إصدار الأوامر على العرائض و الاعتراض عليها

المؤلف : قيصر صائب صلاح
الكتاب أو المصدر : القضاء الولائي وتطبيقاته في قانون المرافعات المدنية العراقي

يختلف اصدار الاوامر على العرائض عن صدور الاحكام من القضاء العادي لان هذه الاخيرة تصدر بناءً على دعوى مقدمة من المدعي وبعد عدة جلسات ومرافعات تطول او تقصر حسب نوع الدعوى تصدر المحكمة حكمها اما بالنسبة للأوامر على العرائض فلا تقام دعوى وانما يقدم طالب الامر طلباً خطياً بنسختين الى القاضي المختص وهو اما قاضي محكمة البداءة او قاضي محكمة الاحوال الشخصية او محكمة المواد الشخصية وحسب الاحوال(1)او محكمة الموضوع اذا رفع الطلب اليها بالتبعية اثناء السير في الدعوى.

ويجب ان يرفق الطالب بطلبه الاسانيد والمستمسكات المؤيدة له ولم يذكر المشرع العراقي في المادة( 1518( البيانات التي يجب ان يتضمنها الطلب ولكن يمكن الرجوع بهذا الصدد الى القواعد العامة(2) وبالنسبة للمستندات والاسانيد التي ترفق بالطلب فإنها تختل باختلاف الموضوع فمثلاً في طلب ايقاع الحجز الاحتياطي وفق المادة(231) مرافعات يجب ارفاق السند الذي يستند اليه طلب الحجز ومقدار الدين المطلوب الحجز من اجله ويقدم طالب الحجز كفالة رسمية او تأمينات نقدية مقدارها 10% من قيمة الدين المطالب به … الخ وبالنسبة لطلب الزوج اذن المحكمة للزواج من زوجة ثانية حسب التعديل الجديد لقانون الاحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 15 لسنة 2008 يجب ان يقدم الزوج تعهداً بالعدل بين الزوجين ويقدم مستمسكات تثبت مقدرته المالية اضافة الى وجود تقارير طبية حول اصابة زوجته الاولى بمرض مزمن ثابت مانع من المعاشرة الزوجية … الخ.

كما يرفق مع الطلب المقدم الوصل الخاص بدفع الرسوم(3) وهو ما اخذ به المشرع العراقي (4) ولكن عدم دفع الرسم لا يؤدي الى البطلان وانما يقتصر على رفض الطلب المقدم وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية في قرارها المرقم 489 نقض مدني في 29/2/1973)ان المخالفة المالية في القيام بعمل اجرائي لا يترتب عليها بطلان هذا العمل ما لم ينص القانون على ذلك(5)) وبعد ان يتم تقديم الطلب فان القاضي المختص ملزم بالإجابة عليه خلال اربع وعشرين ساعة بعد ان يدقق الطلب ويمحص الادلة والمستندات المرفقة به ويصدر امره بالقبول او الرفض على احدى نسختي العريضة ويحفظ اصل العريضة في قلم كتاب المحكمة بينما يعطى الطالب صورة مصدقة من الامر بذيل النسخة الثانية ويرى البعض جواز تحرير الامر على ورقة مستقلة توثق بختم المحكمة وتوقيع القاضي(6) .

ويجب ان يكون قرار القاضي بقبول او رفض الطلب معللاً وطبعاً اذا تأخر القاضي عن النظر في الطلب خلال المدة المبينة في المادة 152 مرافعات مدنية كان من حق الخصوم اللجوء الى الشكوى منه باعتباره امتنع عن احقاق الحق حسب احكام المادة286/3 مرافعات مدنية الا اذا كان التأخير لسبب خارج عن ارادة القاضي كان يكون بخطأ الخصم عندما يخلو طلبه من المستمسكات اللازمة او ان يصادف اليوم الثاني لتقديم الطلب عطلة رسمية او تعذر تشكيل المحكمة لأي سبب كان. وهنا لابد من الاشارة الى ان تطبيق هذه المادة من الناحية العملية قد يكون متعذراً في بعض الحالات بسبب ان بعض الطلبات تستوجب القيام بإجراءات تستغرق وقتاً طويلاً مثل طلب اصدار حجة الاذن بالزواج من زوجة ثانية لانه بموجب التعديل الجديد لقانون الاحوال الشخصية فان المحكمة ملزمة بإحالة الزوجة الاولى الى لجنة طبية مختصة لفحصها وبيان ما اذا كانت مصابة بمرض مزمن ثابت مانع من المعاشرة الزوجية وهذا الاجراء يستغرق بعض الاحيان اسبوع واحد الى عشرة ايام. ويجب تبليغ من صدر الامر ضده بصورة من الامر لكي يكون على بينة منه ويعطي فرصة الاعتراض عليه. ويتم الاعتراض بموجب احكام المادة (153) مرافعات مدنية التي تنص

(1– لمن صدر الامر ضده وللطالب عند رفض طلبه ان يتظلم لدى المحكمة التي اصدرته خلال ثلاثة ايام من تاريخ اصدار الامر او من تاريخ تبليغه وذلك بتكليف الخصم بالحضور امام المحكمة بطريق الاستعجال

2- يجوز رفع التظلم تبعاً للدعوى الاصلية في أي حالة تكون عليها الدعوى ولو اثناء المرافعة بالجلسة

3- وتفصل المحكمة في التظلم على وجه الاستعجال بتأييد الامر او الغائه او تعديله ويكون قرارها قابلاً للتمييز.

بينت المادة اعلاه كيفية الطعن في الاوامر على العرائض حيث اجازت لمن صدر الامر ضده او للطالب اذا رفض طليه ان يتظلم من الامر لدى نفس المحكمة التي اصدرته خلال ثلاثة ايام من تاريخ صدور الامر او من تاريخ التبلغ به.

وان بدء سريان مدة الطعن جاء على خلاف القواعد العامة) (7)المنصوص عليها في المادة (172)مرافعات مدنية التي تنص )يبدأ سريان المدد القانونية من اليوم التالي لتبليغ الحكم او اعتباره مبلغاً( واذا وقع التظلم على الامر فان المحكمة تجمع الطرفين وتستمع الى اقوالهما بمرافعة اصولية خاضعة لجميع القواعد المتبعة ولكنها تتسم بالاستعجال ويقتصر التحقيق فيها على ضوء ظاهر المستندات(8) وبامكان الخصوم الطعن في قرار المحكمة الصادر بنتيجة التظلم خلال سبعة ايام اعتباراً من اليوم التالي لتبليغ القرار او اعتباره مبلغاً حسب احكام المادة (216) مرافعات مدنية امام محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية اذا كان من محكمة البداءة وامام محكمة التمييز اذا كان صادراً من محكمة الاحوال الشخصية(9) او محكمة المواد الشخصية او محكمة الاستئناف بصفتها الاستئنافية او محكمة العمل(10)او المحكمة الادارية ويكون القرار الصادر بنتيجة الطعن واجب الاتباع. وهناك رأي آخر(11) يرى ان الطعن في القرارات الصادرة من محكمة العمل يكون امام محكمة استئناف المنطقة ونحن نتفق مع الرأي ( الاول استناداً للمادتين (139/ ثانياً( و)143) من قانون العمل رقم (71)لسنة 1987(12) .

ولا يقبل القرار الصادر بنتيجة التظلم الطعن بطريق الاعتراض على الحكم الغيابي وان نظرت المحكمة في التظلم غياباً بحق احد الخصوم استناداً لنص المادة (177) مرافعات مدنية(13) واجازت الفقرة (2)من المادة (153) رفع التظلم تبعاً للدعوى الاصلية اذا كانت هناك دعوى مرفوعة بالموضوع وفي اية حالة تكون عليها اي ان المشرع اعطى الخيار للخصم بين رفع التظلم بعريضة مستقلة او تبعاً للدعوى الاصلية وعلى المحكمة الفصل في التظلم على وجه الاستعجال بتأييد الامر المتظلم منه او الغائه او تعديله حسب الاحوال.

