قانون مالية 2018 ورهان المقاولات الصغرى والمتوسطة
*يونس مليح

تحتل المقاولات الصغرى والمتوسطة مكانة إستراتيجية في عملية التنمية، إذ تكون الجزء الأعظم من النسيج الصناعي، وتؤمن قسطا وفيرا من فرص العمل، كما تشارك في إنتاج القيمة المضافة. وتمثل المقاولات الصغرى والمتوسطة في المغرب 93% من مجموع المقاولات الصناعية، كما تنشء في قطاع الصناعة 45% من فرص العمل، وتساهم ب 38% من الإنتاج، و38% من الاستثمار، و31% من الصادرات[1]، وفي القطاع الزراعي، 53% من الضيعات تمتد على أقل من 3 هكتارات[2].

هذه الأهمية التي تحتلها المقاولات الصغرى والمتوسطة بالمغرب، تجلت بشكل واضح وقوي من خلال إدراجها كأحد أهم ما جاء في التوجهات الكبرى لمشروع قانون المالية لسنة 2018، والذي يقوم على أربعة عناصر أساسية، تتمثل في دعم القطاعات الاجتماعية (الصحة والتعليم والتشغيل ومحاربة الفوارق المجالية، مع إيلاء عناية خاصة للعالم القروي). ودعم التصنيع ومواصلة مجهود دعم الاستثمار العمومي ودعم الاستثمار الخاص والمقاولات الصغرى والمتوسطة، ودعم ومواصلة سياسة تنزيل الجهوية المتقدمة ومواصلة إصلاح نظام الحكامة وإصلاح الإدارة، وتسريع مسار الإصلاحات.

لذلك، فقد جاء قانون المالية لسنة 2018 برزمة من الإجراءات الضريبية والتحفيزية لفائدة المقاولات الصغيرة والمتوسطة، والتي ستستفيد من تخفيض الضغط الضريبي، باعتبار أن هدف هذا القانون هو تحريك الاقتصاد والقطع مع الانتظارية التي تسود في بعض أوساط القطاع الخاص، وبعث روح جديدة من الثقة.

ومن ضمن الإجراءات التي جاء بها قانون المالية لسنة 2018، بالنسبة إلى تشجيع المقاولات، تحسين شروط الاستفادة من الإعفاء للأجر الشهري الإجمالي من الضريبة على الدخل في حدود 10.000 درهم، ومن تحمل الدولة للاشتراكات الاجتماعية في إطار برنامج تحفيز. هذا الإجراء، سيمكن المقاولات حديثة النشأة من الاستفادة من هذه الامتيازات ابتداء من الشروع في الاستغلال، عوض تاريخ الإحداث، والتنصيص على الاستفادة من هذا الإعفاء بالنسبة إلـى 10 أجراء عوض 5 التي كان معمولا بها، وتمديد أجل هذا الإعفاء للمقاولات المحدثة إلى سنة 2022[3].

هذا الإجراء يدخل في إطار ما يسمى ببرنامج “تحفيز” الذي بمقتضاه الدولة تشجع المقاولات الجديدة على التشغيل، ففي وقت سابق كان صاحب المقاولة الجديدة الذي يشغل 5 أشخاص بأجر شهري يعادل 10.000 درهم يعفى من الضريبة لمدة سنتين (24 شهرا) تبتدئ من تاريخ تشغيل الأجير، واليوم مع مشروع القانون انتقل الرقم إلى 10 أشخاص وفق مسطرة تنجز مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وفي نفس السياق، وفي باب الإجراءات المخصصة لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، فقد عرف قانون المالية لسنة 2018 إدخال عدد من الإجراءات الضريبية التحفيزية الموجهة لهذه المقاولات منها: الإعمال لأول مرة بنظام الجدول التصاعدي في مجال الضريبة على الشركات، عوض جدول الأسعار النسبية المطبق حاليا، مما سيخفف الضغط الضريبي على المقاولات الصغرى والمتوسطة، وسيضخ إمكانات مالية معتبرة في خزينة المقاولات الصغرى والمتوسطة.

وبموجب هذا الإجراء، الذي نادى به الاتحاد العام لمقاولات المغرب، سيكون السعر المطبق على الضريبة على الشركات بنسبة 10 في المائة بخصوص الربح الصافي الذي يساوي أو يقل عن 300 ألف درهم، و20 في المائة بالنسبة إلـى 300.001 إلى 1.000.000 درهم، و31 في المائة للربح الصافي الذي يفوق 1.000.0000 درهم[4].

نقطة أخرى تضمنها قانون مالية سنة 2018، ضريبة 1 في المائة التي كانت تؤدى عن كل مشروع استثماري مع انطلاقه، وهي ضريبة “غير مبررة” (ضريبة رسوم التسجيل)، تم إلغاءها بموجب هذا القانون. كذلك تم إلغاء الرسم عند اقتناء قطعة أرضية من أجل مشروع استثماري، والذي كان المقاول يؤدي عنه 5 في المائة كرسوم تسجيل.

أيضا، من بين الإجراءات التي نص عليها قانون المالية لسنة 2018، هو أن كل مساهم في شركة ما وفي حال ما إذا رغب في بيع أسهمه لشخص آخر، كانت الدولة تفرض على المساهم أداء 4 في المائة من قيمة البيع بغض النظر عن أرباحه، حيث تم إلغاء هذا المقتضى. إجراء تحفيزي آخر لفائدة المقاولات الرقمية، وهو التخفيض من الضريبة لفائدة المنشآت التي تساهم في رأسمال المقاولات حديثة النشأة المبتكرة في مجال التكنولوجيات الحديثة[5].

 

[1] – الاتحاد العام لمقاولات المغرب، www.cgem.ma، في المغرب، تعرف المقاولات الصغيرة ومتوسطة الحجم بصفتها شركات تشغل أقل من 200 عامل ولها رقم مبيعات دون 75 مليون درهم.

[2] – وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات (المغرب)، www.agriculture.gov.ma

[3] – المادة 57 من الظهير الشريف رقم 1.17.110 صادر في 6 ربيع الآخر 1439 (25 ديسمبر 2017)، بتنفيذ قانون المالية رقم 68.17 للسنة المالية 2018.

[4] – المادة 19 من الظهير الشريف رقم 1.17.110 صادر في 6 ربيع الآخر 1439 (25 ديسمبر 2017)، بتنفيذ قانون المالية رقم 68.17 للسنة المالية 2018.

[5] – المادة 6 – IV من المدونة العامة للضرائب.

*كاتب وباحث بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس بالرباط

إعادة نشر بواسطة محاماة نت