قراءة قانونية في أسانيد الدفع بعدم نفاذ عقد البيع

حجية حكم الصلح:

لما كان من المقرر في قضاء النقض أن: “المُقرر بنص المادة 103 من قانون المُرافعات أن للخصوم أن يطلبوا إلي المحكمة في أية حال تكون عليها الدعوى إثبات ما اتفقوا عليه في محضر الجلسة ويُوقع منهم أو من وكلائهم فإذا كانوا قد كتبوا ما اتفقوا عليه ألحق الاتفاق المكتوب بمحضر الجلسة وأُثبِتَ مُحتواه فيه ويكون لمحضر الجلسة في الحالين قوة السند التنفيذي، والمُقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد الصلح المُصدق عليه لا يخرج عن كونه عقداً يرد عليه ما يرد على سائر العقود وأن القاضي وهو يُصدق على الصُلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مُهمته تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من الاتفاق”. (نقض مدني في الطعن رقم 2324 لسنة 52 قضائية – جلسة 1/3/1987).
وأن: “القاضي وهو يصدق على الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته إنما تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من اتفاق ومن ثم فإن هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليس له حجية الشيء المحكوم فيه وإن كان يُعطىَ شكل الأحكام عند إثباته”. (نقض مدني في الطعن رقم 49 لسنة 9 قضائية – جلسة 9/5/1940. وفي الطعن رقم 68 لسنة 19 قضائية – جلسة 19/4/1951. وفي الطعن رقم 899 لسنة 43 قضائية – جلسة 10/12/1981. وفي الطعن رقم 2195 لسنة 56 قضائية – جلسة 18/11/1990. وفي الطعن رقم 49 لسنة 58 قضائية – جلسة 22/4/1990. وفي الطعن رقم 1789 لسنة 95 قضائية – جلسة 9/3/1994).
وأن: “المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن القاضي وهو يُصدق على الصُلح بإلحاق ما كتبه الخصوم بحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه لا يفصل في خصومة بل تنحصر مُهمته بمُقتضى سلطته الولائية – (وليس بمُقتضى سلطته القضائية) – في إثبات ما اتفقوا عليه، وإن أُعطِىَ الاتفاق شكل الأحكام بيد أنه لا يحوز حجية الأمر المقضي فيه ويكون الطعن فيه بطرق الطعن المُقررة للأحكام غير جائز، وإنما تُرفع دعوى مُبتدأه ببطلانه طبقاً للقواعد العامة”. (نقض مدني في الطعن رقم 337 لسنة 55 قضائية – جلسة 28/2/1991. وفي الطعن رقم 331 لسنة 55 قضائية – جلسة 24/4/1991. وفي الطعن رقم 2541 لسنة 58 قضائية – جلسة 9/5/1990. وفي الطعن رقم 393 لسنة 52 قضائية – جلسة 9/5/1984. ونقض مدني جلسة 28/4/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 886. ونقض مدني جلسة 29/12/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 1993).
ولما كانت هيئة الأوقاف المصرية لم تكن طرفاً في عقدي البيع الذي قضى الحكمين رقمي 4583 و 5234 لسنة 2003 مدني كلي شمال القاهرة بتسليم الأرض المبيعة والواردة فيه تنفيذاً وإعمالاً له.

نسبية أثر العقود:

ولما كانت المادتان 145 و 152 من القانون المدني تنصان على “نسبية أثر العقود” بنصهما في المادة 145 مدني على أن: “ينصرف أثر العقد إلي المُتعاقدين والخلف العام”؛ وفي المادة 152 مدني على أنه: “لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير”، مما مفاده أن العقد لا يتناول أثره إلا المُتعاقدين، ولا يُجاوزهما إلي الغير إلا في حالة الاشتراط لمصلحة الغير.
أما الغير الذي لم يكن طرفاً في العقد ولا خلفاً لأحد من المُتعاقدين، وهو ما يُسمى بالغير الأجنبي أصلاً عن العقد (Penitus Extranei)، فلا ينصرف إليه أثر العقد مادام بعيداً عن دائرة التعاقد.
وعليه، فالصُلح الذي يقع بين الدائن وأحد الورثة لا يسري في حق بقية الورثة. والعقد الذي يصدر من أحد الشُركاء في الشيوع لا يُقيد بقية الشُركاء إلا في حدود الفضالة. وبيع ملك الغير لا يسري ولا ينفذ في حق المالك الحقيقي الذي لم يكن طرفاً في العقد.
(لطفاً، المرجع: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ أحمد عبد الرزاق السنهوري – الجزء الأول: “مصادر الالتزام” – المُجلد الأول: “العقد” – الطبعة الثالثة سنة 1981 بالقاهرة – بند 343 و 356 – صـ 720 و 746).
كذلك، فمن المُقرر في قضاء النقض أن: “العقد لا ينصرف أثره إلي غير عاقديه وخُلفائهم، ولا يمكن أن يُرتب التزاماً في ذمة الغير ولو كان تابعاً لأحد المُتعاقدين”. (نقض مدني في 12 نوفمبر سنة 1964 مجموعة أحكام النقض – السنة 15 – القاعدة رقم 152 – صـ 1022).
وأيضاً، قضت محكمة النقض بأن: “العقد لا يكون ملزماً إلا لعاقديه وخلفهم العام سواء كان العقد عُرفياً أو رسمياً أو مُسجلاً”. (نقض مدني في 21 فبراير سنة 1977 مجموعة أحكام النقض – السنة 28 – القاعدة رقم 94 – صـ 491).

بيع ملك الغير:

هذا، وتنص المادة 466 من القانون مدني على أنه:
“1- إذا باع شخص شيئاً مُعيناً بالذات وهو لا يملكه، جاز للمُشتري أن يطلب إبطال البيع. ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار، سُجِلَ العقد أو لم يُسجل.
2- وفي كل حالة لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المُشتري العقد”.
وعلة الفقرة الثانية السالف ذكرها أن المالك أجنبي عن العقد، فلا يُضار به، ولا تنتقل الملكية منه إلي المُشتري بدون رضاه. وحتى مع إجازة المُشتري للعقد فهي لا تؤثر في حق المالك الحقيقي، ويبقى العقد مع إجازته عاجزاً عن أن ينقل الملكية إلي المُشتري، إي أنه يبقى غير نافذ في حق المالك.
(لطفاً، المرجع: “الوافي في شرح القانون المدني” – للدكتور/ سُليمان مُرقس – الجزء الثالث: “في العقود المُسماة” – المُجلد الأول: “عقد البيع” – الطبعة الخامسة 1990 القاهرة – بند 294/4 – صـ 705).
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: “لا يجوز إبطال بيع ملك الغير إلا للمُشتري دون البائع له، إلا أن المالك الحقيقي يكفيه أن يتمسك بعدم نفاذ هذا التصرف في حقه أصلاً إذا كان العقد قد سُجل أما إذا كانت الملكية مازالت باقية للمالك الحقيقي لعدم تسجيل عقد البيع فإنه يكفيه أن يطلب طرد المُشتري من ملكه لأن يده تكون غير مُستنِدة إلي تصرف نافذ في مواجهته”. (نقض مدني في 14 فبراير سنة 1987 في الطعن رقم 1351 لسنة 54 قضائية. مُشار إليه في مرجع : “قضاء النقض في المواد المدنية” – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الأول – المُجلد الأول – القاعدة رقم 2358 – صـ 878).
متى كان ما تقدم، وكانت هيئة الأوقاف المصرية ليست طرفاً في عقدي بيع أعيان التداعي والذي قضى الحكمين رقمي 4583 و 5234 لسنة 2003 مدني كلي شمال القاهرة بتسليمها تنفيذاً وإعمالاً له، ولما كانت الأعيان المبيعة غير مملوكة للبائعين وإنما مملوكة للوقف الخيري، لذلك فإن هذا العقد سالف الذكر لا يسري ولا ينفذ ولا يُعتد ولا يُحتج به في مواجهة هيئة الأوقاف المصرية. وبالتالي تكون المُطالبة بتنفيذ هذين الحكمين – سالفي الذكر – ضد هيئة الأوقاف المصرية وعلى أرض مملوكة للوقف الخيري قد جاء على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون، لذلك فهيئة الأوقاف تُطالب – من عدالة القضاء – الحكم لها بوقف تنفيذ الحكمين رقمي 4583 و 5234 لسنة 2003 مدني كلي شمال القاهرة، لعدم نفاذ عقدي البيع سندهما في حق – ولا يسري في مواجهة – هيئة الأوقاف المصرية.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .