قضية النازحين في العراق

مجيد اللامي
تعتبر قضية النازحين بتفاصيلها المختلفة من اهم القضايا التي تشغل العقل المركزي الرسمي وكذلك العقل الشعبي مثلما شكلت اهمية خاصة بدءاً من دخول داعش الموصل العام الماضي.. فهي مأساة انسانية وحضارية بكل المقاييس يقع ضحيتها ملايين البشر الذين فقدوا المأوى والرعاية وصاروا يفتقدون إلى أبسط مقومات الحياة الانسانية الكريمة الذي يضمن لهم بقاءهم على قيد الحياة، فهناك اكثر من مليوني نازح تسببت المعارك ضد داعش الارهابي في تركهم لبيوتهم ومحافظاتهم..

واصبحت قضية النازحين في العراق من اخطر القضايا والمآسي التي يعيشها المجتمع العراقي وهي ذات طابع انساني في المقام الاول فالإحصاءات والارقام تؤكد ازدياد عدد النازحين ونحو عشرات الآلاف يتوزعون عبر المنافي.. ان مأساة هؤلاء تتعدى كونها تعبيراً عن سلوك بشع مدان الا اننا نجد الكثير بيننا لا يتورعون عن تمجيد الدواعش القتلة على الرغم من انكشاف نياتهم ودعواتهم البغيضة الى قتل سكان العراق وبصلافة لا يناظرها كل ما اصاب ابناء العراق من مصائب وتصفيات في العهد البائد النزوح والتأريخ

وقضية النازحين قديمة تمتد جذورها لاكثر من قرن فالحرب العالمية الثانية اسفرت عن اكبر عدد من النازحين في التاريخ الحديث اذ زاد عددهم في أوربا وحدها على اربعين مليون نسمة وفي اعوام الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي التي واكبت انهاء الاستعمار في افريقيا وآسيا شهدت القارتان تدفق اللاجئين في صورة غير مسبوقة ففي افريقيا وحدها وبخاصة في الجزائر كان من نتائج حرب التحرير نزوح اكثر من (12) مليون شخص تم تجميعهم في مخيمات وفر الالاف منهم عبر الحدود الى تونس والمغرب.. وحفلت الستينيات بتحركات كبيرة للاجئين في افريقيا نشأت عن الصراعات الداخلية المسلحة في معظم انحاء القارة وكان اكثر هذه الصراعات مأساوية ما حدث في ازمة بيافرا التي اسفرت عن نزوح نحو مليوني شخص من ديارهم.. الاطفال في مقدم الضحايا..

والاطفال هم اشد فئات النازحين والمشردين في العراق تعرضاً لجوانب المأساة الكبرى المختلفة.. اذ ذكرت الرئيسة السابقة لمفوضية اللاجئين: ان واحداً فقط من كل ثمانية اطفال في المخيمات (من التي تجد رعاية المفوضية اصلاً) يزور المدرسة وان العدد الاعظم منهم لا يعرف ما تعنيه كلمة حديقة وهم يبيتون على الجوع والعطش وفي العراء غالباً وقد فقدوا معنى الطفولة نفسها كما فقدوا انتماءهم لأي وطن… العودة المبكرة للنازحين…

ليكن هدف الجميع والذي يتعامل مع قضايا النازحين الرئيس هو التشجيع والمساعدة بكل وسيلة على العودة المبكرة للنازحين الى منازلهم واماكن اقامتهم السابقة بعد طرد داعش الارهابي وتخليص محافظاتهم من شروره دور الموسرين..

ان دور الموسرين في خدمة هؤلاء يشتمل على تلبية حاجاتهم وتقديم المساعدة لهم.. المساعدة المادية على سبيل المثال يمكن ان تكون في صورة مساعدات ضرورية لإبقاء النازحين على قيد الحياة مثل الطعام والمياه النظيفة والمأوى والرعاية الصحية وان يقوم رجال او نساء مخلصون بتقديم خدمات شخصية او عبر المؤسسات وتوزيع الادوية للمخدومين فضلا عن استثارة كوامن الخير والعطاء عند الناس لخدمة هؤلاء فالخدمة لا تنحصر في طريق محدد بل تكاد طرقها متعددة بتعدد قدرات الانسان وامكانياته واساليبه وهي تبتدئ بالكلمة الطيبة والاصلاح بين الناس وتمر بالمال واعطائه كهبات او صدقات او قروض وتنتهي ببذل المهج من اجل حياة النازحين والمشردين واستقرارهم في وطنهم احراراً بذل المال هو ادنى مصاديق الخدمة فقد قيل ان من احب الاعمال الى الله عز وجل ادخال السرور على المحتاج واشباع جوعته او تنفيس كربته او قضاء دينه..

ويمكن استعمال الجاه والمنصب والرئاسة للتخفيف عن هؤلاء فاذا كان الانسان يحتل مركزاً اجتماعياً او سياسياً في المجتمع فقد يكون قادراً على خدمة الناس فيتدبر لهم شؤونهم او يساعد على زجهم في مشاريع عمل وانتاج فيحفظ بذلك كرامتهم.