مبررات وأسانيد قانونية السلطة التقديرية

فإن لفكرة السلطة التقديرية مبررات وأسانيد قانونية وفنية وعملية ومنطقية تحتم وجودها وتمتع السلطات الإدارية المختصة بها عند القيام والاضطلاع بوظائفها:
1– استحالة وضع قواعد عامة لكافة تفاصيل الحياة الإدارية فهكذا يمكن تبرير هذه السلطة في أن المشرع وهو يسن القوانين التي تتضمن عادة قواعد عامة مجردة لا يستطيع أن يتنبأ بجميع الحالات والمسائل التي تتعرض لها الإدارة، حتى يحدد لها مقدما السلوك الذي يجب عليها انتهاجه والقرار الذي يجب اتخاذه.

2- فكرة الصلاحية الإدارية إن المشرع لا يتمتع عادة بالقدر الكافي من الخبرة الإدارية التي تمكنه من استنباط كافة الضوابط الإدارية التي تحكم سير العمل بالإدارة بما يناسبه وظروف تلك الإدارة وطبيعة مشاكلها المختلفة وأسلوب العمل بها ، بينما يتمتع رجال الإدارة العامة بتلك الخبرة بحكم طبيعة عملهم مما يجعلهم أكثر قدرة على حسن تقدير الأمور واتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق بكل حالة على حدى.

3-السلطة التقديرية ضرورية لفاعلية العمل الإداري إن التشريع يوضع دائما في زمن معين بالذات، ثم يستقر على حاله فترة طويلة بحكم ما يجب أن تتميز به التشريعات من استقرار. فإذا ما طرأ جديد وأضطر الأمر إلى تعديله، وذلك يتطلب مراحل يمر بها وزمنا طويلا، ولذلك فالتشريع لا يمكنه أن يلاحق التطورات السريعة التي يمر بها النشاط الإداري للدولة، أي أن يواكب التغيرات المتلاحقة التي تصيب العلاقات الإدارية، مما يجعل الإدارة في حاجة إلى تغطية تلك التغيرات السريعة بقرارات إدارية تصدرها بسلطتها التقديرية بين الحين والآخر، دون انتظار لإجراءات صدور التشريع، وخاصة في الحالات العاجلة التي تتطلب فيها المصلحة العامة ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة للحفاظ على أمن الدولة أو على النظام العام أو لمواجهة ظروف طارئة لم تكن في الحسبان.

4-تفادي عيوب السلطة المقيدة
لا يقتصر دور الإدارة على أن تكون مجرد أداة لتنفيذ القوانين حرفيا، لأن من شأن ذلك أن يصيب نشاطها بالجمود والركود و تنعدم لديها ملكة الابتكار والتجديد، ومن ثم فإنه يتعين أن تكون للإدارة سلطة تقديرية حتى تتمكن من ممارسة نشاطها وتحقيق أهدافها على وجه سليم، مما يكفل حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد وبكفاية، بما يحقق المصلحة العامة.

من هنا تظهر أهمية السلطة التقديرية، فالمصلحة العامة تقتضي الاعتراف للإدارة بسلطة تقديرية، حيث لا يمكن أن يقتصر دور الإدارة على مجرد أن تكون تابعا للقانون ومجرد آلة صماء، بل يتعين منحها القدرة على الاختيار وحتى لا توصم بالجمود، وحتى تنمو لديها ملكة الابتكار والإبداع.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت