شروط التدخل الدولي لحماية حقوق الانسان

المؤلف : موسى سليمان موسى
الكتاب أو المصدر : التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

1- وجوب الاستناد الى قواعد القانون الدولي :
لكي يكون التدخل الدولي لحماية حقوق الانسان مشروعاً لا بد وأن يستند الى قواعد القانون الدولي ، في شقه المتعلق بحقوق الانسان، ويتمثل تلك القواعد في الاتفاقيات الدولية، التي أقدمت الدول بارادتها الحرة في التوقيع والمصادقة عليها، أو الانضمام اليها لاحقاً، بما يولد من التزامات على الاطراف المتعاقدة التي يكون من الواجب تنفيذ تلك الالتزامات، حتى وإذا كان الالتزام يخرج بعض المسائل من الاختصاص الداخلي للدولة ، فالعقد الدولي الذي نشأ بين الدول ، لم ينشأ إلا ليحافظ على أمن المجتمع الدولي واستقراره ، وليحمي الانسان والاجيال القادمة من الانتهاكات التي ترتكب أو قد ترتكب ، ولا يتم ذلك إلا إذا قررت الدول المنضمة الى ذلك العقد بالتنازل – ضمنياً – عن بعض اختصاصاتها الداخلية والتي لم تعد تنازلاً عن سيادة الدولة على اقليمها من أرض وشعب وثراوات .

ومن أمثلة ذلك ، تدخل الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل تنفيذ المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، واصدار قرارها في / 22/ تشرين الاول 1949 المتعلق بانتهاكات حقوق الانسان في المجر وبلغاريا ورومانيا ، وقد انكرت الدول الثلاث، الاتهامات الموجهة اليها وعادت الجمعية العامة اكثر من مرة لتشيرالى انتهاكات الدول الثلاث، مما أدى بالدول الثلاث تلك الى الدفع أمام محكمة العدل الدولية بدعوى تجاوز الجمعية العامة سلطتها بالتدخل في الشؤون الداخلية لإثنائها عن تبني المذهب الاشتراكي ، وقد رفضت محكمة العدل الدولية دفع الدول الثلاث مؤكدة انه تم تدويل مسائل حقوق الانسان، وانها لم تعد تدخل في صميم الاختصاص الداخلي للدول، وذلك بعد تناول هذه المسائل في اتفاقيات ومواثيق حقوق الانسان الدولية .

2- التدخل عبر المنظمات الدولية :
ومؤدى ذلك أن يصدر قرار التدخل من منظمة الامم المتحدة، والهيئات الدولية المخولة، بموجب الاتفاقيات الدولية، كون المنظمة الدولية مكلفةً بموجب المواثيق والاتفاقيات الدولية بحماية حقوق الانسان وحرياته الأساسية .وان قبول مجلس حقوق الانسان، للشكاوي، والتبليغات، التي ترد اليها من الافراد، والدول ضحايا تلك الانتهاكات، قد يكون سبيلاً لتحرك تلك الوكالات المتخصصة أو مجالس ولجان حقوق الانسان، لرصد واستطلاع أحوال حقوق الانسان في دولة ما، ودراسة مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة للتقارير الواردة اليها وفحصها ومن ثم ابداء النصائح والاستشارات، لتخفيف عملية الانتهاكات أو انهائها، وتحويل تلك التقارير إلى الجمعية العامة ،لاتخاذ ما تراه مناسباً ،لا يعني بان هناك عملية التفاف على الجمعية العامة من قبل أجهزة متخصصة،أو أفراداً ،أو دولاً من خلال شكاويها وتبليغاتها بهدف تشجيع المنظمة الدولية ،باصدار قرار التدخل في دولة ما للحماية الانسانية .

ان عملية رصد احوال حقوق الانسان في دولة ما من قبل الامم المتحدة أصبحت اكثر سهولة بتوافر الآليات العديدة التي تسهل من عملية الرصد، من نظام الشكاوي والتبليغات وضرورة تقديم الدول تقارير عن أحوال حقوق الانسان فيها والانتشار الواسع لمنظمات حقوق الانسان الغير حكومية ،مما يشير بان حماية حقوق الانسان من الانتهاكات سيكون أفضل من السابق، بالاضافة الى الاهتمام المتزايد من قبل المنظمات الدولية والاقليمية بمسائل حقوق الانسان .

مما يستدعي عدم استفراد الدول منفردة بدعوى حقوق الانسان بالتدخل في شؤون دولة أخرى بارادتها المنفردة أو المشتركة مع دول أخرى لتسيس الحالة في دعمها لأحد الاطراف دون غيرها .

3- حدود التدخل الدولي المشروع لحماية حقوق الانسان .

ان قواعد القانون الدولي هي التي يجب على المنظمات الدولية الخضوع لها والتقيد بما ينص عليها الاتفاقيات الدولية من أهداف التدخل، والغرض منه ضمن الحدود المشروعة، بعيداً عن التحيز، والتمييز بين الأفراد والاطراف . فالعملية الانسانية من مساعدة وحماية لا تجب أن يتمتع بها فرداً أو طرفاً دون آخر، لذلك يكون التقيد بالحيدة والنزاهة والعدالة والموضوعية حدوداً مشروعة، يعد تجاوزها بهدف تسييس قضايا حقوق الانسان خارجاًعن المشروعية ، وكثيراً ما تخضع الدولة أو مجموعة الدول التي تتدخل في شؤون دولة ما بتقديم أحد الاطراف على الآخر في المناصرة، فتصبح تصرفاتها تلك مدانة من قبل الشعوب أو الدول أو حتى من منظمة الامم المتحدة نفسها ،لان تدخل تلك الدول على تلك الشاكلة لا تتم وفقاً لاعتبارات الحاجة الانسانية، بل تخضع لاعتباراتها السياسية.

وقد علا نجم منظمة الصليب الاحمر الدولية، في تقديمها للمساعدة والحماية الانسانية دون اية اعتبارات سوى الحاجة ودون أي تمييز . وكي تسير عملية الحماية الانسانية من قبل دولة أو مجموعة من الدول مفوضةً من الامم المتحدة بحياد وموضوعية، يجب أن تكون تلك العمليات تحت رقابة المنظمة الدولية بشكل دائم ،حفاظاً على العدل، وتحقيقاً للانسانية .