قراءة في قانون الإلتزامات و العقود المغربي

نظرا لما يعيشه بعد الطلبة القانونيين في المغرب الحبيب أو حتى في غيره من البلدان العربية من عدم مطالعة الكتب و المراجع الكبرى في مجال القانون عاموما وفي القانون المدني على وجه الخصوص ، خصوصا وحاجتهم الأكثر من ملحة لهته المراجع بالنسبة للمقبلين على بحوث نيل شهادة الإجازة ، ونظرا لمكانة القانون المدني في الحياة و المعاملات المدنية خصوصا و أن محامي الغد لا بد أن يكون ملما بهذا الفرع من العلوم القانونية، باعتباره فرع متفرع في جميع فروع القانون الأخرى ، ونظرا لبعض الطلبة الباحثين في شتى الدول العربية والذين يخوضون أبحاثا و دراسات في النظم و التشريعات القانونية العربية المعاصرة، ونظرا كذلك لاهتمام منتدانا الغالي “ستارتايمز” بالشؤون القانونية، فلقد كان ذلك خير حافز لنا على السعي وراء شرح نظرية الإلتزامات في قانون الإلتزامات و العقود المغربي. هذا الأخير و الذي ظل إطارا قانونيا للمعاملات المدنية في المغرب طيلة أزيد من قرن من الزمن أي منذ سنة 1913.

وسوف يكون هذا البحث إن شاء الله خير زاد للطلبة الجامعيين المبتدئين ، حيث سنعالج هته النظرية بأسلوب أكاديمي و نظري محظ .و سنتطرق إن شاء الله في هذا الموضوع لبيان ماهية و طبيعة الإلتزامات .

1- تعريف الإلتزامات.

درج الفقهاء على تعريف الإلتزامات و من بينهم الأستاذ مأمون الكزبري ( في كتابه نظرية الإلتزامات في ضوء قانون الإلتزامات و العقود المغربي) على أنها ” رابطة قانونية بين شخصين أحدهما دائن و الآخر مدين، يترتب بمقتضاها على الطرف المدين تجاه الدائن بنقل حق أو القيام بعمل أو الامتناع عنه.”

إذن فقد يكون محل الإلتزام نقل حق عيني كالتزام بائع منقول ما أو عقار بنقل ملكية المبيع إلى المشتري، كما قد يكون كذلك القيام بعمل كالتزام مهندس معماري بتنظيم مخطط بناء عهد إليه بتنظيمه أو قد يكون كذلك امتناع عن عمل كالتزام الوديع بعدم استعمال الوديعة لأغراضه الشخصية.

هذا، ويرى أكثر الفقهاء أن الإلتزام مرادف للحق الشخصي بل ويجب تمييزه عن الحق العيني، ففي نظرهم أن الحق الشخصي يترجم في ظل هذه الرابطة القانونية من خلال ما إذا تم النظر إليها من وجهة الدائن حيث تعتبر حقا له على مدينه.أما الحق العيني فهو سلطة يمارسها الشخص على شئ معين تمكنه من الحصول على المنفعة المرجوة من هذا الشئ بصورة مباشرة ودون وساطة أحد، كحق صاحب الدار عليها حيث تخول له ملكيتها حق استعمال هذه الدار و استغلالها و التصرف فيها.

وعلى هذا النحو، يمكن التمييز بين كل من الحق الشخصي (الإلتزام) و الحق العيني، أضف إلى ذلك أنه إذا تمت المقارنة بينهما فهم يختلفون من حيث التكوين ومن حيث الخصائص.

فمن حيث التكوين لا بد في الحق الشخصي توفر ثلاتة عناصر وهم : صاحب الحق الدائن و الملتزم المدين و الشئ أو العمل محل الإلتزام، أما في الحق العيني فإنه يتوجب فقط توفر عنصرين ضروريين وهما الشخص صاحب الحق على الشئ أو العين، والشئ أو العين محل الحق.

أما من حيث الخصائص ، فالإلتزام يتميز عن الحق العيني بكونه نسبيا ، حيث لا يجوز للدائن صاحب الحق الإحتجاج بحقه إلا في مواجهة مدينه الملتزم اتجاهه ،فعلى سبيل المثال ، إذا ما أقرض أحمد عمرا مبلغا معينا من النقود فلا يجوز لأحمد، وبقوة القانون المطالبة باسترداد مبلغه من شخص آخر غير عمر (هناك استثنائات : الكفالة، النيابة، الوكالة في بعض المعاملات التجارية كالسحب لحساب الغير في الكمبيالة أو السفتجة) ، أما الحق العيني فهو حق مطلق حيث يجوز لصاحبه الإحتجاج به اتجاه أي كان، كصاحب عقار ما حيث إذا أراد شخص ما معارضته في استغلاله، جاز له منعه من هته المعارضة، و يترتب على كون الحق العيني حقا مطلقا حقان تبعيان وهما حق التتبع و حق الأفضلية.

2- خصائص الإلتزامات.

أما عن خصائص الإلتزامات فهي كالتالي :

– الإلتزام واجب قانوني: حيث أنه ارتباط بسلوك معين في القيام بعمل او امتناع عن عمل لمصلحة الدائن، كما أن وجوبه يفرض على الملتزم في ظل الجزاءات والتي يضمن بها القانون احترام المراكز التي تنشأ للأفراد بقواعده .

– الإلتزام واجب خاص: حيث ينشئ على عاتق الملتزم عبئا محددا ويثقل ذمته لسبب خاص يقوم بالنسبة له لاعتباره مدينا لشخص دائن له ، وبالتالي فلا بد من حدوث واقعة معينة تعتبر مصدرا لالتزامه سواء كانت هته الواقعة عملا ماديا أو تصرفا قانونيا أو فعلا ضارا يترتب عليه التزام بتعويض الغير المضرور، أو غيرها من مصادر الإلتزام الأخرى.

– الإلتزام واجب ذو قيمة مالية: حيث أن مجمل الإلتزام يتمثل في أذاء مالي ولا بد أن يكون من الممكن تقديره بالنقود وفي هذا يختلف الإلتزام عن غيره من الواجبات القانونية الأخرى.