جريمة الإخبار الكاذب أو الدعوى الكيدية

القاضي محمد عبد جازع
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

هي من الجرائم المثيرة لقلق محاكم الجزاء وذلك لانتشارها في السنوات الأخيرة ولصعوبة اكتشافها ولتنوع صورها ولتعدد أساليبها ولكثرة غاياتها ويمكن ان تعرف جريمة الإخبار الكاذب بأنها إخبار سلطة تحقيقية عن جريمة غير صحيحة وإسنادها الى المخبر عنه بقصد الإضرار به أو اسناد واقعة صحيحة الى غير مرتكبها الحقيقي.

ومن خلال اطلاعنا على الاوراق التحقيقية المعروضة علينا والواردة من مختلف الجهات التحقيقية فقد لاحظنا تنوع صور الدعاوى الكاذبة كأن تكون الدعوى مدنية في طبيعتها وخالية من العنصر الجزائي مثل عقد القرض. الا ان مراجعة محكمة البداءة تستغرق وقتا اطول من مراجعة محكمة التحقيق وكذلك لكون الدعاوى الجزائية تتضمن عقوبة سالبة للحرية بخلاف الدعاوى المدنية فيدعي المخبر الكاذب بان المخبر عنه قد احتال عليه لأخذ ماله وفي حقيقة الامر فان المبلغ ناشئ عن تعامل تجاري بين الطرفين.

او يدعي المخبر بانه قد ارتكب جريمة خيانة الأمانة وفي حقيقة الامر فان المبلغ ناشئ عن عقد قرض او عقد تجاري رضائي.

وكذلك من صور الدعاوى الكيدية هو ما لاحظته عند نظري لدعاوى مكتب مكافحة جريمة الخطف حيث يقوم بإخفاء ولده الصغير لدى اقاربه ويذهب الى مركز الشرطة للاخبار عن خطفه من قبل مجهولين وبعد فترة يبدأ يتهم بعض الاشخاص بحجة انهم ساوموه لإطلاق سراح ولده لقاء دفع فدية مالية وفي الحقيقة انه يهدف الى الحصول على مبالغ من المخبر عنهم لقاء التنازل عنهم ورفع الشك والاشتباه..

وكذلك من صور جريمة الإخبار الكاذب هو ان تكون هنالك جريمة حقيقية الا ان المخبر يضيف وصفاً كاذبا على تلك الجريمة مثل الاخبار عن تعرض المخبر لإصابة جسدية نتيجة مشاجرة الا ان المخبر يدعي سرقة نقوده اثناء المشاجرة من قبل المخبر عنهم امعاناً في إيذائهم بقصد الانتقام منهم.

او ان يقوم المخبر برمي قنبلة صوتية او هجومية على داره الفارغة وينسب ذلك الفعل الى من يريد الانتقام منه لوجود عداء سابق بينهما، او ان يقدم الإخبار عن اصابة المخبر باطلاقة نارية طائشة وبعد ذلك يتبين انه اصيب بها اثناء هروبه من احد الدور التي كان يشرع في سرقتها.

وان السادة قضاة التحقيق غالبا ما يتريثون بإصدار امر القبض بحق المخبر عنه، وعندما يساورهم الشك بان الدعوى قد تكون كاذبة، ويتم التوسع في اتخاذ الإجراءات التحقيقية وصولا الى اكتشاف الحقيقة، فإذا وجد القاضي بان الدعوى كيدية فعندئذ يصدر امر قبض بحق المخبر الكذاب وفق المادة 243 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 15 لسنة 2009 علما ان المشرع العراقي قد شدد من عقوبة جريمة الاخبار الكاذب بموجب القانون رقم 15 لسنة 2009 المعدل لنص المادة 243 عقوبات حيث أصبحت الجريمة معاقب عليها بالعقوبة المماثلة لعقوبة الجريمة المخبر عنها على أن لا تزيد عن عقوبة السجن لمدة عشر سنوات للحد من هذه الجريمة.