فحص البناء ومعالجة الغش في المشاريع السكنية

د. صلاح بن فهد الشلهوب

في موضوع يحتاجه كثير من المقبلين على شراء مسكن العمر، ذكرت “الاقتصادية” في خبر لها في عددها يوم الخميس 26 تموز (يوليو) 2018، أن وزارة الإسكان ممثلة في نظام ضمان الجودة وتقييم الاستدامة، أوشكت على إنهاء جاهزية خدمة فحص جودة البناء عبر منصة “أساس”.

ويستهدف نظام ضمان الجودة وتقييم الاستدامة، تنمية الاستدامة في البناء السكني عن طريق وضع معايير مراقبة وضمان جودة المباني ورفع كفاءة استهلاك الطاقة. ووفقا لمصادر، فإن الوزارة تعتزم بدء العمل في الخدمة خلال أيام، مشيرة إلى أن الخدمة جاءت ضمن برامج الوزارة في إطار سياسة تنظيم قطاع الإسكان. ولا شك أن هذا المشروع له أهمية كبيرة على المدى القصير والمتوسط والبعيد، فرغم أن حالات البناء التي انتهت بمساكن غير قابلة للسكن نسبتها محدودة، إلا أنها مؤلمة جدا، كما أنه يمكن أن تكون هناك مجموعة كبيرة أو لا بأس بها من المساكن القابلة لأن تتعرض مع الوقت إلى أضرار كبيرة، إلا أن الأكيد أن كثيرا من المساكن ونسبة لا يستهان بها قد تم بناؤها دون أن تكون مطابقة للكود السعودي للبناء، ونحن – بحمد الله – في المملكة نادرا بل لم تحصل زلازل في العصر الحديث تهدد المباني، لكن هذا أمر ممكن، ما قد يؤدي – فيما لو حدث – إلى أن تجد كثيرا من المنازل قد تهدمت أو تضررت بسبب عدم العناية بشروط البناء.

كم هو مؤلم أن نجد بعضهم بعد أن ادخر شيئا من المال بعد جهد ووقت وعمل وحرمان، واشترى بيتا بالتقسيط لمدة 25 عاما، ويقتطع المصرف ما يصل إلى 60 في المائة من راتبه، ثم يفاجأ بأن العقار الذي اشتراه غير قابل للسكن، وعليه أن يستأجر منزلا ليقيم فيه بعد أن رهن المصرف راتبه الذي قد لا يتمكن من الحصول إلا على القليل منه بسبب الأعباء المالية عليه، وهذا لن يتم في عام أو عامين بل لمدة طويلة، في حين أن المملكة لديها مجموعة من المؤسسات المتخصصة في جميع السلع والخدمات التي قد لا تتجاوز قيمتها بضعة ريالات في إجراء صارم للحد من الغش. هذا البرنامج ينبغي ألا يقف على مسألة فحص جودة البناء، بل العمل على كل ما يمكن أن يحقق للمواطن الشعور بالأمان عند شراء العقار، فمسألة بناء المنازل وبيعها تجارة، وهذه التجارة لا بد لها من رخصة، وهنا تأتي أهمية أن يتم العمل على برنامج لإصدار رخص خاصة بالمباني التي يتم بناؤها بغرض تسويقها؛ حيث يتم توجيه الشخص الذي يستثمر في هذا القطاع إلى الإجراءات المطلوبة لإتمام البناء بالجودة المطلوبة طبقا للمواصفات المعمول بها في المملكة، ومسألة الخلل في جودة البناء قد لا تكون بالضرورة بسبب المطور العقاري، بل قد يكون هو ضحية أيضا، ولذلك لا بد من العمل على متطلبات للجودة لجميع مراحل البناء، ولا يسلم الشخص شهادة الجودة إلا بعد أن يتمم الخطوات المطلوبة، وبعدها تبقى مسؤولية المواطن في التأكد من حصول المطور أو البائع عموما على شهادة الجودة المطلوبة.

من الأمور التي لها أهمية فيما يتعلق بالعقارات التي تباع بالتقسيط أن يكون هناك تأمين على جودة البناء؛ حيث إن القسط يشمل التأمين، وذلك للحد من حجم الضرر الذي يمكن أن يواجهه المواطن فيما لو حصل للمسكن ضرر يتطلب إصلاحه، أو صارت به أضرار كبيرة، وأصبح حينها غير قابل للسكن، حيث إن التأمين يغطي قيمة العقار أو تكلفة إصلاحه.

من المهم أيضا أن تكون هناك عقوبة أو محاسبة للجهات المقصرة، التي قد يكون إحداها المطور أو المقاول أو جهة الإشراف الهندسي، التي يجب أن تتأكد من التزام المقاول بالبناء على المواصفات، كما أن عليها أن تتأكد من جودة مواد البناء، وأنها مطابقة للمواصفات، كما أنه من الممكن وقوع الخطأ بسبب تصميم المبنى. وإصدار عقوبات مثل سحب الرخصة أو الغرامة المالية أو حتى السجن في الحالات التي تصنف بأنها جريمة، وهو مطلب لتصحيح واقع هذه السوق.

فالخلاصة، أن العمل على فحص جودة البناء مهم جدا؛ لتحقيق المطلوب والمستهدف فيما يتعلق بنسبة تملك السكن في المملكة، إضافة إلى أن جودة المباني تعني بالضرورة إمكانية الاستفادة منها لمدد طويلة، لا يحتاج معها المواطن إلى ترميم أو انتقال إلى منزل آخر، ويمكن أن يستفيد من هذه العقارات جيل بعد جيل.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت