شروط إشهار الإفلاس 

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

سبق ان تحدثنا عن ان نظام الإفلاس نظام للتنفيذ الجماعي على اموال المدين التاجر الذي يتوقف عن وفاء ديونه التجارية في مواعيد استحقاقها متى كان هذا التوقف يكشف عن انهيار ائتمانه، وذلك من خلال الحكم بإشهار افلاس التاجر وتعيين وكيل للدائنين لتصفية ديون التاجر المستحقة له وعليه وتوزيعها على التجار قسمة الغرماء.

إلا انه نظر لخطورة هذا الأمر فقد اشترط القانون عدة شروط حتى يمكن الحكم بإشهار افلاس التاجر.

وهي على النحو التالي:

ـ يلزم لإشهار الإفلاس أن يكون المدين تاجرا ملتزما بإمساك دفاتر تجارية متوقفا عن دفع ديونه التجارية على اثر اضطراب اعماله المالية، والمقصود بالتاجر هنا كما عرفه القانون هو كل من يزاول على وجه الاحتراف باسمه ولحسابه عملا تجاريا وكذلك ايضا كل شركة تتخذ احد الأشكال المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالشركات ايا كان الغرض الذي انشئت الشركة من أجله. وعبء اثبات توافر صفة التاجر عند المطلوب إشهار افلاسه يقع على عاتق من يدعي هذه الصفة، وله أن يلجأ إلى آفة طرق الإثبات.

ـ التوقف عن الدفع، والمعنى المستفاد انه يكفي ان يمتنع المدين عن الوفاء بديونه التجارية في مواعيد استحقاقها اثر اضطراب اعماله المالية دون ان يلزم من ذلك ان يكون عاجزا عن هذا السداد بسبب الإعسار، وعلى ذلك يبدو واضحا انه لا تلازم بين التوقف عن الدفع والإعسار.

إذ قد يكون التاجر ميسورا اي يملك من الأصول ما يفوق مديونيته ومع ذلك يعتبر متوقفا عن الدفع اذا لم يسدد ما عليه من ديون في مواعيد استحقاقها، اي انه ليست العبرة بقدرة المدين على الوفاء بل بالوفاء في مواعيد الاستحقاق لأن ذلك يحدث اضطرابا في العلاقات التجارية بين التاجر المتوقف عن الدفع وغيره من التجار المستحقين، وبالمقابل فقد يكون التاجر معسرا اي تزيد ديونه على حقوقه ومع ذلك فهو مستمر في الوفاء بالديون في مواعيد استحقاقها.

هنا لا يجوز إشهار افلاس التاجر لأن العبرة بالتوقف عن الدفع، لأنه هو الذي ينبيء عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه لخطر محقق او كبير الاحتمال. وعلى الرغم من ان العبرة بالتوقف عن دفع الدين المستحق.

إلا انه يجب ان يتوافر في هذا الدين شروط اهمها ان يكون تجاريا ومؤكدا اي خاليا من اي نزاع جدي بشأنه حول ثبوته ومقداره واستحقاقه معين المقدار مستحق الأداء فورا، وعلى ذلك فلا يصح المطالبة بإشهار الإفلاس عن دين غير معين المقدار لم يحل اجل استحقاقه بعد.

وفي كل الأحوال يجب على من يطلب إشهار افلاس التاجر ان يقيم الدليل على توافر شروط الحكم بذلك، إلا أن هناك من الأمور ما تعد دليلا على جدية إشهار افلاس التاجر فعلى سبيل المثال يعد اصدار التاجر شيكات بدون رصيد وكذلك صدور احكام ضد التاجر بمديونيات عجز عن سدادها، وتحايله بتزوير أوراق للتحلل من الالتزامات المالية الملقاة على عاتقه دليلا يدعم طلب إشهار افلاسه.

وما استطاع من يرغب في إشهار الإفلاس أن يثبت تلك الامور وثبت ذلك امام المحكمة فليس للمحكمة ان ترفض طلبه. وتعد دعوى طلب إشهار الإفلاس ليست من دعوى خصومة يطلب فيها رافعها اجبار مدينه على الوفاء بديونه، وإنما هي دعوة إجراءات هدفها اثبات حالة توقف التاجر عن دفع ديونه التجارية نتيجة اضطراب مركزه المالي ما يجعل حقوق الدائن معرضة للضياع.

وعلى ذلك فطبيعة الدعوى هنا ليست مطالبة بل طريقة لحماية اموال الدائنين من تصرفات المدين محققا المساوة بينهم عند تصفية الديون التى لن يصلوا اليها إلا من خلال امين التفليسة. ويصير لكل من التاجر نفسه او لورثته او احد دائنيه او النيابة طلب إشهار افلاس التاجر.

ويؤخذ في الاعتبار انه في حالة رفض طلب التفليس على اساس ان هذا الطلب كيدي قصد به الإساءة الى المدين صحيحا ان حق الالتجاء الى القضاء من الحقوق العامة التي تثبت للكافة.

إلا انه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما وضع له واستعماله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة الغير وإلا حقت مساءلته بالتعويض، طالما كان يستهدف بدعواه مضارة خصمه.

وينعقد الاختصاص النوعي بإشهار الإفلاس للمحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها موطن تجاري للمدين اذا لم يكن له ذلك ينعقد الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها محل إقامته المعتادة.

اما بخصوص الاختصاص المحلي فتعد المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها الموطن التجاري للمدين هي المختصة.

ولا قيمة لتغير المدين موطنه التجاري بعد رفع دعوى التفليس. اما اذا تعددت مواطن التاجر فإن كانت تجارة واحدة فينعقد الاختصاص لمحكمة الموطن الرئيسي، أما إذا كان التاجر يباشر ذلك من خلال عدة فروع كان الاختصاص لكل محكمة يكون فيها موطن المدين الخاص بكل من فروع تجارته.

ويعتبر الاختصاص سواء كان محليا او نوعيا من النظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفته، مع الأخذ في الاعتبار أن جميع المسائل المتفرعة عن الإفلاس او المتعلقة بادارة التفليسة يكون الاختصاص منعقدا للمحكمة التي اشهرت الإفلاس ويصير الحكم الصادر بإشهار الإفلاس واجب النفاذ مؤقتا بلا كفالة.