المقصود بمنح الترخيص للصناعة في حالة الاستثمار الأجنبي ((الإذن لمنشأة وطنية باستعمال حق مملوك لشركة وبموجبه يمنح حق استخدام ابتكار تكنولوجي مسجل، أو علامة تجارية أو غيرها من صنوف الاحتكار التكنولوجي من قبل المالك الأصلي لهذا الحق إلى مشتر معين مقابل ربح نقدي محدد، ويكون هذا المنح مقيداً بقيود معينة))(1). ويذهب جانب من الفقه إلى تشبيه عقد الترخيص بعقد الايجار(2). وهناك تحفظ في هذا التشبيه اذ إن الانتفاع بالمأجور يكون مقتصرا على المستأجر دون سواه وبموجبه يلتزم المؤجر أن يمكنه من الانتفاع. أما عقد الترخيص فانه لا يكون إلا بنص خاص في العقد، وفي حالة كون عقد الترخيص بسيطا فلا مانع من أن يتمكن المرخص له من إبرام عقود تراخيص أخرى لاستغلال الشيء محل الترخيص بموجب النص الخاص. أما في عقد الإيجار فإن المستأجر يمكن أن يؤجر من الباطن وفي عقد الترخيص فان هذا الحق يمتنع للمرخص له حيث الاستغلال فان المستأجر يستغل الشيء محل الإيجار دون شروط، على العكس عقد الترخيص فان المرخص له يستغل الشيء محل الترخيص على وفق شروط نص عليها في العقد.

وأود أن أشير الى أن عقد الترخيص ذو طبيعة خاصة وان كان هناك بعض الشبه بينه وبين عقد الإيجار فإن فيه شيئاً من أحكام الوديعة بوصفها سراً مودعاً لدى المرخص له من حيث إمكانية الاشتراك في الاستغلال وبالرغم من ذلك فان عقد الترخيص له طبيعة مميزة يتحتم تنظيمه بشكل مستقل أو ضمن نظام قانوني لعقود نقل التكنولوجيا. وقد تمنح الشركة ترخيص الصناعة غير مقيد بشروط تحتفظ به بحق الإشراف على المنشأة المستفيدة، ولا تنشأ في هذا الفرض علاقة تبعية بين هذه المنشأة المستفيدة والشركة، ومن ثم لا تدخل ضمن مجموعتها ولا تصير ضمن شركاتها الوليدة، غير إن هذا الاتفاق لا يتم عادة بهذه الصورة غير المقيدة. وإنما يجب أن يقترن بشروط تهيئ للشركة الأم السيطرة على المنشأة وشدها إليها وتدخلها في مجموعتها . والشروط المستخدمة في هذا الصدد كثيرة منها:

1. الشروط المتعلقة بمدة الترخيص: إذ غالبا ما تكون المدة مقيدة لا تتجاوز العشر سنوات قابلة للتجديد، ولما كان استثمار الترخيص يتطلب من جانب المنشاة المستفيدة فضلا عن المقابل الذي دفعته للحصول على الترخيص، إنفاق مبالغ كبيرة لإقامة المصانع والمباني واستيراد الأجهزة والآلات فالغالب إنها لا تستطيع تغطية هذه المصروفات إلا بعد فترة طويلة تحتاج خلالها إلى طلب تمديد الترخيص عدة مرات.

2. شروط الفسخ: اذ تحتفظ الشركة ألام بحق إلغاء الترخيص إذا تخلفت المنشأة المستفيدة عن تنفيذ الالتزامات التي يفرضها عليها الاتفاق. والغالب تكون الالتزامات المفروضة على المنشأة المستفيدة من الترخيص ثقلية الوطأة مقيدة لحريتها مغرقة في توثيق تبعتها للشركة(3). ويمكن أن نورد بعض الأمثلة على شروط الفسخ وذلك على النحو الآتي:

1- الالتزام والامتناع عن شراء أجهزة أو آلات لازمة لتشغيل الترخيص من غير الشركة الأم.

2- الامتناع عن استخدام فنيين غير الذين تقدمهم الشركة.

3- مراعاة حجم الإنتاج الذي تعينه الشركة.

4- بيع الإنتاج كله أو بعضه للشركة إذا طلبت ذلك.

5- الامتناع عن النزول بالترخيص للغير.

6- الامتناع عن بيع المنشأة أو تأجيرها أو تقديمها كحصة في شركة أخرى بغير إذن الشركة الأم.

7- الامتناع عن بيع الإنتاج خارج حدود منطقة جغرافية معينة، وغالبا ما تكون حدود الدولة التي توجد فيها المنشأة المستفيدة.

هذه الشروط تستخدمها الشركات العملاقة في الدول المتقدمة لتشديد قبضتها على المنشآت التي تفيد من خبرتها التكنولوجية في الدول النامية، وتنشط عدد من الدول النامية في علاج هذا الوضع فتنص بعضها على بطلان شروط معينة مما يصحب اتفاقات نقل التكنولوجيا(4). في حين اخذ بعضها الآخر بنظام تسجيل هذه الاتفاقات فتقوم الجهة المختصة بالتسجيل بمراقبتها والامتناع عن تسجيل الضار منه(5).

_______________________

– انظر في ذلك د.عوني الفخري ، مصدر سابق ، ص132.

2- د. جلال أحمد أمين ، النظام القانوني لحماية الاختراعات ونقل التكنولوجيا في الدول النامية، منشورات جامعة الكويت، ط1، 1983، ص403.

3- راجع د. محسن شفيق ، المشروع ذو القوميات المتعددة من الناحية القانونية ، مصدر سابق ، ص259.

4- أبرمت بعض دول امريكا الجنوبية (بوليفيا، شيلي، كولومبيا، الاكوادور، بيرو، فنزويلا، اتفاقا لهذا الغرض يعرف باسم ((L’ Oll oral Carthogene)). د. محسن شفيق ، مصدر سابق ، ص260.

5- مثل المكسيك والبرازيل وسلفادور وإيران والعراق وباكستان وغانا والفلبين.

المؤلف : يمامة متعب مناف السامرائي .
الكتاب أو المصدر : الشركات متعددة الجنسية والقانون الواجب التطبيق
الجزء والصفحة : ص75-77.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت