قراءة في مشروع الدستور الجديد

مساء يوم 17 يونيو 2011، تم الإعلان رسميا عن مشروع دستور مغربي جديد، كي يحل محل دستور 13 سبتمبر 1996، بعد إقراره بواسطة استفتاء مقرر ليوم فاتح يوليوز 2011. و قد جاءت هذه المراجعة، كمحاولة للجواب عن مطلب الإصلاح الدستوري و السياسي، الذي برز في الشارع و على مستوى أشكال أخرى من التعبير، لعبت فيها وسائل الاتصال الإلكتروني و شبكة الإنترنت دورا كبيرا للغاية، و غير مسبوق من حيث النوع. و هذه الحركة النضالية، التي جاءت في سياق المد الثوري العربي الإسلامي، يجب التأكيد على أنها ليست الأولى في تاريخ المغرب، لذلك يمكن القول بأنها جاءت كاستمرار للصراع التاريخي بين المجتمع و الدولة في المغرب، حول مسألة الديمقراطية التي ظلت مقترنة بالتطلع الشعبي إلى العدالة الاجتماعية.

عند مستهل هذه المرحلة، برز جيل جديد من المناضلين الذين بادروا إلى إحياء شعار الملكية البرلمانية. طرح الشارع، و على صعيد حراكه الاجتماعي أيضا، مسألة محاربة الفساد إضافة إلى نقد المؤسسات و منها البرلمان. و قد ازداد زخم الحركات الاجتماعية في هذه الفترة، مما يعني أن موضوع العدالة الاجتماعية مفتوح على مصراعيه، و عكس ما يراه البعض من ضرورة للفصل المنهجي للمسألة الدستورية عن الأوضاع الاجتماعية، فإن الملف الاجتماعي لا يمكن تأجيله، بل يجب دمجه بمعركة الإصلاح الدستوري و السياسي وفق منظور شامل للإصلاح، كان ينبغي أن تشهد البلاد في رحابه أجواء من الانفتاح بدمقرطة الإعلام العمومي و إطلاق الحريات و الإفراج عن المعتقلين السياسيين و فتح حوار جدي مع الشباب في مسألة الشغل. للأسف لم تكتس معركة الإصلاح الدستوري و السياسي هذه الشمولية، و ربما جاز اعتبار الفترة التي مرت حتى الآن مجرد بداية، خاصة و أن القضايا الاجتماعية مستفحلة و ما هي بالنتيجة إلا حصيلة فشل ذريع لاختيارات الحكم الطبقي المخزني، و هذا له علاقة طبيعية بالدستور.

لعل هذا الضعف الذي طبع معركة الإصلاح الدستوري، إضافة إلى الفراغ الموضوعي الذي يعاني منه الحقل السياسي، جعل الدولة لا تعمد إلى التجاوب بشكل كبير مع مطلب الإصلاح الدستوري. كما أن ما اصطلح عليه بحركة 20 فبراير عانت من الأخطاء و الثغرات و مواطن الضعف، و هذا ساهم بقوة في ضعف الحصيلة، خاصة و أن الدولة لم تفكر في الموضوع من زاوية مستقبلية، بل تعاملت مع الواقع السياسي في آنيته، و هذا خطأ تاريخي فادح ارتكبته، و لم تستفد من تجربة الدستور السابق لسنة 1996 الذي لم ينه هذا النزاع التاريخي حول طبيعة النظام، على الرغم من أنه حظي بتأييد الأغلبية الساحقة من القوى السياسية آنذاك، بما فيها المعارضة التاريخية التي كانت وقتها لا تزال تتمتع برصيد مجتمعي. لنقم إذن ببعض التحليل لمضامين المشروع الرسمي للدستور المعدل، المعلن عنه في سياق هذا الواقع :

أولا : على مستوى الشكل

فالشكل هنا لا ينفصل عن المضمون. لقد انتقل الدستور من 108 فصلا إلى 180 فصلا في المشروع الدستوري المعروض لاستفتاء فاتح يوليوز 2011. بيد أن هذه الاستطالة حملت في جزء كبير منها صيغا إنشائية فضفاضة، قابلة للفهم و التأويل على عدة مناحي، و هي لا ترقى إلى مستوى المبادئ أو النصوص القانونية. فبالإضافة إلى التعابير الجزئية و المصطلحات غير الدقيقة، نجد فصولا كاملة لا تضيف للدستور شيئا، فمثلا يقول الفصل 155 الوارد في باب الحكامة العامة : « يمارس أعوان السلطة العمومية وظائفهم، وفقا لمبادئ احترام القانون و الحياد و الشفافية و النزاهة و المصلحة العامة ». أليس هذا بالأمر البديهي تماما كما لو ضمنا الدستور فصلا مفاده أن « الشمس تشرق على المغرب من الشرق و تغرب إلى الغرب … و لا تذهب إلى الشمال قطعا .. ».

و في الديباجة مثلا، ورد ما يلي : « إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق و القانون، ( … ) ». فهل ما يزال هناك مجال للشك، بل هل ما يزال هناك من يستطيع أن يرجع عقارب الساعة الديمقراطية إلى الوراء ؟ هذا التعبير كان ممكنا أن يتضمنه دستور ما في السبعينات أو حتى الثمانينات، لكن ليس في هذا العصر الذي نحن فيه.

لقد احتوى مشروع الدستور كذلك على صيغ هي أقرب إلى أن تدخل في بناء تصريح سياسي حكومي، أو تقرير توجيهي حزبي، بل إنها معيبة حتى في مثل هذه التصريحات و التقارير لافتقادها إلى المعنى و الالتزام، حتى لا نقول إلى الدقة. فالفصل 31 من مشروع الدستور على سبيل المثال يقول : « تعمل الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنين و المواطنات، على قدم المساواة، من الحقوق التالية ( … ) : … ». و هذه الحقوق بالغة الأهمية إذ تتعلق بالصحة و النظام الاجتماعي و التعليم و التكوين المهني و السكن و الشغل و مبدأ الاستحقاق في ولوج الوظائف و الماء و البيئة السليمة و التنمية. و لعل القول بأنه سيتم العمل على ذلك إنما هو خطاب لا يعني شيئا بلغة التعاقد.

الفصل 33 يشكل نموذجا آخر لهذه الصياغة التي تتحدث عن أشياء هامة لكنها لا تقول شيئا من الناحية الدستورية و القانونية. و إلا فما معنى : « على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق ما يلي : توسيع و تعميم مشاركة الشباب في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية للبلاد – مساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة و الجمعوية ( … ) ». و في آخر هذا الفص جاء « يحدث مجلس استشاري للشباب و العمل الجمعوي، من أجل تحقيق الأهداف، و و تفعيل الإجراءات الواردة في هذا الفصل. ».

الملاحظ في هذا السياق أن ما جعل مسودة الدستور تستطيل إلى هذا الحد، إنما هي الهيئات و المجالس ذات الطبيعة الاستشارية التي لا تضيف أي قيمة دستورية للنص، خاصة و أن هذه التنظيمات ليست مرفقة بكيفية تكوينها و من هي الجهة المنوطة بذلك، أم أنها ستعين على غرار العديد من المجالس و الهيئات. في جميع الأحوال إن طبيعتها الاستشارية الفضفاضة لا تخولها أن ترقى إلى تأثيث النص الدستوري. فالدستور أسمى قانون، و ليس وثيقة توجهات سياسية جد عامة. بل، إن هذه السياسة الرسمية، سياسة المجالس و الهيئات و اللجان أبانت في معظمها عن الفشل، و أكدت المثل القائل بأنك إذا أردت أن تقبر قضية كون لها لجنة.

أن محطة تغيير الدستور تشكل و لا شك فرصة لتقييم شكل الاختيارات التي سادت من قبل، غير أن المسودة عملت على تعميق السلبيات. كما أنها طوقت العمل الحكومي مسبقا تخوفا من المبادرات التي قد تخرج عن الاختيارات الطبقية السائدة.

من خلال إحصاء سريع، هناك حوالي اثني عشر كيانا من هذا النوع، نذكر : مجلس للغات و الثقافة – هيئات للتشاور قصد إشراك الفاعلين الاجتماعيين في إعداد السياسة العمومية، و تفعيلها و تنفيذها و تقييمها ( هكذا ! ) – هيئة للتكافؤ و مكافحة الميز – الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري – مجلس استشاري للشباب و العمل الجمعوي – المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي – تكوين هيئات مكلفة بالحكامة الجيدة – المجلس الوطني لحقوق الإنسان – مؤسسة الوسيط – مجلس الجالية المغربية في الخارج – مجلس المنافسة – الهيئة المركزية للنزاهة و الوقاية من الرشوة –

إن هذه الكيانات التنظيمية كما برهنت التجربة السابقة، غالبا ما تضطلع بمهمة الترويج للسياسة الحاكمة، و في الوقت ذاته هي تشكل جسورا للدولة المخزنية من أجل توزيع المناصب على النخب المرتبطة بالطبقة السائدة و سياسة الدفاع عن مصالحها و اختياراتها الأساسية. بل هي آليات واضحة من أجل ضمان مداخل لمخزنة المجتمع المدني.

وهكذا، يغرقنا مشروع الدستور الحالي في إنشاءات أدبية لا مغزى قانوني منها ضمن وثيقة تعتبر الكلمة فيها بمثابة مصدر لتشريع القوانين و ليس لتوجيه السياسات التي قد تختلف من حزب لآخر، بما في ذلك من حيث الشكل الذي يمكن لحكومة حزب معين أن تعتمده في محاورة المجتمع، و فرز برامجها و مخططاتها، بالمضامين الاجتماعية و الاقتصادية التي تراها وفق اختياراتها الأساسية.

ثانيا : على مستوى البنية الأساسية

يجسد الدستور في جوهره نظام حكم و تنافس على السلطة. و في هذا الصدد، لم يقطع مشروع الدستور الجديد مع ميكانيزمين أساسيين للحكم. أولهما هو النظام الرئاسي. و مما يدل على التعامل التكتيكي اللحظي للدولة مع موضوع من حجم إستراتيجي كبير، هو أن صياغة الدستور عمدت إلى إقحام مصطلح « برلمانية ». ورد ذلك ضمن الفصل الأول من المسودة : « نظام الحكم في المغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية اجتماعية. ( … ) ». في حين أن الآليات السياسية للحكم كما ينص عليها مشروع الدستور لاحقا بقيت بعيدة كل البعد عن طابع الملكية البرلمانية التي شكلت شعارا رئيسيا لمطلب الإصلاح الدستوري في هذه المرحلة. يظهر هذا جليا في ما يتعلق باستمرار الحرص على أن تتولى الملكية الإمساك بقوة على السلطة التنفيذية. ذلك أن الفصل 48 يسند للملكية رئاسة المجلس الوزاري. فهو ينص بكل وضوح على ما يلي : « يرأس الملك المجلس الوزاري، الذي يتألف من رئيس الحكومة و الوزراء. ( … ) ».

و تبعا لذلك، يحدد الفصل 49 من المشروع، مهام هذا المجلس في دراسة جملة من القضايا الكبرى، المذكورة بشكل واضح و حصري، و منها : التوجهات الإستراتيجية للدولة، مشاريع القوانين التنظيمية، التوجهات العامة لمشروع قانون المالية. فماذا يبقى إذن للحكومة من استقلالية في تطبيق سياستها الخاصة ؟ إن مشروع الدستور يريد أن يبقي الباب موصدا أمام أي احتمال لمراجعة الاختيارات الاقتصادية الاجتماعية السائدة، و هي اختيارت طبقية لصالح الطبقة البرجوازية. إن أهم شيء يمكن للحكومة أن تمارس من خلاله اختياراتها و برامجها هو القانون المالي و صياغة مشاريع القوانين، و هذا ليس مسموحا لها به، فهي ملزمة إذن بإخضاع برامجها للمراقبة الملكية، بل إن المجلس الوزاري هو المخول لتسطير التوجه العام للحكومة. فلا يسمح لها بالحرية إلا في ما يتعلق بالتفاصيل، تفاصيل تسيير السياسة الطبقية السائدة. بل، إن التحكم باختيارات الحكومة يبدأ من حق المؤسسة الملكية في اختيار رئيس الحكومة، و هذا ما ينص عليه ضمنيا الفصل 46 من المشروع، على الرغم من كونه ينص على أن يكون رئيس الحكومة من الحزب الذي حصل على الأغلبية. فالملك يعين رئيس الحكومة و لم يقل الفصل المذكور بأنه يسمي رئيس الحكومة الذي يتقدم به الحزب الحاصل على الأغلبية. و لا تقف صلاحيات المؤسسة الملكية عند هذه الأمور الأساسية، بل من حقها إعفاء الوزراء و إن بعد استتشارة رئيس الحكومة، علما بأن الاستشارات بطبيعتها ليست ملزمة لمن يقوم بها، لذلك يمكن القول بأن الدستور هو دستور المنظومة الاستشارية بامتياز.

و على صعيد آخر، إذ يعتبر الملك هو رئيس المجلس الوزاري، و بالتالي هو الرئيس الفعلي للحكومة و قائد تفكيرها و برامجها، نجد بأنه في ذات الوقت يرأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، و في الآن نفسه هو الذي ينبغي أن يوافق على تعيين القضاة. أليس هذا بتناقض صريح بين الفصل الذي ينص الأول الذي ينص على طبيعة النظام الملكي في المغرب، باعتباره ملكية ديمقراطية برلمانية، و الفصل 56 الذي يقول ما يلي : « يرأس الملك المجلس الأعلى للسلطة القضائية. ». كما أن الفصل 155 يقول : « يرأس الملك المجلس الأعلى للسلطة القضائية. ».

لقد كان بإمكان الملكية أن تقتصر في صلاحياتها الأساسية على التخصص بمسألة القضاء كاملا، باعتباره يحتاج إلى شخصية الملكية التحكيمية و الحيادية، غير أن إصرار مشروع الدستور على إقحام الملكية في الجهاز التنفيذي، أدى به إلى الوقوع في التعارض الواضح مع مبدإ فصل السلط الذي يعتبر مبدأ أساسيا في الديمقراطية.

ثالثا : على مستوى البنية التشريعية

استمر الاحتفاظ بالغرفة الثانية، كآلية لم يكن من مبرر لإحداثها عدا المبرر السياسي للتحكم في الخارطة السياسية، حتى تلعب الانتخابات التشريعية غير المباشرة الخاصة بمجلس المستشارين، دورا لضبط ما يكون قد انفلت من زمام للأمور في الانتخابات التشريعية المباشرة المتعلقة بتكوين مجلس النواب. أما المزاعم التي تسوق المبررات الاجتماعية و الاقتصادية لتمثيل الجماعات المحلية و المهنيين و الأجراء فهي باطلة، لأن مجلس النواب نفسه منبثق من المجتمع على أساس برامج شاملة، فالنائب الفائز لا يمثل مهنة أو شريحة و إنما هو فاعل سياسي ينظر إلى الأمور في شموليتها، و هناك على أي حال خليط لهؤلاء المنتخبين من فلاحين و عمال و تجار و محامين و أساتذة و أرباب عمل و غيرهم. و مجلس النواب ليس مختصا بمجال دون آخر.

إن العيب الأكبر ليس فقط في ازدواجية المجلسين، بل هو يكمن في التعارض فيما بين مجلس منتخب بصفة مباشرة، و مجلس آخر منتخب بشكل غير مباشر. كما أن مجلس المستشارين ( أي الغرفة الثانية ) تخول مثلا للعامل أو المهني أو الفلاح أن يكون له أكثر من صوت في البرلمان. و الحال أن الديمقراطية ينبني على التساوي في الصوت، فليس هناك أحد له صوت واحد و آخر ينبغي أن يكون له صوت و بعض الصوت. فمشروع الدستور الذي ينص على الديمقراطية، يقول في فصله 63 بأن الخمسين من أعضاء مجلس المستشارين ينبثقون من انتخابات غير مباشرة تخص الغرف المهنية و المنطمات المهنية للمشغلين و نقابات المأجورين ( فيما ثلاثة أخماس الباقية تأتي من الجماعات الترابية ).

و على الرغم من تخفيف صلاحيات مجلس المستشارين في مشروع الدستور الحالي ( و هذا إيجابي )، فإن هذا المجلس يظل عبءا على المؤسسة التشريعية، يثقل دوراتها و يحد من إنتاجيتها، كما يستنزف جهود الحكومة في الحضور و تكرار النقاش من غرفة لأخرى. و علاوة على ذلك، يشكل مجلس المستشارين عبءا على ميزانية الدولة و قد سبق أن أثارت التجربة نقاشا عموميا ينم عن انتقادات كبيرة لهذا التبذير الذي يتعرض المال العام.

و على نفس المستوى التشريعي دائما، يلاحظ وجود سلطة تشريعية ثانية بين ثنايا مسودة المشروع، و هي السلطة الدينية، التي لم تعتبر مندمجة بمرجعية الأمة المغربية في ما يمكن أن يقوم به البرلمان من تشريعات. بل بقيت هذه المرجعية بيد أمير المؤمنين، بصفته رئيسا للمجلس العلمي الأعلى باعتبار هذا المجلس هو « الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى » ( الفصل 41 من مشروع الدستور ). فهذا فيه احتكار لتأويل الدين، و الحال أن الدين الإسلامي يحث على الاجتهاد و تعدد مصادره و فسح المجال للحوار بين المجتهدين، كما أن الفتاوى حين ترقى إلى مستوى نصوص تشريعية ملزمة من المفروض أن تكون ضمن صلاحيات السلطة التشريعية التي هي مسؤولة أيضا و أساسا عن استحضار الدين الإسلامي في تشريعاتها باعتباره دينا لعموم المجتمع و عنصرا أساسيا، بل العنصر الأهم في ثقافته. هذا لا يعني بأية حال من الأحوال تطبيق العلمانية، فالإسلام دين المجتمع، و بدل القول كما في الفصل 3 من مشروع الدستور : « الإسلام دين الدولة ( … ) ». كان من الأجدر القول مثلا : تلتزم الدولة بالإسلام، باعتباره دين عموم المجتمع المغربي و مرجعته الثقافية الأسمى.

كلمة ختامية :

برأيي أن المؤسسة الملكية تعتبر ضرورة تاريخية حيوية للمجتمع المغربي، و هي بإمكانها أن تكون ذات فائدة عظمى بالنسبة له إذا ابتعدت عن الصراع السياسي في ما بين الأطراف، و كذلك في ما بين الطبقات. و بهذا الشكل ستكون المؤسسة الملكية قوية لنفسها و لشعبها، على أن تتم ترجمة هذه القوة الدستورية عمليا من خلال مسألتين :

أولا : إمساك المؤسسة الملكية كليا بالجيش و بمسؤولية الدفاع عن الوطن و حماية المؤسسات الديمقراطية و الدستور و الشعب.

ثانيا : إمساكها للسلطة القضائية كاملة، بكل مؤسساتها، و كذلك بالمجلس الأعلى للحسابات، فهذه هي سلطة الفصل و التحكيم في نزاعات المجتمع، الذي يبقى بحاجة إلى المؤسسة الملكية لضمان النزاهة و العدل و شروط التحكيم.