بما ان توافر الادراك وحرية الاختيار أساس المسؤولية الجنائية وبدونهما او بدون احدهما لا يكون الشخص اهلا لهذه المسؤولية. ولكن لقيام المسؤولية الجنائية وتحققها لابد من تحقق سببها إضافة الى تحقق الاهلية (الادراك وحرية الاختيار) لها وسببها هو الخطا. فلا يكفي توافر الادراك وحرية الاختيار في الشخص لكي يسأل عن أعماله، بل يجب مع ذلك ان يثبت انه قد ارتكب خطأ.

وهكذا فالخطأ هو سبب قيام المسؤولية الجنائية اذا انعدم فلا يسال الفاعل عما حدث. والبحث في توافر الخطأ يستلزم بالضرورة توافر الادراك وحرية الاختيار ذلك ان الخطا وصف يلحق الارادة المميزة. فاذا انعدمت الارادة في شخص او كان غير متمتع بادراكه فلا محل لنسبة الخطأ إليه. كما لو ارتكب الجريمة مجنون او كان فاعلها قد اكره على ارتكابها. على ان توفر الادراك وحرية الاختيار لا يقتضي توافر الخطأ ضرورة فقد ينعدم الخطأ مع قيامهما كما لو ارتكب الفعل تنفيذا لأمر قانوني او دفاعا عن النفس او أداء لواجب.

والخطأ بمعناه العام هو الخطيئة CULPABILITE التي تبرر توقيع العقاب ولذلك فهو يتصل اتصالا وثيقا بالارادة الاثمة، التي من مقتضاها مخالفة اوامر الشارع ونواهيه. فلا عقاب على فعل دون خطيئة (خطأ). وللخطأ درجتان هما :

(1) الخطأ العمدي : ويتحقق عندما يريد الإنسان الفعل ونتيجته التي تتكون منها الجريمة. ويعبر عنه اصطلاحا (بالقصد الجنائي) وهو لازم في الجرائم العمدية اذ هو مظهر الركن المعنوي فيها كجريمة القتل العمد حيث يطعن الجاني عدوه بسلاح قاصدا قتله فيموت وهو هنا أراد فعل القتل، وهو الطعن، واراد الوفاة.

(والخطأ غير العمدي) ولكن يشوب عمله إهمال او عدم احتياط يؤدي الى حدوث النتيجة التي يعاقب عليها لقانون. كجريمة القتل الخطأ حيث يرمي الجاني قطعة حديد من السطح الى الشارع دون ان يقصد أضرار احد فتسقط على عابر سبيل فتقتله. ويعبر عنه اصطلاحا (بالخطأ) وهو مرتبة دون القصد الجنائي.

________________________

1-انظر بنفس المعنى القانوني الليبي المادة 63 فقرة اولى والقانون الايطالي المادة 43 فقرة أولى. ويؤخذ على لتعريف الوارد في القانون بانه مشوب بالقصور، ذلك لانه في قوله …. توجيه الفاعل ارادته ارتكاب الفعل … وكأنه يريد بذلك فقط اذا ما كان هناك ارتكاب او امتناع. انظر الدكتور ذنون احمد، المرجع السابق ص159.

المؤلف : علي حسين خلف – سلطان عبد القادر
الكتاب أو المصدر : المبادئ العامة في قانون العقوبات

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .