مع ظهورملامح ركود اقتصادي…..هل حان الوقت لتفعيل نظام التسوية الواقية من الإفلاس

بقلم / محمد شعبان

بالنظر الى الأوضاع الاقتصادية الغير مستقرة داخل وخارج المملكة وبداية ظهور حالة من التعسر لبعض الشركات عامة وفى مجال المقاولات خاصة فيما يتعلق بقدرتها على الوفاء بالتزاماتها في اوقاتها المحددة، وعليه يتوجب علينا نحن المحامين بالعمل على إيجاد الحلول الفعالة لعملائنا من اجل المحافظة على أعمالهم وعدم تعرضهم لشبح الإفلاس او التصفية وما يترتب عليه من انهاء خدمات العديد من الموظفين وتشريد العديد من العاملين

وبعيدا عن الحلول الرتيبة و المعتادة من تخفيض رواتب الموظفين وفصل الموظفين نظاميا او تعسفيا من اجل تخفيض النفقات حتى يتم الاستمرار في دفع ديون و التزامات الشركات

لذا يظهر جليا احد الحلول التي يمكن ان تساعد المستثمرين و رجال الاعمال في المحافظة على استقرار أعمالهم عن طريق تفعيل نظام التسوية الواقية من الإفلاس الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/16 وتاريخ4/9/1416هـ.

وبالخوض في نصوص هذا النظام نجد انه مادته الأولى نصت على ما يلى ( يجوز لكل تاجر ـ فردا كان أو شركة ـ اضطربت أوضاعه المالية على نحو يخشى معه توقفه عن دفع ديونه، أن يتقدم بطلب الصلح الودي مع دائنيه للجان التي تكون لهذا الغرض بالغرف التجارية والصناعية، وذلك وفقاً للواعد والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية )

وكذلك نصت المادة الثانية من النظام ما يلي ( إذا تعذر إجراء الصلح الودي، أو رأي التاجر (فرداً كان أو شركة) أن من مصلحته ابتداء طلب التسوية الواقية من الإفلاس، كان له أن يقدم إلى ديوان المظالم، ويطلب إليه أن يدعو دائنيه ليعرض عليهم تسوية واقية من الإفلاس …..)

وعليه، فالتاجر او الشركة المتعثرة لها ان تبدأ بمحاولات الصلح الودي من خلال لجان الصلح التي تنعقد بقرار من زير التجارة والصناعة ويكون مقرها الغرفة التجارية الصناعية، ومن جهة أخرى يحق للتاجر (فرداً كان أو شركة) ان يتوجه مباشرة الى ديوان المظالم لطلب الصلح الواقي من الإفلاس وذلك وفق شروط واشتراطات محددة نص عليها النظام ولائحته التنفيذية

فيوجد بعض الشروط عامة التي نص عليها النظام يجب ان تتوافر في التاجر طالب الصلح الودي أو التسوية الواقية من الإفلاس سواء كان فرداً أو شركة وهي كالتالي: –

أ – أن لا تقل ممارسة التاجر للتجارة عن ثلاث سنوات، بمعنى ان يكون قد مرعليه ثلاثة أعوام ماليه.

ب -أن يكون ممارساً للتجارة وقت طلبه التسوية الواقية من الإفلاس، أي لا يكون قد توقف عن ممارسة نشاطه التجاري لأي سبب كان.

ج – أن تتوفر فيه المصداقية، والأمانة، وحسن النية، وأن يكون ملتزماً بالأنظمة التجارية، والعرف التجاري، ويعتبر من سوء النية عدم مسك الدفاتر التجارية، أو إصدار شيكات بدون رصيد، أو إخفاء شيء من ديونه، أو عدم القيد في السجل التجاري، أو ممارسة الغش والتدليس في معاملاته

د – ألا يكون سبب اضطراب تجارته هو نتيجة إهماله وسوء نيته. ويكمن أهمية ذلك الشرط في حماية المتعاملين مع ذلك التاجر او الشركة حتى لا يلجأ كل متعسر الى الصلح الواقي من الإفلاس دون بذل العناية الواجبة منه ابتداءا.

وبالإضافة الى ما تقدم يوجد بعض المستندات التي يجب ان ترفق في طلب التسوية الواقية من الإفلاس و منها بيان أموال المدين المنقولة و غير المنقولة ،مقدار الديون و أسماء الدائنين و المدينين و غيرها من المستندات التي ترفق في الطلب

بمجرد الموافقة على طلب المدين بإجراء التسوية او الصلح الواقي من الإفلاس و صدور القرار بذلك من محكمة ديوان المظالم، يتم تعيين رقيب من قبل المحكمة و ذلك للأشراف على الاعمال التجارية العادية الصادرة من المدين، حيث انه من ذلك التاريخ لا يحق له ان يعقد رهنا او يتبرع او يقوم بنقل ملكية الا بعد الحصول على اذن القاضي المشرف على التسوية .

علما ان الرقيب او الرقباء المعينون من المحكمة يمكن ان يكون محاسب قانونى، محامي او مستشار قانونى وغيرهم من أصحاب الخبرة بالأنظمة والكفاءات

ومن ناحية أخرى أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي (سما) عدة ضوابط وشروط تتعلق بفتح الحسابات البنكية الخاصة بالتسوية الواقية من الإفلاس و منها على سبيل المثال لا الحصر اولها تعيين الرقيب بموجب قرار ديوان المظالم، و كذلك تكون إدارة ذلك الحساب بتوقيع مشترك بين الرقيب وطالب التسوية أو وفق ما يحدده قرار التسوية الواقية من الإفلاس على أن يكون توقيع القاضي المشرف على اعمال التسوية توقيع أساسي.

و تبرز أهمية اجراء الصلح الواقي من الإفلاس في انها توقف كافة الدعاوى والإجراءات التنفيذية الموجهة الى المدين وفى نفس الوقت تظل كافة الدعاوى المرفوعة من المدين سارية و تخضع لأشراف الرقيب المعين من قبل المحكمة.

كذلك أيضا، لا يجوز لأي من الدائنين التقدم برفع دعوى جديدة ضد التاجر أو المطالبة بالتنفيذ الجبري على أمواله لاستيفاء دينه وحقه

وقد راعى المشرع بعض الديون التي لا تسري عليها تلك التسوية وجعل لها أولوية وذلك مثل حق النفقة للزوجة و كذلك الديون الممتازة، فمثل تلك الديون لا تسرى عليها اثار قرار افتتاح اجراءات التسوية

واعطى النظام الحق لكل ذي مصلحة ان يقدم طلب الى ديوان المظالم يطلب فيه فسخ التسوية في حالة لم يلتزم المدين بتنفيذ شروطها وفق قرار الصادر من ديوان المظالم وذلك خلال سنه من تاريخ اكتشاف تدليس من جانب المدين، ومن امثلة ذلك التدليس إخفاء الأموال واصطناع الديون، وعليه اذا تم اثبات ذلك التدليس تصدر المحكمة حكمها بأبطال التسوية و شهر افلاس المدين.

و بعد الانتهاء من كافة إجراءات التسوية الواقية من الإفلاس يصدر القاضي امر بغلق إجراءات التسوية و يتم نشر ذلك القرار في الصحف و بعدها يستطيع التاجر او الشركة بعد نشر ذلك القرار العودة الى ممارسة الحياة التجارية بطريقة طبيعية

إعادة نشر بواسطة محاماة نت