الدعوى الكيدية هي: مطالبة المدعي غيره بأمر لا حق له فيه، وبغير وجه حق مع علمه بذلك في مجلس القضاء، فهي دعوى بالباطل، يقصد منها المدعي الإساءة وإلحاق الضرر بالمدعى عليه.

والدعاوى الكيدية كثيرة، ولكني اكتب اليوم عن نوع جديد، سأسميه اصطلاحا بالدعوى (الكيدية الداعشية).

في العهود السابقة، كانت التهمة المؤكدة للتخلص من (عدو مفترض) أو منافس، أو مسؤول هي: أنه سبَّ الملك، ثم صارت سبَّ الرئيس. وبناء على هذه التهمة يزج بالمتهم بالتوقيف ومن ثم الحبس او السجن أو الإعدام.

اليوم في عهدنا (الديمقراطي)صار سبُّ الحكومة والرئيس أمرا عاديا، بلا رادع وبلا عقاب، بل صار مفخرة عند البعض.

وصارت التهمة المؤكدة للكيد بالخصم والتخلص من المنافس هي (الدعوى الداعشية).

فيكفي أن تقدم طلبا، أو ترفع تقريرا سريا، أو وشاية وتدعي بها أن (فلانا) أو أخاه أو أباه أو ابنه داعشي، فيصدر الأمر بالقبض عليه ويوضع اسمه في (حاسبات) الأجهزة الأمنية، أو يزج به في التوقيف ثم الحكم عليه بالسجن أو الإعدام.

فمن أراد ان يتخلص من شريك له بعمل، او جار يطمع في الاستيلاء على بيته او أرضه، ما عليه إلا أن يدعي بأن شريكه أو جاره داعشي.

وما على فتى طائش أحب جميلة فرفضته، أو تحرش بإمراه أو زميلة له فنهته، إلا أن يدعي بأن أباها أو أخاها داعشي.

وما على مرؤوس ناقم على رئيسه لأنه حاسَبه وعاقبه على تقصيره، إلا أن يدعي بأن رئيسه أو أخاه أو والد ه داعشي.

وبمجرد أن يُخبر المخبر أو أن يشتكي المشتكي، تقوم الجهات المختصة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق (المتهم) الذي هو برئ حتى تثبت إدانته.

وحتى تثبت براءته من التهمة الكيدية (يٌسلخ) جلده، ويفرغ (جيبه)، ويلعن (سلف سلفه)، وقد ينتهك عِرْضِهُ. وبعد أن يثبت براءته، يبدأ (المشوار).

وبداية المشوار (كفُّ التحري) و (عدم المطلوبية) من أجل رفع اسمه من حاسبات الجهات الأمنية. ولا ينتهي المشوار إلا بعد ركض وهرولة بين المحاكم والأمن الوطني والشرطة والاستخبارات ومكافحة الإرهاب ومكافحة الإجرام.

وبانتهاء (مارثون) كف التحري وعدم المطلوبية، يكون المتهم الذي اتُهم كيدا قد خسر من الوقت والمال الكثير فضلا عما عاناه ولقيه من تصرفات استفزازية وإهانات صارت عادة وسلوكا عند بعض عناصر الأجهزة الأمنية.

وبالرغم من هذه المعاناة ، فإن المشتكي لايُحاسب على فعله، إلا إذا أقام المتهم بالداعشية دعوى يطالب بها بحقه ، وحيث أن مثل هذه الدعوى لا تأتي له بما يعوضه عما فاته من كسب ، وما لقيه من معاناة، فضلا عما سيخسره من وقت ومال ؛ فليس أمامه إلا أن يقول بحسرة ” حسبنا الله ونعم الوكيل”.

وهنا أذكرُ هؤلاء بما رويَّ عن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل أنه قال : يا عبادي إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تَظالموا ،..”

كما أذكرهم، وأذكرُ ومن يقف معهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع…”