تفسير القانون

يتطلب الوقوف على المقصود بتفسير القانون تبيان جملة من الأمور هي :

أنواع التفسير
حالات التفسير وأسبابه
مدارس التفسير
طرق التفسير ووسائله
وسنتعرض لها تباعا إن شاء الله بشيء من الإيجاز وفقا لما يراه الدكتور هشام القاسم في كتابه محاضرات في القانون المدني .

أولا : أنواع تفسير القانون :

1 ) التفسير التشريعي : ويكون هذا النوع من التفسير عندما يصدر المشرع قانونا معينا ثم يرى أن ثمة ضرورة لتفسيره فيصدر قانونا ثانيا مفسرا للقانون الأول ، ويعتبر القانون المفسر بمنزلة القانون االأصلي وجزءا منه ويجب اتباعه في جميع القضايا التي يطبق فيها القانون الأصلي ، إي أنهما على نفس الدرجة من الإلزامية .

2 ) التفسير القضائي : وهو أكثر أنواع التفسير شيوعا ، ويصدر عن القضاة في معرض تطبيقهم للقواعد القانونية التي تحتاج إلى تفسير ومن شأنه أن يوضح معنى القانون بحيث يسهل فهمه وتتبين أحكامه ، كما يتلافى جوانب النقص ويساعد على توسع القانون وتطويره .
ويختلف التفسير القضائي عن التفسير التشريعي في أن النفسير القضائي ليست له أية صفة إلزامية إلا بالنسبة للواقعة التي صدر من أجلها ، ويترتب على ذلك جواز مخالفته وتبني تفسير مغاير له في القضايا الأخرى المشابهة سواء من قبل المحكمة التي صدر عنها التفسير أو من غيرها من المحاكم .

3 ) التفسير الفقهي : هذا النوع من التفسير يصدر عن الفقهاء وذوي الاختصاص في مادة الحقوق ، وبديهي أنه لا يتمتع بأية قوة إلزامية ، وللمحاكم أن تأخذ به أو تهمله ، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية هذا النوع من التفسير ذلك أن الفقهاء من خلال تفسيرهم للقانون يساهمون في إثراء الفكر الحقوقي وتطويره .
4 ) التفسير الإداري : وهو نوع من النفسير تقوم به الإدارات العامة من خلال التعليمات التي تصدرها لموظفيها تفسر لهم فيها أحكام القوانين التي يكلفون بتطبيقها وتبين لهم كيفية هذا التطبيق ، وتقتصر القوة الإلزامية لهذا النوع من التفسير على ألموظفين المعنيين به وحدهم .

ثانيا : حالات التفسير وأسبابه :

قد يكون النص القانوني مشوبا بعيب من العيوب التي تجعله في حاجة إلى التفسير وهذه العيوب هي :
ـ الخطأ المادي أو المعنوي
ـ الغموض و الإبهام
ـ النقص والسكوت
ـ التناقض والتعارض

1 ) الخطأ المادي أو المعنوي : يعتبر النص مشوبا بخطإ مادي أو معنوي عندما تكون صياغته وردت فيها عبارة تتضمن خطأ ماديا أو معنويا فادحا بحيث لايستقيم معنى النص إلا بتصحيحها وهذا النوع من العيوب هو أبسط العيوب واقلها شأنا ، لأنه لا يستوجب تفسير النص وإنما تصحيحه فقط .

2 ) الغموض أو الإبهام : إذا كانت عبارة النص غير واضحة كل الوضح بحيث تحتمل التفسير و التأويل إلى أكثر من معنى ، يكون النص في هذه الحالة مشوبا بعيب الغموض والإبهام ، ومهمة المفسر في هذه الحالة هي أن يختار بين المعاني المختلفة التي يحتملها النص المعنى الأكثر صحة والأقرب إلى الحق والصواب .

3 ) النقص والسكوت : يعتبر النص ناقصا فيما إذا جاءت عبارته خالية من بعض الألفاظ التي لا يستقيم الحكم إلا بها ، أو إذا أغفل بعض الحالات التي كان يفترض أن ينص عليها ، ومن واجب القاضي أو المفسر في هذه الحالة أن يحاول سد النقص في القانون باستنتاج الأحكام للحالات غير المنصوص عليها فيه .

4 ) التناقض والتعارض : يكون هنالك تناقض أو تعارض بين نصين إذا كان الحكم الذي يدل عليه أحدهما يخالف تماما الحكم الذي يمكن استنتاجه من الآخر ، وفي هذه الحالة إذا لم يكن من الممكن التوفيق بين النصين وتطبيقهما معا ، اعتبر النص المتأخر ناسخا للمتقدم .

ثالثا : مدارس التفسير : تبحث مدارس التفسير في كيفية تفسير القانون وطرقه وتبين المبادئ التي يجب أن يرتكز عليها ، وأهم مدارس التفسير هي :
ـ المدرسة التقليدية أو مدرسة الشرح على المتون
ـ المدرسة التاريخية
ـ المدرسة العلمية

1 ) المدرسة التقليدية أو مدرسة الشرح على المتون :
تقوم هذه المدرسة على التقيد بنصوص القانون وعدم الخروج عنها مطلقا ، وترى أن تفسير القانون يجب أن يستهدف البحث عن إرادة المشرع الذي صدر عنه وأن يتم وفقا لهذه الإرادة مهما مر على ذلك من زمن .

2 ) المدرسة التاريخية :
و ترى أنه ليس من الواجب دوما أن يفسر القانون وفقا لإرادة المشرع الأصلي الذي صدر عنه ، بل بإمكان المفسر ( وهو القاضي على الأغلب ) أن يقوم بتفسير القانون تفسيرا جريئا يراعي فيه تطور المجتمع الحالي وحاجاته المتجددة ، ولو خالف في ذلك إرادة المشرع الأصلي .

3 ) المدرسة العلمية :
تقف موقفا وسطا بين المدرستين السابقتين ، فترى من جهة أن القانون يجب أن يطبق في الحالات التي سن لأجلها وفقا لإرادة المشرع الذي صدر عنه ( وهذا ما يتوافق مع ما ذهبت إليه المدرسة التقليدية ) ، ولكنها تعتبر من جهة أخرى أن الحالات الجديدة التي لم يتعرض لها القانون السابق لا تطبق عليها نصوص هذا القانون عن طريق التوسع في تفسيرها ، وإنما يجب البحث عن حلول ملائمة لها خارج النصوص وفقا لما تقتضيه مصلحة المجتمع وحاجاته المتجددة ( وفي هذا تتقارب مع المدرسة التاريخية ) .