هل تجوز المعارضة أو إعادة المحاكمة في الحكم الغيابي الصادر في جنحة من محكمة الجنايات

تنص الفقرة الأولى من المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 95 لسنة 2003 على أنه ” إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يحدد رئيس محكمة الإستئناف اقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى ، و يعرض المقبوض عليه محبوساً بهذه الجلسة ، و للمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطياً حتى الانتهاء من نظر الدعوى ، و لا يسقط الحكم الغيابي سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التعويضات إلا بحضور من صدر ضده الحكم جلسات المحاكمة ….. ” .

و مفاد ذلك النص أن الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات يسقط و يعاد نظر الدعوى من جديد ، و ذلك بشروط معينة ، توجز في حضور أو القبض على المتهم الغائب ، و حضورذلك المتهم جلسات المحاكمة المعادة ، إلا أن نظام السقوط لا يسري على جميع الأحكام الغيابية الصادرة من محكمة الجنايات ، و إنما يقتصر السقوط على الأحكام الصادرة في الجنايات فقط دون الجنح و المخالفات ، فالمادة المشارإليها سلفاً وردت تحت الفصل الثالث المعنون ( في الإجراءات التي تتبع في مواد الجنايات في حق المتهمين الغائبين ) ، و إذا كان الأمر كذلك فما هو الوضع بالنسبة للأحكام الصادرة من محكمة الجنايات في الجنح المقدمة إليها ؟

يحكم المسألة الراهنة المادة الرقيمة 397 من قانون الإجراءات الجنائية ، و التي تنص على أنه :
إذا غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ، و يكون الحكم الصادر فيها قابلاً للمعارضة “.

و إذن فالجنحة المطروحة على محكمة الجنايات ، لا يسقط الحكم الغيابي الصادر فيها بالقبض على المتهم أو حضوره و تعاد المحاكمة من جديد اثر ذلك كما هو الحال في الحكم الغيابي الصادرفي جناية ، و إنما تسري في صددها أحكام المعارضة في الحكم الغيابي الصادرفي جنحة ، فيكون للمتهم المحكوم عليه غيابياً أن يعارض في الحكم ، و يغير ذلك لا يسقط الحكم ، بل يصبح قابلاً لأن يصير نهائياً بعدم المعارضة فيه و بعدم استئنافه ( في هذا المعنى : دكتور/ رمسيس بهنام – المحاكمة و الطعن في الأحكام – طبعة 1993 – ص 35 ).

و الجدير بالذكرأن العبرة في هذا المقام بالوصف الذي ترفع به الدعوى إلى محكمة الجنايات ، بحيث إذا قدمت الدعوى بوصف كونها جناية ، فيسري حينئذ نص المادة 395 و يخضع الحكم الصادرفيها غيابياً لنظام السقوط ، أما إذا قدمت الدعوى بوصفها جنحة فلا يسري عليها نظام السقوط ، و إنما يخضع الحكم الصادر فيها غيابياً لنظام المعارضة كطريق من طرق الطعن في الأحكام ، و على ذلك ، فإذا كانت الدعوى مرفوعة بوصف الجناية و تبين للمحكمة أن الوصف الصحيح للواقعة هو جنحة طبقت القواعد الخاصة بالجنايات ، و يسري على الحكم الصادرغيابياً حينئذ نظام السقوط ، و إذا رفعت الدعوى إلى محكمة الجنايات بوصفها جنحة و تبين للمحكمة أن الوصف الصحيح للواقعة هو جناية طبقت القواعد الخاصة بالجنح ، و كان الحكم الصادر منها غيابياً قابلاً للمعارضة فيه .

فقد قضت محكمة النقض بأن :
” إذا كان الحكم المطعون فيه قد صدر غيابياً بإدانة المطعون ضده عن التهمة الأولى بوصف أنها جنحة شروع في سرقة ، إلا أنه لا يعتبر حكماً غيابياً صادراً من محكمة الجنايات في جنحة و قابلاً للمعارضة ، إذ العبرة في مثل تلك الحالة بالوصف الذي رفعت به الدعوى ، فإذا رفعت بوصفها جناية فيسري في حقها حكم المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية “.
( نقض في 12/4/1984 احكام النقض س35 ق91 ص414 – مشار إليه بمؤلف الدكتور/ حسن صادق المرصفاوي – المرصفاوي في قانون الإجراءات الجنائية في مائة عام – 1997 – ص 1476 )

كما قضت بأن :
” مناط التفرقة بين نص المادتين 395 ، 397 من قانون الإجراءات الجنائية هو الوصف الذي ترفع به الدعوى ، فإذا رفعت بوصفها جناية سرى في حقها المادة 395 من القانون المذكور و يبطل حتماً الحكم الصادر فيها في غيبة المتهم …….و من الخطأ قياس سقوط الأحكام الغيابية في مواد الجنايات على حالة المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في مواد الجنح و التي يسري في حقها نص المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية و يكون الحكم الصادر فيها قابلاً للمعارضة “.
( نقض في 12/5/1959 المكتب الفني س10 ص531 – مشارإليه بمؤلف الدكتور/ عبدالحكم فودة – محكمة الجنايات – 1992 – ص 481 ، 482 )

أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية