(الجرائم المخلةبالشرف في القانون الجنائي العراقي)
================================
الجرائم المخلة بالشرف في القانون الجنائي العراقي
في التشريع العراقي يوجد اكثر من قانون يتطرق في ثناياه الى الجريمة المخلة بالشرف من دون ان يعطي تعريفاً لذلك المفهوم كما ان المشرع في تلك القوانين قد تطرق الى عدد من تلك الجرائم على سبيل التشبيه ( المثال) مستعملاً حرف كاف، وكما هو معلوم في اللغة ان ذلك الحرف ياتي كحرف جر له عدة معاني وفي صدارتها( للتشبيه) كقوله تعالى ( وردة كالدهان ) وانت شامخ كالطود اي الجبل انت كالاسد ، حيث ان قانون الخدمة المدنية العراقي المرقم ٢٤ لسنة ١٩٦٠ وفي المادة ٧/ف٤ منه تطرق الى لزوم ان يكون الشخص المتقدم للتعيين في الوظيفة العامة غير محكوم عليه بجناية أو الجنحة التي تمس الشرف ( كالسرقة والاختلاس والتزوير والاحتيال ) وكذلك ان المشرع في قانون العقوبات العراقي المرقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل وفي المادة ٢١ ف٦ منه تطرق الى الجرائم المخلة بالشرف ( كالسرقة والاختلاس والتزوير وخيانة الامانة والاحتيال والرشوة وهتك العرض ) كما ان هناك بعض القرارات والقوانين نصت على اعتبار جرائم بعينها مخلة بالشرف مثل القرار المرقم ٦١ الصادر عن مجلس قيادة الثورة المنحل بتاريخ ١٧/١/ ١٩٨٨ اذ اعتبر جريمة الهروب من الخدمة العسكرية والتخلف عنها وجريمة العمل ضد الثورة من الجرائم المخلة بالشرف وعلى المحكمة ان تنص على ذلك في قرار حكمها ، كما ان قانون مكافحة الارهاب الصادر عن البرلمان الكوردستاني رقم ٣ لسنة ٢٠٠٦ وفي المادة ١٢ منه اعتبر الجرائم الارهابية الواردة في ذلك القانون من الجرائم المخلة بالشرف ،

اذن فالجريمة المخلة بالشرف لم ترد في القانون على سبيل الحصر وانما جاءت على سبيل التشبيه وبالتالي يمكن القياس عليها اذا كانت العلة متحدة ، ومع ذلك نجد ان التعريفات الفقهية لذلك المفهوم وان اختلفت في بعض العبارات الا انها متفقة من حيث المضمون وفي هذا الصدد يلاحظ ان ديوان التدوين القانوني العراقي في فتوى له تحت رقم ١/ج/١/ ٢٢١ في ٢٣/٩/ ١٩٦٢ قد عرف الجريمة المخلة بالشرف بانها هي الجريمة التي تخل باعتبار مرتكبها في الهيئة الاجتماعية او هي التي ترجع ضعف في الخلق وانحراف في الطبع والمستوى الاخلاقي ، فكلما كانت هذه المعايير متوفرة في الجريمة موضوعة البحث والتي لم تكن ضمن الجرائم المشبهة في النصوص القانونية والتي ذكر بانها مخلة بالشرف صراحة يمكن اعتبارها من الجرائم المخلة بالشرف على سبيل المثال جريمة الزنا وجريمة الاغتصاب او اللواطة وتزييف العملة وتعاطي المخدرات او الاتجار بها وغيرها من الجرائم توصف بكونها مخلة بالشرف طالما تتوفر فيها تلك المعايير ، وبما ان قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم ( ٦٠٩) في ١٢/٨/ ١٩٨٧ قد الزم المحاكم بان تستعمل كلمة( المجرم) محل كلمة( المدان)

وحلول عبارة ( قرار التجريم ) محل عبارة ( قرار الادانة ) عند الحكم على المتهم باحدى الجرائم الماسة بالشرف كالسرقة والاختلاس وخيانة الامانة والتزوير والرشوة والجرائم المتعلقة بالتخريب الاقتصادي ، غير ان الامر الذي يثير بعض الصعوبة لدى المحاكم عندما تكون الجريمة التي يرتكبها المتهم عادية ولكن الباعث الذي دفعه او الغاية التي يريد تحقيقها من ارتكابه لتلك الجريمة غير شريف او دنيء ففي هذه الحالة تدخل تلك الجريمة في نطاق الجرائم المخلة بالشرف وبالتالي يتعين على المحكمة مراعات احكام قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم (٦٠٩) لسنة ١٩٨٧ المشار اليه في اعلاه ومن الامثلة على ذلك ارتكاب جريمة القتل لدافع دنيء او مقابل اجر ( المادة ٤٠٦/١-ج من ق ع وكذلك ارتكاب جريمة القتل تمهيداً او تسهيلاً لارتكاب جريمة السرقة او تمكيناً لمرتكبها على الفرار او التخلص من العقاب المادة ٤٠٦/١-ح من ق ع ، لان الدافع او الغاية الدنيئة تلقي بظلالها على الجريمة العادية المرتكبة وتجعل منها مخلة بالشرف وفي هذاالصدد يتوفر بين ايدينا قرار حديث لمحكمة تمييزاقليم كوردستان بعدد ٤٠٨/ الهيئة الجزائية الثانية/ ٢٠١٦ في ٢٠١٦/٥/١٥ يوضح لنا ذلك المفهوم اذ جاء فيه:– ((وبذلك يكون المجرمان قد ارتكبا جريمة الشروع في قتل المجنى عليه عمداً مع سبق الاصرار تمهيداً لسرقةنقوده و سيارته لذا قرر تصديق قرار الادانة تعديلاً بحلول عبارة تجريمهما بدلاً من عبارة ادانتهما لان الغاية من جريمة الشروع في القتل انما كانت ارتكاب جريمة السرقة التي وقعت فعلاً وان تلك الغاية تلقي بضلالها على الجريمة بكاملها وتجعل منها مخلة بالشرف ))

ومما هو جدير بالذكر انه لايمكن استعمال عبارتي تجريم ومجرم بالنسبة للمتهمين الاحداث حتى وان كانت الجريمة التي ارتكبها مخلة بالشرف على النحو المشار اليه في اعلاه حيث ان قانون الاحداث القديم المرقم ١١ لسنة ١٩٦٢ وفي المادة ٧٣ منه قد نصت ( على المحكمة ان تستعمل كلمة ادانة بدلاً من كلمة تجريم وكلمة جانح بدلاً من كلمة مجرم )

وبالرغم من خلو قانون رعاية الاحداث النافذ المرقم ٧٦ لسنة ١٩٨٣٣ المعدل والذي حل محل القانون القديم من نص على غرار نص المادة ٧٣ من قانون الاحداث الملغى غير ان العرف القضائي قد جرى على عدم استعمال كلمة تجريم ومجرم بالنسبة الى الاحداث الذين يرتكبون احدى الجرائم المخلة بالشرف،في الوقت الذي ان كلمة تجريم وادانة من الناحية اللغوية مترادفتان وتستعمل عبارة الادانة بالنسبة للجريمة التي تشكل مخالفة او جنحة وعبارة تجريم بالنسبة للجريمة التي تشكل جناية أي ان استعمال المصطلحين يكون تبعاً لجسامة الجريمة المرتكبة ،

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

شؤرش قادر محمد رواندزى