واخيراً نشير الى ان قانون المرافعات المدنية النافذ لم يشترط تقديم الاوامر على العراض للتنفيذ بعد فترة معينة من صدورها عدا او امر الحجز الاحتياطي(14) وهذا نقص تشريعي لابد من تداركه لأهمية هذا الموضوع وتأثيره على حقوق ومراكز الخصوم القانونية فعلى سبيل المثال لو استحصل شخص على اذن بالزواج من زوجة ثانية من المحكمة المختصة ولكنه لم يستعمل هذه الرخصة وبعد مرور فترة من صدور حجة الاذن تغيرت الامور وظهر اختلال في الشروط المطلوبة في الزوج كأن تسوء حالته المادية بعد ان كان ميسوراً او تشفى الزوجة الاولى من مرضها او يرزقها الله بولد بعد ان كانت مصابة بالعقم هنا من العدل ان يكون لها حق الطلب من المحكمة التي اصدرت الامر ان تعيد النظر فيه مادام الزوج المستفيد من الامر لم ينفذه وقد نظم المشروع الجديد لقانون الاجراءات المدنية العراقي هذا الموضوع فقضى انه اذا لم يقدم الامر على العريضة للتنفيذ خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره فيعتبر كأن لم يكن ولا يمنع ذلك من طلب استصدار امر جديد ولا يجوز تمييز الاوامر على العرائض الا بعد التظلم منها امام القاضي الذي اصدرها وذلك ما قضت به المادة(216/3) مرافعات مدنية وهذا ما قضت به محكمة استئناف بغداد في قرارها التمييزي ذي العدد 334مستعجل1993 وهذا نصه )طلب طالب اعادة المحاكمة بعريضته المؤرخة 30/5/1993 من محكمة ايجار عقار الكرخ ايقاف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة المذكورة المرقم 1595/ت/1992بتاريخ 26/6/1993لحين حسم دعوى اعادة المحاكمة المقامة من قبله فقررت المحكمة المذكورة بتاريخ5/6/1993 رفض الطلب حيث ان طالب اعادة المحاكمة لم يبين اي سبب من اسباب اعادة المحاكمة مما يستوجب ايقاف التنفيذ ولعدم قناعة المميز بالقرار المذكور اعلاه طلب بلائحته التمييزية المقدمة الى هذه المحكمة بتاريخ 5/6/1993 نقضه للأسباب الواردة فيها.

القرار : لدى التدقيق والمداولة وجد ان المميز قد لجأ الى مراجعة طريق الطعن التمييزي على القرار موضوع العريضة التمييزية قبل التظلم منه امام المحكمة التي اصدرته وباعتباره من الاوامر الصادرة على العرائض فكان المقتضى الطعن به بطريق التظلم قبل الطعن به تمييزاً استناداً الى احكام المادة 216/3 من قانون المرافعات المدنية عليه قرر رد العريضة التمييزية من هذه الجهة وتحميل المميز رسم التمييز وصدر القرار بالاتفاق في 23/6/1993(15) .
________________
1- القاضي مدحت المحمود، شرح قانون المرافعات المدنية رقم 38 لسنة 1969ط3 200ص195.
2- المادة)46) من قانون المرافعات المدنية العراقي.
3- ممدوح عبد الكريم حافظ، شرح قانون المرافعات المدنية العراقي، ط 1، ج 11973،ص 397
4-المادة )16) من قانون الرسوم العدلية رقم 114 لسنة 1981
5- تيماء محمود نوري، القضاء الولائي، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون، جامعة الموصل ، ص 64 ، نقلاً عن د. مصطفى مجدي هرجة، الموجز في الاوامر على العرائض، دار الطباعة الحديثة، 1994 ، ص31
6- القاضي مدحت المحمود، شرح قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 ، ط 3 ، 2009ص 196.
7- القاضي مدحت المحمود ، المصدر السابق، ص 197
8-القاضي صادق حيدر، شرح قانون المرافعات المدنية، 2011 ، ص 223
9- انظر قرار محكمة تمييز اقليم كوردستان/هيئة الاحوال الشخصية بالعدد 526شخصية 2013 رقم الاضبارة/1 تظلم 2013في 14/8/2013المميز التظلم أ.ص .المميز ضده – المتظلم منه/ قرار محكمة الاحوال الشخصية في زاخو7/7/2013 قدم المستدعي )أ. ص.( طلباً الى محكمة الاحوال الشخصية في زاخو لاستصدار حجة الاذن له بالزواج من زوجة ثانية لكون زوجته الاولى قد تركت دار الزوجية منذ اكثر من ثلاث سنوات وصدور القرار من المحكمة بالمطاوعة وامتناعها عن ذلك وقررت المحكمة في 9/7/2013 رفض الطلب ولعدم قناعة المتظلم بالقرار المذكور تظلم منه لدى نفسا لمحكمة في 10/7/ 2013 وللأسباب الواردة في عريضة التظلم وبتاريخ 11/7/2013 قررت محكمة الموضوع تأييد قرارها السابق ورد التظلم ولعدم قناعة )المميز( بالقرار المذكور طعن فيه تمييزاً لدى هذه المحكمة باللائحة التمييزية المدفوع عنها الرسم في 18/7/2013 طالباً نقضه للأسباب الواردة فيها وبعد ورودها وضعت قيد الدرس والمذاكرة. القرار: لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً ولدى عط النظر علىالقرار المميز وجد انه غير صحيح ومخال للشرع والقانون لان محكمة الموضوع لم تبين اولاً مضمون الاضبارة التنفيذية ولم تدون محتوياتها رغم جلبها ثم لم تربط قرار الحكم الصادر بالمطاوعة وقد ذكر الشهود بان الزوجة الاولى ذهبت الى خارج الاقليم واذا ما ثبت وجود دعوى مطاوعة وبعد الاطلاع على محتوى اضبارة التنفيذ ينبغي على محكمة الموضوع اعطاء الاذن بالزواج لان المنع ورد استثناءً من القاعدة العامة فاذا لم تكن الزوجة موجودة وصدر حكم مطاوعة ضدها ففي هذه الحالة لا يتوق امر المحكمة على موافقة الزوجة لأنه من غير الممكن جلبها فالقانون يقصد بالموافقة الزوجة الملتزمة بالواجبات الزوجية عليه قرر نقض القرار المميز واعادة اضبارة المعاملة الى محكمتها لاتباع ما ورد اعلاه على ان يبقى رسم التمييز تابعاً للنتيجة وصدر القرار بالاتفاق في 14/8/2013
10- القاضي صادق حيدر، المصدر السابق، ص 223
11- القاضي مدحت المحمود، المصدر السابق، ص 198
12- تنص المادة 139: تختص محكمة العمل بما يأتي: اولاً: الدعاوي والقضايا والمنازعات المدنية والجزائية المنصوص عليها في هذا القانون … الخ. ثانياً: القرارات المؤقتة في الدعاوي الداخلة في اختصاصها وفي حالة عدم وجود محكمة عمل فتختص محكمة البداءة بها.
تنص المادة 143: يكن الحكم الذي يصدره محكمة العمل قابلة للطعن فيه لدى محكمة التمييز خلال ثلاثين يوما تبدأ من اليوم التالي لتبليغه.
13- تنص المادة 177 مرافعات مدنية: )يجوز للمحكوم عليه الاعتراض على الحكم الصادر عليه غياباً من محكمة البداءة او محكمة الاحوال الشخصية وذلك في غير المواد المستعجلة خلال عشرة ايام .
14- انظر: المادة(237) من قانون المرافعات المدنية .
15- القاضي مدحت المحمود، المصدر السابق، ص 199.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت