفع في التداول
ويقصد بالصرف إعطاء العملة المزيفة لشخص بمقابل ، ولكي يكفي في دفع العملة في التداول أن تخرج من حيازة مقتنيها حتى ولو كان ذلك دون مقابل . وفعل الصرف يتكون من تسليم العملة لشخص لا يعلم أنها مزيفة ، والمقصود بالدفع في التداول هو مثل استبدال العملة المزيفة بقيم أخرى أو هبتها أو تقديمها كجائزة أو تسليمها للآخرين يعلمون أو لا يعلمون بتزييفها ليمكنهم صرفها ، فيعتبر ترويجاً إعطاؤها لمروجين آخرين عالمين بأنها مزيفة(13). أما الفقه الألماني ، فيعتبر ترويج العملة يبدأ حين إخراج الجاني العملة المزيفة من حيازته بحيث تدخل في حيازة شخص آخر يتصرف بها كما يريد ويدفعها للتداول، ولكن هناك فريقاً آخر من الفقهاء الألمان يشترط أن يكون الدفع في التداول لعملة مزيفة على أنها صحيحة ولا يكفي أن يدفع المزيف العملة المزيفة لآخرين لترويجها ، أو بهذا لا يتوافر في فعله جرم الترويج(14).وهذا بخلاف الحال في قانون العقوبات الصيني الذي جاء في المادة /212) منه ما يأتي : –
يعتبر مروجاً كل من وضع بالتداول عملة مزيفة أو يقصد وضعها في التداول سلمها لآخرين(15) واخذ بهذا كل من الفقه الفرنسي والأمريكي والسويسري والبلجيكي(16). ففي فرنسا تعد العملة المزيفة في حالة إصدار عندما يتم التعامل بها في البيع والشراء أي تصبح في حالة رواج ولكي يعاقب المتهم بإصدار العملة يجب أن تعلن هيئة المحلفين إن العملة كانت في حالة رواج شرعي ولإثبات ذلك يكفي ضبط قطعة واحدة منها(17). أما بالنسبة للقانون العراقي فقد جرم فعل الإصدار ضمن نصوص التزييف فقد نص في المادتين (280 و 281 .ع) على الترويج وأيضاً الإصدار وبشأن الاختلاف بين فعل الترويج والإصدار ، إذ إن الإصدار يعني طرح العملة المزيفة لأول مرة في التداول أي يتخلى الشخص عن حيازتها لشخص آخر ، في حين أن الترويج يعني دفع العملة المزيفة في التعامل بين الناس(18).

أما تقديم العملة المزيفة لآخر لحفظها على سبيل الوديعة فلا يعتبر ترويجاً لها(19). وكذلك يشترط في جريمة ترويج العملة المزورة العلم بأمرها فإذا كان الشخص لا يعلم بأنها مزورة فانه في هذه الحالة لا يعتبر مرتكباً جريمة الترويج(20). وقد يقترن الترويج باستعمال طرق احتيالية فيجب عندئذ التمييز بين حالتين مختلفتين فإذا كان المروج قد تلقى العملة المزيفة وهو يعلم بزيفها أو استعان بوسائل الاحتيال لخداع المجني عليه وسلب ماله وتوفرت أركان جريمة الاحتيال فيعد مروجاً ومحتالاً ويوصف فعله بالوصفين فيكون مستحقاً للعقوبة المقررة للجريمة الترويج لأنها اشد العقوبتين في القانون العراقي طبقاً للمبادئ العامة . أما في الحالة الأخرى عند تلقيه العملة المزيفة على أنها جيدة ثم عمد إلى الاحتيال لتصريفها ففعله احتيال فضلاً عن استعمال العملة المزيفة بعد أن تحققت له عيوبها فيعاقب بالعقوبة المقررة لأشد الجريمتين وإذا كانتا متماثلتين ، كما في القانون العراقي حكم بإحداهما ويجب في الحالتين أن يتوافر ركن الاحتيال مع العلم بان الترويج بذاته لا يعد احتيالاً(21).
ثالثاً. الشروع
يبدأ الشروع في الترويج من اللحظة التي يعرض فيها المروج العملة المزيفة للتعامل ورفض هذا العرض من الشخص المعروضة عليه(22) ، والعرض هو أحد صور التمهيد للوضع في التداول ، وتقف الجريمة عند هذا الشروع إذا ضبط الجاني بعد وضع العملة المزيفة على مائدة قمار أو على منضدة بائع تمهيداً لاستعمالها أو إذا تظاهر الغير بقبولها تمهيداً لضبط الجاني . ومع هذا يتعين مساءلة الجاني عن جريمة أخرى هي حيازة العملة المزيفة بقصد الترويج أو التعامل(23)، فإذا اقتصر فعل الجاني على الشروع في الترويج فان وضعه يختلف بحسب ما إذا كان حائزاً للعملة وقت الترويج أو غير جائز لها ، فإذا كانت في حوزته قامت بفعله جريمتان ، جريمة الشروع في جناية الترويج وجريمة حيازة العملة ، وعندئذ تكون بصدد تعدد معنوي ، تفرض القواعد العامة ، بصدده توقيع عقوبة الجريمة الأشد ، وهي عقوبة حيازة العملة المزيفة ، أما إذا لم تكن العملة في حيازة الجاني ، فان مسؤوليته تقتصر على الشروع في الترويج(24). وقد حكم في فرنسا بأنه يعد شروعاً في ترويج مسكوكات مزيفة أن يتسلم الجاني مبلغاً من آخر ثم يدس فيه قطعة عملة مزيفة ويتظاهر برفض قبولها طالباً استبدالها بقطعة صحيحة(25) ، كذلك حكم في إيطاليا بالشروع في ترويج العملة المزيفة بمجرد دفع العملة المزيفة إلى التداول وانتقالها من يد المروج إلى يد شخص آخر(26). ولهذا نقول بأن الشروع يبدأ من لحظة عرض العملة من جهة ورفض العرض من جهة أخرى .

رابعاً. تمام الترويج
يتم فعل الترويج بمجرد قبول العملة المزيفة من الشخص المقدمة له على سبيل التعامل والدفع دون أن يكتشف حقيقتها(27) . من جهة أخرى ، فان الترويج يتم بمجرد وضع قطعة واحدة أو ورقة واحدة في التداول ، فلا أهمية في ذلك لتعدد القطع أو العمليات ، وعلى ذلك فقيام جريمة الترويج لا يتوقف على كثرة أو قلة عدد القطع المروجة ، إذ لا يهم لقيام جريمة الترويج أن تكون كمية العملة المروجة كبيرة أو قليلة، وبهذا قضت محكمة النقض الفرنسية في قضية (نيولتي بعد أن ثار النقاش حول تلاحق عمليات الترويج وهذا ما أخذت به المحاكم الإنكليزية وفقاً لقانون سك العملة سنة 1936 المادة السابعة منه والتي تعتبر جريمة الترويج تامة رغم ان العملة المزيفة غير مقلدة التقليد المتقن بحيث يجعلها صالحة للترويج(28). وكذلك لا أهمية لما إذا كانت القطعة المزيفة قد وضعت حالاً في التداول أو من مدة سابقة وتداولتها الأيدي والقانون لا يفرق بين الترويج الأول والترويج اللاحق مهما تلاحقت عمليات الترويج . ولهذا فإن العرض المقبول والذي يتحقق به تمام جريمة الترويج ويتطلب أن تكون العملة المزيفة المدفوعة إلى التداول على قدر معين في المشابهة للعملة الحقيقية ولا يشترط المشابهة التامة أو أن يكون التزييف متقناً ، وإنما المقصود بها المشابهة التي تكفي لخداع الشخص العادي وتجعل العملة المزيفة المدفوعة للتعامل صالحة للترويج(29).

خامساً. المساهمة في الترويج
إن الترويح عمل متمم لجريمة التزييف إذا ارتكب بمعرفة المزيف نفسه ، وإنه كان من روج العملة شريكاً للمزيف ، أحدهما يزيف العملة والثاني يروجها فان إجرامهما يكون في نفس المرتبة ، أما إذا كان المروج لم يشترك مع المزيف ، ولم يكن يرغب إلا في الترويج عن طريق ترويج عملة يزيفها آخرون فإن إجرامه يكون أقل خطورة(30). ولقد أثارت صياغة نص المادة (132) (عقوبات) فرنسي حينما تكلمت عن الترويج شيئاً من الإبهام عندما نصت على (أو من اشترك في ترويج العملة المزيفة) وهو وتعبير كان موجوداً في نص المادة (161) من قانون العقوبات البغدادي الملغي .

ومن خلال هذا النص كان المشرع يهدف إلى قصر العقاب على من يرتكب فعل الترويج بالاشتراك والاتفاق مع المزيف ، ومع هذا فالشراح الفرنسيون يفرقون بين من يروج العملة الزائفة ويكون في ذلك على اتفاق مع المزيف ومن يروجها لحسابه الخاص مستقلاً عن المزيف ويرون النص ينطبق على الحالتين(31) ، أما في قانون العقوبات البغدادي الملغي ، فقد فسروا عبارة (الاشتراك) الواردة في المادة (161) . إن جريمة الترويح تتحقق عندما يكون المروج على اتفاق مع المزيف ، على ترويج العملة التي زيفها فعلاً ، ومن هنا لا يعد مروجاً من روجها لحسابه الخاص مستقلاً عن المزيف حيث يدخل هذا الفعل تحت وصف جريمة الاشتغال بالتعامل بالعملة المزيفة(32)، إلا أن هذا التفسير يبتعد عن قصد المشرع فالنص ذكر الاشتراك بمعناه العام وادرج تحته تعريف الفاعل وتعريف الشريك على السواء في الأحكام العامة .

وإن الاتفاق مع المزيف يعتبر اشتراكاً في تزييف وليس اشتراكاً في ترويج . أما القول بان المروج الذي لم يتفق مع المزيف ، يمكن وصف فعل انه الاشتغال بالتعامل بالعملة المزيفة فهو تقدير لمعنى آخر ، لا يناسب معنى الاشتغال إذ إن المشرع قصد من الاشتغال بالتعامل بالعملة المزيفة كل من دأب على التعامل في العملة المزيفة واتخذ من ذلك حرفة له يزاولها(33). وعلى هذا يكون الترويج ممكن الوقوع من شخص له صلة بالمزيف ، وهو نتيجة لاجتماع رأيهما ، وقد يقع من شخص آخر غير المزيف دون اتفاق بينهما .
________________________
[1]- د. محمود نجيب حسن ، المصدر السابق ، ص265.
2- انظر الأستاذ جندي عبد الملك ، المصدر السابق ، ص571 و د. محمود مصطفى ، المصدر السابق ، ص112.
3- انظر الأستاذ جبرائيل البناء ، قانون العقوبات – القسم الخاص- ، مطبعة الرشيد ، بغداد 1948-1949م ، ص1 ، والأستاذ رشيد الكيلاني ، المصدر السابق ، ص353 ، وكذلك الأستاذ حسن سعيد عداي ، المصدر السابق ، ص134 .
4- د. عادل غانم ، المصدر السابق ، ص304 ، د. وليد الحكيم ، المصدر السابق ، ص27 ، د. محمود إبراهيم إسماعيل ، المصدر السابق ، ص478.
5- الأستاذ جندي عبدالملك ، المصدر السابق ، ص573 ، رقم 18.
6- انظر د. احمد فتحي سرور ، القسم الخاص ، 1979 ، المصدر السابق ، ص354.
7- د.عادل حافظ غانم، المصدر السابق، ص301
8- الأستاذ احمد أمين ، المصدر السابق ، ص152.
9- بتاريخ 9/11/1988 تم ضبط المتهمان كل من ظ.م.ن ، و. ع. م وهما يقومان ببيع (500) خمسمائة دولار أمريكية مزيفة بسعر (120) دينار عراقي لكل مائة دولار مزيفة ،وقد تمت إحالتها إلى المحكمة المختصة وفقاً للمادة 281 عقوبات عراقي ، إرسال المضبوطات إلى البنك المركزي العراقي للتصرف بها ، أنظر القضية المرقمة 663 / 1988 مكتب السعدون لمكافحة الإجرام ، نقلاً عن الأستاذ حسن سعيد عداي، المصدر السابق ، ص137- هامش رقم (1) .
0[1]- بتاريخ 9/6/1970 م قررت محكمة جنايات الناصرية تجريم المتهم ع.ح وفقاًَ للفقرة 2 من المادة 161 عقوبات بغدادي لترويجه 26 ورقة مزيفة من فئة 010) دنانير ، حيث تعامل بها في شراء بندقية بصورة غير مشروعة مع علمه بتزييف العملة وحكمت المحكمة عليه بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات، انظر القضية المرقمة 10/ج/1971 ، النشرة القضائية ، محكمة تمييز العراق ، ع3 ، س1، 1971 .
1[1]- د. عادل حافظ غانم ، أساليب تزييف العملة وترويجها ، بحث منشور في الندوة العربية العلمية حول تزييف العملة الورقية المعدنية ، القاهرة ، 5/9/1970 ود. عبد الحكيم فوده ، أبحاث التزييف والتزوير في ضوء الفقه وقضاء النقض ، مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية لسنة 2000 ، ص63 –64.
2[1]- انظر محمد عز الدين صبحي ، دراسة للأسلوب العلمي في ربط حالات ترويج العملات المعدنية المزيفة وطرق أحكامه ، المجلة الجنائية القومية ، المركز القومي للبحوث الاجتماعية الجنائية ، مصر ، العدد 3، المجلد 8، 1965 ، ص491.
3[1]- من هؤلاء الفقهاء ، شميدت ، انظر الأستاذ محمد وليد الحكيم ، المصدر السابق ، ص28 ، وكذلك د. عادل حافظ غانم ، المصدر السابق ، ص307.
4[1]- المصدر السابق ، ص28.
5[1]- د. عادل حافظ غانم ، المصدر السابق ، ص308 .
-16 Dalloz، Repertoire، de droit penal et proced uneul pen of Tomeii،paris، 1968، p. art.16 .
17 – Dalloz، Tomeii، Op. Cit.، p. 13. Roger Merleet anderui tu، p. 22.
8[1]- د. محمد علي جعفر ، قانون العقوبات الخاص ، الطبعة الأولى ، 1987 ، المؤسسة الجامعية للدراسات والتوزيع ، بيروت ،ص45.
9[1]- د. أحمد فتحي سرور ، المصدر السابق ، ص 261 ، هامش رقم (3) .
20- حيث انه لم يثبت في التحقيق بصورة يطمئن لها وجد أن هذه المحكمة أن المتهم قد اشترك في التزوير أو أنه كان عالماً به عندما قبض مبلغ الألف ليرة المزورة ثمناً لأغراض اشتراها من محلة كما انه لم يثبت انه كان عالماً بتزويرها عندما دفعها ل. ت .ج.
وحيث انه بهذه الحالة ترى المحكمة إعلان براءته ، (تمييز جزائية لبنان ، غرفة 6 ، قرار رقم 143 تاريخ 19/4/1973 ، عالية ، الجزء الثالث لعامي 1972 و 1973 ، صفحة 233 رقم 578) نقلاً عن الأستاذ فؤاد ظاهر ، جرائم تقليد خانة الدولة والعلاقات الرسمية والعملة والإسناد والمالية ، المؤسسة الحديثة للكتاب لسنة 2000 ، ص44.
[1]2- انظر الأستاذ محمود إبراهيم إسماعيل ، المصدر السابق ، ص547 ، د. احمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، ص356 ، د. فوزية عبد الستار ، المصدر السابق ، ص208 ، هامش رقم (1) ، الأستاذ حسن سعيد عداي ، المصدر السابق ، ص139.
22- الأستاذ محمد وليد الحكيم ، المصدر السابق ، ص29.
23- انظر الأستاذ احمد أمين ، المصدر السابق ، ص153 ، والأستاذ محمود إبراهيم إسماعيل ، المصدر السابق ، ص547 ، د. محمود محمود مصطفى ، المصدر السابق ، ص112 ، د. فوزية عبد الستار ، المصدر السابق ، ص207 –208.
24- الأستاذ حسن سعيد عداي ، المصدر السابق ، ص141.
25- نقض فرنسي 28/12/1854 ، داللوز ،1855-1-124. نقلاً عن د. رؤوف عبيد ، المرجع السابق ، ص14.
26- الأستاذ محمد وليد الحكيم ، المصدر السابق ، ص29.
27- د. عادل حافظ غانم ، المصدر السابق ، ص310.
28- الأستاذ محمد وليد الحكيم ، المصدر السابق ، ص209.
-29 Corpus Juris،، Op. Cit، p. 360.
30- الأستاذ محمود إبراهيم إسماعيل- المصدر السابق- ص479 .
[1]3- الأستاذ ، احمد أمين بك ، المصدر السابق ، ص258.
32- انظر الأستاذ رشيد عالي الكيلاني ، المصدر السابق ، ص268.
33- الأستاذ ، محمود إبراهيم إسماعيل ، المصدر السابق ، ص479.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت