بواسطة mohamah

إجراءات الاستدلال والتحقيق الاستثنائي :
إن من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ الأمن، وتنظيم حياة الناس، ومنع الجريمة قبل وقوعها وإذا وقعت تعقب الجناة والقبض عليه والتحقيق معهم وتقديمهم لمحاكمة عادلة وتنفيذ العقوبة المقررة بالمقتضى الشرعي أو النظامي، وفق ضوابط تحمي حقوق الإنسان وكرامته.
وهذه الإجراءات الجزائية عرفتها الشريعة الإسلامية سواء بنصوص واضحة الدلالة من القران أو السنة أو استنتاج القواعد العامة للإجراءات الجزائية من بعض نصوص القران والسنة أو من بعض القواعد الأصولية ، أو ما جرى العمل به من قبل الصحابة الكرام والتابعين لهم .

والإجراءات الجزائية في الشريعة الإسلامية تدور حول محور أساسي هو تحقيق التوازن الدقيق بين مصلحة المجتمع في الأمن ، ومنع الجريمة وتعقب الجناة والقبض عليهم وتقديمهم للتحقيق والمحاكمة من جهة وبين الضمانات الجوهرية للمتهم من حفظ إنسانيته وكرامته وتحقيق حق المتهم في الدفاع عن نفسه مباشرة أو بواسطة محامي، وصيانة حرمة الحياة الخاصة ، وحرمة المسكن والمحافظة على الحرية الشخصية ، وعدم اتخاذ أي إجراءات جنائية بحق الأنثى إلا بطريق يمنع الخلوة غير الشرعية كمن جهة أخرى.
وقد عملت المملكة منذ تأسيسها على إتباع الإجراءات الجزائية وفق نصوص الشريعة الإسلامية دون تقنين هذه الإجراءات وفق نظام مستقل حتى عام 1423هـ ، حيث صدر نظام الإجراءات الجزائية بالمرسوم الملكي رقم م /39 في 28 /7/1423هـ، حيث أحدث صدوره تنظيم الإجراءات الجزائية في المملكة العربية السعودية سواء في مرحلة الاستدلالات أو التحقيق أو المحاكمة وفق نظام شامل في225 مادة متضمنة لمراحل الإجراءات قبل المحاكمة وبعدها وتنفيذ الإحكام متوافقة مع أحاكم الشريعة الإسلامية وفقا لما قرره المشرع السعودي لا تتعارض مع أحـكام الكتاب والسنة كما هو مقرر أصلاً في المادة الأولى منه .
ولقد حرصت الشريعة الإسلامية على تنظيم حياة الناس ، ومنعت أي ضرر يمس بكرامة الإنسان وحرماته وحياته ، سواء كان الجاني أو المجني عليه ، فكان هذا أصلا أرسته الشريعة الإسلامية ، قال الله تعالى :” ولقد كرمنا بني آدم ” .

ولكن في المقابل أجازت عند الضرورة القيام بإجراءات تمس بحريات الأشخاص عند انتهاك الجاني للقوانين تطبيقا لأحكام شرع الله سبحانه وتعالى،كالقبض على المجرم المتلبس والتحقيق معه ومحاكمته وتنفيذ العقوبة عليه وصولا للعدالة الجزائية .
وحيث إن المملكة العربية السعودية دولة إسلامية تطبق الشريعة الإسلامية كما نصت عليه أنظمتها، فقد سلكت هذا المسلك تطبيقا والتزاما بأحكام الشريعة الإسلامية، كما نصت عليه المادة الأولى من النظام ذاته.
والمتتبع لنظام الإجراءات الجزائية يرى مدى حرص المشرع على حريات وحرمات الأفراد ، وانه لا يجوز المساس بها مطلقا إلا في الحدود المسموح بها نظاما ، وفي المقابل بينت الإجراءات المتبعة للقبض على الجاني والتحقيق معه ومحاكمته وتنفيذ العقوبة المقررة عليه .

ولأن هذا النظام حديث في المملكة العربية السعودية ، وهو تقنين لبعض الإجراءات الجزائية المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية ، وكذلك إجراءات لم تذكرها الشريعة الإسلامية ؛ لكنها واردة في القواعد العامة لها .

وسوف نتطرق إن شاء الله إلى مفهوم رجال الضبط الجنائي ومن تثبت لهم هذه الصفة وأداة ثبوتها واختصاصاتهم ومن يقوم بأعمال الضبط الجنائي ومنهم رؤساء مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودورهم ودور معاونيهم من رجال السلطة سواء كانوا من منسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو أفراد الأمن العام .
أهمية الدراسة

إن دراسة وشرح وتأصيل نصوص مواد نظام الإجراءات الجزائية السعودي المتعلقة بمرحلة الاستدلال المتعلقة برجال الضبط الجنائي وخاصة مايتعلق بالاختصاص النوعي لرؤساء مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يساعد المختصين من رجال الضبط الجنائي وعلى وجه الخصوص منسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في فهم إجراءات الاستدلال بشكل دقيق ومعرفة الإجراءات المتبعة أمام الواقعة المنظورة من قبلهم .

أهداف الدراسة
1)معرفة الفرق بين الضبط الإداري والضبط الجنائي فيما يتعلق بعمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
2) معرفة من يقوم بأعمال الضبط الجنائي في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3)معرفة الاختصاص المكاني والنوعي لمن يقوم بأعمال الضبط الجنائي في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
4)معرفة اختصاصات رؤساء مراكز هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كرجال للضبط الجنائي .
5)معروفة الدور الذي يقوم به معاونوا رجال الضبط الجنائي من منسوبي هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وأفراد الامن العام المرافقين لهم .
6)معرفة إجراءات الاستدلال التي يتعين القيام بها من رؤساء مراكز هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كرجال ضبط جنائي .
7)معرفة إجراءات التحقيق التي يتعين القيام بها استثناء من رؤساء مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كرجال ضبط جنائي .

فروع النظام :
نظام الإجراءات الجزائية هو أحد أقسام النظام الجنائي الذي هو فرع من فروع النظام العام وقبل أن نتحدث عن نظام الإجراءات الجزائية لا بد أن نتعرض لفروع النظام لنأخذ فكرة مختصرة أو بانوراما كما يقولون ونعلق بعد ذلك على نظام الإجراءات الجزائية بشئ من التفصيل .
فالنظام ينقسم إلى نظام عام ونظام خاص .
والنظام العام : هو نظام السلطة العامة الذي ينظم تكوين السلطات العامة في الدولة والعلاقات فيما بينها وينظم العلاقات بين السلطات وبين الإفراد ، وتضم مجموعة من القواعد التي تحكم العلاقات التي يكون احد أطرافها على الأقل شخص يملك السيادة ويتصرف بوصه هذا . (مثل الدولة أو المحافظة أو وزارة التربية والتعليم أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها ) .
أما النظام الخاص: فيحكم العلاقات بين الأفراد العاديين أو بين الأفراد والدولة في الحالات التي تظهر فيها الدولة كشخص عادي تقف على قدم المساواة بين الفرد بحيث لا تستخدم مزاياها كسلطة عامة.(مثل أن تشتري وزارة التربية والتعليم أو جهة حكومية أخرى عقارا أو أرضاً لمنفعتها الخاصة بحيث تكون العـلاقة الـناشئة عن هذه التصرفات علاقات خاصة تحكمها قواعد النظام الخاص ).
وتبدو أهمية التفرقة بين النظام العام والنظام الخاص في أن قواعد النظام العام تعطي الدولة سلطات استثنائية في علاقاتها بغيرها وتعتبر ذات طبيعة آمره أي تحدد من حريات الأفراد ومن ثم فان قواعد النظام العام تتميز بأنها تعطي للدولة وفروعها سلطات في مواجهة الأفراد يقابلها خضوع من جانبهم ، مثل علاقة الموظف العام بالدولة .
أما علاقات النظام الخاص فهي تقوم في غالبيتها على أساس الحرية والمساواة.
وينقسم كل من النظام العام والنظام الخاص إلى عدة فروع نتناولها باختصار شديد :

أولاً : فروع النظام العام :
1-النظام الدولي العام : وهو ينظم علاقات الدول فيما بينها سواء في حال الحرب أو السلم ( مثل إبرام المعاهدات والتمثيل الدبلوماسي وطرق فض المنازعات ومعاملات الأسرى ونظام الحرب ويشمل أيضا مركز المنظمات الدولية والعلاقات فيما بينها وعلاقاتها بالدول سواء في ذلك المنظمات العالمية كالأمم المتحدة أو الإقليمية كجامعة الدول العربية وقس على ذلك ).
2- النظام الدستوري: وهو مجموعة القواعد التي تحدد النظام السياسي في الجماعة وتبين أسس الدولة وشكلها وسلطاتها والعلاقات فيما بينها وحقوق الأفراد الأساسية وضمان حرياتهم.( مثل النظام الأساسي للحكم، ويسمى بالنظام الأسمى الذي يجب ألا يخالفه نظام آخر وهو يبين شكل الدولة (كالملكية عندنا ) ويبين توزيع السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية واختصاصاتها والعلاقات فيما بينها وعلاقات الأفراد.

3-النظام الإداري : وهو النظام الذي يحكم نشاط الدولة الإداري أي السلطة التنفيذية في قيامها بوظيفتها الإدارية ، وتتمثل تلك الوظيفة في حفظ الأمن والنظام وفي إدارة وتسيير أوجه النشاط المختلفة من خلال القيام على أمر المرافق العامة .وعلى هذا تشمل موضوعات النظام الإداري الأجهزة المختلفة للإدارة وطريقة تشكيلها وعلاقتها بالموظفين ومركز النظامي من حيث التعين والترقيات والتأديب ، ويشمل كذلك علاقة الحكومة بالإدارات المختلفة والأموال العامة وكيفية الحفاظ عليها وحمايتها ، ومن أهم الموضوعات في النظام الإداري القواعد التي تحدد طرق الفصل في المنازعات بين الإدارة والأفراد . (وسوف نتحدث عنه إن شاء الله بإيجاز بعد قليل ثم ندخل في صلب الموضوع وهو فرع منه أصول التحقيق الإداري ).

4-النظام المالي: وينظم مالية الدولة من حيث بيان مواردها المالية من رسوم وإيرادات وقروض وبيان أوجه الإنفاق وأنواعها فالنظام المالي يدور حول ميزانية الدولة بما تتضمنه من إيرادات ومصروفات.

5-النظام الجنائي : وهو النظام الذي يتضمن القواعد المنظمة لحق الدولة في العقاب وذلك ببيان الأفعال التي تعتبر جرائم والعقوبات المقررة لكل منها والإجراءات التي تتبع في القبض على مرتكبي الجرائم ومحاكمتهم وتنفيذ العقوبات فيهم . والنظام الجنائي يتضمن قسمين : القسم الأول نظام العقوبات (حدود – قصاص – تعازير :نظام عقوبات التعازير ولكنه غير مكتوب – نظام الأسلحة – نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية – نظام غسل الأموال – نظام العلامات التجارية – نظام البيانات التجارية – نظام مكافحة التستر – نظام مكافحة التزوير – نظام مكافحة الرشوة – وغيرها من الأنظمة الجنائية ). والقسم الثاني : نظام إجراءات ( وهو نظام مكتوب يسمى نظام الإجراءات الجزائية ) .

ثانياً : فروع النظام الخاص :
1- النظام المدني : يعتبر النظام المدني الفرع الأساسي للنظام الخاص فهو ينظم كافة علاقات التعامل بين الأفراد إلا أن بعض هذه العلاقات قد انفصلت لتنظمها فروع مستقلة من القانون مثل القانون التجاري وقانون العمل والنظام الزراعي ولذلك فان القانون المدني يعتبر الشريعة العامة أو القانون الأصلي الذي ينبغي الرجوع إليه وتطبيق أحكامه في حالة عدم وجود نص استثنائي أو خاص بالعلاقة محل النزاع أمام القضاء ، وتنظم قواعد القانون المدني مسائل الأحوال الشخصية أي حالة الأشخاص وأهليتهم ومسائل الأسرة من انعقاد الزواج وآثاره وانحلاله ومسائل البنوة والنسب والنفقة والولاية والوصاية والمواريث ومسائل الأحوال العينية أي الروابط المالية كالحقوق المالية وطرق اكتسابها ومضمونها وانتقالها وانقضائها .

2-القانون التجاري : يضم مجموعة القواعد التي تحكم العلاقات التجارية أي علاقات التجار والأعمال التجارية ، بحيث يبين الصفات الواجب توفرها في الشخص حتى يكون تاجرا والشركات التجارية بأنواعها وتكوينها وانقضائها ويحدد واجبات التجار كالقيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر وإفلاس التجار وحقوق الدائنين وإمكان الصلح بينهم وبين التاجر ، وينظم القانون التجاري الإعمال التجارية كأعمال السمسرة والعقود التجارية وغيرها .
3-القانون البحري والقانون والجوي: ويعتبر كلاً منهما جزاءً من القانون التجاري إلا أنهما يزدادان استقلالا مع تقدم الأنشطة الملاحية البحرية والجوية.

4-نظام العمل : يضم مجموعة من القواعد التي تحكم العلاقات النظامية بين العامل وصاحب العمل وهي علاقة تتميز بتبعية الأول للثاني ، ونشأ نظام العمل بهدف حماية العمال من استغلال صاحب العمل وحماية لحقوق صاحب العمل ويتميز نظام العمل بالصفة الآمرة لأنه يضع قيودا على إرادة صاحب العمل لمصلحة العامل كتحديد الأجور وساعات العمل وكفالة الصحة والسلامة وسلطة توقيـع الجزاءات لصالح صاحب العمل كالفصل وغيرها ضد العامل .

5-نظام المرافعات المدنية والتجارية : ويضم مجموعة القواعد المتعلقة بتنظيم الإجراءات الواجب إتباعها أما القضاء لحماية الحقوق المعتدى عليها أو المتنازع فيها وذلك ببيان المحاكم المتخصصة وإجراءات التقاضي وإصدار الأحكام والطعن فيها وتنفيذها ، وهو نظام مكتوب عندنا ويسمى (نظام المرافعات الشرعية ) .

6-النظام الدولي الخاص : وهو مجموعة القواعد التي تبين النظام الواجب التطبيق على العلاقات ذات العنصر الأجنبي ومدى اختصاص المحاكم بنظر المنازعات المتعلقة بتلك العلاقات ، وتكون العلاقة ذات عنصر أجنبي إذا كان احد أطرافها أجنبياً أو كان محلها مالا موجودا بالخارج أو كان مصدرها عقدا تم ابرامة أو تنفيذه في بلد آخر . ومثاله لو تزوجت سعودية بلبناني في دولة فرنسا فما هو النظام الواجب التطبيق على النزاع بينهما؟ وما هي المحكمة المختصة ؟ ولو كان النزاع بين سعوديين على عقار في تونس مثلا ؟ أو طلب الحق بالاحتفاظ بجنسية معينة أو طلب اكتسابها ؟ كل ذلك يجيب عليه القانون الدولي الخاص .

الفرق بين الضبط الإداري والضبط الجنائي :
إن النظام الإداري يهتم :
1-بالتنظيم الإداري والقواعد القانونية له لأن التنظيم الإداري يعني السلطة الإدارية وكيفية إنشاء المرافق المرافق الإدارية من مركزية (كالوزارات والإمارات ) واللامركزية (كالبلديات والهيئات والمؤسسات )، والقواعد تتمثل في الأنظمة واللوائح والقرارات التي تحدد الهياكل التنظيمية للوزارات والهيئات والمصالح الحكومية والقواعد المتعلقة بالموظفين في الإدارة العامة (كالتعين والحقوق والواجبات والترقيات والنقل والندب والإعارة وتوزيع العمل والاختصاصات بين الأجهزة الإدارية ) .

2-النشاط الإداري والقواعد القانونية له : وتعني مجموعة القواعد القانونية التي تبين سلطات الإدارة العامة وامتيازاتها حين تمارس السلطة العامة وما يتصل بذلك من تنظيم صور النشاط الإداري والتي تتمثل في :

(أ) المرافق العامة : التي تقدم خدمات عامة مثل الأمن وتقوم بها وزارة الداخلية والصحة وتقوم بها وزارة الصحة والتعليم وتقوم بها وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي والدفاع وزارة الدفاع والعدل وتقوم بها السلطة القضائية .
(ب) الضبط الإداري : والذي يسعى لحماية الأمن العام والسكينة العامة وتقوم به السلطة العامة ومنها وزارة الداخلية وغيرها من السلطات المختصة والصحة العامة وتقوم به وزارتي الصحة والبلدية والشئون القروية والآداب العامة في المجتمع وتقوم به السلطة العامة ومنها الشرط وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر …الخ ويحدد القانون الإداري أساليب الضبط الإداري والقيود التي تنظم الأنشطة الفردية حماية لحقوق الأفراد ومراعاة للتوازن بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة.

1-الوظيفة العامة:وهي كل ما يتعلق بالموظف العام منذ التحاقه بالوظيفة حتى خروجها منها وإنهاء الرابطة الوظيفية .
2-أعمال السلطة العامة : تتمثل في السلطة العامة في الوسائل القانونية الصادرة عن الإدارة كالقرارات الإدارية الفردية والعقود الصادرة باتفاق الإدارة والأفراد وغيرهم .

3-الأموال العامة : تتمثل في النظام الذي يحكم الأموال العامة والحماية لها وكيفية استخدامها والانتفاع بها .
4-وسائل الإدارة : تتمثل وسائل الإدارة في الامتيازات التي تتمتع بها الإدارة كالسلطة التقديرية والتنفيذ المباشر للقرارات الإدارية والشروط المألوفة للعقد الإداري .
5-القضاء الإداري :تبين قواعد القانون الإداري أحكام رقابة القضاء الإداري على أعمال الإدارة العامة وأسس وسائل حل المنازعات الإدارية التي تثور بين الإدارات الحكومية والأفراد ويتولى ديوان المظالم بالمملكة مهمة القضاء الإداري الذي يفصل في المنازعات الإدارية وطرق التظلم من القرارات الإدارية وجهات الفصل فيها ويتضمن قواعد التحقيق مع الموظفين والجهات المختصة بهذا التحقيق والعقوبات التي توقع عليهم عند ارتكاب المخالفات المالية والإدارية .

ويجدر بنا أن نفرق بين الضبط الإداري والضبط الجنائي:
فمفهوم الضبط الإداري: هو مجموعة الإجراءات والقرارات والأوامر التي تتخذها سلطات الضبط الإداري بهدف المحافظة على النظام العام.
ومفهوم الضبط الجنائي : فهو مجموعة الإجراءات التي تتخذها سلطة الضبط الجنائي كتلقي البلاغات والشكاوى وجمع الأدلة والمعلومات عن الجرائم وضبط مرتكبيها من اجل القبض عليهم وتقديمهم للتحقيق والادعاء ضدهم أمام المحاكم المختصة ومحاكمتهم وتوقيع العقوبات المقررة ضدهم شرعها ونظاما وتنفيذ العقوبات المقررة ضدهم .

ويتميز الضبط الجنائي عن الضبط الإداري بما يلي :
1-إن النظام الذي يخضع له الضبط الجنائي هو نظام الإجراءات الجزائية بينما يخضع الضبط الإداري للقانون الإداري .وبناء عليه تخضع أعمال الضبط الجنائي لإشراف هيئة التحقيق والادعاء العام أما الضبط الإداري فيخضع لرقابة وإشراف الإدارة التابعة للجهة.
2-الضبط الإداري يقوم بمراقبة نشاط الأفراد وعدم إخلالهم بالنظام العام وحمايته قبل ارتكاب الجريمة أو المخالفة أما الضبط الجنائي يقوم بعد ارتكاب المخالفة أو الجريمة بحيث يكون غايته علاج آثار الجرائم بتوقيع الجزاء على مرتكبيها والردع العام للمجتمع .

التعريف بالإجراءات الجزائية .
ليس هناك تعريف للإجراءات الجزائية في الشريعة الإسلامية بالمعنى المشاهد في القوانين الأخرى لكن فهم الفقهاء القواعد الإجرائية للإجراءات الجزائية من استنباطهم الأدلة من نصوص الكتاب والسنة والمصادر الأخرى للنظام الجنائي الإسلامي وعملوا بها .
فالإجراءات الجزائية في الشريعة الإسلامية لا تختلف عن الإجراءات الجزائية في الأنظمة المعاصرة لها سواء كانت تطبق الشريعة الإسلامية أو لا تطبقها لأن هذه القوانين استفادت القواعد العامة للإجراءات الجزائية من الشريعة الإسلامية من حيث إنشاء القواعد والأحكام العامة في قوانين الإجراءات الجزائية كعدم جواز القبض على أي شخص دون سبب ومنع دخول المنازل إلا بعد الاستئذان من أهلها ، وعدم تقيد حرية الأشخاص أو إيذائهم جسديا أو معنويا أو التعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة الإنسانية و تطبيق مبدأ الشرعية لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وأن جانب المدعي عليه هو الأقوى ما لم تكن الأدلة قائمة ضده وأن يحق للمتهم محاكمة عادلة تجرى وفق الشريعة الإسلامية .

والقانون الجنائي الإسلامي وهو القانون الذي يتضمن القواعد المنظمة لحق الله والمجتمع والفرد في العقاب وذلك ببيان الأفعال التي تعتبر جرائم والعقوبات المقررة لها والإجراءات التي تتبع في القبض على مرتكبي الجرائم واتخاذ الإجراءات اللازمة والتحقيق معهم ومحاكمتهم وتنفيذ العقوبات عليهم .

والقانون الجنائي الإسلامي يتضمن قسمين : القسم الأول قانون عقوبات (حدود وقصاص وتعازير ) والقسم الآخر قانون إجراءات ، بحيث تتبع إجراءات محددة في الشريعة الإسلامية تنظم كيفية تطبيق قانون العقوبات الإسلامي على الواقعة ، لكن هذه الإجراءات غير مكتوبة ومحددة بتنظيم خاص .
يضم القانون الجنائي الإسلامي نوعين من القواعد احدهما يشمل القواعد الموضوعية ويطلق عليه قانون العقوبات أو أحكام الحدود والقصاص والتعازير ، أما الآخر فيضم القواعد الشكلية ويطلق عليه قانون الإجراءات الجزائية .

ولأن المملكة العربية السعودية دولة إسلامية كما قرر ذلك النظام الدستـــوري للمملكة النظام الأساسي للحكم حيث نص في المادة الأولى منه أن المملكة العربية السعودية دوله عربية إسلامية ذات سيادة تامة دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولغتها هي اللغة العربية وعاصمتها مدينة الرياض . وكذا ما نص عليه في المادة الأولى من نظام الإجراءات الجزائية تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية، وفقاً لما دلَّ عليه الكتاب والسنّة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنّة وتتقيد في إجراءات نظرها بما ورد في هذا النظام . فإن القانون الجنائي المتبع في المملكة العربية السعودية هو القانون الجنائي الإسلامي بشقيه الموضوعي والشكلي بحيث تطبق أحكام الحدود والقصاص والتعازير على الوقائع الجزائية بعد إتباع إجراءات جزائية منصوص عليها في نظام مستقل يسمى نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/39) المؤرخ في 28/7/1422هـ يتوافق مع القواعد العامة للشريعة الإسلامية ولا يتعارض مع إحكامها .

ونظام الإجراءات الجزائية يضم مجموعة من القواعد التي تنظم الوسائل المتبعة بعد وقوع الجريمة والإجراءات الواجب إتباعها للقيام بالتحقيق فيها ومحاكمة مرتكبيها وتوقيع الجزاء الجنائي والفصل في الحق الخاص والقواعد الخاصة بالاعتراض على الإحكام وتنفيذ الإحكام النهائية .
ويمكن تعريف نظام الإجراءات الجزائية : بأنه مجموعة القواعد النظامية التي تتضمن إجراءات البحث عن الجرائم وضبط مرتكبيها ووسائل إثباتها وتحدد السلطات المختصة بملاحقة المجرم ومحاكمته وتبين إجراءات المحاكمة وتنفيذ الأحكام الجزائية .
وقد أختار المنظم الإجراءات الجزائية على الإجراءات الجنائية ؛ لأن الجناية إذا أطلقت يقصد بها التعدي والإجراءات تكون مرتبة وصولاً لتوقيع الجزاء على مرتكب الجناية .

خصائص نظام الإجراءات الجزائية
نظام الإجراءات الجزائية يستعان به لإعمال النظام الجنائي الإسلامي (أحكام الحدود والقصاص والتعازير ) فهو نظام تابع ، وهو الوسيلة الوحيدة لتطبيق أحكام النظام الجنائي الإسلامي (أحكام الحدود والقصاص والتعازير ) ، وعندما نقول التعازير نقصد بها كافة الأنظمة الجنائية السعودية ، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر (نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ، نظام مكافحة غسل الأموال ، نظام مكافحة التستر ، نظام البيانات التجارية ، نظام العلامات التجارية ، نظام مكافحة الرشـوة ، نظام مـكافحة التزوير ، وغيرها من الأنظمة ) .
ووظيفة نظام الإجراءات وضع أحكام النظام الجنائي الإسلامي موضع التطبيق والتنفيذ .
وللدعوى الجزائية خاصيتان تميزانه ، الأولى أنها عامة والثانية أنها ناجزة معلقة على شرط .
الخاصية الأولى : عمومية الدعوى الجزائية بحيث تستمد الدعوى الجزائية هذه الصفة من طبيعة غايتها ، ومن صاحب الحق فيها ، حيث تهدف إلى إشباع حاجة عامة ، وهي توقيع الجزاء الجنائي على مرتكب الجريمة ، وهي تختلف بذلك عن الدعوى الجزائية الخاصة التي يرفعها صاحبها للدفاع عن حقه الخاص أو لإقرار هذا الحق .
وهيئة التحقيق والادعاء العام هي صاحبة الحق في الدعوى الجزائية تباشرها باسم المجتمع ، وقد نصت المادة (16) من نظام الإجراءات الجزائية باختصاص هيئة التحقيق والادعاء العام بإقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها أمام المحكمة المختصة ، ولم يجزْ النظام رفع الدعوى الجزائية لغير الهيئة إلا في حالة رغب المجني عليه أو من ينوب عنه، ولوارثه من بعده، رفع الدعوى الجزائية في جميع القضايا التي يتعلق بها حق خاص، ومباشرة هذه الدعوى أمام المحكمة المختصة وعلى المحكمة في هذه الحالة تبليغ المدعي العام بالحضور . (راجع المادة 17) .
الخاصية الثانية : عدم تعليق الدعوى الجزائية على شرط ، لأن هيئة التحقيق والادعاء العام تتولى التحقيق في الدعوى الجزائية ورفعها إلى المحكمة المختصة ومباشرتها أمامه بغض النظر عن مسلك المجني عليه أو من ينوب عنه أو لوارثه من بعده ، فرضاه أو اعتراضه لا يطلق يدها في الدعوى ولا يغلها ، باستثناء الجرائم التي لا يجوز رفع الدعوى الجزائية فيها أو إجراء التحقيق في الجرائم الواجب فيها حق خاص إلا بناء على شكوى من المجني عليه أو من ينوب عنه أو وارثه من بعده إلى الجهة المختصة ؛ إلا إذا رأت هيئة التحقيق والادعاء العام مصلحة عامة في رفع الدعوى والتحقيق في هذه الجرائم•
علاقة نظام الإجراءات بنظام المرافعات الشرعية .
يختلف في كثير من الوجوه عن تنظيم الدعوى المدنية وافرد لها نظاما جمع فيه الأحكام الخاصة بها وهو نظام الإجراءات الجزائية وهو نظام له استقلالي وذاتيه يميزانه عن نظام المرافعات الشرعية .
ولا يعني أن هناك انقطاع صلة بين النظامين، لأن كليهما وضع أساسا لتنظيم أحكام الدعوى وحسن سير العدالة.
ومن المتفق عليه أنه إذا نص نظام الإجراءات على حكم معين في مسألة ما وجب تطبيق هذا الحكم ولو خالف حكما نص عليه نظام المرافعات في مسألة مماثلة .
فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة من نظام المرافعات الشرعية السعودي :” تطبق الأحكام الواردة في هذا النظام على الدعاوى الجزائية فيما لم يرد لـه حكم في نظام الإجراءات الجزائية ، وفيما لا يتعارض مع طبيعتها “.
فالقاعدة أن الرجوع إلى قانون المرافعات الشرعية عند عدم وجود حكم له في نظام الإجراءات الجزائية على الدعاوى الجزائية مشروط بان يكون الحكم من الإحكام العامة التي تتصل بمطلق الدعوى ولا ترتهن بنوعها أما أن كان الحكم خاص بالدعوى المدنية وحدها ولا يتفق مع طبيعة الدعوى الجزائية وغايتها فانه يمتنع الأخذ به .
تفسير النصوص الإجرائية في نظام الإجراءات الجزائية :
غاية التفسير الإحاطة بمضمون القاعدة القانونية ،وليس للتفسير اثر منشئ وإنما اثر كاشف ينحصر في بيان حقيقة الحكم القائم وتحديد مداه

وينقسم التفسير من حيث نتيجته إلى ثلاثة أقسام:
الأول: تفسير مقرر:
يكون التفسير مقررا إذا كان المعنى الذي استخلصه المفسر متفقا مع مدلول ألفاظ النص .
الثاني: تفسير مضيق
يكون التفسير مضيقا عندما يرى المفسر وجوب حصر القاعدة التي اشتمل عليها النص في دائرة أضيق مما يوحي به ظاهر لفظه.
الثالث:تفسير موسع
يكون التفسير موسعا عندما يتبين أن ألفاظ النص تضيق عن بيان قصد الشارع.

والتفسير بكل صوره مقبول في نظام الإجراءات الجزائية لان المفسر لا يأتي بشئ من عنده لأنه لا يزيد في الحكم ولا ينقص منه وإنما هو يتذرع بمختلف وسائل التفسير ليكشف قصد المشرع الذي قد تحجبه بعض ألفاظ النص .
مدى جواز القياس في نظام الإجراءات الجزائية :
القياس هو إعطاء واقعة غير منصوص عليها في النظام حكم واقعة منصوص عليها لتساوي الواقعتين في العلة.
والقياس جائز في نظام الإجراءات الجزائية لكنه مرهون بان يكون الحكم قابلا للتعدية فإذا كانت إرادة المشرع قد انصرفت إلى قصر الحكم على الحالة التي ورد بشأنها فان القياس يكون ممتنعا .
مجال سريان القاعدة التي توجب تفسير الشك لمصلحة المتهم:
قاعدة تفـسير الشك لمصلحة المتهم لم تنشأ لتفسير النص وإنما لتقدير الأدلة .
فعند الشك في تقدير حقيقة الدليل أو قيمته فيجب القضاء ببراءة المتهم عندما يكون الدليل يحتمل تفسيرين احدهما يضر بالمتهم والأخر يفيده وتعذر ترجيح احدهما على الأخر لان الأصل في الإنسان البراءة وهذا الأصل لا يزول بالشك.
سريان نظام الإجراءات الجزائية من حيث الزمان :
تسري أحكام نظام الإجراءات الجزائية على القضايا الجزائية التي لم يفصل فيها والإجراءات التي لم تتم قبل نفاذه استنادا للمادة (1) من نظام الإجراءات الجزائية .

سريان نظام الإجراءات الجزائية من حيث المكان :
الأصل انه يسري أحكام نظام الإجراءات الجزائية على كل إقليم المملكة العربية السعودية لكن هذا النظام لا يسري على الأماكن التي يقيم فيها رؤساء الدول الأجنبية أثناء وجودهم داخل المملكة العربية السعودية ولا في مقر البعثات الدبلوماسية ولا على السفن والطائرات الحربية التي توجد برضى المملكة العربية السعودية داخل إقليمها .
ويستبعد من حيث الأصل كل نظام أو قانون إجراءات من مجال التطبيق داخل المملكة العربية السعودية .
أما الاتفاقيات التي وقعت عليها المملكة العربية السعودية فتعتبر بعد التوقيع عليها جزء من التشريع السعودي.
وهناك ما يسمى بالندب القضائي حيث يجوز أن تطلب السلطات السعودية من إحدى الجهات القضائية الأجنبية أن تقوم في بلدها باتخاذ بعض الإجراءات القضائية التي يتوقف عليها الفصل في دعوى معروضة على القضاء السعودي ويتم هذا الإجراء وفق للقانون الأجنبي الذي يكون منتج أمام القضاء على حسب القضية المنظورة واطمئنان المحكمة إليه كأي إجراء آخر .

تعريف رجال الضبط الجنائي، وبيان اختصاصاتهم.
تتميز الدعوى الجنائية بأنها تمر بمرحلتين ، الأولى مرحلة التحقيق والثانية مرحلة المحاكمة ، فأما مرحلة التحقيق فتجمع فيها الأدلة ثم تخضع لتقدير أولي من المحقق ، وقد يأمر بعدم رفع الدعوى الجنائية ؛ فيصدر امرأ بالأوجه لإقامتها بعد مصادقة رئيس الدائرة على ذلك .
وقد يستقر رأيه على تقديم المتهم إلى المحاكمة ، وهنا تبدأ المرحلة الثانية فيعاد تمحيص الأدلة ثم يصدر الحكم في النهاية إلى ثبوت الإدانة أو عدم ثبوتها .

والتحقيق يكون عند وجود جريمة وقعت واكتشف أمرها سواء كان اكتشافها لحظة ارتكــابها أو عقب ذلك أو بعد البحث عن مرتكبيها والقبض عليهم بعد جهد ومشقة كبيرين .

فهذا الإجراء بالطبع سابق على التحقيق ولازم له وهو ما يسمى بمقدمات التحقيق أو جمع الاستدلالات وتنهض به سلطة خاصة هي سلطة الضبط الجنائي.
ولهذا النشاط والسلطة التي تقوم به أهمية كبيرة في الدعوى الجنائية ؛ أطلق نظام الإجراءات الجزائية اسم رجال الضبط الجنائي لمن يقوم بهمة الضبط الجنائي ولقد عنى نظام الإجراءات الجزائية ببيان من تثبت لهم هذه الصفة .

من يقوم بأعمال الضبط الجنائي :
فنص في الماد (26) من نظام الإجراءات الجزائية على من يقو بأعمال الضبط الجنائي حسب المهام الموكلة إليه وهم:
1-أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام في مجال اختصاصهم.
2-مديري الشرط ومعاونيهم في المناطق والمحافظات والمراكز.
3-ضباط الأمن العام، وضباط المباحث العامة، وضباط الجوازات، وضباط الاستخبارات، وضباط الدفاع المدني، ومديري السجون والضباط فيها، وضباط حرس الحدود، وضباط قوات الأمن الخاصة، وضباط الحرس الوطني، وضباط القوات المسلحة، كل بحسب المهام الموكولة إليه في الجرائم التي تقع ضمن اختصاص كل منهم.

4-محافظي المحافظات ورؤساء المراكز.
5-رؤساء المراكب السعودية البحرية والجوية في الجرائم التي ترتكب على متنها.
6-رؤساء مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حدود اختصاصهم.

7-الموظفين والأشخاص الذين خولوا صلاحيات الضبط الجنائي بموجب أنظمة خاصة.

8-الجهات واللجان والأشخاص الذين يكلفون بالتحقيق بحسب ما تقضي به الأنظمة.

فنلاحظ أن هذه المادة نصت على من تثبت له صفة الضبط الجنائي فنصت المادة المذكورة على أنهم فريقان فريق ثبتت لهم صفة الضبط الجنائي بناء على ذكرهم في هذه المادة من فقرة (1) وحتى الفقرة (6).
والفريق الثاني هم من نص عليه في بعض الأنظمة على إسباغ صفة رجال الضبط الجنائي على موظفين معيّنين ومن هذه الأنظمة نظام الجمارك ونظام غسل الأموال ، ونظام مكافحة التستر(كما نصت عليه المادة الثانية فقرة( ب ) ونظام العلامات التجارية (كما نصت عليه المادة (62) ) ونظام السجل التجاري (كما نصت عليه المادة (11) )وغيرها من الأنظمة .
ولا ينبغي الخلط بين رجال الضبط الجنائي ورجال السلطة العامة ، لان رجال الضبط الجنائي محصورون في نص المادة (26) من نظام الإجراءات الجزائية في دائرة محدودة لا تتسع لكل رجال السلطة العامة .

فلا يجوز لشرطي عادي أو ضابط صف أو غيرهم من أي قطاع آخر خلاف ضباط الصف بمكافحة المخدرات في المملكة أن يباشر اختصاصات رجال الضبط الجنائي لأنه ليس من رجال الضبط الجنائي المخول لهم صفة الضبط الجنائي فليس مجرد انخراطه في سلك العسكري أو تبعيته لها يكسبه هذه الصفة.

ولرجال الضبط الجنائي الحق في أن يباشروا كافة الإجراءات التي قررها لهم النظام لسلطة رجال الضبط الجنائي في حدود اختصاصهم .
فهناك ضابطان يعيّنان لكل منهم حدود اختصاصه أولهما مكاني والآخر نوعي .
فالاختصاص المكاني يتحدد لكل منهم على أساس مكان وقوع الجريمة أو مكان إقامة المتهم أو المكان الذي قبض عليه فيه .
فإذا كان احد هذه الأماكن داخلا في دائرة اختصاص رجل الضبط القضائي ثبت اختصاصه بالجريمة وإلا امتنع عليه أن يباشر أي إجراء من الإجراءات المقررة في النظام .
وقد يثبت الاختصاص لأكثر من واحد وذلك إذا كان بعض الأماكن التي جعلت مناطا للاختصاص داخلا في دائرة اختصاص رجل الضبط الجنائي والأماكن الأخرى داخلة في اختصص رجل ضبط جنائي آخر .واشترك الاختصاص بالجريمة لا يمنع من صحة ما يباشره كل منهما ؛ لان الأماكن التي ينعقد الاختصاص بها ل اتتفاضل فيما بينها .

وإذا انعقد الاختصاص المكاني لرجل الضبط الجنائي بجريمة معينة ، كان له أن يباشر كافة الإجراءات المتصلة بها قبل كل الفاعلين والشركاء فيها ؛ ولو اقتضى الأمر مباشرة بعض الإجراءات خارج دائرة اختصاصه ؛ لان العبرة بالجريمة التي اتخذ فيها الإجراء ، فان كانت داخله في دائرة اختصاصه صح عمله ولو باشره خارج الدائرة ، أما إذا كانت الجريمة نطاق هذه خارجة عن اختصاص دائرته امتنع عليه مباشرة أي إجراء ولو كان في دائرته .
وإذا خرج رجل الضبط الجنائي عن دائرة اختصاصه فان صفته كرجل ضبط جنائي تسقط عنه ، وتبقى له صفته الأساسية رجل السلطة العامة ؛ بحيث لو باشر أي إجراء من الإجراءات المختص بها رجل الضبط الجنائي لكان هذا الإجراء باطلا .

أما الاختصاص النوعي :
فيتفاوت رجال الضبط الجنائي فيما بينهم وفي داخل دوائر اختصاصهم من حيث مدى الجرائم التي يشملها هذا الاختصاص .
فبعضهم ذو اختصاص عام يشمل كافة الجرائم ، وبعضهم ذو اختصاص خاص يقتصر على فئة معينة من الجرائم ، أو على مايرتكبه أشخاص معينون .
ولون نلاحظ أن النظام قد حصر اختصاص كل فرد من رجال الضبط الجنائي في حدود اختصاصهم ماعدا :
1-مديري الشرط ومعاونيهم في المناطق والمحافظات والمراكز .
2-محافظي المحافظات ورؤساء المراكز .

فهم غير مقيدين بجرائم معينهم بل اختصاصهم ينعقد في جميع الجرائم ، مع تقيدهم بالاختصاص المكاني .
فالاختصاص الخاص في الضبط الجنائي لايعطل الاختصاص العام ؛ لان من حق رجل الضبط الجنائي ذوي الاختصاص العام أن يباشروا سلطاتهم بالنسبة إلى كافة الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم حتى ما كان منها داخلا في اختصاص رجل الضبط الجنائي الآخر المنقطع على جرائم معينة .
لكن لايجوز لرجل الضبط الجنائي ذوي الاختصاص الخاص أن يمتد سلطانهم ولو في دوائر اختصاصهم إلى جرائم أخرى غير التي أُنيطت بهم ، لان صفتهم تلك تزول في حدود ما وقعت فيه المجاوزة .

تبعية رجال الضبط الجنائي :
يتبع رجال الضبط الجنائي بصفتهم من رجال السلطة التنفيذية لوزاراتهم وهم بحكم وظائفهم يخضعون لإشراف رؤسائهم في إداراتهم . بيد انهم بحكم قيامهم بأعمال الضبط الجنائي يتبعون هيئة التحقيق والادعاء العام ويخضعون لإشرافه فيما يتعلق بصفتهم رجال الضبط الجنائي .

فقد أتاح نظام الإجراءات الجزائية لهيئة التحقيق والادعاء العام قدرا من السلطة عليهم بحيث إن لهم الحق في الطلب من الجهة الإدارية التي يتبعها رجل الضبط الجنائي رفع الدعوى التأديبية على كل من تقع منه مخالفة في واجباته أو تقصير في عمله .
فإن كانت المخالفة التي ارتكبها جسيمة جاز لهيئة التحقيق والادعاء العام طلب رفع الدعوى التأديبية عليه أما إذا كان ما ارتكبه جناية فعلى الجهة المختصة بنظر القضية رفع الدعوى الجزائية عليه ومن ثم رفع الدعوى التأديبية بعد صدور قرار شرعي.

اختصاص رجال الضبط الجنائي:

ينحصر اختصاص رجال الضبط الجنائي الأصيل في البحث عن مرتكبي الجرائم وجمع الأدلة والمعلومات اللازمة للتحقيق وقد الزم نظام الإجراءات الجزائية تحقيقا لهذا الغرض قبول الشكاوى والتبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم مع إبلاغ هيئة التحقيق والادعاء العام بذلك فوراً كما ألزمهم بالحصول على الابضاحات وإجراء المعاينات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم واوجب عليهم اتخاذ كافة الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة وفرض عليهم النظام ذاته أن يسمعوا أقوال من لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وان يسألوا المتهم عن ذلك وان يستعينوا بالأطباء وأهل الخبرة وغيرهم ويطلبوا رأيهم كتابة وان يثبتوا جميع الإجراءات التي يقومون بها في محاضر موقع عليها منهم يبينون فيها وقت اتخاذ الإجراء ومكانه حصوله ويوقع عليها الشهود والخبراء الذين سمعت أقوالهم ثم يرسلوا هذه المحاضر إلى هيئة التحقيق والادعاء العام مع كافة المضبوطات .
وأوجب نظام الإجراءات الجزائية في حالة التلبس بالجريمة أن ينتقل رجل الضبط الجنائي فوراً إلى محل الواقعة وأن يعاين الآثار المادية للجريمة ويحافظ عليها وأن يثبت حالة الأماكن والأشخاص وكل ما يفيد في كشف الحقيقة وألزمه بأن يسمع أقوال الحاضرين وكل من يمكن الحصول منه على إيضاحات في شأن في شأن الواقعة ومرتكبها وأن يبغ هيئة التحقيق والادعاء العام فوراً بانتقاله وقد منحه النظام سلطة منع الحاضرين من مبارحة المكان محل الواقعة أو الابتعاد عنه حتى يتم تحرير المحضر وله في الحال أن يستدعي من يمكن الحصول منه على معلومات أو إيضاحات في شأن الواقعة .
وأجاز نظام الإجراءات الجزائية سلطة القبض على المتهم الحاضر في أحوال التلبس فإذا لم يكن حاضراً أجاز له أن يأمر بضبطه وإحضاره وأن يسمع أقواله فوراً .

وأجاز لهم النظام ذاته سلطة التفتيش الأشخاص في أحوال معينة، بأمر مسبب من هيئة التحقيق والادعاء العام، وما عدا المساكن فيكتفى في تفتيشها بإذن مسبب من المحقق.
وأجاز لهم النظام ذاته وضع الأختام على الامكان التي بها آثار أو أشياء تفيد في كشف الحقيقة وأن يقيموا حراسا عليها .
وأجاز لهم النظام أن يضبطوا الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أن يكون قد استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عن ارتكابها أو وقعت عليه وكل ما يفيد في كشف الحقيقة.

وأجاز النظام ذاته ندب رجال الضبط الجنائي للقيام بإجراء أو أكثر من إجراءات التحقيق .
ونظراً لما لوحظ من انتحال بعض الأدعياء صفة مأموري الضبط الجنائي أو مرؤوسيهم أو رجال السلطة العامة ، وارتكابهم تحت هذا الزعم الباطل جرائم ماسة بحقوق الأفراد وحرياتهم وتوفيراً لحماية المواطنين من هؤلاء الأدعياء يستحب أن يبرز رجل الضبط الجنائي ما يثبت شخصيته وصفته الوظيفية عند مباشرة أي عمل أو إجراء مما نص عليه النظام وإن لم يُطلب منه ذوو الشأن ذلك وإن إصر ذو الشأن إبراز رجل الضبط الجنائي ما يثبت شخصيته وجب عليه إبرازها استنادا للقواعد العامة الشرعية والنظامية .

معاونو رجال الضبط الجنائي من أفراد السلطة العامة :
لما كانت إجراءات الاستدلال لا تنطوي على مساس بحرية الأفراد وأنها طريقاً للكشف عن مرتكبي الجرائم والجناة جاز أن يستعين رجال الضبط الجنائي في حدود اختصاصهم بأفراد السلطة العامة في تنفيذ إجراءات الاستدلال وجمع الأدلة والمعلومات اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام وأن يودي معاونوهم الأعمال الموكلة لهم تحت إشراف رجال الضبط الجنائي والإشراف المباشر من رؤسائهم .

يحق لهم تلقي البلاغات أو الشكاوى وأن يحصلوا على الإيضاحات اللازمة وأن يجروا المعاينات اللازمة وكافة الوسائل التحفظية على الأماكن والأشخاص للحفاظ على أدلة الجريمة ولهم سلطة التحري وجمع الاستدلات بناء على تكليف من رجال الضبط الجنائي أو رؤسائهم أو من تلقاء أنفسهم وذلك استنادا للقواعد العامة الشرعية والنظامية .
لكن لا يصح لمعاونين رجال الضبط الجنائي تجاوز هذا الحد وإلا أصبح عملهم باطلاً فلا يجوز لهم مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق الاستثنائي التي يصح إجرائها من رجل الضبط الجنائي كالقبض والتفتيش في حالة التلبس كما لا يجوز لرجل الضبط الجنائي ندب مرءوسيهم لمباشرة إجراء من إجراءات التحقيق التي تدخل في اختصاصاتهم وإنما يجوز لهم أن يستعينوا بهم في تنفيذ ما يوكل إليهم بشرط أن يؤدوا عملهم تحت إشراف الرئيس المباشر لهم .

ولا يحق لهيئة التحقيق والادعاء العام أن تندب أحد معاوني رجال الضبط الجنائي لإجراء أي عمل من أعمال التحقيق بخلاف الأوامر القضائية الصادرة من جهات التحقيق أو المحاكم لجميع رجال السلطة العامة وفقا لما قررته المادة (15) من نظام الإجراءات الجزائية .
إجراءات الاستدلال :
المتتبع لنظام الإجراءات الجزائية يلاحظ أنه لم يورد إجراءات الاستدلال على سبيل الحصر والحكمة من ذلك أن إجراءات الاستدلال لا تمس الحريات بشئ لان هذه الإجراءات تجميع لمعلومات عن الجرائم ومرتكبيها يرى المنظم أنها لازمة للتحقيق .
ولرجل الضبط الجنائي الحق بالقيام بإجراءات الاستدلال من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من هيئة التحقيق والادعاء العام ويظل عمل رجل الضبط الجنائي في استكمال إجراءات الاستدلال حتى بعد رفع القضية إلى جهة التحقيق للتحقيق فيها وحتى أن يصدر حكما في القضية ويصبح الحكم قطعي .

وإجراءات الاستدلال ضرورة يمليها الواقع في كثير من الأحيان فليس في نصوص نظام الإجراءات الجزائية ما يوجب القيام بهذا الإجراء قبل البدء في التحقيق والأمر متروك لحكم الواقع وفطنه رجل الضبط الجنائي مع العلم أن من اختصاص رجال الضبط الجنائي البحث عن الجرائم ومرتكبيها وضبطهم وجمع الأدلة والمعلومات اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام وان على رجال الضبط الجنائي قبول البلاغات والشكاوى التي ترد إليهم في جميع الجرائم وأن يقوموا بفحصها وجمع المعلومات المتعلقة بها في محضر موقع عليه منهم، وتسجيل ملخصها وتاريخها في سجل يعد لذلك، مع إبلاغ هيئة التحقيق والادعاء العام بذلك فوراً• ويجب أن ينتقل رجل الضبط الجنائي بنفسه إلى محل الحادث للمحافظة عليه، وضبط كل ما يتعلق بالجريمة، والمحافظة على أدلتها، والقيام بالإجراءات التي تقتضيها الحال، وعليه أن يثبت جميع هذه الإجراءات في المحضر الخاص بذلك•

ولهم في أثناء جمع المعلومات أن يستمعوا إلى أقوال من لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها، وأن يسألوا من نسب إليه ارتكابها، ويثبتوا ذلك في محاضرهم• ولهم أن يستعينوا بأهل الخبرة من أطباء وغيرهم ويطلبوا رأيهم كتابة.
ولم يشترط نظام الإجراءات الجزائية شكلا معينا لإثبات محضر جمع الاستدلالات ولكن يجب أن يدونه رجل الضبط الجنائي باللغة العربية ويثبت فيه ما حصل عليه من معلومات بشأن الجريمة التي ارتكبت والظروف التي أحاطت بها والآثار التي تخلفت عنها والإجراءات التي قام بها وتاريخ ومكان حصولها وان يشتمل المحضر على اسم وصفة محرره وتاريخ تحريره وان يحمل توقيع من سُمعت أقوالهم من شهود وخبراء .
إجراءات التحقيق التي تباشرها سلطة الضبط القضائي استثناء :
إن سلطة التحقيق هي من اختصاص هيئة التحقيق والادعاء العام والعلة في ذلك أن النظام قد اسند مهمة التحقيق لأفراد راعى المشرع في اختيار إفرادها شروطا معينة تتناسب مع خطورة دورهم أهمها الحيدة والقدرة الفنية على إدارة التحقيق والعلم بما يعد جريمة وما لايعد جريمة .
وأن سلطة رجال الضبط الجنائي هي جمع الاستدلالات لا إجراء التحقيق والأصل أن يقتصر نشاط رجال الضبط الجنائي على عملهم الأساسي وأن يحال بينهم وبين مباشرة أي عمل من أعمال التحقيق لأنه من اختصاص هيئة التحقيق والادعاء العام كما ذكرنا.

غير أن النظام خرج عن هذا الأصل في بعض الحالات نزولا على حكم الضرورة ولما كانت الضرورة تقدر بقدرها فقد حرص المشرع على الاستثناء في أضيق الحدود وأحاطه بعدة ضمانات.
ويستمد رجال الضبط الجنائي سلطتهم في مجال التحقيق إما من نص النظام مباشرة أو من قرار يصدره القائم أصلا بالتحقيق وهو ما يعرف بالندب.
وسلطة التحقيق المستمدة من النظام مباشرة هي القبض والتفتيش والضبط أما ما عداها من إجراءات كالاستجواب والمواجهة والتوقيف فتخرج ع عن اختصاصهم .

والمتتبع لنظام الإجراءات الجزائية عند استنباط الأحوال التي يجوز فيها لرجل الضبط الجنائي مباشرة القبض والتفتيش يمكن ردها إلى ثلاثة أسباب تتصل إما بخطورة الجريمة ذاتها أو بمرتكبها أو بظروف ارتكابها .
ونلاحظ أن نظام الإجراءات الجزائية عنى بالسبب الأخير بوجه خاص وأفرد فصل مستقل عن التلبس بالجريمة لما له من أهمية كبيرة في تخويل رجل الضبط الجنائي بعض سلطات التحقيق .
التلبس بالجريمة :
التلبس هو التعاصر بين لحظة ارتكاب الجريمة ولحظة اكتشافها وهو تقارب بين اللحظتين وقد سوغ المشرع الخروج عن الأصل في حالة التلبس بجواز القبض واتخاذ بعض إجراءات التحقيق الاستثنائي وذلك لوضوح الواقعة لرجل الضبط الجنائي وزوال مظنة الخطأ أو التعسف من جانبه ويجعل ما يقوم به ادعى إلى الثقة مما يستوجب التدخل السريع للقبض على المتهم قبل أن يفر ولضبط أدلة الجريمة قبل أن تطمس وتندثر .

ويوصف التلبس بأنه حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها لأن التلبس عيني لا شخصي وهو حالة تلازم الفعل لا الفاعل .ويترتب على ذلك إذا تحقق التلبس بالنسبة للجريمة صحة إجراءات القبض والتفتيش في حق كل متهم ساهم في الجريمة سواء كان فاعلا أو شريكاَ شوهد في مكان وقوع الجريمة أو لم يشاهد ومثال ذلك من شُوهد وهو يرتكب الفعل المكون للجريمة ومن تبين مساهمته فيها وهو بعيد عن محل ارتكاب الجريمة بشرط أن يكون هناك دلائل على صلة المساهم بالجريمة المتلبس بها وتقدير الدلائل وكفايتها يكون لرجل الضبط الجنائي تحت رقابة وإشراف هيئة التحقيق والادعاء العام بحيث إن ثبت أن تقديره له أساس من الواقع صح ما قام به وان ثبت انه تعسف في التقدير وباشر إجراءات ضد أشخاص لا دليل على تورطهم في الجريمة بطل ما قام به في حقهم وبطل ما ترتب عليه من آثار .

فمن يمارس القوادة على النساء ويرسل مندوبيه لاستلام المبلغ المتفق عليه وتسليم الفتاة يكون الفعل المرتكب من القواد والمندوب والفتاة جريمة متلبس بها تم مشاهده من رجل الضبط الجنائي ومن هنا تحقق التلبس بالنسبة للجريمة وما دام أن التلبس قد تحقق فصحت إجراءات القبض والتفتيش في حق المندوب والفتاة الحاضرين في محل وقوع الجريمة والقواد العقل المدبر البعيد عن محل الواقعة لأنه استوي من يقارف الفعل المكون للجريمة ومن تبين مساهمته فيها وهو بعيد عن محل الواقعة لأن العبرة بالجريمة المتلبس بها لا شخص مرتكبها وبذلك تحقق ما ذكرنا سابقاً أن التلبس عيني لا شخصي وحالة تلازم الفعل لا الفاعل .

والتلبس يقتصر على الجريمة التي توفرت فيها حالة من حالاته فلا يمتد إلي غيرها من الجرائم مهما تكن درجة ارتباطها بها إلا أن تقوم بالنسبة لها حالة من حالاته فإذا شاهد رجل الضبط الجنائي جريمة ممارسة الدعارة في حالة تلبس جاز له أن يباشر سلطاته الاستثنائية من قبض وتفتيش ضد كل من أسهم في جريمة الدعارة بوصفه فاعلاً أو شريكاً لكن لا يملك مباشرة هذه السلطة ضد المتهم بارتكاب جريمة ممارسة القوادة لأن ارتكاب هذه الجريمة لا يعد اشتراكا في جريمة الدعارة بل هي جريمة قائمة بذاتها تستقل بأركانها وجناتها ومن ثم فالتلبس بإحدى الجريمتين لا يعد تلبسا بالأخرى .
حالات التلبس بالجريمة :
حالات التلبس في نظام الإجراءات الجزائية منصوص عليها في المادة (30) من نظام الإجراءات الجزائية :” تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها، أو عقب ارتكابها بوقت قريب•

وتعد الجريمة متلبساً بها إذا تبع المجني عليه شخصاً، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات، أو أسلحة، أو أمتعة، أو أدوات، أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك”.
والتلبس في النظام وارد على سبيل الحصر لا على سبيل البيان والتمثيل فلا يجوز خلق طرق جديدة لحالات التلبس لأن التلبس يؤدي إلى توسيع سلطات رجال الضبط الجنائي من جهة والى إضعاف الضمانات المقررة للأفراد من جهة أخرى وهذا يقتضي الاقتصار على حالات التلبس التي بينها النظام .

الحالة الأولى:إدراك الجريمة حال ارتكابها:
هذه الصورة المثلى لحالة التلبس حيث تشاهد الجريمة في نفس اللحظة التي يقع فيها الفعل المكون للجريمة وقد عبرت محكمة النقض المصرية بتعبير جميل عن هذه الحالة حيث تقول يؤخذ الجاني في أبان الفعل وهو يقارف إثمه ونار الجريمة مستعرة .
وتدرك الجريمة حال ارتكابها بأية وسيلة من وسائل الحواس الخمس بحيث تستوي في ذلك حاسة البصر والسمع والشم واللمس والذوق .

فإذا أبصر رجل الضبط الجنائي شخصاً يخطف غلاما أو أبصر شخصاً يقبل فتاة في الطريق العام أو يفعل فعلاً فاضحاً فالجريمة هنا في حالة تلبس والعبرة تكون بالفعل الفاضح بين الرجل والمرأة دون النظر إلى العلاقة القائمة بينهما فإذا أبصر رجل الضبط الجنائي رجلاً يقبل فتاة في الطريق العام فالجريمة تعد في حالة تلبس حتى وإن كان هناك علاقة بينهما كعلاقة زوجية أو علاقة نسب لأن ما قاما به يعد فعلاً فاضحاً في الطريق العام أما وإن لم تكن بينهما علاقة شرعية فتضاف جريمة أخرى على الجريمة مصدر القبض على المتهمين .

ولو سمع رجل الضبط الجنائي صوت استغاثة من داخل مسكن ثم أعقبه بطلق ناري أو شم رائحة مسكر تنبعث من سيارة أو من داخل مسكن يعد لترويج المسكر أو لمس عفواً في الزحام ملابس شخص فوقعت يده على مسدس في جيبه أو اشترى طعاماً فاسداً وعندما تذوقه وجده فاسداً ففي هذه الحالات تكون الجريمة قد أدركت في حالة تلبس وان اختلفت وسيلة الإدراك .
ويشترط لقيام التلبس أن يكون إدراك الجريمة قاطعا لا يقبل الشك أو التأويل فإن كان ما وقع تحت حس رجل الضبط الجنائي غير كافٍ في تقدير المحقق أو المحكمة فن حالة التلبس لا تعد قائمة فلا يقر القبض أو التفتيش الذي يحصل على اعتبار إن الجريمة في حالة تلبس إلا إذا تحققت من أن الذي أجراه قد شهد الجريمة أو أحس بوقوعها بطريقة لا تقبل الشك .
فإذا شوهد المتهم المعروف بالمتاجرة بالمخدرات يناول شخصاً شيئا لم يتحقق رجل الضبط الجنائي من كنهه بل شك انه مخدرا بناء على الاستنتاجات التي استنبطها من ملابسات الواقعة حتى وان حاولوا الهرب فهذه الواقعة ليست من حالات التلبس التي لا تجيز القبض على المتهم وأقصى ما يمكن عمله هو  استيقافهما للإستيضاح منهما فإن ظهرت جـريمة ناتجة من الاستيقاف جاز القبض وان لم تظهر لم يجز القبض أو التفتيش .

الحالة الثانية : إدراك الجريمة عقب ارتكابها بوقت قريب :
ينحصر الفارق بين هذه الحالة والحالة السابقة في لحظة اكتشاف الجريمة أما أداة الإدراك ودرجته فلا اختلاف فيهما.
وقد اكتفى النظام هنا بمشاهدة الجريمة عقب ارتكابها بوقت قريب كأن يرى رجل الضبط الجنائي القتيل ودمه ينزف أو يرى الحريق ونارها تتأجج.
ولا بد من أثر ينم عن وجود جريمة أو مظهر ينبئ عن وقوعها بوقت قريب فإن لم يكن ثم شئ من ذلك فلا وجود لحالة التلبس فمجرد ادعاء المجني عليه أو غيره بوقوعها لا يكفي لقيام حالة التلبس وإلا فتح الباب للكيد والاختلاق وانهار بذلك الضوابط والضمانات .

ومحل الإدراك ينصب على اثر أو مظهر يدل على وقوعها دلالة يقينية لا تقبل الشك أو التأويل سواء كان أثر الجريمة مادياً كدم ينزف أو نارا تشتعل أو آثاراً معنوية كانفعال المجني عليه وغضبه الشديد أو خوفه وهلعه .
وإن ادعى إي شخص وقوع جريمة عليه فلا تقوم حالة التلبس ما لم تؤيد بما يعززه من مظاهر خارجية كأن يشاهد الجاني يهرب بسرعة أو أي مظهر من المظاهر المادية والمعنوية التي تعزز حالة التلبس .
وقد حدد النظام الفاصل الزمني بين وقوع الجريمة ومشاهدتها حتى يتسنى القول بقيام التلبس أو تخلفه بفاصل زمني قصير وقد أفصح عنه بعبارة ” وقت قريب” وذلك ليتسنى لرجل الضبط الجنائي الانتقال إلى محل الواقعة ومشاهدة آثارها لكي تتوفر حالة التلبس.
الحالة الثالثة: إذا تبع المجني عليه شخصاً، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها:
وهي مطاردة المادية بالجري خلف المتهم من قبل المجني عليه أو العامة مع الصياح أو المطاردة المعنوية بالصياح من قبل العامة ولو بغير جري خلف المتهم ولا يشترط في العامة أن يكون عددا من الجمهور وان كان النص يوجبه فالمعنى ينصرف إلى احد العامة لان الحكمة تبرر ذلك .

والمتابعة لا تكون إلا بعد وقوع الجريمة فان كان الفاصل بينهما طويلا فان التلبس لا يقوم في هذه الحالة ويعتبر تقدير الفاصل الزمني من المسائل التي يقدرها رجل الضبط الجنائي.
الحالة الرابعة : إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات، أو أسلحة، أو أمتعة، أو أدوات، أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك :
ربط المنظم هذه الحالة بضبط المتهم بوقت قريب وبحوزته آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أدوات أو أشياء يستدل منها على انه فاعل أو شريك في الجريمة أو يضبط وبه آثار أو علامات تفيد في ذلك كأن يوجد في ملابسه دماء أو به خدوش أو سحجات في جسمه أو وجهه نتيجة المقاومة من المجني عليه أو غيره .
ويشترط أن يكون الفاصل الزمني بين ارتكاب الجريمة وضبط المتهم بوقت قريب وهي من المسائل الموضوعية التي يقدرها رجل الضبط الجنائي في حدود ما يتعارف على أن الوقـت قريب بين ارتكاب الجريمة وضبط المتهم.

الشروط اللازمة لصحة ثبوت التلبس :

أولا : إدراك الجريمة من قبل رجل الضبط الجنائي :

يجب أن يكون رجل الضبط الجنائي قد أدرك بنفسه الجريمة في إحدى حالات التلبس التي عدها النظام فإذا لم يكن قد شاهد الجريمة أثناء ارتكابها بحيث يجب على الأقل أن يكون قد حضر إلى محل الواقعة عقب ارتكابها بوقت قريب وشاهد آثار الجريمة وهي لا تزال قائمة ومعالمها بادية تنبئ عن وقبوعها فإذا لم يكن هذا أو ذاك فلا أقل من أن يكون شاهد المجني عليه عقب وقوع الجريمة بوقت قريب وهو بعدو خلف الجاني لملاحقته ومطاردته والقبض عليه أو شاهد العامة يتبعون الجاني بصياحهم أو رأى الجاني عقب وقوع الجريمة بوقت قريب وهو حاملا لآلات أو أسلحة أو أدوات أو أمتعة أو أوراقاً أو أشياء أخرى يستدل منها على انه ارتكب الجريمة أو شارك فيها .

ولا تقوم حالة التلبس عن طريق الرواية ممن شاهد الجريمة بل يجب أن يدركها رجل الضبط الجنائي بنفس الحالات السابقة المذكورة سابقاً وإلا انتهى الأمر إلى اعتبار التلبس قائما في حالات متعددة لا يعدها النظام من حالات التلبس.
والتلبس حالة تمر بها كل جريمة وهو أمر نسبي بحيث تكون في حالة تلبس بالنسبة لمن شاهدها ولا تكون في حالة تلبس إلى غيره وتتحدد سلطة من شاهدها تبعة لصفته فإن كان فردا عاديا كان له أن يسلم المتهم إلى اقرب رجل سلطة عامة وان كان من رجال السلطة العامة كان له أن يسلمه إلى اقرب رجل ضبط جنائي مختص وان كان رجل ضبط جنائي وجب عليه أن يمارس سلطته سلطة القبض والتفتيش .

فإذا سلم الفرد العادي أو رجل السلطة العامة المتهم لرجل الضبط الجنائي وأدرك رجل الضبط الجنائي حالة التلبس بواحدة من الحالات المذكورة كان له كان له أن يقبض على المتهم ويفتشه لتوفر حالة التلبس ضد المتهم وإذا لم يدرك حالة من خالات التلبس فلا يحق له نظاما القبض على المتهم وتفتيشه بل يقوم بجمع الأدلة والمعلومات اللازمة للتحقيق ومن ثم تحال الأوراق لهيئة التحقيق والادعاء العام ويقرر المحقق أما طلب حضور المتهم أو إصدار أمرا بالقبض عليه .
إن التلبس بالجريمة يكون لحظة العاصر بين الجريمة ولحظة اكتشافها بالمعنى الدقيق لها وقد أهتم نظام الإجراءات الجزائية السعودي بالتلبس وحالاته ومحله والشروط اللازمة لصحة ثبوت التلبس .

ثانياً : أن تكون الطريقة التي قامت بها حالة من حالات التلبس مشروعة شرعاً ونظاماً وهذه المسألة لم ينص عليها في نظام الإجراءات الجزائية لأنها محل اتفـاق بين الشريعة والنظام إضافة أنها محل إجماع توجبه القواعد العامة الشرعية ؛ لأن الكشف عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الأدلة إجراءات مشروطة في إطار الشريعة الإسلامية التي أكد المشرع في المادة الأولى من نظام الإجراءات الجزائية أن المحاكم تطبق على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية، وفقاً لما دلَّ عليه الكتاب والسنّة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنّة ، وجميعنا يعلم أن احترام حقوق الأفراد وعدم المساس بهم وفق الشروط الشرعية أمر شرعي ومطلب رئيسي حرصت الشريعة الإسلامية على حمايته فإذا تجاوز رجل الضبط الجنائي في حق من هذه الحقوق أصبحت الإجراءات المتبعة باطله وفقاً لنصوص نظام الإجراءات الجزائية حيث نصت المادة(188) :كل إجراء مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية، أو الأنظمة المستمدة منها يكون باطلاً .

وكشف الجريمة بالطرق الشرعية يكون :
1-إما عرضاً بحيث يشاهد رجل الضبط الجنائي الجريمة دون السعي إلى كشفها.
2- أو يكون ثمرة تفتيش صحيح قام به رجل الضبط الجنائي وفقا لنظام الإجراءات الجزائية.
3-أو يكون ثمرة تحريات سليمة وجمعاً للأدلة والمعلومات اللازمة للكشف عن الجريمة الناتجة عن بلاغ أو إخبارية أو شكوى بحيث تطابقت المعلومات الناتجة من التحريات مع البلاغ عن الجريمة القائمة أو المستمرة.

ويجب على رجل الضبط الجنائي استخدام الوسائل المشروعة في الكشف عن الجرائم فإن كانت الوسيلة مشروعة كان الإجراء صحيحاً و إن كانت الوسيلة غير مشروعة كان الإجراء باطلاً ،والباطل لا يثمر إلا باطلاً ( حتى ولو نتج عن الإجراء الباطل شهادة رجل الضبط الجنائي على وقوع الجريمة فشهادته باطلة لأن عدالته مجروحة بكشفه الجريمة بالطرق غير شرعية التي تخالفاً نصوص الكتاب والسنة المعلومة للعامة فضلا عن رجل الضبط الجنائي ) كاستراق السمع دون الضوابط الشرعية واختلاس النظر إلى المساكن من ثقوب الأبواب واقتحام المنازل بغير الطرق النظامية والتفتيش بغير الطرق الشرعية كتفتيش النساء من قبل الرجال وغيرها.

جواز احتيال رجل الضبط الجنائي في كشف الجريمة :
استنادا للمادة (24) من نظام الإجراءات الجزائية التي تنص على :رجال الضبط الجنائي هم الأشخاص الذين يقومون بالبحث عن مرتكبي الجرائم وضبطهم وجمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام .فإن رجال الضبط الجنائي هم المكلفون بالكشف عن الجرائم ومرتكبيها وأن يباشروا الإجراءات التي من شأنها تحقيق الغاية مادام الإجراء مشروعاً ، فيحق له الاحتيال بالطرق الشرعية كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته ويحق لهم التخفي بالطرق الشرعية كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إدارة دولته ويحق لهم

انتحال الصفات أثناء التحري عن الجرائم بقصد كشفها حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم وهذا يشترط أن تكون الجريمة قد وقعت أو تكون الجريمة متكررة الوقوع من ذات المتهم أو المتهمين)كالقوادة والدعارة والسحر والشعوذة وغيرها ) فيكون التحري للكشف عن وقوع الجريمة الحالية والكشف عن المتهم المرتكب للجرائم السابقة والجريمة الحالية .
وهناك فرق بين خلق الجريمة وبين كشف الجريمة، فخلق الجريمة تكون لمتهم لم يرتكب جرائم سابقة ولم تكن ناتجة من تحريات سليمة قائمة على محاضر متعددة بحيث يكون خلق الجريمة فيه غش وخداع وتحريض على اقترافها وإرادة الجاني غير حرة (وهذا الفعل محرم شرعاً وباطلٌ نظاماً ) ـ أما كشف الجريمة فجائز شرعاً ونظاماً بشروط:
1- أن تكون الجريمة قائمة ومستمرة من المتهمين سواء تدخل رجل لضبط الجنائي أو لم يتدخل.
2- يجب أن يكون هناك تحريات متعددة على الجرائم السابقة أو الجريمة المرتكبة تثبت صحة نسبة التهمة المسندة إلى كافة المتهمين .

3- نشاط رجل الضبط الجنائي ومعاونيه منصب على الكشف عن الجريمة ومرتكبيها بإزالة الستار والغطاء الذي تستر به الجناة.
عدم ثبوت الجريمة لدى هيئة التحقيق والادعاء العام أو المحكمة لا أثر له على عدم صحة التلبس:
العبرة بحالة التلبس هي بما يدل عليه الظاهر بغض النظر عن حقيقة الواقع بحيث قد يجتمع من الدلائل والقرائن والشواهد ما يكفي لاعتبار التلبس قائما في حالة من الحالات المبينة في النظام ثم يكتشف التحقيق بعد ذلك عدم ارتكاب الجريمة من المتهم ، وهذا لا يؤثر في صحة التلبس ولا سلامة نتائجه .
حتى لو تم القبض على المتهم وتفتيشه بناء على حالة التلبس التي قدرها رجل الضبط الجنائي بناء على الدلائل المجتمعة والشواهد والقرائن التي أظهرت قيام حالة من حالات التلبس ثم أسفر التفتيش

عن اكتشاف جريمة ثم لم يثبت ارتكاب المتهم للجريمة لدى هيئة التحقيق والادعاء العام بوصفه فاعلا أو شريكاً فإن حالة التلبس تكون قائمة بالنسبة لاكتشاف الجريمة الناتجة عن التفتيش المذكور .
وقد قضت محكمة النقض المصرية بحكم النقض بتاريخ 15/12/1969 أن مجرد رؤية المتهم حاملاً سلاحاً يجعله في حالة تلبس بإحراز السلاح حتى ولو تبين بعد ذلك أنه غير معاقب على حيازته فإذا فتشه الضابط وعثر معه عرضاً على مخدر فان الضبط يكون صحيحاً .
الحكمة من فرض سلطات لرجل الضبط الجنائي في أحوال التلبس :
لسرعة التدخل للمحافظة على أدلة الجريمة والقبض على المتهم مرتكب سواء كان فاعلا أو شريكاً.
سلطات التحقيق الممنوحة لرجل الضبط الجنائي في أحوال التلبس :
اشتمل نظام الإجراءات الجزائية تخول لرجل الضبط الجنائي في أحوال التلبس سلطتي القبض والتفتيش .
القبض:
وهو تقييد حرية الشخص في التجول لفترة وحمله على البقاء في مكان معين تمهيداً لاتخاذ بعض الإجراءات ضده وهو بهذا المعنى إجراء شديد الخطر لأنه ينطوي على مساس بالغ بالحرية الفردية .

شروط القبض الجائز لرجال الضبط الجنائي :
أولاً: التلبس:
تنص المادة (33) من نظام الإجراءات الجزائية أن : لرجل الضبط الجنائي في حال التلبس بالجريمة القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه؛ على أن يحرر محضراً بذلك، وأن يبادر بإبلاغ هيئة التحقيق والادعاء العام فوراً•وفي جميع الأحوال لا يجوز إبقاء المقبوض عليه موقوفاً لأكثر من أربع وعشرين ساعة إلا بأمر كتابي من المحقق•فإذا لم يكن المتهم حاضراً فيجب على رجل الضبط الجنائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره وأن يبيِّن ذلك في المحضر•
نلاحظ أن المادة السابقة نصت أن تكون هناكجريمة متلبس بها فإذا لم تكن الجريمة متلبس بها لا يجوز مطلقاً القبض على المتهم حتى ولو كان وقوع الجريمة مؤكدا من المتهم والأدلة قائمة ضده.

فإن مجرد البلاغ من المجني عليه بوقوع جريمة أو اعتراف المتهم على نفسه لارتكابها لا يجعل لحالة التلبس قائمة ولا يحق لرجل الضبط الجنائي سلطة القبض.
القبض في الجرائم الكبيرة ليس واجباً في نظام الإجراءات الجزائية :
نحن نعلم أنه يجوز القبض عند توفر حالة من حالات التلبس الواردة على سبيل الحصر في المادة (30)من نظام الإجراءات الجزائية؛لأنه إجراء من إجراءات التحقيق التي يباشر ها رجال الضبط الجنائي استثناء نزولا على حكم الضرورة .
ونحن نعلم أن المهمة الأساسية لرجال الضبط الجنائي هي جمع الاستدلالات لا إجراءات التحقيق فقد نصت المادة (24) من نظام الإجراءات الجزائية المادة (24):
رجال الضبط الجنائي هم الأشخاص الذين يقومون بالبحث عن مرتكبي الجرائم وضبطهم وجمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام•

والقبض هو إجراء من إجراءات التحقيق التي يجوز لرجل الضبط الجنائي مباشرتها على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه ( ولا يجب عليه ) استنادا للمادة (33)
لرجل الضبط الجنائي في حال التلبس بالجريمة القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه؛ على أن يحرر محضراً بذلك، وأن يبادر بإبلاغ هيئة التحقيق والادعاء العام فوراً•وفي جميع الأحوال لا يجوز إبقاء المقبوض عليه موقوفاً لأكثر من أربع وعشرين ساعة إلا بأمر كتابي من المحقق•فإذا لم يكن المتهم حاضراً فيجب على رجل الضبط الجنائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره وأن يبيِّن ذلك في المحضر•

وجهة الدلالة من نص المادة أن المنظم عنى أن يجعل القبض لرجل الضبط الجنائي على سبيل الجواز للمتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يكون القبض سلطة تقديرية لرجل الضبط الجنائي بمعنى أنه يجوز لرجل الضبط الجنائي القبض على المتهم بالتلبس بالجريمة الذي توجد دلائل كافية على اتهامه ولم يحدد المنظم الجرائم الكبيرة لوجوب ا لقبض في حالات التلبس بل كل جريمة تقع(سواء كانت كبيرة أو غير كبيرة) في حالة تلبس يجوز لرجل الضبط الجنائي القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه ويجوز له أيضا عدم القبض عليه بمفهوم المخالفة وما يقتضيه العـبارات التي اختارها المنظم بعناية لتحديد مقصوده .
والرأي لو أن المنظم جعل الخطاب بصيغة الوجوب في الجرائم الكبيرة والجواز في غيرها للقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه لكان أولى.

ولوعدنا للمادة (30) من النظام ذاته لوجدنا النص التالي :
تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها، أو عقب ارتكابها بوقت قريب• وتعد الجريمة متلبساً بها إذا تبع المجني عليه شخصاً، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات، أو أسلحة، أو أمتعة، أو أدوات، أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك .

وهذه المادة توضح حالات التلبس المعروفة والتي تجيز ضمناً التحفظ على المتهم أو (لتعرض المادي ) بالسيطرة عليه ومنعه من مبارحة مكان الجريمة سواء كان هذا التحفظ من رجال السلطة العامة أو من المواطنين أو المقيمين على ارض المملكة وغيرهم فتستمر السيطرة المادية على المتهم أو التحفظ عليه حتى حضور رجل الضبط الجنائي إلى مكان وقوع الحادث أو مكان تواجد المتهم وهنا يجب انتقال رجل الضبط الجنائي وجوبا كما وضحته المادة (31) من نظام الإجراءات الجزائية حيث نصت : يجب على رجل الضبط الجنائي – في حالة التلبس بالجريمة – أن ينتقل فوراً إلى مكان وقوعها ويعاين آثارها المادية ويحافظ عليها، ويثبت حالة الأماكن والأشخاص، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة، وأن يسمع أقوال من كان حاضراً، أو من يمكن الحصول منه على معلومات في شأن الواقعة ومرتكبها ويجب عليه أن يبلغ هيئة التحقيق والادعاء العام فوراً بانتقاله•

وجهة الدلالة من النص المذكور يجب على رجل الضبط الجنائي الانتقال والخطاب بصيغة الوجوب لغاية حميدة وهي سرعة التدخل للمحافظة على آثار الجريمة والتثبت من حالة المكان والأشخاص وكل ما يفيد في كشف الحقيقة….الخ .
مع الأخذ في الاعتبار أن سلطات التحقيق الاستثنائية لرجل الضبط الجنائي بعد انتقاله إلى مكان الحادث ووجود عضو هيئة التحقيق والادعاء العام في مكان الجريمة تصبح ملغية مع وجود العضو المختص بحيث يجب على رجل الضبط الجنائي أن يكف يده عن استخدام إجراءات التحقيق الاستثنائية فلا يحق له القبض على المتهم في حالة التلبس أو تفتيشه إلا بأمر المحقق وعلى رجل الضبط الجنائي أن يتلقى الأوامر من المحقق بالقبض والتفتيش لاتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق لأنه لا حاجة للبديل مع وجود الأصيل ولكي لا تجتمع على التحقيق سلطتان مختلفتان في آن واحد .

ثانياً :قيام دلائل وشواهد وإمارات ضد المتهم المراد القبض عليه يسوغ اتهامه بارتكاب جريمة ولا يغني التلبس عن هذا الشرط لأن التلبس محله الجريمة لا المجرم وهو لا يعني سوى التيقن من وجود الجريمة لكنه لاينبئ بالضرورة عمن ارتكبها ولهذا يجب أن تكون هناك دلائل كافية على اتهام من يراد القبض عليه بارتكابه إياها .

ونلاحظ أن هذا الشرط مركب من عنصرين أولاهما وجود دلائل والثاني كفايتها .
فإذا اكتملت شروط القبض وقدر رجل الضبط الجنائي ضرورته وكان المتهم ماثلاً أمامه أمر بالقبض عليه فإن كان غير حاضر أمر بضبطه وإحضاره وأثبت ذلك في محضره وهذا الأمر واجب التنفيذ إما طوعاً أو كرهاً بواسطة رجال السلطة العامة ويسقط الأمر الصادر من رجل الضبط الجنائي برفع الأوراق لهيئة التحقيق والادعاء العام .
الإجراءات التالية للقبض تنص المادة (34) من نظام الإجراءات الجزائية على :يجب على رجل الضبط الجنائي أن يسمع فوراً أقوال المتهم المقبوض عليه، وإذا لم يأت بما يبرئه يرسله خلال أربع وعشرين ساعة مع المحضر إلى المحقق الذي يجب عليه أن يستجوب المتهم المقبوض عليه خلال أربع وعشرين ساعة، ثم يأمر بإيقافه أو إطلاقه.
هذه المادة توضح أختصاصات رجل الضبط الجنائي لأنها واردة في فصل جمع المعلومات التي هي من صميم اختصاص رجل الضبط الجنائي.

فهي تلزم رجل الضبط الجنائي بصيغة الوجوب أن عليه أن يسمع فورا أقوال المتهم المقبوض عليه وذلك من ضمانات وحقوق المتهم لأن المتهم قد يثبت بالدليل القاطع أنه برئ من التهمة المسندة إليه وبالتالي يجب أخلاء سبيله من قبل رجل الضبط الجنائي فورا كونه برئ من التهمة المسندة إليه .

مثال ذلك : شاهد رجل ضبط جنائي جزاراملابسه ملطخه بالدماء وبيده ساطور وهو يقف أمام شخص مقتول يسبح في دمه.
هنا الجزار المذكور في حالة تلبس تامة، لكن بسماع أقواله أثبت المتهم أنه جزارا وأن الدم الملطخ بملابسه دم أنعام وحضر القاتل وأعترف على نفسه بالجريمة.
لكن إذا لم يستطع المتهم أن يبرئ نفسه ماذا يصنع رجل الضبط الجنائي ؟
هذه المادة تكمل لرجل الضبط الجنائي باقي اختصاصاته هنا…. فتقول له في حالة عدم تمكن المتهم من أن يأتي بما يبرئه كما فعل الجزار فيجب عليك أن ترسله للمحقق خلال أربع وعشرين ساعة مع المحضر .

انتهت هنا اختصاصات رجل الضبط الجنائي في هذه المادة ……….ثم أردف المشرع بإفهام رجل الضبط الجنائي أن المحقق سوف يستجوب المتهم المقبوض عليه خلال أربع وعشرين ساعة، ثم يأمر بإيقافه أو إطلاقه……وأفادت أنه يجب على المحقق ……
لاحظ عبارة المادة (الذي يجب عليه )……هي لا تخاطب المحقق بل تخاطب رجل الضبط الجنائي..
فهي تقول أن الأصل أن القضايا التي تحال إلى المحقق سوف يستجوب المحقق المتهم……ثم ما يسفر عنه الاستجواب يتم اتخاذ إجراء الإيقاف أو الإطلاق…

تلاحظ أن هذه المادة تتحدث بشكل عام وأن الخاص يقيد العام كما ذكر ذلك علماء أصول الفقه..
وخلاصة القول أن المادة (34) من ذات النظام ليس لها علاقة بالاستجواب أو الإفراج أو الإيقاف…فهي عامه لأن الاستجواب يحكمه فصل الاستجواب في نظام الإجراءات والإفراج يحكمه فصل كامل في ذات النظام وكذا الإيقاف …..
فلا يصح أن نترك التفصيل في الاستجواب كما فصلت المواد 101 -102 في الفصل السادس والمواد 113-114 في الفصل الثامن وغيرها في الإيقاف والمواد 120 وما بعدها في الفصل التاسع في الإفراج ونتمسك بهذه المادة التي تتحدث بشكل عام وهي تفيد إخبار رجل الضبط الجنائي باختصاصات المحقق بوجوبه بالاستجواب….فلا تستجوب أنت يارجل الضبط الجنائي …..وأنه يفرج عن المتهم أو يوقفه على حسب الحال لأنه المختص….. فلا تفعل ذلك أنت لأنها ليست من اختصاصاتك ……

الضمانات العامة للقبض :
قال الله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم ) يجب على رجل الضبط الجنائي أن يتقي الله سبحانه وتعالى في كل متهم مقبوض عليه وأن يعامله بكرامه وبما يحفظ إنسانيته ولا يجوز إيذائه بدنيا أو معنويا ولا يجوز حبسه في غير الأماكن المخصصة لذلك نظاماً .
وان يبلغ كل من قبض عليه بأسباب القبض عليه وان له الحق في الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع وأن له الحق في الاستعانة بمحام والبلاغة بأسباب القبض عليه .

التحفظ والاستيقاف والاقتياد:
التحفظ:
هو اتخاذ إجراءات وقائية تحفظية مناسبة على المتهم بصفة وقتية إلى أن يصدر أمراً من هيئة التحقيق والادعاء العام بالقبض عليه أو عدم القبض عليه .
وهو يخلف عن القبض من حيث أنه ليس فيه مساساً بحرية الفرد كالقبض، ويجب أن لا يصل التحفظ بأي حال من الأحوال إلى تقيد حرية المتهم لكي لا يكون قبضاً.
والإجراءات التحفظية كأن يطلب رجل الضبط الجنائي من المتهم إثبات هويته ويطلب منه عدم مغادرة الموقع أو أن يطلب منه التعرف على محل إقامته أو محل عمله أو العمدة أو أن يطلب منه البقاء في منزله حتى يتم إصدار أمرا من هيئة التحقيق والادعاء العام أو أن يتعقب المتهم ولا يغيب عن بصره حتى يصدر آمرا من الهيئة .
الاستيقاف:
الاستيقاف لا ينطوي على تقييد للحرية وهو لا يعد من إجراءات التحقيق ولا يقتصر الاستيقاف على سلطة رجال الضبط الجنائي وحدهم بل هي من سلطات رجال السلطة العامة أيضا .
والاستيقاف هو مطالبة الغير بالوقوف وهو إجراء يسوغه اشتباه تبرره الظروف لمن وضع نفسه طواعية واختياراً في موضع الريبة والظن وكان هذا الوضع ينبئ الوضع عن ضرورة تدخل رجال السلطة العامة للتحري والكشف عن الحقيقة .
والقيد المهم على ممارسة الاستيقاف أن لا يتضمن إجراءاته تعرضا ماديا للمتحري عنه يمكن أن يكون مساس بحـريته الشخصية أو اعتداء عليها وإلا انقلبت إجراءات الاستيقاف إلى قبضاً .
فمتى يتم جواز القبض على الشخص المار في إحدى نقاط التفتيش ؟

الجواب في حالة التلبس .
ومتى يكون التلبس عند مرور الشخص في إحدى نقاط التفتيش ؟
عند توفر مبررات الاستيقاف الناتج عنها وجود جريمة متلبس بها أٌدْرِكة بإحدى الحواس الخمس .

فإذا كان المار في إحدى نقاط التفتيش مطالبا بالوقوف من إحدى رجال الضبط أو السلطة العامة ، وعند وقوفه ظهرت مسوغات الاستيقاف ، وهي وضع الشخص نفسه طواعية موضع الشك والريبة والظن وكان هذا الوضع يستلزم تدخل رجل الضبط الجنائي أو السلطة العامة للتحري والكشف عن حقيقته ، فهنا يحق لرجل الضبط الجنائي أو مساعدوه من رجال السلطة العامة طلب استجلاء الحقيقة من المستوقف ويجب على رجل الأمن سواء كان رجل الضبط الجنائي أو رجل السلطة العامة سؤال المستوقف عن اسمه وعنوانه وعمله ووجهته وسؤاله عن سبب ما أثار نفسه من ريبه أو شك من وضع المستوقف ، ولكن لا يحق لرجل الأمن الاعتداء على حرية الشخص أو تفتيشه سواء بشخصه أو سيارته أو أمتعته مطلقا ما لم ينتج عن الاستيقاف حاله واحدة من حالات التلبس الواردة في المادة (33) من نظام الإجراءات الجزائية التي تدرك بواسطة حاسة من حواس الإنسان الخمس سواء الشم أو الذوق أو المشاهدة أو السماع أو اللمس ، فلو شم رجل الضبط الجنائي رائحة المسكر ، أو سمع صوت استغاثة داخل السيارة ، أو شاهد السائق يضع يده في عورة المرأة التي تركب بجواره بوضع مخل للآداب سواء كانت زوجته أو غيرها ، أو لمس مادة مخدرة كانت متواجدة في زجاج السيارة ، عندها تكون الحالة حالة تلبس يجوز لرجل الضبط الجنائي القبض على المتهم أو التحفظ عليه من قبل رجال السلطة العامة واستدعاء رجل الضبط الجنائي للقبض عليه في حالة اكتشاف حالة التلبس من احد رجال السلطة العامة .
أما ما عدها هذه الحالات فلا يجوز نظاما القبض على المواطن أو غيره.

خلاصة القول:
مرور أي شخص في نقاط التفتيش غير الوقائية يتم عبر مراحل وهي :
1-الحق لرجل السلطة العامة أو رجل الضبط الجنائي الطلب منأي شخص سواء كان يحمل حصانة أو لا يحملها الوقوف في نقاط التفتيش وطلب وهويته والتأكد من سلامة أوراقه ومن حيازة سائقيها لرخص القيادة والمركبات والهدف منه التأكد من الالتزام بحكم القانون وقد أجازته بعض القوانين وسمي استيقافا لكن لا وجود للريبة هنا ولا يوجد غاية له وهي استجلاء حقيقة الريبة لعدم توفرها ، فأجيز للتأكد من سلامة التزام المار في نقاط التفتيش بتطبيق القانون

2-الحق لرجل الضبط الجنائي، أو رجل السلطة العامة استيقاف أي شخص أوجد نفسه في موضع الشك أو الريبة فإن زال مبررها وجب رفع حالة الاستيقاف فورا عن المستوقف، والسماح له بالمرور بقوة النظام بعد التأكد من سلامة أوراقه.
3- فإن نتج عن الاستيقاف توفر حالة تلبس وجب القبض على المتهم سواء كان يحمل حصانة أو لا يحملها.
وما عدا ذلك يكون قبضا غير نظامي يجب مسألة من أخطأ في تقديره.

لكن أحيانا يحتاج الوضع إلى خرق هذه الأنظمة في حال الكوارث أو انتشار الفتن أو الإرهاب. فما العمل نظاما ؟
نقول تعال معي لنص المادة(61) من النظام الأساسي للحكم حيث نصت: يعلن الملك حالة الطوارئ والتعبئة العامة والحرب ويبين النظام أحكام ذلك.
والمادة (82) من النظام ذاته :مع عدم الإخلال بما ورد في المادة السابعة من هذا النظام لا يجوز بآي حال من الأحوال تعطيل حكم من أحكام هذا النظام إلا أن يكون ذلك مؤقتاً في زمن الحرب أو في أثناء إعلان حالة الطوارئ وعلى المبين بالنظام .
الاقتياد:رق هذه الأنظمة إلا بصدور أنظمة تخرق نظام الإجراءات الجزائية بينتها المادتين المذكورة بجواز وجود إعلان حالة الطواري ويبين النظام أحكام ذلك .

الاقتياد :
التفتيش:متهم واقتياده إلى قرب رجل سلطة عامة أو رجل ضبط جنائي الذي يقوم بدوره باتخاذ الإجراءات اللازمة وذلك بالرجوع على من اقتاده وسماع أقواله عن أسباب اقتياده وتثبيتها في محضر ولا يحق لرجل الضبط الجنائي هنا إن يفتشه أو يقبض عليه لان جريمته ليست في حالة تلبس تجيز القبض وعليه أن يخلي سبيل المتهم أو يطلب أمراً بالقبض عليه من هيئة التحقيق والادعاء العام إذا كانت جريمته تستدعي ذلك وكانت هناك مبررات وأدلة كافية تسند الاتهام إلى المذكور .

التفتيش :
هو البحث عن الشئ في مستودع السر فإذا فتش رجل الضبط الجنائي في الصحراء أو الأنهار أو في الطرق العامة لا يسمى تفتيشاً بالمعنى النظامي في نظام الإجراءات الجزائية لانتفاء حرمة المكان وإنما هو إجراء من إجراءات الاستدلال الذي يدخل ضمن اختصاصاتهم .
والغاية من التفتيش هو البحث عن أشياء تتعلق بجريمة معينة وقعت.
والتفتيش من اشد الإجراءات خطورة وهو أخطر من القبض لذا فقد نص النظام الأساسي على حظره ولم يجزه إلا للضرورة وفق النظام .
والتفتيش من حيث محله نوعان:
النوع الأول: تفتيش الأشخاص:
أجاز نظام الإجراءات الجزائية تفتيش الأشخاص في حالتين هي الأولى في المادة (42) من نظام الإجراءات الجزائية : يجوز لرجل الضبط الجنائي – في الأحوال التي يجوز فيها القبض نظاماً على المتهم – أن يفتشه• ويشمل التفتيش جسده وملابسه وأمتعته• وإذا كان المتهم أنثى وجب أن يكون التفتيش من قبل أنثى يندبها رجل الضبط الجنائي•
والثانية مكملة لتفتيش المنزل حيث جعل تفتيش الشخص مكمل لتفتيش المنزل تحقيقاً للغاية حتى وان طال التفتيش غير المتهمين وهي منصوصه في المادة (44) منه : إذا قامت أثناء تفتيش منزل متهم قرائن ضده، أو ضد أي شخص موجود فيه – على أنه يخفي معه شيئاً يفيد في كشف الحقيقة – جاز لرجل الضبط الجنائي أن يفتشه .

أولاً : تفتيش من يجوز القبض عليه :
نصت المادة (42) من نظام الإجراءات الجزائية : يجوز لرجل الضبط الجنائي – في الأحوال التي يجوز فيها القبض نظاماً على المتهم – أن يفتشه• ويشمل التفتيش جسده وملابسه وأمتعته• وإذا كان المتهم أنثى وجب أن يكون التفتيش من قبل أنثى يندبها رجل الضبط الجنائي•

ويشترط لصحة التفتيش أن يكون القبض صحيحا وإلا بطل التفتيش تبعاً لبطلان القبض والتفتيش الناتج من الاستيقاف والتحفظ يعد تفتيشاً باطلا ً.
والأحوال التي يجوز القبض فيها هي في حالات التلبس وبصدور أمرا بالقبض عليه.

ثانياً: تفتيش الأشخاص أثناء تفتيش المنزل:
الأصلأن تفتيش المنزل إجراء مستقل عن تفتيش صاحبه فإن إباحة أحدهما لا تعني بالضرورة إباحة الآخر غير أن المشرع قدر وجوب الربط بينهما بما يجعل تفتيش المنزل مبررا لتفتيش من فيه حيث نصت المادة (44) منه : إذا قامت أثناء تفتيش منزل متهم قرائن ضده، أو ضد أي شخص موجود فيه – على أنه يخفي معه شيئاً يفيد في كشف الحقيقة – جاز لرجل الضبط الجنائي أن يفتشه .
والتفتيش يشمل ذاته وكل ما يلحق به فهو ينصرف إلى أعضاء جسمه وما يرتديه من ملابس وما يحمله من متاع وما يركبه من سيارات بشرط أن تكون خارج مسكنه وإلا أصبح التفتيش تفتيشا للمسكن.
والتفتيش يشمل كل ما في حوزته أو حرزه وقت التفتيش سواء كان مملوكا له أو لغيرة ، ولا يستلزم التفتيش الرضا به فإنه ينفذ على الشخص طوعا أو كرها .

والتفتيش يحاط بضمانات عدة لأنه ينطوي على انته9اك لحريات الإفراد وفضح سره وقد يفضي إلى الكشف عن دليل يدينه وإجازة المشرع للضرورة والضرورة تقدر بقدرها ومن الضمانات أن لا يهدر كرامة الإنسان ولا يلحق بصحة المتهم ضررا .
وإذا حفظت كرامة المتهم وجب أن يكون التفتيش على أكمل وجه حتى ولو اقتضى الأمر نزع ملابس المتهم مع مراعاة ستر العورة فلا نضحي بالعدالة الجنائية في الإسراف بحقوق الأفراد.
ويجوز استخدام القوة لحمل المتهم على تنفيذ التفتيش على نحو ما يقتضيه الموقف بشرط عدم التجاوز وان تكون القوة المستخدمة ضد المتهم بقدر مقاومته أو بالقدر اللازم لتحقيق الغاية منه حتى لا يكون هناك تعدي على المتهم.

والتفتيش لا يصح إلا إذا كان للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها.
كما انه لا يصح إلا من رجل الضبط الجنائي بنفسه فلا يجوز أن يعهد به إلى غيره ولو كان من رجال السلطة العامة الذين يعملون تحت إمرته مع جواز الاستعانة بهم في تنفيذ التفتيش بشرط أن يقوموا بعملهم في حضوره وتحت إشرافه.
تفتيش الأنثى:
حظر النظام على رجل الضبط الجنائي تفتيش الأنثى بنفسه واوجب عليه أن يعهد بهذا العمل إلى أنثى تندب لهذا الغرض وهو حكم عام يسرب على كل تفتيش لأنثى والعلة من ذلك صيانة عرض المرأة وكرامتها في كل الأحوال ولو كانت متهمة وكان تفتيشها لازما لمصلحة العدالة .
ويقوم رجل الضبط الجنائي بتدوين اسم المرأة المنتدب للتفتيش في محضرة .

ظهور إحدى الجرائم عرضا أثناء التفتيش :
إذا استكمل التفتيش شروطه واستوفى ضماناته وصحت آثاره وظهرت أثناء التفتيش عرضا أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخرى جاز للقائم بالتفتيش أن يضبط ما وقع عليه.

أثار التفتيش :
أجاز نظام الإجراءات لجزائية أن يضبط الأوراق وكل ما يحتمل انه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها وكذلك ما وقعت عليه الجريمة وكل ما يفيد في كشف الحقيقة بوجه عام .
ولا يجوز له فض الأوراق المختومة وعليه إثبات ذلك في محضره وعرضها على المحقق المختص.
وألزم النظام قبل مغادرة المكان وضع الأشياء والأوراق المضبوطة في حرز مغلق وتربط كلما أمكن ذلك ويختم عليها وان يكتب على شريط داخل الختم تاريخ المحضر بضبط تلك الأشياء ويشار الموضوع الذي حصل الضبط من اجله.
واوجب النظام على رجل الضبط الجنائي وأعوانه المحافظة على سرية ما عثروا عليه وعدم استغلاله لمصلحتهم الخاصة .

التفتيش للضرورة :
التفتيش الوقائي أو الإداري يهدف إلى حسن سير العمل، أو لتفادي أضرار قد تقع على المفتش إداريا أو وقائيا، دون أن يشعر بخطورتها.
ومثال التفتيش الإداري: تفتيش شخص مصاب للتعرف على هويته وفصيلة دمه لإسعافه وإنقاذ حياته.
فما يقوم به رجل الإسعاف أو غيره للبحث عن هويته هو التفتيش الإداري.
ومثال التفتيش الوقائي: تفتيش شخص أو أمتعته للتأكد من خلوها من أي أغراض قد تضر بالملاحة الجوية أو الطائرات كالتفتيش الحاصل في المطارات.

الرضا بالتفتيش :
الأصل في نظام الإجراءات الجزائية أنه إذا اكتملت شروط التفتيش صح إجراءه سواء رضي به من وقع عليه أو لم يرض،أما إذا تخلفت بعض الشروط فإنه يكون باطلا ولا يعتد بما نتج عنه .

عن اكتشاف جريمة ثم لم يثبت ارتكاب المتهم للجريمة لدى هيئة التحقيق والادعاء العام بوصفه فاعلا أو شريكاً فإن حالة التلبس تكون قائمة بالنسبة لاكتشاف الجريمة الناتجة عن التفتيش المذكور .
وقد قضت محكمة النقض المصرية بحكم النقض بتاريخ 15/12/1969 أن مجرد رؤية المتهم حاملاً سلاحاً يجعله في حالة تلبس بإحراز السلاح حتى ولو تبين بعد ذلك أنه غير معاقب على حيازته فإذا فتشه الضابط وعثر معه عرضاً على مخدر فان الضبط يكون صحيحاً .
الحكمة من فرض سلطات لرجل الضبط الجنائي في أحوال التلبس :
لسرعة التدخل للمحافظة على أدلة الجريمة والقبض على المتهم مرتكب سواء كان فاعلا أو شريكاً.

سلطات التحقيق الممنوحة لرجل الضبط الجنائي في أحوال التلبس :
اشتمل نظام الإجراءات الجزائية تخول لرجل الضبط الجنائي في أحوال التلبس سلطتي القبض والتفتيش .
القبض:
وهو تقييد حرية الشخص في التجول لفترة وحمله على البقاء في مكان معين تمهيداً لاتخاذ بعض الإجراءات ضده وهو بهذا المعنى إجراء شديد الخطر لأنه ينطوي على مساس بالغ بالحرية الفردية .
شروط القبض الجائز لرجال الضبط الجنائي :
أولاً: التلبس:
تنص المادة (33) من نظام الإجراءات الجزائية أن : لرجل الضبط الجنائي في حال التلبس بالجريمة القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه؛ على أن يحرر محضراً بذلك، وأن يبادر بإبلاغ هيئة التحقيق والادعاء العام فوراً•وفي جميع الأحوال لا يجوز إبقاء المقبوض عليه موقوفاً لأكثر من أربع وعشرين ساعة إلا بأمر كتابي من المحقق•فإذا لم يكن المتهم حاضراً فيجب على رجل الضبط الجنائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره وأن يبيِّن ذلك في المحضر•

نلاحظ أن المادة السابقة نصت أن تكون هناكجريمة متلبس بها فإذا لم المختص بحيث يجب على رجل الضبط الجنائي أن يكف يده عن استخدام إجراءات التحقيق الاستثنائية فلا يحق له القبض على المتهم في حالة التلبس أو تفتيشه إلا بأمر المحقق وعلى رجل الضبط الجنائي أن يتلقى الأوامر من المحقق بالقبض والتفتيش لاتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق لأنه لا حاجة للبديل مع وجود الأصيل ولكي لا تجتمع على التحقيق سلطتان مختلفتان في آن واحد .
ثانياً :قيام دلائل وشواهد وإمارات ضد المتهم المراد القبض عليه يسوغ اتهامه بارتكاب جريمة ولا يغني التلبس عن هذا الشرط لأن التلبس محله الجريمة لا المجرم وهو لا يعني سوى التيقن من وجود الجريمة لكنه لاينبئ بالضرورة عمن ارتكبها ولهذا يجب أن تكون هناك دلائل كافية على اتهام من يراد القبض عليه بارتكابه إياها .
ونلاحظ أن هذا الشرط مركب من عنصرين أولاهما وجود دلائل والثاني كفايتها .

فإذا اكتملت شروط القبض وقدر رجل الضبط الجنائي ضرورته وكان المتهم ماثلاً أمامه أمر بالقبض عليه فإن كان غير حاضر أمر بضبطه وإحضاره وأثبت ذلك في محضره وهذا الأمر واجب التنفيذ إما طوعاً أو كرهاً بواسطة رجال السلطة العامة ويسقط الأمر الصادر من رجل الضبط الجنائي برفع الأوراق لهيئة التحقيق والادعاء العام .
الإجراءات التالية للقبض تنص المادة (34) من نظام الإجراءات الجزائية على :يجب على رجل الضبط الجنائي أن يسمع فوراً أقوال المتهم المقبوض عليه، وإذا لم يأت بما يبرئه يرسله خلال أربع وعشرين ساعة مع المحضر إلى المحقق الذي يجب عليه أن يستجوب المتهم المقبوض عليه خلال أربع وعشرين ساعة، ثم يأمر بإيقافه أو إطلاقه.
هذه المادة توضح أختصاصات رجل الضبط الجنائي لأنها واردة في فصل جمع المعلومات التي هي من صميم اختصاص رجل الضبط الجنائي.
فهي تلزم رجل الضبط الجنائي بصيغة الوجوب أن عليه أن يسمع فورا أقوال المتهم المقبوض عليه وذلك من ضمانات وحقوق المتهم لأن المتهم قد يثبت بالدليل القاطع أنه برئ من التهمة المسندة إليه وبالتالي يجب أخلاء سبيله من قبل رجل الضبط الجنائي فورا كونه برئ من التهمة المسندة إليه .

مثال ذلك : شاهد رجل ضبط جنائي جزارا ملابسه ملطخه بالدماء وبيده
ويشترط أن يكون الرضا صادرا من ذي صفة وان يكون الرضا سابقا على إجراء التفتيش وأن يكون الرضا صريحاً وان يكون الرضا حرا لا إكراه فيه وأن يكون طلب موافقة الشخص على تفتيشه واضحا خالياً من ن يشوبه غلط أو تدليس.
وهذا الشروط من النادر تحققها وبالتالي الرأي الأقرب عدم صحة التفتيش إلا في حالة التلبس أو صدور أمرا به من الجهة المختصة لا الإنسان العاقل لا يقدم على أمر فيه مضرة نفسه.

النوع الثاني: تفتيش المساكن:
من المبادئ المستقرة أن للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها بغير إذن من أهلها سواء كان ذلك بقصد تفتيشها أو لأي قصد آخر.
وقد نصت المادة من (37) من النظام الأساسي للحكم على:
للمساكن حرمتها ولا يجوز دخولها بغير إذن صاحبها ولا تفتيشها إلا في الحالات التي يبينها النظام.
وردد نظام الإجراءات الجزائية حظر دخول المساكن وتفتيشها كأصل عام وبين الأحوال والشروط التي يباح فيها الدخول والتفتيش على سبيل الاستث4ناء فنص في المادة (41) على : لا يجوز لرجل الضبط الجنائي الدخول في أي محل مسكون أو تفتيشه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاماً، بأمر مسبب من هيئة التحقيق والادعاء العام، وما عدا المساكن فيكتفي في تفتيشها بإذن مسبب من المحقق• وإذا رفض صاحب المسكن أو شاغله تمكين رجل الضبط الجنائي من الدخول أو قاوم دخوله، جاز له أن يتخذ الوسائل اللازمة المشروعة لدخول المسكن بحسب ما تقضيه الحال•ويجوز دخول المسكن في حالة طلب المساعدة من الداخل، أو حدوث هدم أو غرق أو حريق أو نحو ذلك، أو دخول معتد أثناء مطاردته للقبض عليه•

معنى السكن:
هو محل السكنى سواء كان مسكون أو لم يكن وكذلك كل مكان أعد للإقامة وإن لم يكن مخصص للإقامة.
الأحوال التي يباح فيها دخول المنازل :
عند الاستغاثة من داخل المنزل وعند حدوث الحريق والغرق والهدم وعند تعقب المتهم إذا فر من تنفيذ القبض عليه واحتمى بمنزله أو منزل غيره.

دخول الأماكن التي تعد من المساكن :
إما أن تكون الأماكن خاصة كملاحق المنازل وحدائقه المسورة وكراجات السيارات المتصلة بالمسكن فهي تأخذ حكم المسكن .
أما الأماكن العامة كالحدائق والمقاهي والملاهي فمباحة الدخول بغير قيد إذا كانت هذه المحلات أعدت لاستعمال الكافة في أي وقت أما إن كانت تتقيد بوقت محدد فيصح الدخول في الوقت المسموح بالدخول فيه ويمتنع في غيره.
وكذلك الحال في المكاتب الخاصة كالمتاجر وعيادات الأطباء والمكاتب الخاصة ونحوها فهذه الأماكن عندما تفتح للجمهور فيجوز لرجل الضبط الجنائي دخوله مادامت أنها تفتح للجمهور وان اعترض أصحابها وعللوا بأنها مساكن فالعبرة بالواقع وعندما تغلق هذه المحال أبوابها فلا يجوز دخولها بغير إذن أصحابها .

الأثر المترتب على إباحة الدخول :
إذا تحقق سبب من الأسباب التي تبيح لشخص دخول المكان فإن الأثر المترتب عليه هو صحة اكتشاف ما يشهده من جرائم في حالة تلبس.

أما إذا كان الدخول بغير وجه حق واكتشف من دخل المكان جريمة فيه فان حالة التلبس لا تعتبر قائمة وفق نظام الإجراءات الجزائية فلا يجوز لرجل الضبط الجنائي مباشرة سلطاته الخاصة من قبض وتفتيش .
جواز تفتيش منزل المتهم من قبلرجل الضبط الجنائي في حالة التلبس بالجريمة :
نصت المادة (43) من نظام الإجراءات الجزائية على : يجوز لرجل الضبط الجنائي في حال التلبس بجريمة أن يفتش منزل المتهم ويضبط ما فيه من الأشياء التي تفيد في كشف الحقيقة؛ إذا اتضح من أمارات قوية أنها موجودة فيه•

أجاز النظام دخول منزل المتهم وتفتيشه في حالات :
الأولى: أن تكون الجريمة في حالة تلبس بجريمة.
الثاني: أن يكون الغرض من الدخول والتفتيش ضبط أشياء تفيد في كشف الحقيقة إذا اتضح من أمارات قوية أنها موجودة فيه.
ولا يجوز لرجل الضبط الجنائي دخول أي منزل إلا بعد وقوع جريمة متلبس بها ولا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع المعلومات عنها، أو التحقيق بشأنها، ومع ذلك إذا ظهر عرضاً في أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة، أو تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخرى، وجب على رجل الضبط الجنائي ضبطها وإثباتها في محضر التفتيش•

ضوابط تفتيش المساكن:
يتم تفتيش المسكن بحضور صاحبه أو من ينيبه أو أحد أفراد أسرته البالغين المقيمين معه، وإذا تعذر حضور أحد هؤلاء وجب أن يكون التفتيش بحضور عمدة الحي أو من في حكمه أو شاهدين، ويُمَكّن صاحب المسكن أو من ينوب عنه من الاطلاع على إذن التفتيش إذا كان ذلك صادرا من جهة التحقيق ويُثْبَت ذلك في المحضر .

محضر التفتيش :
يجب أن يتضمن محضر التفتيش ما يأتي:
1- اسم من قام بإجراء التفتيش ووظيفته وتاريخ التفتيش وساعته•
2- نص الإذن الصادر بإجراء التفتيش، أو بيان الضرورة الملحة التي اقتضت التفتيش بغير إذن•
3- أسماء الأشخاص الذين حضروا التفتيش وتوقيعاتهم على المحضر•
4- وصف الأشياء التي ضبط وصفاً دقيقاً.

5- إثبات جميع الإجراءات التي اتخذت أثناء التفتيش والإجراءات المتخذة بالنسبة للأشياء المضبوطة•
وقت التفتيش :
يجب أن يكون التفتيش نهاراً من بعد شروق الشمس وقبل غروبها في حدود السلطة التي يخولها النظام، ولا يجوز دخول المساكن ليلاً إلا في حال التلبس بالجريمة•

ضوابط دخول المنازل وبها نساء :
إذا لم يكن في المسكن المراد تفتيشه إلا المتهمة وجب أن يكون مع القائمين بالتفتيش امرأة•

إذا كان في المسكن نساء ولم يكن الغرض من الدخول ضبطهن ولا تفتيشهن، وجب أن يكون مع القائمين بالتفتيش امرأة، وأن يُمَكَّنَّ من الاحتجاب، أو مغادرة المسكن، وأن يُمنْحنَ التسهيلات اللازمة لذلك بما لا يضر بمصلحة التفتيش ونتيجته•
ضبط الأشياء :

يقصد بالضبط في نظام الإجراءات الجزائية وضع اليد على شئ يتصل بالجريمة ويفيد في كشف الحقيقة عنها وعن مرتكبها وقد يكون الضبط من إجراءات التحقيق وقد يكون من إجراءات الاستدلال .
فعندما يكون الشئ في حيازة المتهم واقتضى الأمر تجريده من حيازته كان الضبط إجراء تحقيق أما إذا جرى الاستيلاء عليه دون اعتداء على حيازة قائمة كان إجراء استدلال .

ومحل الضبط لا يكون إلا على الأشياء لا الأشخاص وعندما نقول ضبط الشخص وإحضاره ينصرف إلى القبض وضبط الأشياء يختلف تماما عن ضبط الأشخاص أو القبض عليهم.
والضبط قد يكون للمنقول أو العقار وقد يكون الشئ المضبوط مملوكاً للمتهم أو لغيره والقاعدة أن الضبط لا يكون إلا في الماديات فلا يصح عقلاً ضبط محادثات ولا تسجيلها وإنما تعد مراقبة لها وقد نظم النظام مراقبة المحادثات في فصل مستقل .
والضبط يبكون للأشياء التي تفيد في كشف الحقيقة فكل ما يحقق هذه الغاية يصح ضبطه كالأوراق والاسلحة وكل ما يحتمل انه استعمل في كشف الحقيقة أو نتج عنها .

ضبط الرسائل ومراقبة المحادثات
استراق السمع والتصنت على الأحاديث الخاصة وتسجيلها اعتداءا على حقوق الأفراد
للرسائل البريدية والبرقية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، فلا يجوز الاطلاع عليها أو مراقبتها إلا بأمر مسبَّب ولمدة محددة، وفقاً لما ينص عليه هذا النظام•
وقد نصت المادة المادة (40) من النظام الأساسي للحكم على أن : المراسلات البرقية والبريدية والمخابرات الهاتفية وغيرها وسائل الاتصال مصونة ولا يجوز مصادرتها آو تأخيرها أو الاطلاع عليها أو الاستماع إليها إلا في الحالات التي يبينها النظام .

شروط المراقبة والسجيل :
1- أن تكون هناك جريمة وقعت.
2- أن تكون هناك قرائن على أن هذا الإجراء يفيد في كشف الحقيقة .
3- أن يكون المتهم طرفاً في المحادثات التي تؤمر بمراقبتها أو تسجيلها.
4- أن يكون بأمر مسبب من رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام .
5- أن لا تزيد المدة المقررة عن عشرة أيام قابلة للتجديد وفقاً لمقتضيات التحقيق•
راجع نص المادة (56) من النظام : لرئيس هيئة التحقيق والادعاء العام أن يأمر بضبط الرسائل والخطابات والمطبوعات والطرود، وله أن يأذن بمراقبة المحادثات الهاتفية وتسجليها، متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جريمة وقعت، على أن يكون الإذن مسببِّاً ومحدداً بمدة لا تزيد على عشرة أيام قابلة للتجديد وفقاً لمقتضيات التحقيق•

ويجب تسجيل المحادثات الخاصة بين المتهم وشخص آخر فقط دون الطرق إلى مراقبة أو تسجيل محادثات غير المتهم وإلا أصبح باطلاً ولا يجوز الإذن بدخول المساكن لغرض وضع أجهزة مراقبة أو تسجيل حتى وان صدر الأمر من هيئة التحقيق والادعاء العام لأنه باطل ومخالف للنظام ؛لأن الإذن بدخول المساكن واردة على سبيل الحصر وليس من بينها الدخول للمراقبة وتسجيل المحادثات .

لأن الدخول للمساكن لغرض التفتيش وهو في حكم اللزوم أما الثاني وهو لمراقبة وتسجيل المحادثات لا يقتضي اللزوم.
حفظ سرية المعلومات :
يجب على المحقق وعلى كل من وصل إلى علمه بسبب التفتيش معلومات عن الأشياء والأوراق المضبوطة أن يحافظ على سريتها وألا ينتفع بها بأي طريقة كانت أو يفضي بها إلى غيره، إلا في الأحوال التي يقضي النظام بها• فإذا أفضى بها دون مسوغ نظامي أو انتفع بها بأي طريقة كانت تعينت مساءلته•
إبلاغ إساءة