ماهية نظام الحكم في الاردن ؟

نظام الحكم في الاردن ليس نيابياً ولا برلمانياً ولكنه رئاسياً

رغم أن المادة الاولى في الدستور الأردني تنص على أن (نظام الحكم نيابي ملكي وراثي)، قد يتفاجئ ويستغرب من مقالتي هذه الكثيرين من الذين يظنون أننا في الاردن نتبنى نظام الحكم (البرلماني)، ولكن أهل المعرفة والاختصاص في علم النظم السياسية وعلم القانون الدستوري يعرفون بالتاكيد صحة مقالتي وما شخصي إلا طالب علم في هذا المجال.

تختلف أنواع أنظمة الحكم السياسية من دولة لأخرى في هذا العالم، ولكن أشهر أنواع هذه الانظمة الحاكمة هما: (نظام الحكم البرلماني) و (نظام الحكم الرئاسي)، ومعيار التفرقة والتمييز الاساسي بين هذين النظامين الحاكمين ليس سحراً ولا شعوذة، بل هو معيار بسيط ويفهم بسهولة؛ فإذا كانت سلطة تعيين الحكومة منوطة بالبرلمان كان نظام الحكم (برلماني)، وإذا كانت سلطة تعيين الحكومة منوطة بالرئيس أو الملك فنظام الحكم (رئاسي).

وإن كنت أفضل نظام الحكم (البرلماني)، فهذا لا يمنع من أن لكل من النظامين (البرلماني) و (الرئاسي) إيجابيات، وعليهما سلبيات، لكن حسن تطبيق أي من نظرية النظامين أو سوءه هو ما عليه المعول عملياً؛ فجمهورية مصر وجمهورية الولايات المتحدة نظام الحكم فيهما واحد وهو (رئاسي)، ولكن شتان بين الجمهوريتين في التطبيق العملي… وإذا ذهبنا الى الجمهورية التركية والى المملكة المتحدة، فنظام الحكم فيهما (برلماني)، وفيها ديموقراطية وتطبيق مميز لنظام الحكم (البرلماني) عملياً… ولمن يريد المزيد من المعرفة، ولمن يريد وينشد الاصلاح قولا وفعلا لا إدعاءاً وقولا فحسب، فعليه ببطون الكتب التي تزخر بالعلوم والمعرفة؛ فمن ينشد الاصلاح ويسعى إليه يجب أن يتسلح بالعلم والمعرفة الى جانب الاخلاص، فبداية الاصلاح هي تحديد موطن الخلل تحديدا علميا، وبيان أسبابه، ومن ثم وضع الحلول المفترضة وكيفية وزمن تنفيذها.

يتغنى البعض منا في الاردن بأننا نتبنى نظام الحكم النيابي (البرلماني) ويستشهدون بما جاء في المادة الاولى من الدستور(نظام الحكم نيابي ملكي وراثي)، ويغفلون أو يتغافلون عن ما ينقضها في ما جاء في المواد التي تنشئ السلطات وتوزعها عمليا في الدستور، فالمادة (35) من الدستور تنص: “الملك يعين رئيس مجلس الوزراء ويقيله ويقبل استقالته ويعين الوزراء ويقيلهم ويقبل استقالتهم بناء على تنسيب رئيس الوزراء”، فهذه المادة تعطي الملك سلطة مطلقة بتشكيل الحكومة وإقالتها وقبول استقالتها، وهذا هو جوهر نظام الحكم (الرئاسي) ملكيا كان أم جمهوريا، وهذا هو التطبيق العملي والفعلي في الاردن، وأما ما جاء في المادة الاولى من نص (نيابي) فهو لا يرتب حكما عمليا له أثر في الواقع، ولمن يريد أن يتغنى به فليتغنى، فتغنيه لا يغني عن العلم والمعرفة شيئا.