قانونيون أوضحوا اللبس بين التهمتين
«الفعل الفاضح» جنحة و«هتك العرض» جناية

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

 

رامي سلوم – دبي-أفاد قانونيون بأن ثمة لبساً يقع فيه معظم المتابعين للقضايا، بالخلط بين تهمتي الإتيان علناً بأفعال فاضحة مخلة بالحياء، وهتك العرض بالإكراه، موضحين أن «الأولى تعتبر جنحة، فيما تُصنف الثانية جناية، وفق قانون العقوبات الإماراتي».

ووصفوا الاختلاف بأنه «بسيط جداً»، على اعتبار أن «الفرق بين الفعلين في التهمتين هو ملامسة الجسد في التهمة الثانية، و النظر خفية في الاولى».

وشرح المحامي علي مصبح الفرق بين التهمتين، قائلاً إن «الفعل الفاضح هو الفعل العمد المخل بالحياء الذي يخدش من المجني عليه حياء العين والأذن ليس إلا، أما بقية الأفعال العمدية المخلة بالحياء والتي تستطيل إلى جسم المرأة وعوراتها وتخدش عاطفة الحياء فتعدّ من هذه الناحية هتك عرض بالإكراه».

وضرب مثالاً على جنحة الاتيان بفعل فاضح مخل بالحياء بأن «يتبول رجل في الشارع أو يقبّل شخص زوجته في مكان عام»، أما جناية هتك العرض بالإكراه فضرب مثالاً عليها بـ«امرأة تبدل ملابسها ويتلصص عليها رجل من ثقب الباب، أو التعدي على جسد المرأة بلمس جزء منه»، موضحاً أن «جناية هتك العرض بالإكراه أقلها الاستطالة بالنظر خفية، وأكبرها أن يأتي إلى ملامسة الجسد بالجسد دون جماع».

ويرى المحامي بدر خميس أن «قانون العقوبات يخلو من وجود ما يسمى (التحرش) في توصيف القضايا، فتكون إما هتك عرض بالإكراه أو ارتكاب فعل فاضح»، معتبراً أن «الإكراه في هتك العرض قائم في حال هتك الجاني عرض أنثى أو ذكر لم يبلغ سن الـ 15».

ولفت خميس إلى أن «العقوبة تأتي تبعاً لنظرة القاضي والأدلة المرفقة ووجود القصد الإجرامي وحجم التأثير وحال وقوع الجرم، لأن لكل قضية ملابساتها».

وهنا يظهر دور المحامي، وفق خميس، في «تفكيك الإدعاءات وبيان عدم ثبوتها، كإظهار أن الملامسة كانت عن غير قصد أو بيان ظروف معينة أدت لحدوث الفعل وسن المتهم، وغيرها من الدفوع»، موضحاً أن «حكم الإبعاد وجوبي في جرائم هتك العرض والحياء العام كافة».

وفي سياق ذي صلّة، شرح المحامي عبدالرحمن محمد، نصوص المواد التي تعاقب مرتكبي كلا الفعلين، بقوله إن «قانون العقوبات الاتحادي يعاقب على جريمة هتك العرض بالإكراه بالسجن المؤقت، وفقاً للمادة ،356 أما عقوبة الإتيان بفعل فاضح فيعاقب مرتكبها وفقاً لنص المادة 358 وهي «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر من أتى علناً فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة من ارتكب فعلاً مخلاً بالحياء مع أنثى أو صبي لم يتم الـ 15 ولو في غير علانية».

العمد والخطأ
العمد يتوافر باتجاه إرادة الجاني ارتكاب فعل أو الامتناع عن فعل، متى كان هذا الارتكاب أو الامتناع مجرّماً قانوناً، وذلك بقصد إحداث نتيجـة مباشــرة أو أخرى مجرّمــة قانوناً يكــون الجاني قد توقعهــا.
والخطأ يتوافر إذا وقعت النتيجة الإجرامية بسبب خطأ الفاعل سواء أكان الخطأ إهمالاً أم عدم انتباه أم عدم احتياط أو طيشاً أو رعونة أم عدم مراعاة القوانين أو اللوائح.

قرر النائب العام لإمارة دبي المستشار عصام عيسى الحميدان، تشكيل فريق عمل دائم لقضايا الاتجار في البشر، يضم عدداً من المستشارين من ذوي الخبرة في التعامل مع تلك النوعية من القضايا.

وتابع محمد أن «نص المادة 359 كذلك يعاقب مرتكب الجنحة الأخيرة، بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على 10 آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين مَنْ تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول أو الفعل في طريق عام أو مكان مطروق».

وفي حوادث هتك العرض بالإكراه، تحاكم حالياً محكمة جنايات دبي شاباً مصرياً الجنسية بتهمة هتك عرض امرأة فلبينية لملامسة أجزاء من جسدها خلال السباحة، وأشار قراء في تعليقاتهم على الموقع الإلكتروني لصحيفة «الإمارات اليوم» إلى أن «الحادثة لا تتعدى كونها تحرشاً».

صحيح ولكن

قرر النائب العام لإمارة دبي المستشار عصام عيسى الحميدان، تشكيل فريق عمل دائم لقضايا الاتجار في البشر، يضم عدداً من المستشارين من ذوي الخبرة في التعامل مع تلك النوعية من القضايا.

مبادرة ناضجة تقف إلى جانب المبادرات الكثيرة التي قدمتها الدولة للحدّ من جرائم الاتجار بالبشر، وهو ما يؤكد عمق التزام الدولة تجاه مسؤولياتها الدولية والمحلية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، من إنشاء لجنة وطنية ومؤسسات عدة لإيواء ضحايا الجريمة، لكن ألا يتعين أن تنشئ النيابة العامة في دبي نيابة متخصصة لمكافحة الاتجار بالبشر، خصوصاً أن تشكيل النيابات جاء أخيراً بإنشاء نيابة أسرة وأحداث، وأخرى متخصصة في الجرائم المالية وثالثة للمخدرات، على اعتبار أن المشرّع الإماراتي خصص لتلك النوعية من الجرائم قانوناً خاصاً وهو القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 في شأن مكافحة جرائم الاتجار في البشر يتضمن 16 مادة تتناول جوانب عدة.

قضايا منظورة
–زوّرت مسؤولة خدمات مصرفية، إماراتية الجنسية، تعمل في أحد البنوك الدولية في دبي، مستند تسليم بطاقة ائتمانية صادرة من البنك نفسه، بأن قلّدت إمضاء صاحبة الحساب بنيّة استعماله محرراً صحيحاً، وتمكنت بموجبه من تسلم البطاقة، وانتفعت بها بغير حق، وتحاكم حالياً في دبي بتهمة السرقة من أحد المتعاملين وجنحتي التزوير في محرر غير رسمي واستعمال محرر صحيح باسم الغير.

–شرع بائع أردني (23 عاماً) في سرقة مبلغ 890 درهماً مملوكة لإحدى شركات البترول في دبي، وذلك بأن تسلم المبلغ من موظف محطة إينوك باعتباره المتبقي من مبلغ 1000 درهم بعد خصم قيمة الوقود، ومن ثم وضعه في محفظته وهمّ بالهرب، من دون تسليم ورقة الألف درهم، إلا أن موظف المحطة أمسك بالمحفظة وشدّها من يده بقوة وحاول إخراج المبلغ منها فوقعت وتناثر المبلغ على الأرض، وصدم البائع الموظف بالسيارة التي يقودها وترجل منها والتقط المحفظة وهرب بها من المكان، إلا أن جريمته خابت لسبب لا دخل لإرادته فيه، وهو أن المبلغ تناثر على الأرض، وتنظر محاكم دبي قضيته حالياً.

–زوّر عامل نظافة هندي (متهم أول) في شهادة الخلو من الأمراض المعدية من وزارة الصحة، بأن أدخل مجهولاً إلى الفحص الطبي، لخلوه من الأمراض، بدلاً من الشخص المحدد للكشف عليه، بعد أن أخبر هذا الشخص بأن سائقاً هندياً (متهم ثان) يحمل أمراضاً معدية، بغية إصدار شهادة تفيد خلوه من الأمراض المعدية مقابل 2500 درهم، بنيّة استعماله محرراً صحيحاً.

–سرق نجار بنغالي برفقة آخرين مجهولين في سوق مرشد 100 درهم من بنغالي في أواخر الثلاثينات من عمره، بعد أن استدرجه أثناء سيره في السوق بعبارة «صديقي» فاتجه ليعرف ما خطبه، فتصنع معه حواراً مفاده أنه صديق طفولة له، وفي تلك الأثناء خرج مجهولان من أحد الأزقة أحدهما أمسك بيدي المجني عليه من الأمام في حين انتزع الآخر محفظة نقوده من جيب قميصه العلوي واستولى على المبلغ، وأعاد المحفظة مكانها وسدد له صفعة على خده الأيمن ولاذا بالفرار، إلا أن المجني عليه أمسك بالمتهم وسلمه إلى دورية الشرطة في المكان نفسه، وحالياً يُحاكم في جنايات دبي بتهمة السرقة بالإكراه في الطريق العام.

أحكام صادرة
عاقبت جنايات دبي ثلاثة متهمين، بنغاليان وهندي، بالسجن خمس سنوات، مع إبعادهم عن الدولة، لارتكابهم جريمة الاتجار في البشر، باستغلالهم فتاة جنسياً مقابل مبالغ مالية، وانتحارها.
برأت جنايات دبي مديراً أردنياً من تهمة التهديد بارتكاب جناية مصحوباً بطلب، كونه هدد شفاهة زوجته بارتكاب جناية ضدّها، وكان ذلك مصحوباً بالامتناع عن فعل، وذلك بأن وجّه إليها عبارة «إذا رحتي على المحكمة أو الشرطة راح أفصل رقبتك».

عاقبت جنايات دبي زائرة باكستانية تبلغ من العمر 24 عاماً بالحبس ستة أشهر مع إبعادها عن الدولة، لاتهامها بارتكاب جناية الاعتياد على ممارسة الدعارة، وكانت قد اعترفت بارتكابها الفعل في منطقة الحمرية مع رجال عديدين.

القضاء اليوم
وقف تنفيذ العقوبة

أثناء وجود امرأة بشقتها الكائنة في إحدى مناطق دبي برفقة رجل، حضر إليهما شخص كانت توجد علاقة صداقة بينه وبين المرأة، ورغب في دخول شقتها، إلا أن الرجل منعه من الدخول وطلب منه الانصراف بعد أن رفض طلبه، فحدثت بينهما مشادة كلامية أخرج على إثرها المتهم سكيناً من جيبه ووضعها على بطن المجني عليه لإجباره على إحضارها والتحدث معها ثـم هدده بالقتل وحرق سيارته إذا لم يسمح له بمصاحبة المجني عليها للتحدث معها، وأثناء ذلك حضرت المجني عليها فطلب منها المتهم مصاحبته إلى الخارج وإلا ستحدث مشكلات لها.

وفي جلسة المحاكمة مَثُل المتهم واعترف بأنه هدد المجني عليه بالقتل دون أن يقصد ذلك، ولم يكن التهديد مصحوباً بطلب، وأنكر تهمتي التهديد للمجني عليها والاعتداء على المجني عليه، وقدم سند تنازل من المجني عليهما وطلب استعمال الرأفة.

ونتيجة لتلك الوقائع فإن المحكمة ترى من ظروف الدعوى وملابساتها ما يستدعي أخذ المتهم بقسط من الرأفة في حدود ما تقضي به المادة «98/ج» من قانون العقوبات الاتحادي وتعديلاته، والتي تنص على أن «إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت جاز إنزالها إلى الحبس الذي لا تقل مدته عن ثلاثة أشهر».

وحيث إنه نظراً إلى أن الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة تبعث على الاعتقاد بأن المتهم لن يعود إلى مخالفة القانون فإن المحكمة تأمر بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا، عملاً بالمادة «83» من قانون العقوبات الاتحادي وتعديلاته والتي تنص على أن «للمحكمة عند الحكم في جريمة بالغرامة غير النسبية أو بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أن تأمر في الحكم بوقف العقوبة إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى ارتكاب جريمة جديدة، وللمحكمة أن تجعل وقف التنفيذ شاملاً أية عقوبات فرعية عدا المصادرة».

والمادة «84» من قانون العقوبات الاتحادي وتعديلاته والتي تنص على أن «يكون وقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائيا».

فعليه قضت جنايات دبي بحبس المتهم مدة سنة واحدة عما أسند إليه من اتهام وبمصادرة السكين المضبوطة، وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائياً.