البند الاول : المدين المفلس أثناء معاملات الإفلاس(1) أو المدين طالب الصلح الواقي

في البداية لا بد للإشارة الى الفرق ما بين الاعسار المدني و الذي هو الافلاس هو :”زيادة ديون المدين على حقوقه، سواء أكانت محققة الاداء أم غير مستحقة الاداء مادامت ديونا محققة الوجود، أما الافلاس التجاري “(2)، أما الافلاس التجاري فعرفته م 316 من قانون التجارة (3) .بما يلي ” يعتبر في حالة افلاس كل تاجر يتوقف عن دفع ديونه التجارية وكل تاجر لا يدعم الثقة المالية به الا بوسائل تظهر بجلاء أنها غير مشروعة “. (4) تنفيذ ، ولم ينص أخذ المشرع الأردني باستثناء هذه الحالة من الحبس بنص م 23 ف 4 مشرعنا الفلسطيني على مثل هذا الاستثناء في قانون التنفيذ ، وقد تكون وجهته في عدم النص عليه هو أن الحبس يتطلب قدرة المدين على الوفاء واذا ما ثبتت عدم قدرة المدين على ذلك فلا يمكن حبسه ، ولذا فالاخذ بنص كهذا يعتبر من قبيل الزيادة ، كما أرى أن المشرع الفلسطيني قد ترك تنظيم هذا الامر لقانون التجارة كون الافلاس وطلب الصلح الواقي ينظمان وفقا لقوانين التجارة وقد يفهم عدم حبس المدين المفلس أثناء معاملات الافلاس من مفهوم المخالفة ل نص م . 295 من قانون التجاري الساري في فلسطين(5).

وهذا أمر منسجم مع الشريعة الإسلامية إذا لا يجوز حبس المدين المعسر وهو “من عليه ديون لا يفي بها ماله” (6)، كما أن الشافعي رحمه الله يقول “أنه لا يؤخذ الحرفي دين عليه إذا لم يوجد له شيء ولا يحبس إذا عرف أن لا شيء (7) له لأن الله عز وجل يقول “وإن كان ذو عسرة فنظره إلى ميسرة (8) ووافقت بعض التشريعات المشرع الأردني بذلك كقانون التنفيذ اليمني في م 362 ، والتي تنص على أنه “لا تسمع من المنفذ ضده عند التنفيذ دعوى الإعسار أو طلب الحكم بالإفلاس ويجب حبسه حتى يفي بما تضمنه السند التنفيذي” ويفهم من النص أنه لا يجوز الادعاء بالإعسار أو الإفلاس بعد وصول الخصومة إلى مرحلة التنفيذ (9) ولكنها قد تسمع منه قبل ذلك مما يكون مانعًا من موانع حبسه .

البند الثاني : موظفو الدولة(10) .

استثنى المشرع الأردني موظفي الدولة من الحبس وذلك بنص م 23 ف أ (11) ولم ينص على ذلك المشرع الفلسطيني، وأرى ضرورة الأخذ باستثناء كهذا ففيه أولا تضيق لحالات الحبس حيث تصبوا المجتمعات اليوم إلى منعه نهائيًا ، ومن وجهة نظر أخرى فان حبس الموظف العام فيه أهدار للمصلحة العامة يترتب عليه ضرر عام أكبر من الضرر الشخصي الذي يصيب المحكوم له، علما بأن الموظف العام له راتب ثابت يجوز الحجز على ربع راتبه وفقًا لما نص عليه مشرعنا الفلسطيني في م 51 من قانون التنفيذ موضع الدراسة بقوله “لا يجوز الحجز على الأجور والرواتب والمكافآت أو ما يقوم مقامها (وفقًا لقانون التقاعد العام) إلا بمقدار الربع، وفي حالة تزاحم الديون تكون لديون النفقة المقررة أولوية في الاستيفاء “، رغم أن وجود . مثل هذا الاستثناء لدى المشرع الأردني لاقى انتقادًا حيث تم اعتباره تمييزًا بين المواطنين (12)

البند الثالث : الحامل حتى انقضاء ثلاثة أشهر من الوضع وأم المولود حتى إتمامه السنتين من العمر

استثنى قانون التنفيذ الأردني ايقاع الحبس على الحامل وذلك بنص الم ادة 23 ف أ 5 (13). ولم يأخذ بهذا الاستثناء مشرعنا الفلسطيني ، وكان من الأجدر النص عليه فهو حالة إنسانية بحته منبعها الأصل من الشريعة الإسلامية، ولا أفضل من رسول الله (ص) قدوة حينما أ خر تطبيق حد من حدود الله في الغامدية التي أقرت بالزنا إلى أن وضعت جنينها (14) وأرى أنه ليس هناك تناسقًا في الصياغة التشريعية للفقرة المنصوص عليها لدى المشرع الأردني فالأصل أن الحامل لا تحبس لأنها ستتحول الى أم مباشرة بعد الوضع وبذلك تستفيد من شق المادة الثاني وهو عدم حبسها الى يصبح عمر جنينها سنتين .وكان حريا بالمشرع أن يجعل النص يالصيغة التالية ” الحامل وأم المولود حتى إتمامة السنتين من عمره ما لم تضع جنينها ميتًا فتحبس بعد ثلاث شهور من الوضع “، ووافقت بعض التشريعات المشرع الأردني بمنع حبس الحامل وأم المولود ، كالمشر ع الإماراتي بقانون الإجراءات المدنية الاتحادي(15) .

_______________

1- الإفلاس لغة هو: وصف لحالة كل شخص أصابه العسر. وفي لسان العرب والقاموس المحيط: أفلس الرجل إذا لم يبق

له مال، يُراد به أنه صار إلى حال يقال فيها ليس معه فلس.

أما تعريف الإفلاس قانونًا فهو توقف التاجر عن دفع ديونه التجارية. واستنادًا إلى ذلك فإن المدين غير التاجر الذي يتوقف

عن دفع ديونه والتاجر الذي يتوقف عن دفع ديونه المدنية لا يمكن إشهار إفلاسهما، وبالتالي لا تطبق عليهما أحكام

الإفلاس بل أحكام الإعسار المنصوصة في القانون المدني.

. 2008/5/11 . الساعة 15:30 http://www.f-law.net/law/showthread.php?t=10090

2- السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني. الجزء الثاني. مصادر الالتزام. نسخة الكترونية. طبعة

2008- . ص 1122 .منشورة على موقع كلية الحقوق جامعة المنصورة . قسم الكتب الالكترونية . 2007

. 2007 . الساعة 20:00 /6/ تم التصفح بتاريخ 20 . www.flaw.net

3- قانون التجارة رقم 12 لسنة 1966 المنشور بتاريخ 30/3/1966 في الجريدة الرسمية الاردنية عدد 1910ص 469.

4- تنص م 23 ف 4 تنفيذ أردني على أنه ” لايجوز الحبس لاي من : المدين المفلس أثناء معاملات الافلاس ، أو المدين

طالب الصلح الواقي “.

5- تنص م 295 من قانون التجارة الساري على أنه ” منذ تاريخ ايداع الطلب الى أن يكتسب الحكم المتضمن تصديق

الصلح قوة القضية المقضية لا يحق لأي دائن أن يباشر أو يتابع أي معاملة تنفيذية أو أن يكتسب أي حق امتياز أو أن

يسجل رهنا أو تأمينا عقاريا وكل ذلك تحت طائلة البطلان ” .

6- المغربي، أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحطاب، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل. الجزء الخامس. الطبعة

. الثانية. بيروت: دارالفكر العربي. 1398 ه. ص 32

7- الشافعي، ابوعبد الله محمد بن إدريس: الام. بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر. الجزء الثالث. الطبعة الثانية. 1983

. ص 212

8- سورة البقرة آية

9- الجبلي ، نجيب أحمد : نظام الحبس في قانون التنفيذ اليمني الجديد ، بحث منشور على الشبكة العنكبوتية

. 2007 . الساعة 15:30 /8/ بتاريخ 17 acl.jeeran.com/2

10- هو من تعينه السلطة العامة للقيام بوظيفة معينة وواجه هذا التعريف انتقادا إذ أن رئيس البلدية والدولة أحيانا وهو

موظف عام يصل إلى وظيفته انتخابا لا تعيينا وبالتالي وضع ضابط الراتب معيارا فعرف الموظف العام أنه ” من يتقاضى

راتبا من السلطة العامة ” مشار إليه في:

. حاتم، شفيق: القانون الإداري. الطبعة الأولى.بيروت: الأهلية للنشر والتوزيع. 1979 . ص 77

1998 . الجريدة الرسمية عدد 24 . ص /7/ عرف قانون الخدمة المدنية الفلسطيني رقم 4 لسنة 1998 المنشور بتاريخ 1

20 . الموظف العام في م 1 أنه ” الشخص المعين بقرار من جهة مختصة لشغل وظيفة مدرجة في نظام تشكيلات

الوظائف المدنية على موازنة إحدى الدوائر الحكومية أيا كانت طبيعة تلك الوظيفة أو مسماها “.

11- تنص م 23 ف أ/ 1 من قانون التنفيذ الاردني على أنه ” لايجوز الحبس لأي من : موظفي الدولة “.

12- ورشة عمل حول قانون التنفيذ الأردني مشار اليها في أرشيف جريدة الدستور ، عدد 12603 على الشبكة الالكترونية :

. 2002 . الساعة 14:30 /8/ بتاريخ 28 . www.addustur.com

13- تنص م 23 ف أ/ 5 من قانون التنفيذ الأردني على أنه ” لايجوز الحبس لأي من : الحامل حتى انقضاء ثلاثة أشهر بعد

الوضع وأم المولود حتى اتمامه السنتين من العمر “.

14- حينما جاءت الغامدية إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مقرة بالزنا وبحملها منه، أمرها عليه السلام بالرجوع حتى تضع

حملها، وكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، فجاء الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وضعت

الغامدية فقال عليه السلام: لا نرجمها ونضع صغيرها ليس له من يرضعه ” صحيح مسلم، كتاب الحدود، حديث رقم

2846 . مشار للحادثة في:

عودة، عبد القادر: التشريع الجنائي في الإسلام. الجزء الثاني. بيروت: دار الكتاب العربي. دون أي بيانات اخرى.

15- تنص م 326 ف ج من قانون الإجراءات المدنية الإماراتي رقم 11 لسنة 1992 على أنه، “يمتنع إصدار الأمر بحبس

المدين في الأحوال الآتية: إذا كان المدين امرأة حامل فلقاضي التنفيذ أن يوجل حبسها إلى ما بعد مضي سنة من وضع

الحمل لرعاية الرضيع”.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .