مدى فعالية عقود المضاربة في ظل المنافسة

استمارة المشاركة في الملتقى الوطني حول:
المنظومة المصرفية في الألفية الثالثة
الاسم اللقب: كمال كيحل

الفاكس: 049 96 75 71 72
السلك: أستاذ مكلف بالدروس

البريد الإلكتروني:yahoo.fr @ kihelkamel
المؤسسة: قسم العلوم القانونية والإدارية/جامعة أدرار

الهاتف:075 11 86 22 / 062 12 52 84

المحور الثانــي: تحديات المنظومة المصرفية في ظل المنافسة

عنوان المداخلة: مدى فعالية عقود المضاربة في ظل المنافسة
ملخص المداخلة:
تلعب البنوك دورا كبيرا في حركية النشاطات الاقتصادية والتجارية ، وباعتبار الشعوب العربية متأثرة بكثير من المبادئ الإسلامية ، فيجب ألا تغفل البنوك هذه المبادئ ،لأن إغفالها سيؤدي إلى إحجام الكثير من الأشخاص عن إيداع أموالهم في البنوك ، مما يؤدي إلى قلة الأموال القابلة للاستثمار في المجال الاقتصادي . كما يؤدي من جهة أخرى إلى امتناع الناس عن الاقتراض من البنوك التي تتعامل بالنظام الربوي . هذا كله يحتم إيجاد بديل لجلب هذه الفئة من المجتمع عن طريق إحداث عمليات بنكية لاربوية .
لقد ظهرت تجارب في بلدان عربية وأجنبية، تمثلت في إنشاء بنوك تعمل تحت شعار إلغاء الفائدة الربوية، واستبدالها بعمل إسلامي؛ هو المساهمة في أرباح المشروعات بإعمال أحكام المضاربة بالنسبة للمودعين و المقترضين . ولقد حققت هذه الفكرة اللاربوية نجاحا كبيرا، بحيث تمكنت اختيار أكبر المشاريع الاقتصادية لدرجة أنها بدأت تنتشر في بعض دول أوربا التي ظهرت فيها بنوك إسلامية كبرى .
ولأهمية هذه الفكرة، خاصة مع تطور عمليات البنوك في الاقتصاديات الراهنة، نجد أنه من الواجب تسليط بعض من الأطياف على عمليات البنوك الإسلامية، التي تتمثل في المشاركة والمرابحة والمضاربة. وسنقتصر هنا بنوع من التفصيل على عقد المضاربة التي تعتبر نوعا من الشركات في الفقه الإسلامي، يتطلب المال من طرف، والعمل من طرف آخر. على أن يكون الربح بينهما حسب النسب المتفق عليها.
وحسب هذا النظام الإسلامي، فإن البنك يكون بالنسبة للأفراد الذين يودعون فيه أموالهم مضاربا. وبالنسبة لمن يقرضهم قرضا إنتاجيا (واستثماريا ) يكون صاحب المال. والربح في الحالتين على حسب الشرط الوارد في العقد. أما الخسارة فيتحملها رأس المال. والمضارب يعتبر بمنزلة الأمين؛ لا يضمن إلا بالتعدي. وبهذا يكون البنك حريصا على ما عنده من ودائع، فلا يستثمرها إلا في المشاريع المضمون نجاحها غالبا.
إن الاستثمار في الشريعة الإسلامية يحتمل الربح والخسارة. أما القرض بفائدة فيقضي دائما الربح، وهو معنى الربا الذي يتنافى مع أحكام الشريعة الإسلامية. ولقد آثرنا توضيح هذا النظام اللاربوي، الذي تعتمده البنوك الإسلامية من خلال الخطة التالية:
المبحث الأول : مفهوم المضاربة :
المبحث الثاني : انقضاء المضاربة وتصفيتها.

المداخلة كاملة
مقدمـــــة
تلعب البنوك دورا كبيرا في حركية النشاطات الاقتصادية والتجارية ، وباعتبار الشعوب العربية متأثرة بكثير من المبادئ الإسلامية ، فيجب ألا تغفل البنوك هذه المبادئ ،لأن إغفالها سيؤدي إلى إحجام الكثير من الأشخاص عن إيداع أموالهم في النوك ، مما يؤدي إلى قلة الأموال القابلة للاستثمار في المجال الاقتصادي . كما يؤدي من جهة أخرى إلى امتناع الناس عن الاقتراض من البنوك التي تتعامل بالنظام الربوي . هذا كله يحتم إيجاد بديل لجلب هذه الفئة من المجتمع عن طريق إحداث عمليات بنكية لاربوية .
لقد ظهرت تجارب في بلدان عربية وأجنبية، تمثلت في إنشاء بنوك تعمل تحت شعار إلغاء الفائدة الربوية، واستبدالها بعمل إسلامي؛ هو المساهمة في أرباح المشروعات بإعمال أحكام المضاربة بالنسبة للمودعين و المقترضين . ولقد حققت هذه الفكرة اللاربوية نجاحا كبيرا، بحيث تمكنت اختيار أكبر المشاريع الاقتصادية لدرجة أنها بدأت تنتشر في بعض دول أوربا التي ظهرت فيها بنوك إسلامية كبرى .
ولأهمية هذه الفكرة، خاصة مع تطور عمليات البنوك في الاقتصاديات الراهنة، نجد أنه من الواجب تسليط بعض من الأطياف على عمليات البنوك الإسلامية، التي تتمثل في المشاركة والمرابحة والمضاربة. وسنقتصر هنا بنوع من التفصيل على عقد المضاربة التي تعتبر نوعا من الشركات في الفقه الإسلامي، يتطلب المال من طرف، والعمل من طرف آخر. على أن يكون الربح بينهما حسب النسب المتفق عليها.
وحسب هذا النظام الإسلامي، فإن البنك يكون بالنسبة للأفراد الذين يودعون فيه أموالهم مضاربا. وبالنسبة لمن يقرضهم قرضا إنتاجيا (واستثماريا ) يكون صاحب المال. والربح في الحالتين على حسب الشرط الوارد في العقد. أما الخسارة فيتحملها رأس المال. والمضارب يعتبر بمنزلة الأمين؛ لا يضمن إلا بالتعدي. وبهذا يكون البنك حريصا على ما عنده من ودائع، فلا يستثمرها إلا في المشاريع المضمون نجاحها غالبا.
إن الاستثمار في الشريعة الإسلامية يحتمل الربح والخسارة. أما القرض بفائدة فيقضي دائما الربح، وهو معنى الربا الذي يتنافى مع أحكام الشريعة الإسلامية. ولقد آثرنا توضيح هذا النظام اللاربوي، الذي تعتمده البنوك الإسلامية من خلال الخطة التالية:
المبحث الأول : مفهوم المضاربة :
المطلب الأول : شروط المضاربة.
المطلب الثاني : سلطات المضاربة.
المطلب الثالث : مراكز المضارب وحقوقه.
المبحث الثاني : انقضاء المضاربة وتصفيتها.
المطلب الأول : انقضاء المضاربة.
المطلب الثاني : تصفية شركة المضاربة.

المبحث الأول : مفهوم المضاربة :
المضاربة هي نوع من أنواع الشركات في الفقه الإسلامي، وتسمى شركة المضاربة ومعناها عند الدكتور محمود محمد الطنطاوي : أن يدفع رجل ماله إلى آخر يتجر فيه على أن ما حصل من الربح يكون بينهما حسب ما يشترطانه.
كما تعرف على أنها عقد على شركة بمال من أحد الجانبين وعمل من الآخر.
وكلمة مضاربة مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر فيها للتجارة قال الله تعالى :
﴿وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله ﴾.
وتسمى المضاربة أيضاً بالقِِراض والمُقارضة بمعنى القطع، وسميت بالمُقارضة لأن ربّ المال في المضاربة يرفع يده عن ماله الذي جعل رأسمال المضاربة ويقطع سلطته عنه ويسلمه للعامل مع سلطة التصرف فيه.
وحددت الشريعة الإسلامية شروطاً وضوابط للمضاربة كما حددت سلطات المضارب ومراكزه وحقوق كل من المضارب وصاحب رأس المال، وهذا يتبين لنا فيما يلي :
المطلب الأول : شروط المضاربة :
للمضاربة في الشريعة الإسلامية عدة شروط نذكرها كما يلي:
الفرع الأول : التراضي :
باعتبار أن المضاربة عقد فلا يتم إلا بإيجاب وقبول بما يفيد المضاربة صراحة كالمضاربة والقِراض. أو ما يفيده ضمنا لاشتماله على معنى المضاربة كالمعاملة لأن هذا اللفظ يشتمل على الشراء والبيع والربح، أو أن يقول صاحب المال للآخر إِشتري وبع والربح بيننا أو أن يعطيه مبلغا ويقول له ما ربحت فهو بيننا فهي مضاربة لأن الربح لا يحصل إلا بالبيع والشراء وهو معنى المضاربة.
ويتفرع عن شرط الرضا البحث عن مسألة الأهلية : فيما أن صاحب رأس المال تنازل عن سلطة التصرف فيه للمضارب تصرفا مطلقا أو مقيدا حسب شروط المضاربة فيصبح رب المال موكِّلاً، والمضارب وكيلاً بالشراء وبالبيع، وبالتالي يشترط في رب المال أهلية التوكيل والتصرف لأن التوكيل من أعمال التصرف باعتبار أن هذه العملية هي تفويض ما يملكه من التصرف إلى غيره.
كما أن المضارب باعتباره يتصرف في ملك غيره وهو رأسمال المضاربة بعد رفع المالك يده عنه، فيجب على المضارب أن يبذل عناية الرجل الحريص فيتصرف تصرف الوكيل عند المالك لأنه وإن ملك التصرف فلم يملك رقبة رأس المال، فلا بد أن تتوفر لديه أهلية الوكيل وهي أهلية التصرف لأن المضاربة هي توكيل للتصرف.
الفرع الثاني : الشروط المتعلقة برأس المال :
البند الأول : أن يكون رأس المال نقدا.
اتفق الفقهاء على جواز المضاربة إذا كان رأسمالها نقودا، لكنهم اختلفوا في جوازها بالعروض فقال جانب من الفقه الحنفي (الكاساني ) والمذهب الشافعي بأن المضاربة يجوز فقط بالنقد وتبطل بخلافها. أما بالنسبة لفقهاء المذهب المالكي فطبيعة رأس المال المخصص للمضاربة ليست لها أهمية كبيرة فأجازوا المضاربة بالعروض.1
ويبرر الدكتور محمد طموم موقفه المؤيد لمذهب الحنفية والشافعية بقوله “بأن المضاربة بالعروض تؤدي إلى جهالة الربح وقت القسمة، لأن قيمة العروض تعرف بالضن، وتختلف باختلاف المقومين، والجهالة تفضي إلى المنازعة والمنازعة تفضي إلى فساد العقد.
وعلى الرغم من ذلك فقد أجاز بعض الفقهاء المضاربة بالعروض في الصور الآتية :
أولا : دفع رب المال للمضارب عروضا وقال له بعها وضارب بثمنها.
لقد أجاز الحنفية والحنابلة هذه الصور مبررين موقفهم بقولهم بأن رب المال لم يضف المضاربة إلى العروض وإنما إلى الثمن الذي يمثل رأسمال المضاربة.
إلا أنه يمكن الرد على هذا الموقف بأن المضاربة وإن تمت بالنقود في هذه الحالة إلا أنها غير معلومة المقدار مما يؤدي إلى المنازعة التي تؤدي إلى فساد العقد.
ثانيا : أجمع الفقهاء على صحة المضاربة في حالة ما إذا أعطى رب المال عروضا للمضارب وأمره ببيعها بثمن محدد, يعمل بع مضاربة, فإن تحقق ذلك صحت المضاربة.
ثالثا : دفع رب المال عروضا للمضارب وقال له: بِعها وما ربحتَ فهو بيننا مناصفةً.
أجاز بعض الفقهاء لأن رأس مال المضاربة هو الثمن الذي اشترى به السلعة. هذه المضاربة غير جائزة لأن من شروط المضاربة تسليم رأس المال إلى المضارب وهذا ما لم يحصل في هذه الصورة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن رب المال اشترك في العمل الذي ينفرد به فقط المضارب، فكأنه اشترط العمل، وهذا ما لا يجوز في المضاربة.
رابعا : دفع رب المال سلعة إلى المضارب ويجعل رأس المال قيمتها وقت العقد، وهذا ما قال به أحمد بن حنبل.
خامسا : يجوز أن يكون رأس المال عروضا في بلدٍ لا يوجد فيها التعامل بالنقد، وإنما فقط بالعروض .
البند الثاني : أن يكون رأس المال معلوم المقدار والصفة وقت العقد.
يقتضي هذا الشرط أن يكون رأس مال المضاربة معلوم القدر والجنس والصفة، وجهالة أحد هذه الأمور ينقص العلم ويؤدي إلى الجهالة التي تؤدي إلى جهالة الربح عند المفاصلة، وهذه الجهالة تؤدي إلى النزاع، وكل ما يؤدي إلى النزاع يفسد العقد أو يبطله لأن العقد تراضي لا نزاع.
قال الجمهور غير الحنفية بأن المشاهرة لا تفيد العلم بقدره وإن أفادت العلم بجنسه وصفته، فتبقى جهالة القدر مُتحققة، التي تؤدي إلى المنازعة المفسدة للعقد.
البند الثالث : أن يكون رأس المال حاضرا.
اتفق جمهور الفقهاء على أنه لا يجوز للدائن أن يضارب المدين على ما في ذمّته لأن الدين لا يدخل في ملك الدائن إلا بالقبض، وبالتالي لا يجوز له أن يتصرف فيه تصرف المالك، لأن المضاربة على الدين تؤدي إلى اعتبار المال والعمل, من جانب واحد وهو المدين المضارب، وهو ما يخالف معنى المضاربة.
أما إذا كان رأسمال المضاربة دين للدائن على غير المضارب، فاختلف الفقهاء في صحتها. ذهب مالك والشافعي إلى القول بعدم جواز هذه المضاربة لأنه كلف العامل بأمر زائد فيه كلفة، وهو قبض الدين، وكل من اشترط منفعة زائدة في المضاربة يفسدها 1. ورد من أجازها على هذا الموقف بقولهم أن الأمر يقبض الدين توكيل بالقبض وليس شرطا في المضاربة .
البند الرابع : أن يسلم رأس المال إلى الضارب.
بما أن المضاربة تقتضي العمل من جانب المضارب وتمنحه سلطة التصرف في مال المضاربة، فلا بد أن يتحقق التسليم حتى يتمكن المضارب من العمل والتصرف فيرأس المال. وبناء على ذلك قال الجمهور بأنه لا يجوز لرب المال أن يشترط بقاء يده على المال مهما كانت صورته كأن يشترط إذنه واستشارته قبل العمل, وقالوا أيضا بالتسليم المادي. أما أحمد بن حنبل فلن يشترط تسليم رأس المال للمضارب وإنها فقط تمليك المضارب سلطة تصرف في رأس مال المضاربة. وبالتالي اكتفى بالتمكين من التصرف أي التسليم المعنوي.
الفرع الثالث: الشركة في الربح بين المضارب ورب المال.
وهو شرط ضروري في الشركات التجارية بأن الشركة في الربح هو هدف المضاربة ويسعى إليه كل من صاحب المال وصاحب العمل, فإذا اشترط أحد طرفي المضاربة الانفراد بالربح دون الآخر أو الآخرين فسدت المضاربة لفساد الشرط, وهو موقف الجمهور عدا مالك الذي يعتبرها صحيحة, وأن هذا الشرط يعتبر هبة من جانب من تنازل عن الربح، كما أن اشترط مبلغ معين في الربح لأحد هما يؤدي إلى فساد العقد لاحتمال تحقق فقط هذا المبلغ وبالتالي تنتفي الشركة في الربح، لذلك يجب اشتراط نسبة معينة من الربح وليس مبلغا معينا منه.

المطلب الثاني : سلطات المضارب.
تختلف سلطات المضارب باختلاف نوع العقد الذي قد يكون مطلقا من كل قيد كما قد يكون له إذن مطلق بأن يقول له اعمل برأيك, كما أن هناك صلاحيات لا تُخوَّلُ له إلا بالنص عليها, كما أن هناك تصرفات لا يمكن للمضارب أن يقوم بها أبداً لمخالفتها لمقتضيات عقد المضاربة وهذا ما سنعالجه بشيء من التوضيح فيما يلي :
الفرع الأول : التصرفات المخول للمضارب في العقد المطلق
إذا كانت المضاربة مطلقة. بمعنى أنها لم تتقيد بزمان ولا مكان ولا نوع من التجارة ولم يتغير البائع فيها ولا المشتري فيكون للمضارب أن يتاجر في كل الأنواع في جميع الأماكن ومن دون تحديد الأشخاص، يبقى الضابط الوحيد وهو مشروعية المحل فيجوز للمضارب على وجه الخصوص ما يلي:
أولا : البيع نسيئة (بأجل)
وقال به أبو حنيفة ورواية عن أحمد بن حنبل لأن إذنه في التجارة والمضاربة ينصرف إلى التجارة المعتادة, وهذا البيع المعتاد لدى التجار ويحقق ربحا أكثر من البيع بدون أجل للدفع.
أما الإمام مالك وابن أبي ليلى والشافعي ورواية عن أحمد لا يجوز له البيع نسيئة إلا بإذن صريح. لأن بيع النسيئة فيه تغرير بالمال, والمضارب باعتباره نائب في البيع يلزم بالحفظ والاحتياط وهي قرينة تقيد العقد المطلق فكأنه يتضمن دائما البيع بمقابل الحال.
ثانيا : الاستئجار
إذا عجز المضارب إلى القيام بعمل المضاربة لوحده فله أن يستأجر من يعمل معه في المال, كما له أن يستأجر محلات لحفظ البضائع لحسن سير التجارة.
ثالثا : الإيداع
بما أن الحفظ من أعمال التجارة وطريق موصل إلى الربح ويتحقق بالوديعة فهي جائزة.
رابعا : التوكيل
بما أن المضاربة جارية العمل بها بين التجار، وبما أن المضاربة أشمل من الوكالة فيجوز للمضارب أن يوكل غيره في البيع والشراء والقبض.
خامسا: الرهن
للمضارب أن يرهن أو يرتهن لأنها من طرق الوفاء واستيفاء الحقوق.
سادسا: الحوالة
للمضارب أن يحيل ويقبل الحوالة لأنها من الأعمال المعتادة لدى التجار.

الفرع الثاني: التصرفات التي يشترط القيام بها لإطلاق العمل بها لرأي المضارب
هناك بعض التصرفات لا يجوز للمضارب القيام بها إلا بناء على وجود دلالة عليها نظرا لكونها تحتمل الالتحاق بعقد المضاربة وتحتمل عدم الالتحاق به لأن عمل المضارب وسعيه لتحقيق الربح غير متوقف عليها وإنما هي أحد الطرق المؤدية لتحقيق الربح، وهذه التصرفات القانونية، إما أن تكون مساوية لعقد المضاربة كالمضاربة، وإما أن تكون أقوى منها كالشركة. والشيء لا يستتبع مثله أو ما هو أعم منه.
الفرع الثالث : التصرفات الممنوعة على المضارب ما لم ينص عليها صراحة
ليس للمضارب أن يستدين إلا برضى صريح لرب المال لأن الاستدانة إثبات زيادة في رأس المال وزيادة الضمان على رب المال من غير رضاه . كما لا يجوز له القيام بالأعمال التبرعية كالاقتراض من رأس المال.
الفرع الرابع: سلطات المضارب في المضاربة المقيدة
تختلف سلطات المضارب باختلاف نوع القيد، فقد يكون القيد مفيد من كل وجه، غير مفيد، ومفيد من وجه دون وجه.
أولا : القيد المفيد من كل وجه
ومظهره تقييد عمل المضارب بمكان معين أو بشخص معين أو زمن معين، أو بنوع معين من التجارة، فكل هده القيود تؤثر على الربح، لذلك يجب على المضارب عدم الخروج عنها.
ثانيا : القيد غير المفيد.
ومظهره التقييد بالبيع بأجل لا غير، فإن باع المضارب بثمن حال اعتبر تصرفه جائزا لأنه في مصلحة المضاربة، والمفيد باعتباره يضر مصالح المضاربة يعتبر باطلا.
ثالثا: القيد المفيد من وجه دون وجه.
ومظهره أن يقيد التعامل بسوق معينة فهو مفيد، فهو قيد مفيد من وجه إذا كانت السوق المقيد التعامل بها تتميز بأسعار جيدة ورواج ومستوى تعامل لا يستهان بها. وفي نفس الوقت يعتبر القيد غير مفيد إذا لجأ المضارب إلى سوق أحس منها فلا يلزمه القيد.
وتجدر الإشارة إلى أن المضارب يعتبر بمجرد الخروج عن الشرط المفيد يعتبر مخالفا حتى ولو لم تتحقق النتيجة، فتوقف المضاربة، وأصبح ضامنا إلى حين زوال المخالفة فإن تصرف مخالفاً وجب الضمان وزالت المضاربة، وإن عدل عن المخالفة قبل تحققها رجع عقد المضاربة صحيحا ورجعت يد المضارب يد أمين وانتقل الضمان إلى رب المال.
أما إذا تحققت المخالفة وتقررت زالت المضاربة زوالاً نهائياً وليس موقوفاً وبالتالي لا تعود إلا بالتجديد.

المطلب الثالث: مراكز المضارب وحقوقه.
يتقلد المضارب مراكز مختلفة تبدأ من تسلمه مال المضاربة إلى تحقيق غاية المضاربة، كما أن له حقوق أثناء تأدية عمله وتسمى النفقة، وأخرى بعد تحيق الغرض من المضاربة وهي الربح. وهذا ما سوف نوضحه فيما يلي:
الفرع الأول : مراكز المضارب
بعد تسلم المضارب المال المضاربة يصبح في مركز المودع لديه أو الأمين على مال المضاربة وأثناء تصرفه فيه يصبح في مركز الوكيل، وبعد تحقيق الربح يصير في مركز الشريك في الربح وسنوضِّح كل مركز من هذه المراكز الثلاثة في الآتي.
البند الأول : المضارب مودع لديه.
فور تسلم المضارب لرأس مال المضاربة وقبل تصرفه فيه يصير في مركز المودع لديه، فإذا هلك أو تلف بغير تعمد أو خطأ منه لا يكون ضامنا له، وإذا اشترط ربُّ المال ضمان المضارب لرأس المال يكون الشرط فاسداً ولا يعفى رب المال من الضمان بقدر رأس المال المضاربة. أما المضارب فلا يضمن إذ هو مركز المودع لديه فلا يضمن إلا إذا تعدى. وهذا لا يعني عدم وجود شفافة بين المضارب والمودع لديه نذكرها فيما يلي:
1- للمضارب الحق في إيداع مال المضاربة عند الغير باعتبار أن الإيداع من أعمال التجار ويفيد في الحصول على الربح، ومن جهة أخرى فهو جائز لأن الإيداع أدنى من المضاربة، والعقد يتضمن الأقل عند الإطلاق.
أما المودع لديه في الوديعة المحضة، لا يجوز له الإيداع عند الغير وان فعل ذلك ضمن لأن العقد لا يتضمن مثله عند إطلاقه إلا بأذن.
2- المضارب يقبض المال لمنفعته ومنفعة رب المال. أما المودع لديه فيقبضه لمنفعة رب المال فقط.
البند الثاني: المضارب وكيل.
حينما يتصرف المضارب في رأس المال يصير بمنزلة الوكيل في البيع والشراء لأن المضارب يتصرف في المال بإذن صاحبه، فيجوز له البيع بأجل (نسيئة) وبغبن فاحش… لكن باعتبار أن المضاربة أعم من الوكالة، لأنها تشمل الوكالة والشركة، فيكون للمضارب أمور زائدة على ما يثبت للوكيل تتمثل فيما يلي:
1- بيع رب المال ما اشتراه المضارب للمضاربة، يعتبر إعانة له وليس فسخا أما بيع الموكل ما وكل به الوكيل فيعتبر فسخا.
2- على المضارب أن يحول المال إلى نقد بعد الفسخ بخلاف الوكيل فلا يلزم برد المال كما قبضه وليس له التصرف بعد الفسخ.
3- لا تنقضي المضاربة بمجرد موت صاحب المال وإنما بالعلم به. أما الوكالة فتنقضي بمجرد موت الموكل دون اشتراط علم هذا الأخير.
4- للمضارب أن يرد للغيب وإن رضي صاحب المال بالبيع وذلك لتعلق حق المضارب به لا يسقطه رضى صاحب المال. أما الوكيل فليس له الرد إن رضي الموكل بالغيب.
5- لرب المال أن يشتري ما اشتراه المضارب بمال المضاربة. أما الموكل فلا يجوز له شراء ما اشتراه الوكيل بمال الموكل.
البند الثالث: المضارب الشريك
إذا حقق المضارب ربما فيكون شريكا في الربح حسب ما اتفق عليه في العقد والباقي من هذا الربح يعود لصاحب المال وهذا قال به الكاساني . إلا أن هذا لا يعني أن أحكام الشركة والشريك مطابقة تماما لأحكام المضاربة وإنما تختلف عنها في أمور عدة نذكرها فيما يلي:
1- إذا لم يشترط للمضارب نسبة معينة من الربح فسدت المضاربة عند الجمهور أما الشريك فسكوت العقد يبقي الشركة صحيحة، ويحصل على الربح بقدر المال المساهم به.
2- المضارب لا يتحمل الخسارة حتى وإن اشترط ذلك في العقد. أما الشريك فيتحمل الخسارة كما يستحق الربح.
3- يجب تسليم رأس المال للمضارب حسب الجمهور أما الشريك فلا يشترط أن يسلم المال.
4- لا يجوز لرب المال العمل في المضاربة أما في الشركة فيجوز لأي شريك العمل.
الفرع الثاني : حقوق المضارب.
للمضارب الذي يعمل في رأس مال المضاربة الحق في النفقة من مال المضاربة وإذا ظهر ربح فيستحق القدر من الربح المحدد في العقد، وهذا ما سنفصله فيما يتبع:
البند الأول : النفقة.
النفقة في المضاربة هي كل ما يحتاجه الإنسان في المادة ويكون بسبب المضاربة كالطعام ونفقة التنقل وأجرة الأجير، وبصفة عامة كل ما جرى عرف التجار بأنه ضروري للتاجر للقيام بالأعمال التجارية، ولقد اختلف الفقهاء في وجوبها.
فقيّدها الإمام الشافعي وأحمد بإذنِ ربّ المال لأن المضارب قبل أن يعمل في المضاربة مقابل ما يستحقه من الربح فلا يكون له الحق في غيره، لأنه إن أخذ النفقة قد يؤدي ذلك إلى انفراده بالربح إذا كانت النفقة بقدر الربح وهذا يخالف مبادئ المضاربة .
وذهب جمهور الفقهاء إلى جواز النفقة للمضارب في المضاربة المطلقة ولكن فقط في السفر لأنه بسفره يحتبس على مال المضاربة ولمصلحتها بخلاف نفقته في مكان إقامته فانه غير محبوس على المال وستقر في سكنه ومأكله فلا يتحمل أعباء زائدة واشترط مالك تحمل مال المضاربة لذلك.
وما يمكن قوله هو أن المضاربة ما دامت تتمتع بالشخصية الاعتبارية، ولها ذمة مالية مستقلة تكتسب حقوق وتحمل التزامات، وبالتالي إذا أنفق المضارب من مال نفسه فيكون دينا على مال المضاربة وحده، وليس له الرجوع على رب المال في هذا الدين إن هلك مال المضاربة، لأن هذا الأخير هو الضمان الوحيد لديون المضاربة.
البند الثاني: الربح.
الربح هو ما زاد عن رأس المال بعد خصم النفقة، ويستحق المضارب جزءا من الربح بالعمل، ويستحق صاحب المال الربح بالضمان. ويشترط تحديد الربح بجزء شائع، وذلك بأن يكون الربح نسبة مائوية من الربح القابل للتوزيع حتى تتحقق المشاركة فيه، ولا يشترط تحديد الربح بجزء شائع وذلك بأن يكون الربح نسبة مائوية من الربح القابل للتوزيع حتى تتحقق المشاركة فيه، ولا يشترط المساواة في الجزء الشائع من الربح، وقد يشترط الربح للمضارب، ويسكت العقد عن نصيب رب المال فهذه المضاربة صحيحة لأن الأصل في الربح أن يكون مستحقا لرب المال سواء شرط أم لم يشرط، على خلاف المضارب الذي لا يستحق الربح إلا بشرط، فبذكر نصيب المضارب في العقد استحق بالشرط ويستحق رب المال الباقي من غير شرط لأنه نماء ماله، فكان سبب استحقاق كل منها موجودا وليس فيه رسالة تفضي إلى نزاع.
وإذا اشترط الربح لرب المال ومكث عن المضارب فحسب الشافعي فهذه المضاربة فاسدة لأن المشاركة في الربح أحد أهم شروط المضاربة، ولا يملك المضارب ربحا مقابل عمله، إلا أن الحنفية أجازوها استحساناً واعتبروا الباقي للمضارب .
وإذا تم اشتراط الربح لكل من المضارب وصاحب المال مع السكوت عن جزء منه، ففي هذه الحالة يأخذ صاحب المال المتبقي لأنه يستحق الربح بملكيته لرأس المال وليس بالشرط.
المبحث الثاني: انقضاء المضاربة وتصفيتها.
تنقض المضاربة إذا اقترنت بشرط فاسد يمس بموضوعها، كما تنقضي بإرادة طرفيها أو أحدهما وتنقض أيضا رغما عن إرادة طرفيها وإذا انقضت شركة المضاربة وجب تصفيتها، وكل هذا سنوضحه فيما يلي:
المطلب الأول: انقضاء المضاربة.
سوف نتعرض لطريقة الانقضاء بسبب الفساد أي فساد الشرط،كما تتعرض إلى طريقة الفسخ الإدارية ثم الطريقة الاإدارية التي لفي الانفساخ، و هذا ما سنراه تباعا.

الفرع الأول: الانقضاء سبب فساد الشرط.
إذا اقترن عقد المضاربة بشرط فاسد، وأدى هذا الشرط إلى جهالة موضوع المضاربة الذي هو الربح امتد الفساد إلى عقد المضاربة لأن جهالة الربح تؤدي إلى جهالة نصيب المضارب إن حققت المضاربة ربحا والجهالة هذه تؤدي إلى النزاع وكل ما يؤدي إلى النزاع يفسد العقد، أما الشروط الأخرى التي لا تؤدي إلى جهالة الربح فلا تفسد العقد، ويبطل الشرط ويبقى العقد صحيحا. يترتب على فساد المضاربة وجوب فسخا، فان استمر المضارب في العمل اعتبر وكيلاً لا مضارباً، ويكون له – حسب الجمهور- أجر المثل و لا حق له في الربح لأن المضارب لا يستحق الربح إلا بالشرط وببطلان الشرط لا يستحق الربح لأنه و إن بطل الشرط لم يبطل مبدأ العوض عن العمل الذي قام به.
الفرع الثاني: انقضاء المضاربة بالفسخ.
إن الصفة الجوهرية في عقد المضاربة هو كونه غير لازم يجوز فسخه من أحد الطرفين، ويكون الفسخ إما صراحة بالقول، أو ضمنيا بالفعل كاسترجاع رب المال ماله من المضارب، أو استهلاك المضارب لرأس مال المضاربة. ولا يحتاج طرفي المضاربة إلى تسبيب الفسخ، ولكن يشترط لصحته علم الطرف الآخر به، فيبدأ في إنتاج آثاره من تاريخ علم هذا الأخير بالفسخ، فإن لم يعلم به فيبقى عقد المضاربة قائما في حقه ويبقى تصرفه صحيح بعد صدور الفسخ، لأن عقد المضاربة يتضمن الوكالة التي يشترط في صحة فسخها علم الطرف الآخر بفسخها. وقال المالكية والحنفية بعدم صحة الفسخ، إذا كان عرضا فلا يتحقق الفسخ إلا بعد تحويل المال إلى نقود (النص).
وإذا كان مال المضاربة كله أو بعضه دين وقت الفسخ فأجمع الفقهاء على أن المضارب ملزم باقتضاء الديون وتحصيلها، لنه ملزم برد المال لصاحبه على الحالة التي كان عليها كاملا، أي أن يرده حالا وليس مؤجلا لأن المؤجل يهدد بالهلاك وبالتالي فهو ملك ناقص، ليس كاملا كالنقد الحال أو الحاضر.
الفرع الثالث : انقضاء المضاربة عن طريق الانفساخ.
قد تنقضي المضاربة لسبب عارض خارج عن إرادة طرفيها قد يمس المتعاقدين كما قد يمس رأس مال المضاربة .
البند الأول: وفاة رب المال أو المضارب.
قال جمهور الفقهاء بقياس المضاربة على الوكالة فقالوا ببطلانها بمجرد وفاة أحد طرفيها ولا يشترط علم الطرف الآخر بهذه الوفاة حتى تسري في حقه وهذا على خلاف الإمام مالك الذي يشترط علم المضارب بالوفاة حتى يكون البطلان نافذا في حقه.
أما المالكية فقالوا أن المضاربة لا تنفسخ بموت أحد المتعاقدين ويجوز لورثة العامل القيام بالمضاربة وإن كانوا أمناء أو يأتوا بأمين.
البند الثاني: فقدان الأهلية.
تبطل المضاربة بجنون أحد المتعاقدين واشترط الشافعية أن يكون الجنون مطبقا لأن الجنون يعدم الأهلية. وأعطت الشافعية الإغماء حكم الموت فيبطل العقد، وألحق الحنفية الحجر بالموت في أبطال المضاربة.
البند الثالث: هلاك رأس مال المضاربة.
لابد أن نميز بين مرحلتين:
أولا: هلاك رأس المال قبل التصرف.
المضارب بعد قبضه لرأس المال يكون بمثابة مودع لديه, فإذا هلك رأس المال قبل التصرف بطلت المضاربة لهلاك المعقود عليه “رأس المال” ولا يضمن المضارب إلا بالنقدي.
وقال الجمهور بأنه إذا تصرف المضارب بعد بطلان المضاربة لا يلزم تصرفه المضاربة لأن صفته انتهت بزوال المضاربة، وهناك قول يقضي بأن تصرفه موقوف على إجازة رب المال.
وإذا كان الهلاك جزئيا فيبقى نفس الحكم بمعنى أن الجزء الباقي هو الذي تصح فيه المضاربة.
واشترط الجمهور تجنبا للنزاع أن تتم المفاصلة، بمعنى أن يتسلم رب المال ما بقي من مال المضاربة فتنتهي المضاربة الأولى، ثم يقبض المضارب الباقي بمعنى تجديد المضاربة.
ثانيا: هلاك رأس المال بعد إتمام التصرف.
إذا هلك رأس المال بعد إتمام التصرف بالتسليم والتسلم تبطل المضاربة لزوال موضوعها وهو مالها، واعتبرت بمثابة خسارة تحملها صاحب المال، ولا يجوز اشتراط تعويض هذه الخسارة في مضاربة أخرى لأن هذا يتنافى مع مبادئ المضاربة التي تقوم على احتمالية الربح، فصاحب رأس المال أساس ربحه ومشروعيته هو ذلك الاحتمال .
المطلب الثاني: تصفية شركة المضاربة.
من أهم شروط فسخ المضاربة علم الطرف الآخر، وأن يكون رأس المال عينا (نقدا) فإن لم يكن نقدا لم يصح الفسخ ويجب نضّ رأس المال, أي على المضارب أن يتصرف في رأس المال بالبيع .
وقال ابن قدامة إن المضاربة باعتبارها من العقود الجائزة، إذا فسخت من أحدهما والمال عرض فاتفقا على بيعه أو قسمته جاز, وإن طلب العامل البيع ورفض صاحب المال فيُجبر رب المال على البيع إن ظهر في المال ربح لأن حق العامل في الربح لا يظهر إلا بالبيع وإن لم يظهر ربح لم يجبر لأن لاحق له فيه، وقد رضيه مالك كذلك.
وقال البعض أنه يجبر على البيع لأنه ربما زاد فيه زائد على ثمن المثل، فيكون للعامل في البيع حظ.
أما إن طلب رب المال البيع وأبى العامل فهناك وجهان :
الأول: يجبر العامل على البيع لأن عليه رد المال ناضاً كما أخذه (وهذا قول الشافعي ) .
الثاني: لا يُجبر على البيع إذا لم يكن في المال ربح أو أسقط حقه من الربح .
فالقاعدة العامة حسب الفقه أن مال المضاربة إذا كان عينا (نقدا) ومن جنس رأس المال صح الفسخ, وإذا كان عرضا فمع الخلاف في صحة الفسخ فقالوا: بأن المضارب عليه أن ينضّ المال حتى يصير من جنس رأس المال كي يظهر الربح ويتمكن كل من المضارب وربّ المال من أخذ نصيبه منه, بالإضافة إلى حصول رب المال على ماله من جنس ما دفعه, ولتحقيق ذلك أجاز الفقهاء تصرف المضارب بعد الفسخ إلى حدوث النضّ (تغيير رأس المال ) تسمى مرحلة تصفية المضاربة .
وعلى المضارب في فترة التصفية استيفاء الديون المستحقة للمضاربة, سواء ظهر ربح أم لم يظهر, وبهذا قال ابن قدامة والشافعي أما أبو حنيفة فقد علق وجوب تحصيل الديون المستحقة للمضاربة على ظهور الربح وبرر الكاساني ذلك بقوله : “إذا كان هناك ربح كان للمضارب نصيب فيه فيكون عمله عمل الأجير, والأجير مجبور على العمل فيما يلتزم. وإن لم يكن هناك ربح لم تسلم له منفعة, فكان كالوكيل لا يجبر على قبض الثمن إلا أنه يجبر على إحالة الحق في القبض لرب المال .
وما نُؤيِّده هو قول ابن قُدامَة لأن المضاربة كما يقول:
“تقتضي رد رأس المال على صفته، والديون لا تجري مجرى النّاضّ، فلزمه أن ينضَّه كما لو ظهر في المال ربح، وكما لو كان رأس المال عرضا بالإضافة إلى ذلك فإن صاحب المال سلم المال كاملا ونسلمه دينا هو انتقاص منه أو هو حقٌّ ناقص لأنه احتمالي، فوجب على المضارب استيفاؤه.
وخلاصة القول أن المضارب بعد الفسخ تتحدد سلطته وحقه في التصرف يصبح مقيدا بغرض جديد، وهو الوصول إلى نضِّ المال لإنهاء عقد المضاربة فإذا وصل إلى ذلك لم يجز له التصرف بعد ذلك في مال المضاربة كما أن الفقهاء أوجبوا على المضارب تحصيل مال المضاربة من المدينين، وتسديد التزامات المضاربة حتى لا يبقى في ذمتها شيء أي بدون حقوق والتزامات ويعرف ما حققته من ربح أو خسارة تفاديا للنزاع.

الخاتمــة

يبدو أن عمليات المضاربة جاءت كبديل للعمليات الربوية التي تمارسها البنوك وغيرها من الشركات التجارية، وذلك لما للربا من أثر على العملية الإنتاجية سواء بالنسبة لتشجيع أصحاب الثروات، أو زيادة حدة التضخم.
فعمليات المضاربة التي تقوم بها البنوك تعمل على زيادة مستوى الاستثمار وتخفيض الربح بالنسبة لرأس المال، وهو ما يؤدي إلى رفع المستوى الحقيقي للأجور، والأجور كما هو معروف تشكل عادة نسبة أعلى من نسبة دخل الفقراء و متوسطي الحال، بالإضافة إلى ذلك فان نظام الفائدة يقيد من جرأة المستثمرين على الدخول في النشاط لاقتصادي الاستثماري لأنه يحملهم مخاطر أكبر.
وتكمن الطريقة الوحيدة للاستثمار من قبل البنوك الإسلامية في اجتناب المدخرين الحقيقيين واشتراكهم في ملكية المشروعات وأرباحها بطريقة المضاربة أو المشاركة أو المرابحة، وكلما كانت مجالات الربح أكبر ازدادت المنافسة على المدخرات الحقيقية وارتفعت حصة المدخرين في الأرباح.
كما أن طرق التمويل التي تستعملها البنوك الإسلامية تزيد جرأة وشجاعة أصحاب المشاريع كونها لا تلزمه برد المبلغ في حالة خسارة المشروع.
وأخيرا يتضح لنا جليا الدور الذي تمثله البنوك الإسلامية في إعطاء الحركية للعملية الإنتاجية وفي تخفيض مجالات تدخل الدولة بالإنفاق كونها تعمل على المشاركة الجماعية في العملية الاقتصادية.

خــطــة الـبـحــث

المبحث الأول: مفهوم المضاربة.
• المطلب الأول: شروط المضاربة.
الفرع الأول: التراضي
الفرع الثاني: الشروط المتعلقة برأس المال .
– البند الأول: أن يكون رأس المال نقدا .
– البند الثاني: أن يكون معلوم الصفة والمقدار وقت العقد .
– البند الثالث: أن يكون رأس المال عينا( حاضرا) .
– البند الرابع: أن يُسلمَّ رأس المال إلى المضارب .
الفرع الثالث: الشركة في الربح بين المضارب ورب المال .
• المطلب الثاني: سلطات المضارب .
الفرع الأول: التصرفات المخولة للمضارب في العقد المطلق.
– أولا: البيع بأجل.
– ثانيا: الاستئْجار .
– ثالثا: الإيداع .
– رابعا: التوكيل .
– خامسا: الرهن .
– سادسا: الحوالة
الفرع الثاني: التصرفات التي يشترط القيام بها إطلاق العمل لرأي المضارب.
– أولا: المضاربة .
– ثانيا: الشركة .
الفرع الثالث: التصرفات الممنوعة على المضارب .
الفرع الرابع: سلطات المضارب في المضاربة المقيدة .
• المطلب الثالث: مراكز المضارب وحقوقه .
الفرع الأول: مراكز المضارب .
– البند الأول: المضارب مودع لديه.
– البند الثاني: المضارب وكيل.
– البند الثالث: المضارب شريك.
الفرع الثاني: حقوق المضارب .
– البند الأول: الحق في النفقة .
– البند الثاني: الحق في الربح .

المبحث الثاني: انقضاء المضاربة وتصفيتها .
• المطلب الأول: انقضاء المضاربة.
الفرع الأول: انقضاء المضاربة بسبب فساد الشرط.
الفرع الثاني: انقضاء المضاربة عن طريق الفسخ .
الفرع الثالث: انقضاء المضاربة عن طريق الانفساخ.
– البند الأول: وفاة المضارب أو رب المال.
– البند الثاني: فقدان الأهلية.
– البند الثالث: هلاك رأس المال.
• المطلب الثاني: تصفية شركة المضاربة.

قــائمــة الــمـــراجــع

1. قـائـمـة الكـتــب

1. حسن بن منصور، البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق، مطبعة عمار قرفي، باتنة، ط.الأولى 1992.

2. د. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج 4.

3. د. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج6.

2. المــقـــالات

1. د.محمود محمد طنطاوي، مجلة الحقوق والشريعة صادرة عن مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت العدد الأول من السنة الأولى 1977.

2. د. محمد طموم، مجلة الحقوق والشريعة صادرة عن مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت العدد الأول من السنة الأولى 1977.

3 . د.محمد طموم، مجلة الحقوق والشريعة صادرة عن مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت، العدد الثاني، 1980.

4 . د. محمد طموم، الشخصية المعنوية في الشريعة الإسلامية – مجلة الحقوق والشريعة، العدد الأول، 1978.

5. Jaque B.Heinrich-Les principaux contrats de financement utilisées par les Banques
Islamiques, La revue Banque N° 478, Décembre 1987, p. 1135.