مبادئ محكمة النقض في تقادم دعاوى الحيازة – القانون المصري

الطعن 723 لسنة 59 ق جلسة 13 / 5 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 204 ص 399

برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، محمد محمد محمود نائبي رئيس المحكمة عبد الملك نصار وعلي شلتوت.
———-
– 1 نقض ” من له حق الطعن بالنقض”.
الطعن بالنقض .جائز من المحكوم عليه. المادة 212 مرافعات.
إذ كان الطعن بالنقض جائزا للمحكوم عليه إعمالا لصريح نص المادة212من قانون المرافعات، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه انه قضى ضد الطاعنين جميعا بإلزامهم متضامنين برد حيازة الأرض للمطعون ضده الأول وبأن يدفعوا له مبلغ خمسمائة جنيه، فإن الدفع بعدم اعتبارهم خصوما حقيقين يكون على غير أساس.
– 2 نقض ” شروط قبول الطعن . من يوجه اليه الطعن “.
الطعن بالنقض .عدم جواز اختصام من لم يكن خصماً في الحكم فيه.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى في استئناف الطاعنين عن الحكم الصادر في الدعوى الفرعية المرفوعة منهم ضد المطعون ضدهما الأخيرين بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى، وكانت أسباب الطعن قد جاءت قاصرة على ما قضى به الحكم في الدعوى الأصلية من إلزام الطاعنين برد حيازة الأرض للمطعون ضده الأول وبالتعويض، فإن الطعن لا يكون مقبولا بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث.
– 3 تقادم ” التقادم المسقط . المطالبة القضائية “. حيازة ” دعاوى الحيازة . تقادم دعاوى الحيازة”. دعوى ” دعوى الحق ودعوى الحيازة”.
مدة السنة المعينة لرفع دعوى الحيازة. مدة تقادم . مؤدى ذلك. سريان القواعد العامة المتعلقة بوقف وانقطاع مدة التقادم المسقط عليها . انقطاع هذه المدة بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة . 383 مدنى .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مدة السنة المعينة لرفع دعوى الحيازة هى مدة تقادم خاص تسرى عليها قواعد الوقف والانقطاع التي تسرى على التقادم المسقط العادي فينقطع بالمطالبة القضائية عملاً بالمادة 383 من القانون المدني ولو رفعت الدعوى أمام محكمة غير مختصة.
– 4 نقض ” اسباب الطعن “.
أسباب الطعن بالنقض .وجوب تعريفها تعريفا واضحاً نافيا عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منه وجه العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه.
أوجبت المادة253من قانون المرافعات أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان الطعن باطلا إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة يبين منها وجه العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضوعه منه وأثره في قضائه.
– 5 تعويض ” الخطأ الموجب للتعويض”. محكمة الموضوع “سلطتها بالنسبة للمسئولية “. مسئولية ” المسئولية التقصيرية . الخطأ “.
تكييف محكمة الموضوع للفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ من عدمه خضوعه لرقابة محكم النقض . استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية من سلطة محكمة الموضوع مادام استخلاصها سائغا .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض إلا أن استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ الموجب المسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع.
– 6 محكمة الموضوع ” مسائل الواقع “.
محكمة الموضوع. سلطتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلته واستخلاص ما تطمئن إليه منها متى كان استخلاصها سائغا من أصل ثابت بالأوراق.
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها واستخلاص ما تطمئن إليه منها متى كان استخلاصها سائغا ومستمدا من أصل ثابت في الأوراق.
– 7 اختصاص “الاختصاص المتعلق بالولاية . اعمال السيادة”. محكمة الموضوع ” سلطتها بالنسبة لمسائل الاختصاص “.
اختصاص المحاكم بتقرير الوصف القانوني للعمل المطروح في الدعوى توطئة لبيان ما إذا كان من أعمال السيادة أم ليس كذلك.
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القضاء هو المنوط به وصف العمل المطروح في الدعوى وبيان ما إذا كان يعد من أعمال السيادة أم يخرج عنها لكي يتسنى الوقوف على مدى ولايته بنظر ما قد يثار بشأنه من مطاعن.
– 8 اختصاص “الاختصاص المتعلق بالولاية . اعمال السيادة”.
عدم اختصاص المحاكم بنظر الدعاوى المتعلقة بالأضرار الناتجة عن التدابير العسكرية المعتبرة من أعمال السيادة . شرطه .
يشترط حتى لا تختص المحاكم بنظر الدعاوى المتعلقة بالأضرار الناتجة عن التدابير العسكرية المعتبرة من أعمال السيادة أن يثبت على وجه القطع حصول هذه التدابير على النحو الذي يحقق صالح الوطن وأمن وسلامة أراضيه.
– 9 اختصاص “الاختصاص المتعلق بالولاية . اعمال السيادة”. دفوع ” الدفع بعدم الاختصاص الولائي”. محكمة الموضوع ” سلطتها بالنسبة لمسائل الاختصاص “. نظام عام ” الدفع بعدم الاختصاص الولائي”. نقض ” اسباب الطعن . الاسباب المتعلقة بالنظام العام”.
الدفع بعدم الاختصاص الولائي . تعلقه بالنظام العام . للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها في أية حالة كانت عليها الدعوى . شرطه . ثبوت أن جميع عناصره الواقعية كانت مطروحة لدى محكمة الموضوع .
الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ من النظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بثبوت أن جميع عناصره الواقعية التي تسمح بالوقوف عليه والإلمام به كانت مطروحة ومتوفرة لدى محكمة الموضوع.
———-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 390 لسنة 1984 مدني الإسماعيلية الابتدائية وطلب – وفقا لطلباته الختامية – الحكم على الطاعنين متضامنين برد حيازته لقطعة الأرض المبينة بالصحيفة وإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ خمسمائة جنيه وقال بيانا لذلك إنه يحوز بالإيجار قطعة أرض زراعية مساحتها 22 س من 11 ط ضمن القطعة 122 أملاك أميرية بناحية فايد حيازة هادئة مستقرة منذ سنة 1978 ويسدد إيجارها لمصلحة الأملاك الأميرية ومن بعدها لهيئة تنمية البحيرات المرة – المطعون ضدها الثانية – التي حررت له عقد إيجار عنها وظل يؤدي الالتزامات المترتبة على العقد رغم تعدي القوات المسلحة المستمر على حيازته وصدور القرارات العديدة من الجهات القضائية العسكرية بأحقيته في عين النزاع وردها إليه وآخرها القرار الصادر من الطاعن الأول بتسليمها له على يد لجنة فض المنازعات بالجيش الثالث بتاريخ 12/7/1982، وإذ عاود الطاعنون الثلاثة الأول سلب حيازته لأرض النزاع وقاموا بتسليمها للطاعنين الأخيرين فقد أقام الدعوى رقم 33 لسنة 1983 مستعجل فايد الجزئية بطلب رد حيازته لها وقد قضى فيها بطلباته إلا أن الحكم ألغى في الاستئناف لعدم الاختصاص وكان قد حاق به أيضا بسبب غصب الأرض أضرار مادية وأدبية يقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى بطلبيه سالفي البيان، دفع الطاعنون بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لتعلق موضوعها بعمل من أعمال السيادة وبعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره أعادت المحكمة المأمورية إليه لبحث اعتراضات الطاعنين وإذ قدم الخبير تقريره النهائي وأدخل الطاعنون المطعون ضدهما الأخيرين للحكم عليهما – في مواجهة المطعون ضده الأول – ببطلان عقدي الإيجار الصادرين له عن أرض النزاع، حكمت بتاريخ 3 من ديسمبر سنة 1986 برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي وبعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وبرفض الطلب الموجه للخصمين المدخلين موضوعا.
استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 23 لسنة 12ق كما استأنفه المطعون ضده الأول أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 26 لسنة 12ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول للارتباط قضت بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1988 في الاستئناف الثاني رقم 26 لسنة 12ق بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين متضامنين برد حيازة المطعون ضده الأول لأرض النزاع وبأن يدفعوا له مبلغ خمسمائة جنيه وفي موضوع الاستئناف الأول رقم 23 لسنة 12ق بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى الفرعية والقضاء بعدم قبولها. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين عدا الأول باعتبارهم تابعين له وبعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الأخيرين وأبدت الرأي في موضوع الطعن برفضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

———
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين عدا الأول فإنه في غير محله ذلك أنه لما كان الطعن بالنقض جائزا للمحكوم عليه إعمالا لصريح نص المادة 212 من قانون المرافعات، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى ضد الطاعنين جميعا بإلزامهم متضامنين برد حيازة الأرض للمطعون ضده الأول وبأن يدفعوا له مبلغ خمسمائة جنيه فإن الدفع بعدم اعتبارهم خصوما حقيقيين يكون على غير أساس.
وحيث إنه عن دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الأخيرين فهو في محله، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى في استئناف الطاعنين عن الحكم الصادر في الدعوى الفرعية المرفوعة منهم ضد المطعون ضدهما الأخيرين بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى، وكانت أسباب الطعن قد جاءت قاصرة على ما قضى به الحكم في الدعوى الأصلية من إلزام الطاعنين برد حيازة الأرض للمطعون ضده الأول وبالتعويض، فإن الطعن لا يكون مقبولا بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول دعوى استرداد الحيازة لرفعها بعد مضي سنة على أساس أن المطعون ضده الأول رفع الدعوى أمام القضاء المستعجل قبل مضي سنة من تاريخ سلب الحيازة منه وأن ذلك من شأنه أن يقطع مدة التقادم في حين أن القانون اشترط أن ترفع دعوى الحيازة خلال سنة من تاريخ فقدها فهي مدة سقوط لا مدة تقادم فلا يرد عليها أحكام الوقف والانقطاع بسبب رفعها أمام محكمة غير مختصة، ويكون الحكم إذ قضى بقبول الدعوى قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مدة السنة المعينة لرفع دعوى الحيازة هي مدة تقادم خاص تسري عليه قواعد الوقف والانقطاع التي تسري على التقادم المسقط العادي فينقطع بالمطالبة القضائية عملا بالمادة 383 من القانون المدني ولو رفعت الدعوى أمام محكمة غير مختصة، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن فقد حيازة المطعون ضده الأول لأرض النزاع بدأ في شهر مايو سنة 1983 وأن الدعوى الأولى بردها قضى فيها بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظرها في 28 أبريل سنة 1984 وإذ رفعت الدعوى المطروحة في 23 يونيو من العام الأخير فإنها تكون قد رفعت خلال السنة التالية لفقد الحيازة وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السببين الأول والثاني القصور، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم إذ ألزمهم بالتعويض على سند من أن سلبهم لحيازة المطعون ضده الأول تم بالبطش والقوة التي لا سبيل له في دفعها في حين أن أوراق الدعوى خلت من أي دليل يستفاد منه ذلك، ولم يبين الحكم المصدر الذي استقى منه ما انتهى إليه في هذا الشأن، كما أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الدرجة الأولى بعدة اعتراضات على تقرير الخبير وجحدوا المستندات المقدمة من المطعون ضده الأول لكونها صورا ضوئية لم تقدم أصولها، غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع الذي كان مطروحا عليه إعمالا للأثر الناقل للاستئناف بعد إلغائه الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وبقبولها مما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذين الوجهين غير مقبول، ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان الطعن باطلا إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها وجه العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه، لما كان ذلك، وكان الطاعنون قد اقتصروا في بيان الوجه الثاني من السبب الأول على ما نسبوه إلى الحكم من قصور دون بيان أثر ذلك في قضائه كما لم يكشفوا في الوجه الآخر من العيب عن ماهية الاعتراضات التي ساقوها أمام محكمة الدرجة الأولى وكانت مطروحة على محكمة الاستئناف ووجه قصور الحكم في الرد عليها للوقوف على صحة ما يتحدوا به بشأنها، ولم يبينوا المستندات المجحودة منهم والتي عول عليها الحكم في قضاءه، فإن النعي عليه بهذين الوجهين يكون مجهلا وغير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأخير من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني وبالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور، وفي بيان ذلك يقولون إن مجرد تخصيص الأرض المملوكة للدولة لاستخدامها في أغراض عسكرية لا يمكن أن يوصف بأنه خطأ وإذ أضفى الحكم المطعون فيه على هذا الفعل وصف الخطأ وألزمهم بالتعويض وبرد حيازة المطعون ضده الأول لأرض النزاع رغم اكتسابها صفة المال العام بتخصيصها بالفعل للمنفعة العامة، ولم يرد على ما تمسكوا به في دفاعهم أمام محكمة الدرجة الأولى من عدم توافر شروط دعوى الحيازة لعدم ثبوت حيازة المطعون ضده الأول لأرض النزاع بتخصيصها بالفعل