المقاربة التشريعية لعمالة الأطفال على المستوى الدولي والوطني

الدكتورة :أوشن حنان – طالب الدكتوراه صهيب ياسر محمد شاهين

كلية الحقوق والعلوم السياسية _خنشلة _الجزائر

ملخص
الاهتمام بحماية الطفل وحقوقه ليس وليد اللحظة والساعة وإنما هو نتيجة تراكمية لجملة من القوانين والنظم انطلاقا من الألواح الإثني عشر وقانون حمو رابي وصولا إلى مبادئ الشرائع السماوية، فالشريعة الإسلامية، وقد أقرت النظم الوضعية اليوم حقوق الطفل وأسست لمنظومة قانونية قائمة على فكرة الحماية بتعدد المجالات وتنوع الحالات واتساع الأدوات ومن بين مجالات الحماية التي أقرها المشرع والشارع والناظم لدينا مجال التشغيل أو ما يحلو للبعض بتسميته بعمالة الطفل.

انطلاقا من هذا التصور نبين في هذه الورقة البحثية كيف نظرت التشريعات القانونية على المستوى الدولي والوطني لفكرة تشغيل الأطفال .

Résumé:

Le souci de la protection et les droits des enfants ne naît pas le moment et le temps, mais est le résultat cumulé d’un certain nombre de lois et règlements des douze panneaux.

systèmes reconnu la situation relative aux droits de l’enfant et mis en place un système juridique fondé sur l’idée de la protection des domaines multiples et la diversité La situation et l’étendue des outils Parmi les domaines de protection approuvés par le législateur et la rue, nous avons le système d’exploitation ou ce que certains voudraient appeler le travail des enfants.

Dans cette perspective, nous montrons dans cet article comment la législation juridique aux niveaux international et national a pris en compte l’idée du travail des enfants.

مقدمة
الاهتمام الذي حظي به الطفل يجد مبرره في طبيعة الطفل جسمانيا ونفسيا وعقليا، ما استوجب مع هذه الانفرادية إحاطة الطفل بالرعاية والحماية على المستوى الدولي والإقليمي والوطني، من خلال الترسانة القانونية المنظمة لهذه الحماية .

ورغم أن مفهوم الحياة المدنية اليوم في ظاهره يحمل للطفل معاني الحياة العائلية والأسرية في أسمى صورها، إلا أن التطبيق الواقعي لهذا المفهوم يزيل الغشاوة على واقع ملؤه استغلال الطفل وتشغيله تحت مسمى العمالة.

تعد عمالة الأطفال من أضخم المشكلات التي تواجهها الطفولة وتعاني من ويلاتها، كما إنها من أكبر ما يؤرق جفون الناظمين والمشرعين، إذ نتيجة الظروف القاسية سواء اجتماعية منها أو اقتصادية، يضطر الطفل مرغما على الولوج لسوق العمل متخليا عن طفولته وأحلامه البريئة، ليتحمل مسؤولية إعالة أسرته ونفسه وتوفير مصدر للمال، فيمارس بذلك نشاط الكبار تحت وطأة قسوتهم.

ومن خلال الاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل الصادرة في 20/11/1998، نجد أن كل الدول المصادقة عليها تعترف أليا بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون ضارا بصحة الطفل .

فعكفت هذه الدول على تنظيم عمالة الطفل وتحديد ضوابط وحدود لتشغيله

“هو كل جهد فكري أو جسماني يبذله الطفل لقاء أجر أو بدون أجر سواء كان بشكل دائم أو عرضي أو مؤقت أو موسمي ويعتبر ضارا له، ويتم على المستوى العقلي، والجسمي، والاجتماعي، والأخلاقي، والمعنوي، والذي يعترض دراسته، ويحرمه من فرص المواظبة على التعلم والدراسة، من خلال إجباره على ترك المدرسة قبل الأوان، أو أن يستلزم منه محاولة الجمع ما بين الدوام المدرسي، والعمل المكثف الطويل الساعات”.

الاشكالية : مامدى توافق القواعد القانونية في مجال حماية عمالة الطفل وتنظيمها على المستوى الدولي والوطني وواقع تشغيل الطفل؟ وماهي نجاعة الاجراءات المتخذة لفرض التنظيم والحماية؟.

المحور الأول : مقاربة عمالة الأطفال في التشريع الدولي والمقارن

أولا : على مستوى التشريع الدولي

اهتمت الأمم المتحدة ممثلة في الجمعية العامة وبعض المنظمات المتخصصة مثل منظمة العمل الدولة ومنظمة الأمم المتحدة للأطفال ” اليونيسـيف، ” اهتمامـا خاصـ ا بمشكلة عمالة الأطفال، فقامت منذ مرحلة مبكرة بجهود كبيرة للتصـدي لهـا علـى مستوى التشريع بشكل خاص، بالإضافة إلى المستويات الأخرى مثل القيام بالبحوث أو المساهمة في تبني برامج تساعد على حل المشكلة على المدى القريب ومنذ عام 1919 إلى عام 1999 وهو العام الذي اعتمدت فيه الاتفاقية 182 .فقد بذلت المنظمة الدولية جهود ا استمرت ثمانون عاما في سـبيل القضـاء علـى الاسـتغلال الاقتصادي للأطفال([1])

الاتفاقيات الدولية
وأهم الاتفاقيات الدولية المكرسة للظاهرة هي :

_ الاتفاقية رقم 5لسنة 1919 بشأن الحد الأدنى للسن التي يجوز فيها تشغيل الأحداث في الأعمال الصناعية، ونصت على أنه لا يجوز تشغيل الأحداث الذين تقل أعمارهم عن الرابعة عشر في المنشآت الصناعية العامة أو الخاصة.

_ الاتفاقية رقم 7 سنة 1920 بشأن الحد الأدنى للسن التي يجوز فيها تشغيل الأحداث في العمل البحري 14 سنة.

_ الاتفاقية رقم 10سنة 1921 بشأن الحد الأدنى لسنة الأحداث في الزراعة 14 سنة.

_ الاتفاقية رقم 15 سنة 1921 بشأن تحديد السن الأدنى التي يجوز فيها تشغيل الشباب قائدين أو مساعدي قائدين 18 سنة.

_ الاتفاقية رقم 16 لسنة 1921 بشأن الفحص الطبي الإجباري للأحداث والشباب الذين يشتغلون على ظهر السفن 18 سنة.

_ الاتفاقية رقم 33 سنة 1932 بشأن الحد الأدنى لسن قبول الأحداث في الأعمال غير الصناعية 14 سنة

_ الاتفاقية رقم58 سنة 1936″معدلة” بشأن السن الأدنى لأشغال الأحداث بالملاحة البحرية 15 سنة

_ الاتفاقية رقم 59 سنة 1937 ” معدلة” بشأن الحد الأدنى للسن التي يجوز فيها تشغيل الأحداث في الصناعة 15سنة.

_ الاتفاقية رقم 123 لسنة 1965 والتوصيلة 146 لسنة 1973 بشأن الحد الأدنى لسن العمل في جميع القطاعات 15 سنة والأعمال الصعبة 18 سنة والأعمال الخفيفة بشرط المواظبة على استكمال التعليم أو التدريب أقل من 15 سنة.

_ الاتفاقية رقم 182 لسنة 1999 بشأن خطر أسوا أشكال عمل الأطفال التي جاءت لترسم إطارا تشريعيا متفقا عليه،من أجل تنفيذ الأنشطة العلمية للقضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال على الصعيد الدولي([2]).

في المواثيق العربية
هناك مجموعة من الاتفاقيات العربية التي تحدثت عن عمالة وتشغيل الأطفال منها :

_ الاتفاقية العربية رقم1لسنة 1966 خصصت المواد من 57 الى 64 شروط وظروف عمل الأحداث، حيث تلزم بداية تشريع الدول المصادقة عليها بتحديد الأعمال التي يجوز تشغيل الأطفال (الحدث) فيها قبل 12 سنة، ولا يجوز تشغيل الأحداث في الأعمال الصناعية قبل سن 15 سنة باستثناء الملحقين بالتدريب.

كما أنها تمنع تشغيل الطفل(الحدث) قبل سن 17 سنة في الصناعات الخطيرة أو الضارة بالصحة([3])

ثانيا : على مستوى التشريع المقارن

سنختار عينة عن التشريعات العربية التي تناولت في بنود قوانينها عمالة الأطفال منها:

القانون البناني:
حدد قانون العمل اللبناني لعام 1946 سن الثامنة كحد أدنى لجواز استخدام الأطفال، إلا أنه حظّر استخدام الأطفال بين سن الثالثة عشرة وسن الخامسة عشرة في جميع الصناعات الميكانيكية وفي الأعمال والصناعات التي اعتبرت خطرة والتي جرى تحديدها في الملحقين(1)و(2) من قانون العمل. كذلك حظّر استخدام الأحداث في الصناعات الواردة في الملحق رقم (1) وأخضع استخدامهم في الصناعات والأشغال الواردة في الملحق رقم (2) لشهادة طبية تثبت مقدرتهم للعمل. إلا أن الدولة اللبنانية سعت إلى تطوير هذه الأحكام، فأبرمت العديد من الاتفاقيات الدولية والعربية ذات الصلة لمواءمة تشريعها مع الأحكام الدولية في هذا المجال. فساهم ذلك في تطوير التشريع اللبناني تطوّراً إيجابياً على الرغم من استمرار بعض الثغر فيه لاسيما على مستوى التطبيق. فأبرم لبنان اتفاقيات عمل لها عالقة غير مباشرة بعمالة الأطفال أهمها اتفاقية العمل الدولية رقم (29)المتعلقة بالعمل الجبري، ورقم (105) المتعلقة بإلغاء العمل الجبري، ورقم )127 )المتعلقة بالحد الأقصى للوزن. كما أبرم اتفاقيات عمل دولية متعلقة بشكل مباشر بعمالة الأطفال، أبرزها اتفاقية العمل الدولية رقم (15)رقم (58) رقم (77)، رقم (78)رقم(138 )و)(182)كما أبرم اتفاقية العمل العربية رقم (18)([4]) وبفعل إبرام هذه الاتفاقيات المختلفة، تم تعديل بعض أحكام قانون العمل اللبناني، فجرى رفع الحد الأدنى لسن عمل الأطفال لغاية ثالثة عشر سنة مكتملة54 بموجب القانون رقم 536/1996 وتم تحديد ساعات العمل وظروف العمل بما يتناسب مع مقدرة الأطفال وفرض ضرورة إجراء الفحص الطبي الإلزامي للتأكد من لياقة الطفل للقيام بالأعمال التي يُستخدم ألدائها55، كما حظر هذا القانون استخدام الأطفال في أعمال صناعية خطرة، ونص على حمايتهم من الاستغلال الاقتصادي من صاحب العمل ومن العمل في سن مبكرة([5]).

القانون الاردني
قامت الحكومة على مراجعة القوانين المتعلقة بعمل الأطفال وتعديلها لتصبح موائمة للإتفاقيات والمواثيق الدولية. على النحو التالي([6]):

_ نصوص قانون العمل الأردني وتعديلاته رقم 8 لعام 1996 المتعلقة بعمل الأطفال:

المادة 2 :” الحدث: كل شخص ذكراً أو أنثى بلغ السابعة من عمره ولم يتم الثامنة عشر .

المادة 73 :مع مراعاة الأحكام المتعلقة بالتدريب المهني لا يجوز بأي حال تشغيل الحدث الذي لم يكمل السادسة عشرة من عمره بأي صورة من الصور.

المادة 74: لا يجوز تشغيل الحدث الذي لم يكمل الثامنة عشر من عمره في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة وتحدد هذه الأعمال بقرارات يصدرها الوزير بعد استطلاع آراء الجهات الرسمية المختصة([7]).

المادة 76 :على صاحب العمل قبل تشغيل أي حدث أن يطلب منه أو من وليه تقديم المستندات التالية:

صورة مصدقة عن شهادة الميلاد
شهادة بلياقة الحدث الصحية للعمل المطلوب صادرة عن طبيب مختص ومصدقة من وزارة الصحة.
موافقة ولي أمر الحدث الخطية على العمل في المؤسسة. وتحفظ هذه المستندات في ملف خاص للحدث مع بيانات كافية عن محل إقامته وتاريخ استخدامه والعمل الذي استخدم فيه وأجره واجازاته.

_ قانون خدمة الأفراد في القوات المسلحة وتعديلاته رقم 2 لسنة 1972

المادة 5 :يشترط فيمن يجند توفر الشروط التالية :

أن يكون أردني الجنسية.
قد أكمل السادسة عشرة من عمره إذا كان جندياً والخامسة عشرة إذا كان تلميذاً ويثبت عمر المجند بشهادة ولادته وفي الأحوال التي لا يتيسر الحصول عليها يقدر عمره بقرار من اللجنة الطبية.
إذا كان يوم الولادة غير معروف اعتبر المجند من مواليد اليوم الأول من شهر كانون ثاني من سنة ولادته يحسب عمر المجند وسنوات خدمته والمدد المنصوص عليها في هذا القانون على أساس التقويم الشمسي.
_ قانون الأحداث وتعديلاته رقم 24 لسنة 1968

المادة 31 : المحتاج الى الحماية أو الرعاية:

يعتبر محتاجا الى الحماية أو الرعاية من تنطبق عليه أي من الحالات التالية :

قام بأعمال تتعلق بالدعارة أو الفسق أو إفساد الخلق أو القمار أو خدمة من يقومون بهذه الأعمال أو خالط الذين اشتهر عنهم سوء السيرة .
استغل بأعمال التسول أو بأعمال تتصل بالدعارة أو الفسق أو إفساد الخلق أو خدمة من يقومون بهذه الأعمال أو في أي أعمال غير مشروعة.
في القانون المصري
تنص المادة 64 من قانون الطفل المصري على :” …. يحظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم خمس عشرة سنة ميلادية كاملة، كما يحظر تدريبهم قبل بلوغهم ثلاث عشر سنة ميلادية.

ويجوز بقرار من المحافظ المختص بعد موافقة وزير التعليم الترخيص بتشغيل الأطفال من سن اثنتي عشر سنة الى أربع عشرة في أعمال موسمية لا تضر بصحتهم أو نموهم ولا تخل بمواظبتهم على الدراسة “.

المادة 65:” يحظر تشغيل الطفل في أي نوع من أنواع الأعمال التي يمكن، بحكم طبيعتها أو ظروف القيام بها، أن تعرض صحة أو سلامة أو أخلاق الطفل للخطر، ويحظر بشكل خاص تشغيل أي طفل في أسوأ أشكال عمل الأطفال المعرفة في الاتفاقية رقم 182 لسنة 1999″. ([8])

المحور الثاني : مقاربة عمالة الأطفال في التشريع الجزائري

تعد الجزائر من الدول الأعضاء التابعة لمنظمة العمل الدولية لهذا كانت ملزمة بتنفيـذ اتفاقياتها على أرض الواقع وذلك من خلال تقديم تقرير سنوي عن ذلك لمكتـب العمـل الدولي. وقد صادقت الجزائر على الاتفاقية الدولية الرئيسية المتعلقة بحماية الطفـل، ولا سيما الاتفاقية رقم 138 المتعلقة بالحد الأدنى للتشغيل، والاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفـل المصادق عليها من قبل الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، والاتفاقية الدولية رقم 182 المتعلقة بمن ع أسوأ أشكال عمل الأطفال، وأخيرا الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته([9])

ظاهرة عمالة وتشغيل الطفل الجزائري بدأت في الانتشار في الآونة الأخيرة خاصة بعد التطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي عرفتها الجزائر. وكون هذه الظاهرة أيضا قد يكون لها أهمية بالغة من حيث تأثيرها في المجتمع الجزائري سواء كان ذلك بصور سلبية أو إيجابية مع العلم أن هذه الظاهرة أصبحت ذات أهمية بالغة بفضل وسائل الإعلام والاتصال

أولا: إجراءات وآليات تشغيل الأطفال في التشريع الجزائري

سنبين في هذه الجزئية جملة الإجراءات المتبعة في حالة عمالة الأطفال والتي تدخل تحت مسمى العمالة المقننة كنوع من الحماية، وكذا توضيح آليات ضمانة هذه الحماية .

الإجراءات
وضحت اتفاقية العمل الدولية لسنة 1973 الحد الأدنى لسن تشغيل الأطفال، واتضح كما سبق ذكره اختلافه باختلاف قطاع العمل وخطورته،وعكفت على وضع جملة من الشروط اخذ بها المشرع الجزائري على النحو التالي :

تحديد سن العمل : حدد المشرع الجزائري سن عمالة الأطفال وقبول تشغيلهم ب16 سنة كاملة باستثناء عقود التمهين وهذا ما نجده في قواعد قانون العمل 90/11 ([10]) وذلك بما يتماشى وإنهاء مرحلة التعليم الأساسي
اشتراط رخصة بالعمل أو الاستخدام : إن إجراء الترخيص من الإجراءات الأساسية والجوهرية التي توفر حماية للطفل، إذ لا يمكن لرب العمل تشغيل طفل إلا بناءا على موافقة والديه لأقل من 16 سنة عن طريق الرخصة من الولي الشرعي مهما كانت صفة الولاية([11])، وفي حالة مخالفة هذا الإجراء تطبق أحكام العقوبات الواردة في المادة 140 قانون 90/11 وهي التغريم، وفي حالة العود تضاعف الغرامة.
إجراء الفحص الطبي الدوري: للتأكد من سلامة الطفل الجسمانية وقدراته على العمل ومدى ملائمتها مع بعض المهن، وكذا ظروف ممارسة العمل([12])
كما ضبط المشرع الجزائري تشغيل وعمالة الأطفال بجملة من الشروط تتحدد في :

تحديد ساعات العمل : وذلك بضبط أقصى عدد من ساعات العمل، وضمان فترة راحة كافية بالنظر لصغر سنه الذي ترتب عنه عدم اكتمال نموه([13]).
منع العمل الليلي: الذي يقصد به حسب القانون الجزائري كل عمل ينفذ مابين الساعة التاسعة ليلا والساعة الخامسة صباحا([14])، وقد منع المشرع الجزائري عمل الأطفال ليلا([15])، وتعد أحكام هذا النهي أمرة لا يجوز مخالفتها
منع عمالة الأطفال في الأعمال الخطرة : هناك مادة يتيمة تناولت منع وحظر تشغيل الأطفال في الأعمال الخطرة مهما كانت نسبة الخطورة ودرجتها وهي المادة 15/3 من قانون 90/11 التي تنص على :” ….لا يجوز استخدام العامل القاصر في الأشغال الخطرة أو التي تنعدم فيها النظافة أو تضر صحته أو تمس بأخلاقياته“.
الآليات
تتعدد الآليات والأجهزة المنوط بها حماية الطفل من العمالة أو أثنائها تتحدد في :

مفتشيه العمل : أصدرت الجزائر مجموعة من القواعد المنظمة لعمل مفتشيه العمل باعتبارها عضوا في منظمة العمل الدولية، حيث نضم عمل مفتشيه العمل في الجزائر بموجب المرسوم التنفيذي رقم 05/05 المؤرخ في 6/1/2005 المتضمن تنظيم المفتشية العامة للعمل وسيرها([16]) .
يتحدد دورها في مراقبة الحد الأدنى لسن تشغيل الأطفال

الرقابة على إجراء الفحص الطبي

التأكد من طبيعة العمل المسند للطفل وظروف انجازه

رقابة المدة القانونية للعمل …

طب العمل : يعد من ركائز المؤسسات العمالية، حيث يتوجب ضرورة وجوب طبيب وطاقم طبي في كل مؤسسة عمالية لحفظ حقوق العامل الصحية ورعايته([17]).
أجهزة المشاركة : وتم النص عليها في الفصل الأول من الباب الخامس من قانون العمل 90/11 تحت مسمى مشاركة العمال، هدفها اشراك العمال في عملية مراقبة تنفيذ الأحكام المطبقة في ميدان الشغل ومن بين أحكامها التي تسعى لتطبيقها قواعد ومعايير حماية الأطفال العاملين .
أجهزة الوقاية الصحية والأمن : ألزم المشرع الجزائري انشاء لجان الوقاية مهمتها تطبيق قواعد الوقاية الصحية والأمن داخل المؤسسة المستخدمة، ويعد هدفها مبدأ دستوري([18])

ثانيا : أثار مخالفة أحكام عمالة الأطفال في التشريع الجزائري

يترتب عن مخالفة قواعد الحماية المقررة لعمالة الأطفال تطبيق جزاءات باعتبارها قاعدة قانونية تلزم العقاب والجزاء كغيرها من القواعد([19])، وتنقسم هذه الجزاءات الى قسمين :

جزاءات مدنية
بالإضافة إلى حالات البطلان العامة المقررة لعقد العمل وفق أحكام قانون العمل 90/11 في مادته، فإن هناك جزاءات أخرى تتعلق بتشغيل الأطفال، تختلف بحسب نوع المخالفة، فإذا تعلق الأمر بمخالفة الشروط المنظمة لتشغيل الأطفال فإن العقد يبقى صحيحا ويتم إبطال الشرط الباطل، أما إذا تعلق الأمر بمخالفة أحكام التشغيل فإن العقد يعد باطلا بطلانا مطلقا([20]) .

أما في حالة وقائع مادية تثبت مخالفة إحدى الموانع كمعاينة حالة تشغيل الطفل لا نتحدث عن البطلان لأن الأمر يمتد لمتابعة صاحب العمل([21]).

جزاءات جنائية
عمل المشرع الجزائري على فرض عقوبات جنائية على مخالفة المعايير والقواعد، كما فرض عقوبات أيضا فيما يخص الجرائم الماسة بالأخلاق والآداب العامة أو في الأعمال غير المشروعة التي يستخدم فيها الطفل([22])،

وبالإضافة إلى الجزاءات العامة التي قررها المشرع الجزائري في حالة مخالفة أحكام قانون العمل كإهمال قواعد الصحة والسلامة ودفع الأجر ….، هناك جزاءات متعلقة بالأطفال دون سواهم كالسن الأدنى للتوظيف([23])، وظروف التشغيل الليلي.

وتنص المادة 342 عقوبات جزائري على محاسبة كل من حرض قصرا لم يبلغوا الثامنة عشر على الفسق أو فساد الأخلاق أو تشجيعه عليه أو تسهيله له ولو بصفة عرضية بالحبس من 5سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة من 20.000دج إلى 100.000دج

وقانون الطفل في المادة 139 ينص على معاقبة كل من يستغل الطفل ([24])اقتصاديا ب الحبس سنة إلى 3 سنوات وغرامة من 50.000دج الى100.000دج وتضاعف العقوبة إذا كان الفاعل أحد أصول الطفل أو المسئول عن رعايته.

والمادة 140 تنص على أن كل من يقوم ببث نصوص أو صور أو بأي وسيلة كانت أو لأي غرض كان من شأنها الإضرار بالحياة الخاصة للطفل يعاقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات وغرامة من 150.000دج الى300.000دج.

الخاتمة

نخلص للقول من هذه المقاربة التشريعية أن القواعد القانونية في مجال حماية الطفل من العمالة سواء كانت مقننة أو غير مقننة تتحد كلها من أجل : إيجاد أسس وقواعد قانونية لتكريس الحماية القانونية لتشغيل الأطفال على المستوى الدولي والإقليمي والوطني وتشترك هذه الأسس في قواعد تحديد الحد الأدنى لسن العمل

فكرة الفحص الطبي
العمل الليلي
حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال ومحاربتها
ويتحدد نطاق سريان الأحكام والمعايير المتعلقة بحماية الطفل من العمالة في :

العمل أو النشاط الصناعي
الأعمال الصناعية فوق سطح الأرض
الأعمال الصناعية في باطن الأرض بالمناجم
العمل البحري
العمل الزراعي
العمل غير الصناعي
كما أن هناك استثناءات عن مجال تطبيق الحماية القانونية لعمالة الأطفال في بعض الأعمال ك:

العمل الأسري
العمل الزراعي غير النفعي
أعمال الخدمة المنزلية .
والمشرع الجزائري حدد جملة من الضوابط لتطبيق الحماية القانونية لعمالة الأطفال كالأهلية، الرخصة وبعض القواعد المتعلقة بظروف تشغيل الطفل .

لا يرتبط انتشار ظاهرة عمالة الأطفال بقصور النصوص، من حيث الاتفاقيات الدولية والنصوص التشريعية في هذا المجال، بينما الإشكالية ترتبط بشكل أساسي بالنقص في السياسات الداخلية الرامية إلى تكريس هذه الحقوق ووضع الخطط الملائمة لإنفاذها، وفاعلية التطبيق، حيث يجب القضاء على البيئة الحاضنة لهذه الظاهرة، من خلال خطة إستراتيجية متطورة وفاعلة.

([1]) . صليحة غنام، عمالة الأطفال وعلاقتها بظروف الأسرة دراسة ميدانية بمدينة باتنة، ماجستير علم الاجتماع العائلي، كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإسلامية، جامعة باتنة، 2009/2010ص،117.

([2]) . الاسترقاق، تجنيد الأطفال إجباريا في العمل العسكري، استغلال الطفل في الدعارة، تسويق المواد الإباحية .

([3]) .تركت الاتفاقية الناظم العربي في كل دولة حق تحديد الأعمال التي تعتبر خطرة ومضرة بصحة الأحداث وأخلاقهم .

([4]) . وأصدرت وزارة العمل القرار رقم 49 في 6/2/1997 الذي يقضي بعدم السماح باستخدام الأطفال الذين يقل سنهم عن الثامنة عشرة في المهن غير الصناعية إلا استناداً لفحص طبي يثبت مقدرتهم على القيام بالعمل. ثم صدر المرسوم رقم 700 في 25/5/1999 الذي حظر استخدام الأحداث قبل إكمالهم سن السادسة عشرة أو السابعة عشرة في الأعمال الخطرة بطبيعتها والتي تشكل خطراً على الحياة أو الصحة أو الأخلاق بسبب الظروف التي تجري فيها

. بول مرقص، عمالة الأطفال : القانون الدولي والتشريع اللبناني، مقال متاح على الموقع : ([5]) https://www.syndicateofhospitals.org.lb/Content/uploads/SyndicateMagazinePdfs/5006_20-25ar.pdf.

([6]) . دراسة تحليلية للنصوص القانونية الخاصة بعمل الأطفال، المجلس الوطني لشؤون الاسرة، 2009

([7]) . قرار وزير العمل الخاص بالأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة للأحداث لسنة 2011 والذي تضمن الأعمال التي تنطوي على المخاطر التالية:

المخاطر الجسدية
المخاطر النفسية والاجتماعية
المخاطر الاخلاقية
المخاطر الكيميائية
المخاطر الفيزيائية
المخاطر البيولوجية والجرثومية (فيروسات/بكتيريا/طفيليات وغيرها)
المخاطر الارغونومية (تلاؤم الانسان مع الآلة وادوات العمل )
([8]) . قانون الطفل المصري رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون 126 لسنة 2008

([9]) . وقعت الجزائر على الاتفاقية رقم 182 ح ول أسوأ أشكال عمل الأطفال وجاء فيها : تتخذ كل دولة عضوة في هذه الاتفاقية بسرعة ودون إبطال تدابير فورية وفعالـة، تكفـل بموجبها حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والقضاء عليها . ويطبق مفهوم هذه الاتفاقية على جميع الأشخاص دون 18سنة .

. قانون العمل 90/11 المؤرخ في 21/4/1990 المتعلق بعلاقات العمل، المعدل والمتمم بالأمر رقم 15/01 المؤرخ في 23جوان2015 المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2015، ورسخ ذلك أيضا في التعديل الدستوري لسنة 2016([10])

. المادة 15/2 من قانون العمل 90/11:” لا يجوز توظيف القاصر إلا بناء على رخصة من وصيه الشرعي “([11])

. بنود اتفاقية العمل الدولية التي تعد المرجع الأساسي لهذا الاجراء والذي أخذت به كل التشريعات العربية والأجنبية.([12])

([13]) . معايير العمل الدولية لم تضع حدود واضحة لتحديد ساعات العمل اليومي أو الأسبوعي بالنسبة للطفل العامل، بل تركتها للسلطات التقديرية لكل دولة بما يتناسب ومجال وطبيعة العمل، لكن تشترط أن لا يعمل الطفل نفس ساعات عمل البالغ تحت أي ظرف. وهالمشرع الجزائري لم يفصل فيها وتركها 40 ساعة في الاسبوع موزعة على 5 أيام حسب المادة 22الى26 من قانون العمل 90/11.

. المادة 27 قانون 90/11 المتعلق بالعمل، المرجع السابق.([14])

. المادة 28 قانون 90/11:” لا يجوز تشغيل العمال من كلا الجنسين الذين يقل عمرهم عن تسع عشرة سنة كاملة في أي عمل ليلي”.([15])

. المرسوم التنفيذي رقم 05/05 المؤرخ في 6/1/2005 المتضمن تنظيم المفتشية العامة للعمل وسيرها، الجريدة الرسمية رقم 04.([16])

. لمزيد من التفصيل أنظر : حاج سويدي محمد التنظيم القانوني لتشغيل الأطفال دراسة مقارنة، دكتوراه في القانون الخاص، كلية الحقوق والعلوم السياسية، تلمسان، 2015/2016. ص:288 ومابعدها ([17])

. المادة 5 من القانون 90/11 المتعلق بقانون العمل، المرجع السابق.، كما كرس لها المشرع الجزائري مرسوم خاص بها في المرسوم التنفيذي رقم 93/120 المتعلق بتنظيم طب العمل .([18])

([19]) .منظمة العمل الدولية أكدت في الاتفاقية الدولية رقم 138 في مادتها 7 على وجوب اتخاذ كل دولة قامت بالتصديق على الاتفاقية كافة التدابير الضرورية لضمان تطبيق وتنفيذ أحكامها بشكل فعال بما في ذلك النص على العقوبات الجزائية أو غيرها عند الاقتضاء وتطبيقها .

([20]) .مخالفة السن الأدنى للتشغيل وهو 16 سنة و15 في عقود التمهين، غياب الرخصة …..

([21]) . حاج سويدي محمد، المرجع السابق، ص:314.

([22]) .العديد من الاتفاقيات والمعايير الدولية اعتمدت نظام الرقابة وتطبيق الجزاءات والعقوبات الضرورية لتفعيل معايير وقواعد تشغيل الأطفال

([23]) .المادة 140 قانون90/11 :” غرامة مالية تتراوح من 1000الى 2000دج إلا في حالة عقد التمهين المحرر طبقا للتشريع والتنظيم، وفي حالة العود يمكن اصدار عقوبة حبس من 15 يوم الى شهرين دون المساس بأحكام الغرامة التي تصل للضعف.

([24]) . حاج سويدي محمد، المرجع السابق، ص

إعادة نشر بواسطة محاماة نت