ان نطاق حرية الإدارة في اختيار موظفيها دون اتباع الوسائل العادية في الالتحاق بالوظائف العامة. يتحدد في بعض الوظائف التي تتميز بسمات وصفات خاصة هي :-

1- قصر حرية التقدير على الوظائف التي تتسم بالطابع السياسي اكثر من الصفة الإدارية كوظائف المحافظين والسفراء(1).

ويرجع وجه الإطلاق في هذه الحالة الى الحكومات وهو أمر يقتضي هذا الإطلاق. إذ تقاس المسؤولية بقدر ما للحكومة من سلطات. أما إذا انكمشت هذه السلطات بحيث لا يكون في استطاعتها اختيار من تثق بهم لتنفيذ سياستها على الوجه الذي ترتضيه. فتصبح هذه المسؤولية مفتقرة إلى الأساس الذي تستند إليه. وهذه الوظائف تتطلب في شاغلها الولاء التام للنظام القائم وعدم التناقض بين المعتقدات السياسية للموظف وبين تلك التي يقوم عليها نظام الحكم ، فيترك المجال للإدارة ” الحكومة ” وتحت مسؤولياتها اختيار من ترى لشغل هذه الوظائف كي تكون هذه الجهة في حالة من الثقة والاطمئنان لولاء القائم بهذه الوظيفة التي تتسم ببعض الأسرار التي يكون في تسريبها تحقق مخاطر معينة إذا مثل ما تركت هذه الوظائف للوسائل العادية في التعيين التي ربما تأتي بأشخاص قد لا يكون فيهم الولاء التام لنظام الحكم وسياسة الدولة.

2- وتكون هذه الوسيلة في الاختيار في بعض الوظائف الإدارية الكبرى كرؤساء الإدارات والمؤسسات الحكومية ورؤساء المرافق العامة(2).

التي يتطلب فيها قدر كبير من الصلاحية والكفاءة ، فيترك للإدارة اختيار من ترى سواء من الموظفين داخل تلك الجهات أو من خارجها للتعيين في هذه المناصب حسبما ترى الإدارة ان ذلك محقق لحسن سير العمل بهذه الجهات . فالتعيين في هذه الوظائف قصد به استكمال إعطاء الجهاز السياسي المنوط بهم إدارة شؤون الدولة شأنهم في ذلك شأن الوزراء . ومن ثم يكون من الملائم إخراج هذه الوظائف من نطاق الوظائف الإدارية واعتبارها من الوظائف السياسية المتروك تقدير اختيار شاغليها أو عزلهم لرئيس الدولة وهو ما مطبق ومعمول به في قانون المحافظات العراقي حيث يعد المحافظ ممثلاً للسلطة المركزية في المحافظة ، وهو موظف بدرجة خاصة يعين بمرسوم جمهوري . فهو الموظف التنفيذي الأعلى في المحافظة وعليه تنفيذ القوانين والأنظمة والتعليمات الصادرة من الإدارة المركزية(3). وكذلك الحال في جمهورية مصر العربية حيث يكون تعيين المحافظين بقرارات من رئيس الجمهورية وكذلك يعتبر المحافظون مستقيلين بقوة القانون بانتهاء رئاسة الجمهورية(4). وبهذه لا تكون القرارات الصادرة من رئيس الدولة في هذا الشأن قرارات إدارية تخضع لرقابة القضاء وهذا بالنسبة للوظائف السياسية. أما بالنسبة للوظائف القيادية الإدارية ، فيتعين ان يكون الاختيار لتوليها متروكاً لتقدير الحكومة ” الإدارة ” . إلا ان هذا التقدير يتعين ان يخضع لرقابة القضاء ، لان الوظائف تظل محتفظة بطابعها الإداري وهي بهذه تكون وثيقة الصلة بالوظائف السياسية . ومن ثم يتعين إعمال مبدأ الرقابة القضائية بشأنها في حالة إساءة استعمال السلطة(5).

3- وكذلك في بعض الوظائف الفنية والعلمية التي هي على قدر كبير من التخصص الفني أو العلمي 

واتسام القائم بها بصفات أخرى كالقدرة على القيادة والإشراف. فلا هي سياسية بحتة ولكنها قيادية إدارية تتطلب موالاة للسلطة السياسية مثل رؤساء الجامعات والمعاهد العلمية الكبرى ومراكز البحث العلمي وأكاديميات العلوم(6).

___________________

1- د. الدماصي / مصدر سابق ، ص46.

و د. محمد محمد بدران / مصدر سابق ، ص111.

2- د. محمد محمد بدران / مصدر سابق ، ص111.

3- المادة (20) من قانون المحافظات المرقم 59 لسنة 1969.

4- انظر المادة 5/1 من القانون المرقم 24 لسنة 1960 المصري بشأن المحافظات المصرية.

5- د. الدماصي / مصدر سابق ، ص47.

6- د.محمد محمد بدران / مصدر سابق ، ص111.

المؤلف : مصطفى سالم مصطفى النجفي
الكتاب أو المصدر : المساواة ودورها في تولي الوظائف العامة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .