نظام تبادل المنافع
بقلم *: ممدوح علي الهذيلي
نظام التقاعد هو نظام تسنه السلطة التشريعية في الدولة لرعاية العاملين بعد تقاعدهم . وقد أصدرت المملكة العربية السعودية ثلاثة أنظمة للتقاعد حيث يخضع موظفي القطاع العام لنظام التقاعد المدني الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/41) وتاريخ 29/7/1393هـ ويخضع العسكريين لنظام التقاعد العسكري الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/24) وتاريخ 5/4/1395هـ ، و يخضع موظفي القطاع الخاص لنظام التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/33) وتاريخ 3/9/1421هـ . وكل هذه الأنظمة توفر للموظف المتقاعد راتبا تقاعديا يصرف للموظف بعد تقاعده من العمل وفقا لإحكام وشروط كل نظام.

وكان الموظف حينما يريد أن ينتقل من القطاع العام للعمل في القطاع الخاص او العكس فانه يضطر إلى تصفيه حقوقه وخدماته حسب نظام التقاعد الخاضع له ثم ينتقل الى النظام الأخر دون أن تحسب له خدماته السابقة ويبدأ من جديد في حساب مدة خدمته.

لذا صدر نظام تبادل المنافع بالمرسوم الملكي رقم م/53 وتاريخ 23/7/1424هـ بعد موافقة مجلس الوزراء بقراره رقم 198 وتاريخ 18/7/1424هـ. ويعتبر نظام تبادل المنافع من الأنظمة المختصرة حيث صدر بعدد 6 مواد فقط مشتملة على الأحكام الأساسية إضافة إلى الجداول الملحقة به ، حيث تولت المادة الأولى تعريف المصطلحات الواردة في النظام ، والمادة الثانية حق المشترك في ضم مدد الاشتراك ، والمادة الثالثة شروط ضم مدد الاشتراك ، والمادة الرابعة تضمنت التزامات النظام الأول والتزامات النظام الأخير، والمادة الخامسة المتابعة المالية وفحص المركز المالي ، والمادة السادسة الأحكام العامة.

في حين تولت اللائحة التنفيذية بيان الأحكام التفصيلية والإجراءات وقد صدرت بقرار وزير المالية رقم 2482 وتاريخ 21/10/1424هـ .

لذا ادعوك أيها القاري الكريم إلى جولة قصيرة نستعرض بها بعضا من أهم أحكام هذا النظام التي تضمنها ، فعلى بركة الله نبدأ جولتنا .

مزايا النظام :
الميزة الأساسية لنظام تبادل المنافع تتحقق في تلافي ضياع خدمة الموظف السابقة . ويسعى نظام تبادل المنافع الى دعم الاستقرار الوظيفي وتوفير فرص وظيفية أفضل للعاملين بالقطاع الحكومي في القطاع الخاص والعكس. فقد كان الموظف في القطاع الحكومي يجد صعوبة في الانتقال إلى القطاع الخاص لما يترتب عليه من ضياع مدة خدمته ، لكن نظام تبادل المنافع أزال هذه العقبة وأقام مكانها جسر التواصل بين تلك الأنظمة الثلاث وإلغاء القطيعة التي استمرت حقبة من الزمن[1].. ولذا فان نظام تبادل المنافع يسهل تبادل الخبرات الوظيفية بين القطاعين العام والخاص، الأمر الذي ينعش ويعزز الاستقرار الاقتصادي والأمن الاجتماعي للمستفيدين.

وقد اعد هذا النظام ليكون جسر ممتدا بين نظامي التقاعد المدني والعسكري من جهة وبين نظام التأمينات الاجتماعية من جهة أخرى يسلكه كل موظف طموح يريد أن يزيد من خبرته العملية ودخله المادي ، والغاية الأساسية من النظام هو إعطاء هذا الموظف حق ضم خدمته والاعتداد بها في النظام المنقول إليه.

من أهم المواد التي تضمنها هذا النظام هي المادة الثانية التي قررت حق الموظف في ضم الخدمة ، والمادة الثالثة التي حددت شروط ضم الخدمة.

حيث نصت م (2) على انه ” يجوز للمشترك الخاضع للنظام الأخير وله مدة اشتراك سابقة عومل خلالها بالنظام الأول أن يطلب ضم تلك المدة إلى مدة اشتراكه في النظام الأخير”. من نص المادة يتضح ما يلي:

1-ان طلب ضم الخدمة هو خيار متاح للموظف وليس إجباريا. حيث يمكن له ان يطلب تصفية خدماته حسب نظام التقاعد الأول والبدا من جديد مع نظام التقاعد التالي اذا ما أراد أن ضم الخدمة ليس في صالحة وسوف نشير في ما بعد متى يكون الضم ليس في صالح الموظف.

2- يشترط النظام ان يكون للموظف خدمة مقبولة ، وبذلك تخرج الفترات التدريبية او حتى مدة العمل الغير خاضعة للنظام كمثل الفترة التي كان يخضع فيها الموظف لعقد عمل في جهة حكومية.

3– حمل النظام للموظف مسئولية طلب ضم الخدمة ، ولذا على الموظف الراغب في ضم خدمته ان يتقدم الى النظام الأخير بطلبه لضم خدماته السابقة. فان لم يتقدم سقط حقه في ضم الخدمة.

الفئات المستفيدة من النظام :

– الموظف الخاضع لنظام التقاعد المدني او العسكري وله مدة اشتراك سابقة او العكس ان يطلب ضم تلك المدة الى مدة اشتراكه في النظام الأخير.

– الموظف الذي انتهت مدة اشتراكه في النظامين قبل بدء العمل بنظام تبادل المنافع في 1/11/1424ه وله مدد اشتراك سابقة له الحق في طلب ضمها بشرط التقدم بطلب ذلك خلال المهلة المحددة نظاماً.

شروط ضم الخدمة وهي كما حددتها م (3) كما يلي :
1. ألا يكون المشترك قد تسلم مكافأة أو معاشاً طبقاً للنظام الأول عن مدة اشتراكه المطلوب ضمها.
2. ألا تقل مدة الاشتراك في النظام الأول عن سنة.
3. ألا يزيد عمر المشترك على 59 عاماً عند طلب الضم.
4. ألا يكون المعاش في النظام الأول قد استحق بسبب العجز.
5. المشترك الذي لا يزال على رأس العمل وقت نفاذ هذا النظام وكذلك المشترك الذي انتهت مدد اشتراكه في النظامين قبل التاريخ المحدد يحق له أن يبدي رغبته في ضم مدد اشتراكه في النظام الأول إلى مدد اشتراكه في النظام الأخير خلال سنتين من تاريخ نفاذ هذا النظام، كما يحق للمشترك الذي يلتحق بالعمل بعد نفاذ هذا النظام أن يطلب ضم مدد الاشتراك في النظام الأول إلى مدد اشتراكه في النظام الأخير خلال سنتين من تاريخ التحاقه بالعمل في النظام الأخير.
6. ألا تكون مدد الاشتراك المضمومة مدداً مكملة لاستحقاق المعاش قبل بلوغ سن الستين في النظام الأخير، وإنما يجب على المشترك إكمال المدة التي يتطلبها هذا النظام ما لم تكن نهاية الخدمة بسبب الوفاة، أو العجز، أو التنسيق من الخدمة.

خصخصة القطاع العام ونظام تبادل المنافع :
وردت الإشارة في نظام تبادل المنافع الى ما يتعلق بتحويل القطاعات العامة المملوكة للدولة وبيعها للقطاع الخاص ( وهو ما يعرف بالخصخصة ) في م 6 / 5 بالنص على انه : ” في حال تحويل أي من المرافق العامة إلى القطاع الخاص فتعد التكاليف الإضافية على النظامين جزءاً من التفاوض يلتزم صاحب العمل بسداده.” وبذلك فان النظام أعد للاستعداد لتنفيذ عملية خصخصة المرافق العامة وتحويل الموظفين من نظام التقاعد المدني الى نظام التأمينات الاجتماعية .

عدم أجازة التقاعد المبكر:
من أهم سلبيات نظام تبادل المنافع تتمثل في انه لا يجيز تجميع فترات الخدمة لغرض التقاعد المبكر. فقد نصت م 3/6 على ان “ألا تكون مدد الاشتراك المضمومة مدداً مكملة لاستحقاق المعاش قبل بلوغ سن الستين في النظام الأخير، وإنما يجب على المشترك إكمال المدة التي يتطلبها هذا النظام ما لم تكن نهاية الخدمة بسبب الوفاة، أو العجز، أو التنسيق من الخدمة.”

فرغم ما يوفره التقاعد المبكر من مساهمة في توفير فرص عمل للأجيال القادمة في وقت تتزايد فيه نسب البطالة، ألا أن النظام لم يجيز ذلك فحكم على الموظف بالبقاء موظفا حتى بلوغ الستين من عمره اذا رغب في الاستفادة من ضم الخدمة.

المساواة بين الموظف الذي انتقل بخياره وبين من تم نقله بحكم أنظمة خصصه القطاع العام :

إن أنظمة التقاعد سواء المدني او العسكري او التأمينات الاجتماعية قد كفلت حق التقاعد المبكر للموظف بعد خدمته لعدد سنوات محدد يستطيع بعدها الموظف ان يترك العمل وبنفس الوقت يحصل على معاش تقاعدي بعدد سنوات الخدمة التي قضاها تحت نظام التقاعد. لكن نظام تبادل المنافع حرم الموظف من هذا الحق و لم يفرق بين الموظف الذي انتقل بخياره وبإرادته من نظام لأخر وبين موظفي القطاع العام الذي تم تحويلهم من نظام التقاعد المدني الى نظام التأمينات الاجتماعية بسبب عملية الخصخصة .

الخاتمة :
إن نظام تبادل المنافع هو نظام يسعى للحفاظ على حق الموظف في ما يتعلق بحق قبول الخدمة السابقة عند انتقاله من نظام لأخر ، ولكنه في نفس الوقت حرمه من حق التقاعد المبكر الذي كان مكفولا له بالنظام الأول .

ولو كان الانتقال تم باختيار وموافقة الموظف فهو هنا يقرر ما يوافق ويحفظ مصلحته في الانتقال ومقابلة هذا الوضع الجديد ، لكن ان يتم نقل الموظف بحكم النظام وبدون إرادته واختياره فيحرم الموظف من حق التقاعد المبكر الذي كان يكفله له النظام الذي اختار بداية الخضوع ويترتب نتيجة لهذا الانتقال :

1- زيادة سنوات التقاعد المبكر من 20 سنة حسب نظام التقاعد المدني لتكون 25 سنة حسب نظام التأمينات الاجتماعية .
2- حرمانه من الاستفادة من خدمته السابقة اذا ما أراد التقاعد المبكر حتى ولو على النظام الأخير أي 25 سنة.

وحيث ان نظام تبادل المنافع له حسنات واضحة جلية في حفظ سنوات الموظف عند انتقاله من نظام لا نظام ، لكنه يبقى جهد بشر قابل للخطاء والصواب .ولذا فان تحويل موظفي القطاع العام إلى القطاع الخاص وخضوعهم بالتالي لنظام التأمينات الاجتماعية يمكن تداركه بالحل المقترح التالي:

ان م 3/6 قد استثنت فئات معينة وهي الوفاة، أو العجز، أو التنسيق من الخدمة من تطبيق قيد عدم قبول استخدام سنوات الخدمة السابقة لغرض التقاعد المبكر ، وهذه الفئات الثلاث يجمع بينها رابط واحد وهو انتفاء الخيار وان السبب خارج عن إرادة الموظف. ولو تم النظر الى وضع الموظف العام الذي تم تحويله من نظام التقاعد المدني الى نظام التأمينات الاجتماعية نتيجة أعمال الخصخصة لوجد نفس العنصر الذي توفر في الحالات التي تم استثناها في الفقرة المذكورة وهو عنصر انتفاء الاختيار وان السبب خارج عن إرادة الموظف . لذا فيمكن إدراج فئة موظفي القطاع العام المنقولين لنظام التأمينات الاجتماعية ضمن الفئات التي تم استثنائها من تطبيق م 3/6 . وبذلك يكون نظام تبادل المنافع يكون جسر ربط بين أنظمة التقاعد وحفظ لكل الفئات حقوقها التي كفلتها لهم تلك الأنظمة ومن أهمها حق التقاعد المبكر.

* مستشار قانوني
[1] مجلة التأمينات الاجتماعية العدد 80

إعادة نشر بواسطة محاماة نت