قواعد سير التحكيم التجاري الدولي

ذو علاقة بإجابة على:مصادر قانون التحكيم التجاري الدولي
بواسطة باحث قانوني
قواعد سير التحكيم التجاري الدولي

المبحث الأول

إجراءات التحكيم التجاري الدولي

من المفترض أن إجراءات التحكيم يجب أن تكون بسيطة ، و هذه الإجراءات يجوز أن يحددها الأطراف بأنفسهم ، و لكن في العادة تكون لمؤسسة التحكيم إجراءاتها الخاصة التي يتفق عليها الأطراف عندما يختارون هذه المؤسسة ، و في أي من الحالتين السابقتين لا يمكن للأطراف ألا يأخذوا في الاعتبار النظام العام و القواعد الإلزامية في القانون الإجرائي و اجب التطبيق بشأن التحكيم .[26]

و تجدر الإشارة إلى أنه كلما كان التحكيم معقدا كلما كانت الإجراءات أكثر تعقيدا ، و هناك بعض قضايا التحكيم تستغرق سنوات لتسويتها .[27]

المطلب الأول

القانون الواجب التطبيق بشأن إجراءات التحكيم

إن المستثمرين هم في حاجة إلى جو من الأمن القانوني ، يعطي لهم رؤية واضحة بخصوص التشريع الواجب التطبيق و الذي يطمئنهم بخصوص حل نزاعاتهم .[28]

إن القانون الإجرائي واجب التطبيق يتوقف على مكان التحكيم ، و يكون هو القانون الوطني لمحل التحكيم الذي يجب أن يتم الاتفاق عليه بين الأطراف ، و في العادة تضمن مؤسسة التحكيم شرطا في اتفاقها النموذجي بشأن القانون الإجرائي واجب التطبيق ، و علاوة على ذلك لا يمنع تطبيق قانون وطني معين المحكمين من مقابلة أو الاستماع إلى شاهد في أي دولة أخرى .[29]

و الاتجاه الثاني يفترض أن المحكمين يجب أن يتوصلوا إلى القانون واجب التطبيق بتطبيق المبادئ العامة المعترف بها دوليا لقواعد تنازع القوانين التي سترشدهم إلى القانون الأكثر ارتباطا بالعلاقة بين أطراف النزاع و هذا الاتجاه شائع جدا في عالم التحكيم .[30]

المطلب الثاني

تشكيل هيئة التحكيم

تباشر هيئة التحكيم اختصاصها بحضور طرفي النزاع ، فإذا تخلف أحدهما عن حضور إحدى الجلسات أو عن تقديم ما طلب منه من مستندات جاز لهيئة التحكيم الاستمرار في إجراءاته ، و إصدار حكم في النزاع تستند فيه إلى ما توافر لديها من عناصر إثبات .[31]

يحكم تشكيل هيئة التحكيم مبدأين أساسيان :[32]

– أن تكون إرادة الخصوم هي المرجع الأول في اختيار الهيئة ، فإذا اتفق الأطراف على طريقة اختيار المحكمين ، فإنه يجب الالتزام بما تم الاتفاق عليه ، و غالبا ما يختار الخصم محكما يكون هناك تقارب بينهما في الآراء و على دراية بموقفه أكثر من القاضي ، و أن الثقة في حسن تقدير المحكم و عدالته و حيادته هي بواعث الاتفاق على التحكيم .

– مراعاة المساواة بين طرفي النزاع من حيث اختيار المحكمين ، فلا يكون لأحدهما أفضلية على الآخر بمعنى أنه لا يجوز أن يسند إلى احدهما اختيار جميع المحكمين دون الآخر .

و لهيئة التحكيم سماع شهادة شهود دون تحليفهم اليمين كما أن بوسعها تعيين خبيرا أو أكثر لتقديم تقرير مكتوب أو شفهي في النزاع ، حيث تقوم بدورها بإخطار طرفي النزاع بما حواه التقرير مع إتاحة الفرصة لهما لإبداء ما يعن لهما من ملاحظات على ما ورد بهذا التقرير .[33]

و لهيئة التحكيم أن تقرر عقد جلسة بحضور طرفي النزاع لسماع و مناقشة الخبير فيما ورد بتقريره ، مع كفالة الحق لكل من الطرفين في الاستعانة بخبير أو أكثر لتنفيذ ما جاء بتقرير الخبير المنتدب بواسطة هيئة التحكيم ما لم يتفق طرفين التحكيم على خلاف ذلك .[34]

و تصدر هيئة التحكيم حكمها مكتوبا مشتملا على أسماء الخصوم و عناوينهم و كذا أسماء المحكمين و جنسياتهم و صفاتهم و صورة من اتفاق التحكيم مع ملخص لأقوال و طلبات و مستندات الخصوم و منطوق الحكم و تاريخه و مكان إصداره ، و تسلم هيئة التحكيم صورة من حكم التحكيم للطرفين موقعة من المحكمين الموافقين عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره .[35]

الفرع الأول

اختيار المحكمين

المحكم هو شخص يتمتع بثقة الخصوم ، أولوه عناية الفصل في خصومه قائمة بينهم ، و قد يتم تعيينه من جانب المحكمة إذا كان التشريع يجيز ذلك للقيام بمهامه ، و لما كان حكم المحكم بمثابة قضاء على الخصوم فلم يترك المشرع لهم حرية كاملة في اختياره ، و انما قيدها ببعض القيود رعاية لهم .[36]

و لأهمية الدور التي يقوم به المحكم منح سلطات واسعة تمكنه من الفصل في موضوع النزاع بإصدار حكم ملزم للمحتكمين ، و هو يمارسها من اللحظة الأولى التي يصدر فيها موافقته على قبول مهمة التحكيم ، كما يستمدها من اتفاق المحتكمين الذين يحددون سلطاته في صلب اتفاقهم ، أو يحيلون الأمر إلى نظام تحكيم أو مركز أو قانون تحكيم في دولة ما و بالتالي فإن سلطات المحكم يستمدها بعد ذلك من هذا النظام أو ذلك القانون .[37]

التحكيم أداة فعالة في تسوية المنازعات ، لان مهمة التحكيم يتم إسنادها الى أفراد يطلق عليهم ” المحكم أو المحكمين ” و يجري اختيارهم بواسطة أطراف النزاع ، و ذلك انطلاقا من الثقة التي يتمتعون بها في قدرتهم على حسم النزاع ، أو انطلاقا من التخصص الفني الذي لا يتوافر لغيرهم ، مما يجعلهم أقدر من الآخرين على فهم المسائل المعروضة عليهم .[38]

نجاح الإصلاح رهين بمهنية المحكمين ، و على الأقل يجب أن تكون لهؤلاء مصداقية تجاه الأطراف و هذه المصداقية تقتضي أن يكونو أكفاء ، نزهاء ، نشطاء منظمين ، و أن تكون أتعابهم في الحدود المعقولة .[39]

تراعى سلطة التعيين أو المحكمة الاعتبارات التي من شأنها ضمان اختيار محكم مستقل و محايد و أن تأخذ بعين الاعتبار أنه من المستحسن ألا يكون المحكم من جنسية أحد الأطراف ، و مؤدى ذلك اختيار محكم من جنسية أحد الأطراف يكون صحيحا متى توافرت فيه الحيادية و الاستقلال ، فلا يمنع أي شخص من العمل كمحكم ، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك .[40]

يسعى المحكمين دائما إلى الحرص على الحيادية و عدم الاستجابة لاي ضغوط خارجية و على الرغم من أن أحكام المحكمين تفتقر إلى التسبيب و الشفافية الإجرائية التي تميز القضاء الطبيعي غير أن هذه الأشياء بذاتها هي التي توفر الطابع العملي للتحكيم كحل سريع و مرن يساعد على تدعيم تطور التجارة الدولية .[41]

أولا : تعيين المحكم مباشرة من قبل الأطراف

ثانيا : التعيين بالرجوع إلى نظام تحكيمي

ثالثا : التعيين بالرجوع إلى القاضي

الفرع الثاني

عزل المحكم

لا يجوز عزل المحكم إلا بتراضي الأطراف جميعا ، و هذه القاعدة تتماشى مع إرادة الأطراف ، التي يقوم أساسا عليها التحكيم التجاري .[42]

الفرع الثالث

وفاة المحكم أو استقالته

إذا توفي المحكم أو استقال أو زالت صفته ، فلا يتقيد المحكم الجديد إلا بالأحكام القطعية التي صدرت في شق من النزاع ، أما الشق الآخر الذي لم يصدر فيه حكم في الموضوع ، فإنه يتعين بشأنه إعادة سماع المرافعة الشفوية التي سبق تقديمها من جديد ، متى كان من تم استبداله هو المحكم الواحد أو المحكم الرئيسي .

الفرع الرابع

رد المحكم

تعتبر إمكانية رد المحكم إحدى الضمانات المخولة لأطراف خصومة التحكيم في مواجهة المحكم و التي لا يجوز افتراض تنازل المحتكمين عنها .[43]

و طلب الرد هو في حقيقته دفع ببطلان تشكيل هيئة التحكيم فيجوز رد المحكم إذا وجدت ظروف تثير شكوكا لها ما يبررها حول حياده أو استقلاله .[44]

و من ثم لا تخضع أسباب الرد إلى قوالب أو نصوص محددة ، بل يجب منح الجهة المنوط بها الفصل في طلب الرد سلطة تقديرية واسعة ، لتقييم مدى قوة الشكوك المثارة حول حيادية المحكم و مدى نصيبها من الصحة على ضوء الاعتبارات المحيطة بالمحكم و المصالح المشتركة أو المتضاربة .[45]

تنص المادة 1016 من القانون 08_09 على أنه : ” يجوز رد المحكم في المجالات الآتية :

عندما لا تتوفر فيه المؤهلات المتفق عليها بين الأطراف .
عندما يوجد سبب رد منصوص عليه في نظام التحكيم الموافق عليه من قبل الأطراف .
عندما تتبين من الظروف شبهة مشروعة في استقلاليته ، لاسيما بسبب وجود مصلحة أو علاقة اقتصادية أو عائلية مع أحد الأطراف مباشرة أو طريق وسيط .
لا يجوز طلب رد المحكم من الطرف الذي كان قد عينه ، أو شارك في تعيينه ، إلا لسبب علم به بعد التعيين تبلغ محكمة التحكيم والطرف الآخر دون تأخير بسبب الرد .

في حالة النزاع ، إذا لم يتضمن نظام التحكيم كيفيات تسويته أو لم يسع الأطراف لتسوية إجراءات الرد يفصل القاضي في ذلك بأمر بناء على طلب من يهمه التعجيل .

هذا الأمر غير قابل لأي طعن .”[46]

بواسطة باحث قانونى

الإعتراف بأحكام التحكيم التجاري الدولي و تنفيذه