للأغراض العسكرية رغم أنه كان مطروحا عليه إعمالا للأثر الناقل للاستئناف بعد إلغائه الحكم المستأنف القاضي بعدم قبوله دعوى الحيازة لرفعها بعد الميعاد وبقبولها فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض إلا أن استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، التي لها أيضا السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها واستخلاص ما تطمئن إليه منها متى كان استخلاصها سائغا ومستمدا من أصل ثابت في الأوراق، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه – في حدود سلطته التقديرية – قد استخلص مما اطمأن إليه من تقريري الخبير ثبوت حيازة المطعون ضده الأول لأرض النزاع الحيازة المستوفية لشرائطها القانونية وإلى أنها لم تخصص بالفعل لأغراض عسكرية وانتهى إلى توافر الخطأ في حق الطاعنين من سلبهم حيازتها قهرا عن الحائز لها، ورتب على ذلك قضاءه بقبول الدعوى وإلزام الطاعنين برد الحيازة للمطعون ضده الأول وبالتعويض، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا ومستمدا من أصل ثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم، فإن مناحي النعي في هذا الخصوص تضحى من قبيل الجدل الموضوعي غير الجائز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم إذ فصل في النزاع المطروح عليه رغم تعلق موضوعه بعمل من أعمال السيادة التي تخرج عن ولاية القضاء عامة إذ ثبت من الأوراق أن أرض النزاع مخصصة بالفعل للأغراض العسكرية لوجود عربة متحركة بها تحمل أجهزة لاسلكية تستخدم في إرشاد الطائرات الحربية صعودا وهبوطا ووحدة عسكرية وكذا مبنى لإيواء أطقم تشغيل المعدات وكلها أمور تكتنفها السرية لا يصدر بشأنها قرارات كتابية فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القضاء هو المنوط به وصف العمل المطروح في الدعوى وبيان ما إذا كان يعد من أعمال السيادة أم يخرج عنها لكي يتسنى الوقوف على مدى ولايته بنظر ما قد يثار بشأنه من مطاعن، ولما كان يشترط حتى لا تختص المحاكم بنظر الدعاوى المتعلقة بالأضرار الناتجة عن التدابير العسكرية المعتبرة من أعمال السيادة أن يثبت على وجه القطع حصول هذه التدابير على النحو الذي يحقق صالح الوطن وأمن وسلامة أراضيه، وكان الثابت من تقريري الخبير المنتدب في الدعوى الذي اطمأن إليهما الحكم وعول عليهما في قضائه أنه نفى واقعة تخصيص أرض النزاع بالفعل للأغراض العسكرية فإن الحكم المطعون فيه إذ انطوى قضاءه في موضوع الدعوى على قضاء ضمني باختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى لا يكون والحال هذه قد خالف قواعد الاختصاص الولائي، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الثالث مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن أرض النزاع تم الاستيلاء عليها لدخولها ضمن مسافات الأمن للوحدة العسكرية رقم 27 التي تحدها من الناحية القبلية وذلك إعمالا لتعليمات العمليات رقم 14 لسنة 1984 الصادر من القوات الجوية تنفيذا للقرار الصادر من نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربي رقم 118 لسنة 1982 بتحديد مسافات أمان للوحدات العسكرية والمطارات الحربية بمائة متر للأراضي الزراعية وخمسمائة متر للأراضي الصحراوية، وإذا قضى الحكم المطعون فيه على الرغم من ذلك برد حيازة المطعون ضده الأول لأرض النزاع وإلزامهم بالتعويض فإنه يكون قد أول القرار الإداري السالف وأوقف تنفيذه متجاوزا بذلك الولاية المتحدة فيما ينشأ بين الأفراد وجهة الإدارة من منازعات مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه وإن كان الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من النظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بثبوت أن جميع عناصره الواقعية التي تسمح بالوقوف عليه والإلمام به كانت مطروحة ومتوفرة لدى محكمة الموضوع، وكانت أوراق الطعن قد خلت مما يفيد اتصال محكمة الموضوع بعناصر القرار الإداري المشار إليه بسبب النعي أو ما يدل على سبق تقديمه إليها – لما كان ذلك، وكان ما ورد بسبب النعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ولم تكن عناصره مطروحة عليها فإنه يكون سببا جديدا لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .