مناقشة قانونية حول البصمة الوراثية و كيفية كشفها مجرمي الأعضاء البشرية

أ* رمضان الغندور

وسط كل هذه المعاناة والأزمات التي نعيشها الآن إلا إنه مازال هناك أمل في الخروج مما نحن فيه‏,‏ خاصة أن الخلايا السحرية تلك المعجزة التي تسمي الخلايا الجذعية خلايا المنشأ‏(‏ الأم‏)‏ نجحت في تكوين العديد من الأعضاء البشرية أي أنه يمكن الآن استنساخ قطع غيار بشرية لصيانة الانسان وترميمه‏.‏ تلك الخلايا التي ستعيد الأمان للانسان‏..‏ وتنقذه من الهلاك ومعاناة المرض‏,‏ ليس ذلك وحسب وإنما ستعيد إليه شبابه وحيويته أيضا‏..‏

كما ستنقذه من نقل أعضاء الحيوانات أحدث صيحة علمية نجاح نقل أعضاء الحيوانات للبشر‏,‏ والأهم من كل ذلك ستنقذه من البحث عن قطع غيار بديلة لأعضائه سواء كانت بطرق مشروعة أو غير مشروعة أي ستقضي علي ممارسة الاتجار بالبشر سواء كان كاملا أو قطع غيار أبدا لم تعد المسألة ضربا من الخيال وإنما اصبحت حقيقة علمية واقعة‏..‏ وبالرغم من تجريم استخدام الخلايا الجذعية الا ان المسألة أصبحت الآن أخطر كثيرا مما نتوقع‏,‏ كان الجدل حول بويضة مخصبة معمليا في عمر ستة أيام فقط واعتبرت قضية اخلاقية فماذا عن الاتجار الآن بالبشر سواء في صورة كاملة للترفيه واللهو والعبث أو للخدمة والاستعباد أو علي صورة قطع غيار‏..‏ المسألة لم تعد مشروع جنين كون كي يتلف لتكوين وانماء قطع غيار بشرية بل اصبحت عودة وارتدادا لتجارة الرقيق وممارسة الرق والعبودية‏.‏

كان السؤال المطروح سابقا هو‏:‏ هل من حق الانسان المؤمن أن يتصرف في جسده وأعضائه بالبيع أو التبرع أو حتي بالايجار وكأن جسده مال أو بضاعة أو سلعة أو أي شيء من ممتلكاته؟
والإجابة ليست بحاجة لاجتهاد وقد تعددت صور الانتفاع والحاجة تحت ستار البحث العلمي وإنقاذ المصابين لاستمرار الحياة‏,‏ وتصدي مجمع الفقه الإسلامي سابقا وحسم تلك القضية الذي عقد في جدة لحسم قضية نقل الأعضاء النقل من الأجنة التي أجازها العلماء بحيث لا تخضع لأية اغراءات مادية أو اجتماعية أو طبية‏,‏

وثانيا‏:‏ نقوم بعملية تكوين جنين صناعيا معمليا وبدون اخصاب‏(‏ لقائح مستنبة خارج الرحم‏)..‏ كما قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الذي عقد في جدة في المؤتمر الرابع عام‏1988‏ والخاص بقضية انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حيا أو ميتا‏.‏ ويقصد بالعضو هنا أي جزء من الانسان سواء كان أنسجة أو خلايا أو دماء‏..‏

وشملت الانتفاع الذي دعت اليها ضرورة المستفيد وما تتوقف عليه الحياة ومنه مالا تتوقف عليه الحياة وله تأثير علي الانساب والمورثات كالخصية والمبيض وخلايا الجهاز العصبي‏..‏ ومن صور الانتفاع النقل من الأجنة‏..‏ ففي عصر العلم وازدهار التكنولوجيا الحديثة‏..‏ لابد أن تكون الجرائم أيضا بقدر ما وصلنا اليه من علم‏..‏ لقد تطور المجرمون وتطورت وسائلهم في النصب والاحتيال والقتل ولم يتطور بعد القانون والبحث الجنائي‏,‏ برغم ان البصمة الوراثية باستطاعتها الآن الكشف عن المجرمين وتبرئة المتهمين حيث إن هناك وازعا عدوانيا له أساس وراثي يكمن في جينات المجرم‏..‏ ويخلو منه المتهم زورا وقهرا‏.‏ خاصة الجرائم التي يسفك فيها الدماء وبرغم ان هناك اجراما بيئيا واخر وراثيا إلا أن الظروف البيئية تساعد علي ظهور ذلك السلوك العدواني‏!‏

وبرغم تطور العلم والتكنولوجيا والاجرام لم يتطور بعد القانون وطرق البحث الجنائي والكشف عن المتهمين المظلومين‏..‏ ولذلك مازال هناك خلل لأن المجتمع لابد أن يعمل في منظومة متكاملة‏..‏ ولا يجوز من تتبع ريا وسكينة أن يتتبع بنفس الطريقة البدائية سرقة ونصب وتهريب الأعضاء البشرية‏..‏ كان يجب مراعاة ذلك قبل التصريح وإباحة زراعة والتبرع ونقل الأعضاء واستباحة أعضاء حديثي الموت‏,‏ الموت الاكلينيكي الذي هو في حقيقة الأمر غيبوبة عميقة‏..‏ وبرغم قائمة الممنوعات ولوائح المحظورات التي سنها مجلس الشعب إلا أنه يجب عدم التهاون مع هؤلاء الذين اتخذوا من مهنتهم ذريعة للكسب غير المشروع‏.‏