ليبيا بين العهود الدولية و الواقع الحريات المر

ليبيا و التزاماتها الدولية
صادقت ليبيا على معظم المعاهدات الأساسية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بالإضافة إلى البروتوكول الاختياري، والعهد الدولي الخاص بالقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري العهد الدولي الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، العهد الخاص بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللانسانية أو المهينة، واتفاقية حقوق الطفل و تعد ليبيا، ضمن النظام الأفريقي، طرفاً في العهد الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، و قدمت ليبيا عددًا من التقارير إلى اللجان المتعددة المسئولة عن مراقبة تنفيذ تلك المعاهدات، بالإضافة إلي اللجنة الأفريقية. إلا إن عدة لجان التي تشرف على متابعة هذه العهود والمواثيق تشتكي من عدم تعاون معها و عدم جديتها في تعاملها. و لم تكترث و لم ترد ليبيا على طلباتها المتكررة و خاصة في قضايا الشكاوى الفردية

محكمة أمن الدولة:

قرار المجلس الأعلى للسلطات القضائية “القرار رقم 27 لعام 2007م” بتاريخ 19 أغسطس 2007م، بشأن إنشاء محكمة و نيابة أمن الدولة، يمثل استمرار التراجع في ممارسات حقوق الإنسان، حيث نص القرار على اختصاص المحكمة “بالفصل في الدعاوى الناشئة عن الجرائم. المنصوص عليها في القانون رقم 71/1972م “قانون تجريم الحزبية” و في قرار “مجلس قيادة الثورة” الصادر بتاريخ 11 ديسمبر 1969م و المعروف باسم “قرار حماية الثورة”. القانون رقم 71/1972م قانون مثير للجدل فهو يمنع أي نوع من أنواع العمل الجماعي و هو ما يعتبر مخالف للمواثيق الدولية التي صادقت عليها ليبيا خاصة المباديء الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية و المدنية، و في مواقف عديدة أكدت السلطات الليبية للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التزامها بمبدأ سيادة القانون الدولي المنصوص عليه في هذه المواثيق و العهود. قرار المجلس الأعلى للسلطات القضائية يعتبر انتكاسة في ممارسات حقوق الإنسان في ليبيا و مخالف لتعهدات ليبيا للمجتمع الدولي.

سجن أبوسليم:
شهدت المرحلة منذ عام 2001م و حتى عام 2006م تحسنا نسبيا في ظروف الاعتقال داخل سجن أبوسليم، بعد تدهور فظيع بلغ مستوى خطيرا في عقد التسعينيات من القرن الماضي، حيث ضرب على السجن طوق من العزل عن العالم الخارجي منذ صيف 1995م. ففي منتصف عام 2001م سمحت سلطات السجن للأسر زيارة ذويهم المعتقلين، كما تحسنت نسبيا خدمات الطعام في السجن، و تم إجراء عمليات صيانة محدودة للسجن و بعضها كان بمبادرة و تغطية مالية من طرف المعتقلين أنفسهم، و سمح للسجناء بالاتصال الهاتفي من السجن بذويهم، و الأهم أنه بدأت عمليات مراجعات لملفات السجناء و تم الإفراج عن قرابة 600-700 معتقل سياسي على دفعات، بعضهم قضى ثلاثة عقود في المعتقلات.و لكن منذ أكتوبر 2006م و بعد لاحتجاج الذي قام به بعض المعتقلين ، طالبوا فيه بضرورة الإسراع في النظر في قضاياهم أمام المحاكم لإنهاء حالة الاعتقال التعسفي.سحبت إدارة السجن الأغراض الخاصة بالسجناء و عادة من جديد المعاملة السيئة من قبل الإدارة و بعاني السجناء من أمراض خطيرة و تفيد المعلومات الواردة للتضامن من أهالي السجناء بأن سلطات السجن منعتهم من زيارة أبنائهم و قطعت عنهم الاتصالات الهاتفية، مما يذكر بأوضاع مشابها للسحن قبل عام 1996 و حتى تاريخ إعداد هذا التقرير تبقى أوضاع المعتقلين داخل سجن ابوسليم غير معروفة.

الضغوط لوقف دعاوى التعويضات:
مع تنامي عدد الدعاوى القضائية التي تقدم بها عدد من المعتقلين السياسيين، ممن تم الإفراج عنهم في السنوات الأخيرة، ضد السلطات الليبية، اللجنة الشعبية العامة و اللجان الشعبية العامة للعدل و الأمن العام و هيئة الأمن الداخلي، و بت القضاء في الكثير من هذه القضايا بإدانة الانتهاكات الحقوقية التي وقعت و الحكم بتعويضات مالية لضحايا تلك الانتهاكات، تصاعدت تصريحات حكومية تعرب عن “قلقها من تأثير أحكام التعويضات على الخزانة العامة و على التنمية”. الأحكام التي صدرت من المحاكم كانت فيها إدانة واضحة للانتهاكات الجسيمة لحقوق المواطنين من اعتقال تعسفي و تعذيب، و إدانة مؤسسات الدولة و على رأسها جهاز الأمن الداخلي، و هو السبب الرئيسي لقلق السلطات من تنامي عدد الدعاوى. بداية العام تحركت السلطات الليبية باستخدام مؤسسة اجتماعية و هي “الفعاليات الشعبية”، تتواجد في كل منطقة، التي قامت بالاتصال بعدد من المفرج عنهم و عرضت عليهم تعويضات مالية مقابل تسوية المسألة خارج المحاكم.

شهر أغسطس 2007 نشرت “صحيفة ليبيا اليوم” نص رسالة من رئيس جهاز الأمن الداخلي التهامي محمد خالد، و يظهر من نص الرسالة أنها كانت ردا على رسالة رئيس فرع إدارة القضايا بنغازي التي طالب فيها إيضاحات من جهاز الأمن الداخلي بخصوص قضية رفعها مواطن ليبي (لم تنشر الصحيفة أسمه). نص الرسالة، الذي نشرته الصحيفة، حاول فيه رئيس جهاز الأمن الداخلي تبرير التجاوزات (التي لم يحدد طبيعتها) التي وقعت بحق المعتقلين بدعوى أنها إجراءات استثنائية لأداء واجبها “في المحافظة على النظام العام عند حدوث إخلال به، أو وجود مؤثرات قوية على تهديده، فيكفي أن يكون التهديد قائماً وموجوداً، أو أنه يهدد بجدية الإخلال بالنظام العام”، و هو يعتبر اعترافا ضمنيا بوقوع تجاوزات و الذي يؤكد التقارير التي كانت ترد بخصوص وقوع انتهاكات. منذ ذلك الخبر توقفت الأخبار عن أي دعاوى قضائية جديدة مماثلة.

القيود على حرية التعبير:
يومي 15 و 16 فبراير 2007م قامت الأجهزة الأمنية باعتقال عدد من المواطنين بعد أن أعلنوا عن عزمهم القيام بمظاهرة سلمية في أحد ميادين مدينة طرابلس يوم 17 فبراير2007. و في وقت لاحق توفرت معلومات عن محاكمة تجري لإثني عشر مواطنا ممن اعتقلوا في فبراير أبرزهم الدكتور إدريس بوفايد و جمال أحمد الحاجي، بينما لم تتوفر أي معلومات عن أثنين آخرين هما جمعة بوفايد، شقيق الدكتور إدريس بوفايد، و عبد الرحمن القطيوي و هو طالب في كلية الطب، حيث أنهما لم يظهرا في المحاكمة و لم تتوفر أي معلومات عن أماكن تواجدهما أو أحوالهما. و بالرغم من أن المواطنين المعتقلين أعلنوا عن عزمهم القيام بتظاهرة سلمية و عبروا عن أرائهم عبر كتابات و مقابلات، خاصة جمال الحاجي و إدريس بوفايد، إلا أنهم يمثلون أمام المحكمة بتهم خطيرة “التخطيط لقلب نظام الحكم، وحيازة أسلحة، ومقابلة مسؤول من حكومة أجنبية”. و يبقى القلق البالغ بشأن الحالة الصحية لسجين الرأي فتحي الجهمي الذي يبلغ من العمر 62 عاما الذي حكم عليه بالسجن لمدة خمسة أعوام في2002. وتم اعتقاله مرة أخرى بعد لقاء مع قناة الحرة الإخبارية انتقد خلاله النظام الليبي. و منذ ذلك الحين تم احتجازه في مكان لم يتم الكشف عنه, كما أن الكاتب عبدالناصر يونس مفتاح الرباصي، الذي تم اعتقاله صيف 2002 بعد أن قام بمراسلة موقع “عرب تايمز” لنشر كتاب عن الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية قام بتأليفه بعنوان “الفوضى الفوضى.. الفساد الفساد.. انتحار العقل في ليبيا مع قيم أخرى”، لا يزال خلف القضبان بحكم صدر عن “محكمة الشعب”، صدر عام 2003م، بالسجن 15 عاما.

حادثة القتل الجماعي “مذبحة سجن أبوسليم” بين المطالبة المحلية و الإدانة الأممية:
بعد 11 عاما من وقوع الحادثة وقعت بعض التطورات على القضية على الصعيد المحلي و على الصعيد الدولي، محليا قامت 57 أسرة برفع دعوتين قضائيتين، شهر مارس و أكتوبر2007، ضد اللجنة الشعبية العامة، اللجنة الشعبية العامة للأمن العام واللجنة الشعبية العامة للعدل مطالبين الكشف عن مصير ذويهم الذين انقطعت أخبارهم منذ اعتقالهم على يد عناصر أجهزة الأمن الداخلي و يحتمل أن بعضهم من ضحايا الحادثة.

دوليا، طالبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في شهر أكتوبر2007، في الملاحظات الختامية لمناقشتها للتقرير الدوري الرابع لليبيا عن واقع حقوق الإنسان، السلطات الليبية بإتمام التحقيق في حادثة القتل الجماعي في سجن أبوسليم صيف 1996م و نشر نتائج التحقيق. و هي تعتبر أول مطالبة رسمية و مباشرة من اللجنة الدولية، المكونة من 18 خبير دولي مستقل، بشأن القضية. حيث أعربت اللجنة “عن قلقها بخصوص الأعداد الكبيرة من حالات الاختفاء القسري و الإعدام إثر إجراءات موجزة أو خارج نطاق القانون” و أضافت اللجنة „أنه بعد أحد عشر عاما من الحادثة لم تقدم الدولة [الليبية] أي معلومات عن عمل لجنة التحقيق في أحداث سجن أبوسليم عام 1996″، و طالبت الدولة الليبية “بالتحقيق على وجه السرعة في جميع حالات الاختفاء القسري و حالات الإعدام خارج نطاق القانون، أو الإعدام التعسفي، و محاكمة مرتكبي هذه الأعمال و معاقبتهم و منح الضحايا أو أسرهم الجبر الفعال بما في ذلك التعويضات المناسبة”.

كما أدانت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة السلطات الليبية في قضيتين، الأولى في يوليو 2007و الثانية في أكتوبر2007. قرار اللجنة في يوليو2007 له أهمية خاصة لأنه أول قرار يصدر عن هيئة قانونية دولية بشأن مذبحة سجن أبوسليم المشهورة عام 1996م، و التي أعدمت فيها السلطات الليبية تعسفيا مئات السجناء السياسيين. ففي يوليو 2007 أدانت اللجنة السلطات الليبية في “قضية العلواني ضد ليبيا”، و التي رفعت باسم السيد إبراهيم محمد العلواني الذي “اختفى” دون أثر عقب اعتقاله بواسطة قوات الأمن الليبية منتصف ليلة 27 يوليو 1995م، و في عام 2002م، بعد سبع سنوات من اعتقاله، تم إبلاغ أسرته أنه قد مات، ورأت اللجنة بأنها (-أي السلطات الليبية-قد أقدمت على ” انتهاكات خطيرة و متعددة لحقوق الإنسان بما في ذلك التعذيب و الاختفاء و الإعدام التعسفي”، و طالبت السلطات الليبية ” بتقديم تعويضات إلى السيد فرج العلواني (شقيق الضحية) و إجراء تحقيق فعال في اختفاء و وفاة شقيقه” علاوة على ذلك طالبت السلطات الليبية بوجوب “مقاضاة ومعاقبة أولئك الذين تثبت مسؤوليتهم عن هذه الانتهاكات واتخاذ تدابير لمنع انتهاكات مماثلة في المستقبل” و أمهلتها 90 يوم لتزويد اللجنة ببيان عن الإجراءات التي اتخذت لتفعيل حكم اللجنة. و في شهر أكتوبر2007، و في قضية مماثلة، “قضية الحاسي ضد ليبيا”، خلصت اللجنة إلى أن ليبيا “مسؤولة عن التعذيب وغيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”. القضية رفعها السيد إدريس الحاسي ضد السلطات الليبية لمعرفة مصير شقيقه السيد أبو بكر الحاسي، و الذي اعتقلته أجهزة الأمن الليبي تعسفيا و عزلته عن العالم الخارجي و حتى هذه اللحظة لا يعرف مصيره رغم مرور 11 عاما على اعتقاله، ويخشى أن يكون أجد ضحايا مذبحة سحن ابوسليم في يونيو 1996. و قد طالبت اللجنة في حكمها السلطات الليبية بتقديم تعويضات كاملة ممكنة و إجراء تحقيق فعال في حالة الاختفاء و الإعلان عن مكان احتجازه ولم تكتفي اللجنة بذلك فقد طالبت السلطات الليبية مقاضاة ومعاقبة أولئك الذين تثبت مسؤوليتهم عن هذه الانتهاكات واتخاذ تدابير لمنع انتهاكات مماثلة في المستقبل.و لقد أعطت لجنة حقوق الإنسان ليبيا مهلة 180 يوما لتزويدها ببيان عن الإجراءات التي اتخذت لتفعيل حكمها.

قضايا اختفاء قسري و حجز رغم انقضاء المدة
لا يزال مصير الناشط الحقوقي السيد منصور رشيد الكخييا، العضو المؤسس للرابطة الليبية لحقوق الإنسان و عضو مجلس إدارة المنظمة العربية لحقوق الإنسان، مجهولا بعد مضي 14 عاما على اختفائه في ظروف غامضة في العاصمة المصرية أثناء حضوره اجتماع للجمعية العمومية للمنظمة العربية لحقوق الإنسان بتاريخ 10 ديسمبر 1993م، و يرجح أنه ضحية عملية اختفاء قسري نفذتها السلطات الليبية. كما أن مصير عمرو النامي منذ اعتقاله مجهولا و لا تتوفر أي معلومات عنه رغم مرور أكثر من عشرين عاما على اعتقاله.

و مازالت أجهزة الأمن الليبي تبقي على سجناء في المعتقلات رغم تبرئة بعضهم أمام المحاكم و انقضاء مدة الحكم لآخرين. و مثال على ذلك القاضي ونيس الشارف العباني والذي حكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة عشر عاماً من قبل محكمة عسكرية عام 1993. وكان من المفترض إطلاق سراحه في 2003 لكنه ما يزال محتجزًا في سجن أبو سليم. وقد قامت عائلته برفع دعوى في محاولة لإطلاق سراحه، ومازالت الدعوى قائمة. كما أنه تم القبض على محمد حسن أبو سدرة، وهو فني معامل طبية، في يناير 1989، قضى فترة اعتقاله في سجن ابوسليم حتى عام 2005 عندما حكمت إحدى المحاكم الخاصة بإطلاق سراحه. و عوضا عن الإفراج عنه قامت عناصر الأمن الداخلي بنقله إلى مقر الأمن الداخلي، و منذ ذلك الحين انقطعت المعلومات عن مصيره,

حقوق المرآة و الطفل
في أول أيام السنة الدراسية الجديدة لعام 2007/2008 منع الأطفال الأجانب المقيمين في ليبيا و أبناء النساء الليبيات المتزوجات من غير الليبيين من الدخول للمدارس العامة و ذلك بناء على قرار أمانة اللجنة الشعبية للتعليم – الذي يمنع أبناء غير الليبيين حتى و أن كانت أمهاتهم ليبيات من دخول المدارس العامة- مما يعد مخالفا للقوانين و المواثيق التي تضمن حقوق الطفل منها الفقرة الأولى من المادة 28 من اتفاقية الطفل التي تؤكد على التزام الدول بحق الطفل في التعليم، و تقوم بوجه خاص جعل التعليم الابتدائي الأساسي إلزاميا و متاحا مجانا للجميع. باتخاذها هذا القرار تكون الحكومة الليبية قد انتهكت الفقرة الثانية من المادة 9 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز المرأة. أما الإعلان الذي نشرته اللجنة الشعبية على موقعها و التي تطالب فيه من ليس له قدرة على تحمل أعباء مصاريف الدراسة بالتقدم بطلب حتى يتم إعفائه منها، التضامن تري أن هذه الخطوة تقنن للانتهاك و إصرار عليه.

التمييز ضد قبائل التبو
يتعرض مواطنون ليبيون من قبائل التبو إلي تمييز و انتهاكا صارخا لحقوقهم كما صرح ذلك المحامي عبد السلام المسماري لصحيفة ” ليبيا اليوم” فقد سحبت السلطات الليبية المحلية مستندات رسمية مما منعهم من حصول علي حقوقهم الأساسية مثل حرمانهم من حقهم في الحصول علي العقارات و حرمانهم من حصولهم علي معاشهم الضمانية و الحرمان من حقهم في السفر و أدى ذلك إلي وفاة نساء في حالات الولادة بسبب عدم التمكن الحصول علي مجانية العلاج و الدواء و الأخطر من ذلك، هناك محاولات من جهات إدارية نزع الجنسية الليبية عن قبائل التبو بعد حل النزاع على شريط أوزو الحدودي الذي كان متنازعا عليه. و في الآونة الأخيرة منعت جهات محلية بمنطقة الكفرة أبناء قبائل النبو من الالتحاق بالمدارس العامة و تقول الأخبار أن السلطات الأمنية اعتقلت عدد من الشبان، و لم ترد أخيار عنهم، و لا يعلم إذا ما قامت السلطات بإطلاق سراحهم

تكوين التنظيمات و مؤسسات المجتمع المدني
رغم المطالبات المستمرة من منظمات الحقوقية الدولية و الليبية في الخارج، مازال تكوين التنظيمات أو الأحزاب السياسية خارج نطاق النظام السياسي الحالي محذورا. ويتم توقيع عقوبات شديدة الصرامة على منتقدي النظام الحالي، ممن يرغبون في التعبير عن معارضتهم بالسبل السلمية خارج القوالب الرسمية، حتى أنهم يواجهون عقوبة الإعدام و يتعرض المجتمع المدني في ليبيا إلى التضييق و الخنق، حيث يعد إقامة منظمات المجتمع المدني في ليبيا أمرًا مستحيلاً تقريبًا فقانون رقم (19) لسنة 1369 و.ر(2001) بشأن إعادة تنظيم الجمعيات الأهلية ولائحته التنفيذية يجعلان من مؤسسات الأهلية امتدادا للمؤسسات التنفيذية و تمتثل لقوانينها و لوائحها و لملاءاتها المباشرة. و رغم من وجود عدد من المنظمات والجمعيات المهنية لكنها تخلو من أية منظمات غير حكومية مستقلة فعلياً. و تبقى جمعية حقوق الإنسان التابعة لمؤسسة القذافي للتنمية التي يترأسها سيف الإسلام معمر القذافي المؤسسة الوحيدة المسموح لها العمل في محال حقوق الإنسان من داخل ليبيا. و تطالب التضامن بمراجعة كافة القوانين التي تقيد من حرية تكوين مؤسسات أهلية و عملها، كي تتوافق مع الممارسات و التشريعات الدولية، وإنشاء مجلس مستقل ليضطلع بمسئولية طلبات إنشاء الجمعيات و المؤسسات الأهلية

الخلاصة:
ملف حالات الاختفاء القسري، بالإضافة إلى ملف حالات الوفاة رهن الاعتقال، و خاصة ملف حادثة القتل الجماعي المعروفة باسم “مذبحة سجن أبوسليم 1996م” و التي ترتقي إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية، فالتقارير تشير إلى أن مئات السجناء تعرضوا للتصفية الجسدية خارج نطاق القانون. و التطورات في القضية تشير إلى أنه ليس هناك مناص أمام السلطات الليبية من معالجة القضية المعالجة القانونية العادلة و ذلك بإجراء تحقيق قضائي مستقل في القضية و محاسبة المسئولين على هذه الجريمة و تقديم التعويض المادي و المعنوي إلى أسر الضحايا و تحديد مصير الضحايا و جثامينهم و اتخاذ الخطوات المناسبة لمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات الجسيمة في المستقبل، و هو ما طالبت به منظمات محلية و دولية.

هناك العديد من المسائل المثيرة للقلق لواقع حقوق الإنسان في ليبيا، سواء على مستوى التشريعات أو الممارسات، و التي تشير إلى أنه هناك الكثير من الإجراءات الملحة التي يجب على السلطات الليبية اتخاذها لمعالجة الإرث المأساوي لمرحلة انتهاكات حقوق الإنسان. فبالإضافة للملفات العالقة، توجد حاجة ماسة لمراجعة التشريعات و القوانين و معالجة ثقافة انتهاك الحقوق و دولة اللاقانون، حتى لا تنزلق الدولة إلى مرحلة جديدة من الانتهاكات الجسيمة فلن يغني السلطات الليبية أو من يمثلوها، أن تدعي أن واقع حقوق الإنسان في ليبيا “أفضل من هذه الدولة أو تلك”، و لن يغنيها القائمة الطويلة من المصادقات على المواثيق و العهود الدولية، كل ذلك لا يغني طالما ظلت الملفات العالقة بدون معالجة فعالة، و طالما استمرت التشريعات دون مراجعة تصحيحية و طالما استمرت ثقافة الانتهاك.